الاهتمام باسترداد أموال مبارك ورجاله في الخارج… والقبض على أول طالبة تنتمي لـ«داعش»

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» ـ: كثيرة ومتنوعة هي الأخبار والموضوعات التي امتلأت بها صحف أمس الأربعاء 5 نوفمبر/تشرين الثاني وأهمها بالنسبة للدولة كان ملف حقوق الإنسان في مصر الذي تعرضه أمام مجلس الأمم المتحدة في جنيف في سويسرا، والإجابة عن التساؤلات المرسلة إليها منذ عام 2010 وتجهيز ردود عليها وعلى الاتهامات بارتكاب أعمال منافية لهذه الحقوق، ووقائع موثقة عما حدث في قضية اعتصامي رابعة والنهضة وتقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان عن الواقعتين، وتأكيده استخدام المعتصمين العنف المسلح وحدوث تجاوزات من الشرطة ورفض ادعاءات الإخوان المسلمين .
كما تولي الدولة اهتماما كبيرا بالاجتماع الدولي الآخر في سويسرا أيضا لدراسة موضوع استرداد الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، ويلح الوفد المصري عالي المستوى على مساعدة سويسرا وغيرها مصر لاسترداد الأموال التي هربها مبارك ورجال نظامه، وهذه القضية ستؤثر تأثيرا كبيرا على انتخابات مجلس النواب المقبلة لاستخدامها ضد المرشحين الذين كانوا ينتمون للحزب الوطني ونظامه.
واهتمت الصحف أيضا بالاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وزراء الزراعة والري والإسكان لدراسة مشروع استصلاح واستزراع المليون فدان، وإقامة مجتمعات عمرانية متكاملة فيها وتوفير المياه والبنية التحتية والمساكن، على أن يحصل الشباب على نصف المساحة .
كما واصل رئيس الوزراء الاهتمام بالحوادث التي وقعت للتلاميذ في بعض المدارس وما فيها من إهمال. وقد أخبرتنا زميلتنا الجميلة الرسامة سحر في جريدة «الأهالي» أمس أنها ذهبت إلى احدى المدارس للتحقق من التزامها بتعليمات الوزير ورئيس الوزراء فشاهدت تلميذا في أحد الفصول وهو يشير إلى والده الإرهابي الممسك برشاش ويقول لمدرسه:
– مش عملتلي استدعاء ولي أمر.. أعرفك بابا .
ونشرت الصحف عن استمرار عمليات الجيش والشرطة في شمال سيناء في المنطقة التي تم فيها فرض حالة الطوارئ وحظر التجول وإخلاء المنازل في مسافة عمقها خمسمئة متر على الحدود مع رفح الفلسطينية، ولوحظ استمرار عمل قوات النخبة من التدخل السريع والصاعقة وصاعقة وزارة الداخلية والاستخدام الذي يزداد احترافا لتنسيق هجماتها مع طائرات الاباتشي والتعامل بسياسة الاستسلام أو التصفية وتدمير الأماكن .
وأعاد وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي التأكيد على أن الجيش مصمم على القضاء نهائيا على الإرهابيين، وفي الوقت نفسه تواصل كل أجهزة الدولة تنفيذ التعليمات الصارمة والمحددة من رئيس الجمهورية بإشراك رؤساء قبائل وعشائر سيناء وموافقتهم على أي إجراءات وتنفيذ أكبر قدر من مطالبهم وتحسين وزارة الداخلية بالذات علاقاتها معهم، لأن العلاقات جيدة مع جهازي المخابرات الحربية والعامة والجيش .
كما نفي متحدث عسكري إشاعة زيادة مدة خدمة المجندين والملاحظ هنا أنه عام 1986 انطلقت إشاعة بأنه سيتم تمديد خدمة المجندين في الأمن المركزي، ما أدى إلى الاضطرابات التي حدثت منهم وبدأت في معسكرهم الواقع على طريق القاهرة ـ الإسكندرية الصحراوي وعلى طريق إسماعيلية ـ القاهرة وأدت إلى مقتل العشرات وحرق عدة مبان منها فندق المرديان بميدان الرماية بالهرم.
ومما نشرته الصحف أنه تم القبض على أول فتاة مصرية تنتمي إلى «داعش» وكان قد سبق ذلك القبض على خمسة في دمياط أعضاء في «داعش»، وإصابة النقيب محمد العشري معاون رئيس مباحث قسم شرطة الطالبية بعدة رصاصات بعد خروجه من منزله.
أيضا أكد الدكتور هشام عبد الحميد المتحدث باسم مصلحة الطب الشرعي أن لجنة قامت بتوقيع الكشف الطبي على أحمد دومة وإجراء صور أشعة له أثبتت كلها أن حالته الصحية مستقرة ولا داعي لنقله من السجن إلى المستشفي. وإلى بعض مما عندنا….

