واشنطن ـ دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد ووكالات: في الوقت الذي ترعى فيه واشنطن بذور تمزيق سوريا، حيث تدعم بإحدى يديها الأطراف الانفصالية الكردية لتصنع لهم دويلة استيطانية شمالي سوريا تهدد بها وحدة البلاد وأمن تركيا، فإنها تصافح باليد الأخرى الهيئة السياسية الممثلة للمعارضة السورية، وتظهر بمظهر القاضي الذي سيعاقب النظام السوري وإيران على جرائمهما في سوريا، يبقى السؤال هل الحل يكون بإقامة كيان انفصالي استيطاني للأكراد مع تجاهل وتهميش ملايين السكان العرب؟ وهل تجهل واشنطن جرائم النظام السوري على مدار سبع سنوات مضت؟ حيث استخدم خلالها بشار الأسد السلاح الكيميائي عشرات المرات، وأصبح نصف سكان سوريا هم من القتلى او المعتقلين او المفقودين، او المهجرين الذين بات مئات الآلاف منهم اليوم في مخيمات اللجوء نتيجة لسياسيات واشنطن في سوريا.
وما يؤكد الشكوك بنيات واشنطن المبيتة، عرض مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، دانيال كوتس، تقريرًا خطيراً على الكونغرس، يقر بأنّ تنظيم «ي ب ك» الكردي هو «ميليشيا بي كا كا في سوريا»، وأنه يسعى لإقامة منطقة مستقلة. وقدّم كوتس التقرير الذي يتضمن تقييمًا للتهديدات العالمية بالنسبة للاستخبارات الأمريكية، خلال جلسة للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، أمس الأربعاء، بحسب مراسل الأناضول.
وجاء في التقرير الاستخباراتي أن «ي ب ك» هو ميليشيا منظمة «بي كا كا» في سوريا، وعلى الأرجح سيسعى لإقامة منطقة مستقلة هناك، لكنه سيواجه مقاومة من تركيا وروسيا وإيران. ونهاية الشهر المنصرم، ظهر في تحديث الموقع الإلكتروني لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه»، اسم تنظيم «ب ي د/ بي كا كا» ضمن المنظمات الإرهابية الأجنبية في سوريا. وأشارت «سي آي إيه» إلى أن «صالح مسلم»، هو زعيم ذراع «بي كا كا» في سوريا، بينما استخدمت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، قبل أيام، اسم «بي كا كا» مباشرة بدلًا من «ي ب ك» أثناء حديثها عن عناصر تنظيم «ب ي د/ بي كا كا» الإرهابي في منطقة عفرين شمالي سوريا.
اللافت إعلان البنتاغون عن ميزانية ضخمة لدعم ما يسمونها في بياناتهم (المعارضة السورية)، بينما الواقع يقول إن دعمهم هو لجهة محددة أطلقت عليها واشنطن اسم «قوات سوريا الديمقراطية «، وعمودها الفقري الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً لدى تركيا والناتو، وهذا التشكيل لا يمت بأي صلة للمعارضة السورية المعترف بها في كل المحادثات الدولية المعنية بسوريا، حيث اعتبر الخبير في العلاقات الدولية باسل الحاج جاسم في حديث مع «القدس العربي» أن إعلان البنتاغون هذا بمثابة إطلاق النار على زيارة تيلرسون لأنقرة قبل بدايتها، ويمكن إدراج ذلك في شق منه في إطار التنافس والتضارب الذي بدأ بظهر كثيراً في الآونة الأخيرة بين المؤسسات الأمريكية.
والوقائع دللت بحسب المتحدث على أن واشنطن لم تعر أي اهتمام لاستحقاقات سوريا المفصلية السابقة، فواشنطن لا تعنيها لا محادثات جنيف ولا أستانة، ولم يسمع منها السوريون منذ بدء مسار جنيف للانتقال السياسي، سوى الفقاعات الإعلامية، أما في أستانة فقد أخذت وضعية المراقب (المتفرج) في الوقت الذي توجد فيه الأطراف الحقيقية صاحبة الكلمة على الأرض السورية، وبالتالي فإن واشنطن تلهي النظام والمعارضة ببعضهما، في الوقت الذي تدعم فيه في مكان آخر من سوريا أطرافاً انفصالية، هادفة بذلك الى تمزيق الجمهورية العربية السورية، وتهديد أمن تركيا القومي.
بيد ان سوريا عبر تمرير وإطالة الزمن تتجه بحكم الإرادة الأمريكية للتقسيم برأي العميد مصطفى الشيخ، ولكن ليس الآن إنما بعد مدة لا تقل عن خمس الى عشر سنوات، عقب إنجاز إنهاء الدور الإيراني وتفجير الوضع الداخلي الذي ينبئ بأنه جاهز للانفجار بأي لحظة، أما الخلاصة المؤلمة والمبكية فهي أن الشعب السوري وقع بين نارين وبين مشروعين أحلاهما سم زعاف، فإما التقسيم، وإما العودة للنظام الطائفي.
لا ولن تقسم سوريا الى اي طائفة كانت قومية او دينية ولا نريد ان تضحك علينا أمريكا مرة اخرى كما ضحكت علينا في شمال العراق حين تركتنا وحدنا الى المصير المجهول بل نريد ان نتعلم من اخطائنا .