هل من الصعب على السيسي تعديل قانون التظاهر

ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة ومنها ما يتعلق بالرئيس السيسي التي بدأها يوم السبت زميلنا رئيس تحرير جريدة «روز اليوسف» الأسبق أسامة سلامة ـ ناصري ـ وقوله في جريدة «التحرير»: «رغم الآلام التي سببتها حادثة العريش الإرهابية لكل المصريين فإنها لم تخل من إيجابية، فقد أدت إلى توحد الأمة حول هدف محدد هو محاربة الإرهاب، وصاحب ذلك التفاف حول السيسي من معظم القوى السياسية حتى التي كانت لها ملاحظات على أدائه، هو والحكومة خلال الفترة السابقة وارتفع التوافق الشعبي عليه إلى درجة انتخابه مباشرة، إذ كانت جماهيريته في قمتها. أما بعد توليه السلطة فقد ابتعد عنه عدد من القوى.
وعلى سبيل المثال قليل من طلبة الجامعة أصبحوا معارضين له بسبب عدم تعديل قانون التظاهر الذي يرونه جائرا كما يحملونه مسؤولية تصرفات بعض ضباط الشرطة وعمليات القبض العشوائي التي طالت بعض زملائهم، رغم عدم انتمائهم إلى الإخوان أو مشاركتهم في أعمال عنف، بل إن بعضهم تم القبض عليه لوجوده بالصدفة في مكان المظاهرة.
الفلاحون الذين اشتكوا مؤخرا من رفع أسعار الأسمدة الذي جاء عشوائيا من دون دراسة فصب في صالح التجار، الذين عانوا من النظرة الدونية لهم التي وضعتهم في مرتبة متدنية في المجتمع، حتى أن المجلس الأعلى للقضاء رفض التحاق أبنائهم بالنيابة بدعوى عدم حصول أبائهم على مؤهل عال، ورغم الاعتراضات والاحتجاجات التي قام بها المستبعدون من تعيينات النيابة بالمخالفة للدستور فإن السيسي لم يستمع إلى شكواهم ولم ينصف هؤلاء.
فئة ثالثة هم العمال الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية متعددة بإعادة بعض الشركات التي تمت خصخصتها إلى ملكية الدولة بعد أن ثبت وجود مخالفات في عمليات البيع التي تمت بأبخس الأسعار ولم يتم تنفيذ هذه الأحكام حتى الآن.
كل هؤلاء انفضوا من حول السيسي، وها هم يعودون إليه دفاعا عن الوطن ضد الإرهاب فهل ينتهز الرئيس الفرصة ويعود هو إليهم مرة أخرى؟ هل من الصعب أن يعدل قانون التظاهر ويفرج عن الطلبة غير المتورطين في العنف، ويزيد من مناخ الحريات التي كان الجميع يأمل في أن يبلغ أوجها بعد ثورتين؟ ألا يستطيع أن يدرس حالة الفلاح المصري وينقذه من براثن حكومته؟».

«العدالة»… هي كلمة السر لإنقاذ المجتمع

هذا أهم ما جاء في مقال أسامة، والحقيقة أن السيسي أصدر قرارات بعدها بشراء الأرز والقطن من الفلاح بأسعار مجزية بالنسبة إليهم، وفي «الوطن» تناول الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة مستشار الجريدة الدكتور محمود خليل الأمر من جوانب أخرى هي:
«يتذكر الكثيرون ممن عاصروا الرئيس السادات، رحمه الله، أنه كان دائب التكرار لعبارة «عبد الناصر ترك لي تركة من الحقد». في خطاباته أراد السادات أن يعبر بعبارة تبدو قاسية عن العلاقة المعقدة بين الأغنياء والفقراء، التي خلفها عصر الزعيم عبد الناصر، فقد اعتبره الأغنياء سببا في إفقارهم ونهب ثرواتهم من أجل توزيعها على الفقراء في صورة أراض وحقوق عمالية وتخفيض في أجور السكن وحصص تموينية وغير ذلك من مكتسبات. وفي المقابل كان الفقراء يشعرون بالكراهية التي غرسها إعلام الستينيات في نفوسهم، حين كان يكثر الحديث عن الإقطاع الذي استعبد الفلاح ورأس المال المستغل الذي يمتص عرق ودماء الفقراء، وقد أدى هذا المشهد إلى زرع إحساس بالحقد لدى كل من الأغنياء والفقراء. التاريخ يؤشر إلى أن السادات رأى أن حل معضلة الحقد ترتبط بتوفير مساحة للأغنياء كي يعودوا إلى المشاركة في الاقتصاد من جديد إلى جوار الأنشطة التي كانت تديرها الدولة وورثتها عن عصر عبد الناصر، القطاع العام، لكن الانفتاح جعل الأغنياء ينفتحون والفقراء يضمرون، ورغم أن السادات كان يؤكد في كل مناسبة ألا مساس بالقطاع العام فإن إهماله له أدى إلى تراجع أدواره بصورة محسوسة. ثم كان مبارك وهو ما كان يصف نفسه برجل يحب عيشة الاكسلانسات ولأنه كذلك فقد عمق وزاد التركة أكثر وأكثر لينتهي عصره المرير بثورة رفعت شعار «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية».
وعندما حاول الرئيس عبد الفتاح السيسي استدعاء الخير من نفوس المصريين وأنشأ صندوق «تحيا مصر» لم تكن هناك استجابة مجدية له، خصوصا من جانب أغنيائهم، والكارثة أن الحقد بعد موجة الثورة في 30 يونيو/حزيران لم يعد «مالا» فقط كما عبرت عنه مطالب يناير/كانون الثاني، بل أصبح «سياسة أيضا» ولا يوجد غير سبيل واحد لحل معضلة الحقد تتمثل في «العدالة».. هي كلمة السر في إنقاذ المجتمع من الدخول في امتحان نرجو جميعا ألا تضعنا الأقدار فيه».

جمود الأوضاع في مصر وعدم
تحركها للأمام منذ ثورة يناير

ويبدو، وربكم الأعلم، أن حقد الأغنياء على السيسي وعدم استجابتهم لدعوته للتبرع لصندوق «تحيا مصر» بصورة معقولة «حتدفعوا»، ثم إعلان رئيس الوزراء أنه سيتم تحصيل حق الدولة من الذين حققوا ثروات طائلة من وراء الاستيلاء على أراضيها، والذين غيروا نشاط الأراضي المخصصة لهم لزراعتها وتحويلها إلى مناطق ومنتجعات سكنية حققوا من ورائها أرباحا بالمليارات لن يفلتوا بها وسيدفعون حق الدولة. يبدو أن ذلك وراء حملة صاحب اكتشاف «وجدتها.. وجدتها ..» أي نيوتن في «المصري اليوم» ضد السيسي بطريقة غير مباشرة، عندما اتهمه أكثر من مرة بمحاولة إعادة تجربة عبد الناصر، آسف جدا قصدي خالد الذكر، وأن مصر يتم الآن حكمها من القبر، فوصل الأمر بنيوتن إلى أن يفقد يوم السبت أعصابه تماما ورأى أن أفضل وسيلة ينفس بها عن غيظه المكتوم من السيسي أن يقول له علنا إن خصمه وعدوه التركي أردوغان أفضل وأنجح منه، وأشاد به وهاجم السيسي قائلا بالنص عن جمود الأوضاع في مصر وعدم تحركها للأمام منذ ثورة يناير/كانون الثاني: «الأكثر من ذلك أنه لا يوجد في الأفق ما يشير إلى أن شيئا ما سوف يتغير السبب واضح هو أنه لا يوجد حلم، بل لا نرى بين قياداتنا من يحلم ومن يبدع ومن يفكر بطريقة أردوغان، رغم اختلافنا معه إلا أننا يجب أن نعترف بأن الرجل كان مبدعا، نهض ببلاده بسرعة فائقة في ظروف داخلية وخارجية، لم يكن أفضل حالا منا، حلمه كان عبارة عن كتالوج النظم المعمول بها في السوق الأوروبية .
بدا واضحا أن الكلام لدينا هو الأسهل والفعل هو الاستثناء، الإجراءات الاستثنائية أسهل من العمل والإنتاج، قد تكون هي مجال الإبداع لدينا، رؤساء تحرير الصحف قرروا عدم نشر الرأي الآخر، قرروا ذلك بمحض إرادتهم، ماذا حققت الثورات إذن؟ لماذا سوف نظل نردد أنها ثورات؟ يجب أن نعترف بالحقيقة المرة، الماضي كان أفضل بكثير حتى الآن، هنا تكون الكارثة الحقيقية أن نردد «كل ده كان ليه؟». على أصحاب القرار أن يتحركوا بالحلم قبل فوات الأوان، إحلموا من أجل وطنكم.. مصر في حاجة إلى أحلام تخرجها مما وقعت فيه».

تقدم مصر على أي صعيد يصب
في صالح ميزان القوى العربية

هذا ما كتبه نيوتن ناسيا أن ما فعله أردوغان لم يكن إبداعا ما دام قد نقل تجارة السوق الأوروبية لأنه أراد الانضمام للاتحاد الأوروبي، وبالإضافة إلى عضوية بلاده القديمة في حلف الأطلنطي ولا يزال الاتحاد الأوروبي يرفض منحه العضوية الكاملة، لأنه لم يستوف شروطه كلها، فهل هذا هو الإبداع الذي يريده من السيسي ومصر؟ الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلنطي؟ ولو بالانتساب. وكان الرئيس السادات قد طلب علنا عضوية حلف الأطلنطي؟ والذي يعرفه ويتعامل معه أن القوانين الاقتصادية المطبقة في تركيا تكاد تتطابق في معظمها مع ما هو مطبق في مصر من أيام مبارك، كما أن الالتزام باتفاقيات التجارة الدولية مع أمريكا والاتحاد الأوروبي مطبقة، بل كانت هناك من جانب المعارضين لنظام مبارك هجمات ضده ومعايرته بعدة نماذج هي كوريا الجنوبية والصين والهند وماليزيا والبرازيل والأرجنتين، التي حققت قفزات اقتصادية هائلة أكبر مما حققه أردوغان، بالإضافة إلى ديمقراطية سياسية أوسع، ومع ذلك يستشهد بها نيوتن، لقد اختار عدو السيسي ليغيظه به. وسرعان ما جاء رد السيسي عليه في اليوم نفسه بالصدفة عندما قابله الشيخ مبارك الدعيج الإبراهيمي، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) وأجرى معه حديثا مطولا نشرته الصحف في اليوم التالي الأحد، كشف فيه السيسي أن له مشروعا وحلما قال عنه نقلا عن «أخبار» الأحد: «إن روسيا قوة دولية مهمة تجمعها بمصر علاقات تاريخية تعتز بها وتحرص على تنميتها وتطويرها في كافة المجالات ومن هنا جاء الاهتمام بإجراء زيارتين لها ولكل منهما ظروفها المختلفة، فالزيارة الأولى تمت في إطار صيغة « 2+2» وهي صيغة تتبعها موسكو مع عدد قليل من الدول، وتتمثل في عقد مباحثات مشتركة بين وزيري الدفاع والخارجية في البلدين.
أما زيارتي الثانية فكانت على المستوى الرئاسي لتدعيم العلاقات ومنحها الزخم السياسي اللازم لدفعها وتقدمها، ولقد أثمرت الزيارتان العديد من النتائج المهمة على الصعيد الثنائي في كافة المجالات السياسية والاقتصادية، التي تتابع الوزارات المصرية المعنية نتائجها بما يصب في صالح العلاقات المصرية الروسية، ومن ثم العلاقات الروسية العربية، فكل تقدم تحرزه مصر على أي صعيد يصب في صالح ميزان القوى العربية بشكل عام .
وردا على ما يردده البعض من أن ثورات الربيع العربي ما هي إلى مؤامرة خارجية قال الرئيس، من الظلم أن يتم اختزال ثورات شعبية حقيقية أو تصويرها على أنها قامت بفعل مؤامرات خارجية وداخلية، المؤكد أن الشعوب تثور لشعورها بالظلم الاجتماعي والتردي الاقتصادي ولتراجع عام تلمسه في أداء السلطات الحاكمة.
أما بخصوص القضية الفلسطينية فقال هي قضية العرب المحورية وستظل محتفظة بمكانتها التقليدية، وفي صدارة السياسة الخارجية المصرية مشيرا إلى أن موقف مصر هو مع الشعب الفلسطيني، الذي وقع عليه ظلم جسيم ويجب أن ينتهي وأن يحيا كسائر شعوب الأرض مستقلا مستقرا آمنا مطمئنا داخل حدود دولته الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وردا على سؤال حول مستقبل العلاقات العربية الإيرانية طرح الرئيس عدة أسئلة: هل تحتل أي دولة من الدول العربية أراضي إيرانية؟ هل تستخدم الدول العربية الاختلاف المذهبي أداة للتدخل في شؤون دول أخرى؟ لدينا في مصر يقوم الأزهر الشريف بتدريس المذهب الجعفري إلى جانب مذاهب السنة والجماعة، هذا هو مفهومنا عن الاختلاف، فهو تعايش وتعارف».

الإعلام الحر لا يغمض عينيه عما يعتقد أنه خطأ

ورغم ذلك فقد تعرض الرئيس يوم الاثنين إلى هجوم من زميلنا محمد الباز رئيس التحرير التنفيذي في جريدة «البوابة» الأسبوعية المستقلة بسبب سياسة الإعلام قال فيه: «استغرق السيسي وقتا أطول مما ينبغي في الحديث عن دور الإعلام، من دون أن يلتفت إلى حقيقة أن الإعلام لا يخلق العالم بل يسجله، فإذا كان العالم جميلا بدا الإعلام جميلا وإذا كان العالم قبيحا بدا الإعلام كذلك، ولا يتوقع الرئيس ورجاله أن يغمض الإعلام الحر عينيه عما يعتقد أنه خطأ ولو فعلها فالكارثة مقبلة. من حقنا أن نحصل على معلومات دقيقة وموثقة عن الحرب الدائرة على أرضنا، فالبديل أن الجميع يجتهد هل هناك من أو ما يمنع أن يكون هناك مؤتمر صحافي دوري يعرف منه المصريون ماذا يحدث على أرض سيناء؟ بدلا من أن تستغل الجماعة الإرهابية وذيولها المساحة الفارغة لتملأها بكلام فارغ وشائعات لا قيمة لها، ولكنها في النهاية شائعات وأقاويل يلتف حولها الناس، يمكن أن يقولوا لنا إن الجيش لا يريد أن ينزل إلى مستوى هذه الشائعات وأن المعركة أكبر من هذا بكثير، لكن في الوقت نفسه نحن في حرب معلومات، السيسي نفسه أشار إلى حروب الجيل الرابع. أعرف أن هناك من بين العاملين في النظام من سيرتاب في الإعلام، ربما لعلمهم ويقينهم أن الإعلام كان القوة الضاربة في معركة إسقاط محمد مرسي، ولذلك يريدون تحجيم الإعلام وترويضه، من دون أن يدركوا أن الإعلام سلاحهم الأكبر في معركة مشتركة».

توفيق عكاشة: إدارة التوجيه
المعنوي بالجيش تتعمد إهانتي

ومساء الاثنين دخل الإعلامي صاحب قناة الفراعين توفيق عكاشة في معركة عنيفة ضد إدارة التوجيه المعنوي بالجيش لما اعتبره تعمدها توجيه الإهانات له والإقلال من شأنه وقال إنهم يتعمدون عدم دعوته لحضور المؤتمرات والاحتفالات التي يشرفون عليها، رغم الدور المهم الذي لعبه لمساندة الجيش والشرطة لإسقاط الإخوان، والمظاهرات التي نظمها ضدهم، و رغم أنه يمتلك قناتين هي الأعلى مشاهدة في مصر والعالم العربي. وقال إنهم دعوه في احتفالات السادس من أكتوبر، ولكن وضعوه في مكان لا يراه فيه أحد، خلف حاجز خشبي وراء القائد العام للجيش، ثم تعمدوا أن لا يدعوه مع الصحافيين والإعلاميين لحضور المناورة التي قامت بها القوات الجوية يوم الاثنين، بينما دعوا أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، كما كانوا يدعونه من قبل ويجلسونه مع آخرين في مكان بارز، وصاح متهما النجار بأنه يساري وطابور خامس يعمل على تنفيذ الأجندة الأمريكية. كما قال موجها كلامه لرئيس إدارة التوجيه المعنوي بقى كده؟ طيب أنا مش هذيع أي أخبار أو بيانات ترسلونها».

البلطجة على «العالم الخارجي» عواقبها وخيمة

اما رئيس مجلس إدارة «المصريون» ورئيس تحريرها جمال سلطان فكان مقاله عن القضاء المصري الذي سيدفع الثمن في جنيف: «كان يوما حافلا لمصر في جنيف، حيث يحاكم العالم ملف مصر في حقوق الإنسان، وقد بذلت السلطات المصرية جهدا كبيرا من أجل تحاشي الإحراج في هذا اليوم العصيب، بدءا من تهديد سبع منظمات حقوقية مصرية إذا قررت المشاركة «ماذا وإلا» فاضطرت إلى نشر بيان علني تعتذر فيه عن المشاركة، ومرورا باختيار شخصيات محسوبة على التيار الإسلامي وأخرى على المنظمات الحقوقية من أجل المشاركة لتجميل «صورة» الوفد المصري، غير أن أتعس ما كان في المشهد هو الوفد الرسمي المصري نفسه، الذي بدا دفاعه في القاعة وكأنما يسخر من عقول من فيها، لدرجة أن مساعد وزير الخارجية يتبجح باتهام الحاضرين بأنهم يعلقون على بلد آخر غير مصر، وذلك طبيعي لأن الفترة الماضية عرفت انتشار أسلوب «البلطجة» الإعلامية والسياسية والقانونية وغيرها، غير أن البلطجة على «العالم الخارجي» عواقبها وخيمة. الوفد المصري قدم مجموعة من الأكاذيب والسخافات التي يقشعر البدن من فجرها واجترائها على الحقيقة، مثل الهروب من الاستحقاقات المروعة الحالية لاتهام نظام الرئيس الأسبق محمد مرسي بأنه كان يريد أن يزوج الفتيات في سن تسع سنوات، ويلغي قانون الخلع، أو الادعاء بأنه لا يوجد أي صحافي مسجون أو معتقل لسبب يتعلق بأدائه مهمات عمله، بينما العالم يوجه نداءات متتالية من عدة أشهر للإفراج عن «صحافيي» الجزيرة وغيرها. وفي تقديري أن أخطر وأهم ما كان في هذا اللقاء هو «تلبيس» القضاء المصري الكارثة بكاملها، والهرب من المسؤولية بتشويه القضاء المصري ولو بدون قصد، فكلما أبدت الدول والوفود تعليقها على انتهاك الحريات العامة وسجن النشطاء قال الوزير والوفد المصاحب له أن هذه كلها أحكام قضائية وإجراءات قضائية، وكلما امتد الحديث للإعدامات بالجملة وأحكام السجن القاسية للغاية بحق المتظاهرين، يكون جواب الوزير والوفد المصاحب له بأن هذه أحكام قضائية وقضاؤنا مستقل، لم يقولوا «شامخ»، ربما لأن اللفظة ليس لها مقابل دقيق في الدول المتحضرة، وكلما اعترض وفد على اتساع نطاق الحبس الاحتياطي وبأمد غير محدد ردوا بأن هذه أحكام القضاء المصري وإجراءاته، باختصار القضاء المصري»شال الليلة وحاسب على كل المشاريب»، بل زاد الأمر سوءا عندما تصدر ممثل النيابة العامة في اللقاء ودافع عن الحكومة وقال إنها ستعدل قانون التظاهر، رغم أن هذا ليس اختصاصه، والمفترض أنه يمثل العدالة وهي سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية، فللحكومة ممثلون يتحدثون نيابة عنها، والقضاء «المستقل» لا يتطوع للدفاع عن الحكومة أو تبرير إجراءاتها، وقد كان هذا الموقف بالغ السوء وجاء عكس كل ما أعاده وكرره وزير العدالة الانتقالية من أن القضاء مستقل. لم يكن أداء الوفد المصري مقنعا بأي مستوى، ومحاولاته البحث دائما عن «شماعة الإخوان» ـ النظام السابق ـ فشلت، بل ربما جعلت الإخوان يربحون تعاطفا مجانيا من قطاع جديد من النخبة المصرية، بعضهم سخر علنا على مواقع التواصل الاجتماعي من تلك «اللعبة»، وبدأ يدرك أن الإخوان تحولت إلى «شماعة» للنظام الحالي للهرب من مسؤولياته وأخطائه وخطاياه، كما كان لافتا أن كل الدول «المتحضرة» والديمقراطية، سواء في آسيا أو أوروبا أو أمريكا اللاتينية انتقدت الملف المصري بقوة، بينما الدول «الموصومة» إما أبدت «ابتهاجها» بتقدم مصر في ملف حقوق الإنسان، كما فعلت الإمارات، وإما تفهمت مثل «الشقيقة» بوركينا فاسو، أو تلك التي تبحث بانتهازية عن جسور للتواصل مع النظام الجديد كما فعلت إيران. يمكن القول بأن «الخاسر» الأكبر في تلك المحاكمة كان هو القضاء المصري، الذي أرادت الحكومة أن تهرب من فضيحتها الحقوقية فحملت الأوزار كلها له وألقت بالتبعات كلها عليه، وهو الأمر الذي يستدعي من المخلصين في القضاء المصري سرعة إعادة النظر في «موقع» و»دور» القضاء في النظام الجديد، وسرعة إصلاح الأوضاع، قبل أن يصل بنا الحال إلى مستوى دول مثل كوريا الشمالية أو كوبا، حيث لا يتذكر أحد في العالم أن فيها قضاء من حيث الأصل».

شموخ القضاء تآكل بمضى الوقت
بفعل ممارسات يعرفها الجميع

وعن قضاء هذا الزمان كتب لنا فهمي هويدي مقالا في جريدة «الشروق» عدد امس الاربعاء قال فيه: « من أعاجيب زماننا غير المسبوقة في مصر أنه حين صدر حكم الإدانة في قضية قذف بين طرفين اثنين، فإن القاضي تطوع في حيثيات الحكم وقدم من جانبه نموذجا لممارسة القذف بحق آخرين لم تكن لهم علاقة بالقضية. على الأقل فذلك ما قرأته في حيثيات الحكم التي نشرت يوم 29/10، وشرح فيها قاضي جنايات القاهرة أسباب إدانة تغريم المستشار هشام جنينة رئيس جهاز المحاسبات وآخرين، في قضية القذف التي رفعها ضدهم رئيس نادي القضاة. لم يستوقفني الحكم على غرابته بقدر ما أثار انتباهى شذوذ ما أورده القاضي في الحيثيات. إذ رغم أنني انفصلت عن دراسة القانون منذ أكثر من نصف قرن، إلا أنني مازلت أذكر أننا تعلمنا ونحن طلاب أمرين، أولهما ان القاضي لا يفصل بين غير الخصوم. والثاني أنه لا يحكم بناء على علمه أو رأيه الخاص، وإنما استنادا إلى ما هو ثابت لديه في أوراق القضية من أقوال ودفوع. وقد أدهشني أن حيثيات الحكم أهدرت مثل هذه البديهيات.
ليس لدى كلام في موضوع القضية ولا في حكم القاضي لصالح رئيس نادى القضاة وضد المستشار جنينة، لكن الحيثيات التي أودعها القاضي ونشرت الصحف تفصيلا لها هي التي تستحق مراجعة ومناقشة.
حين قال المستشار هشام جنينة في حوار صحافي أن بعض القضاة الذين أشرفوا على الانتخابات التي جرت قبل الثورة اشتركوا في تزويرها، فإن القاضي اعتبر ذلك قذفا خادشا للشرف والاعتبار، ومن ثم فإنه حكم بتغريمه، وهو ما قد نفهمه، إلا أن صاحبنا ما ان فرغ من الحديث عن القضية المعروضة عليه حتى تركه وتطرق إلى موضوع آخر لا علاقة له بدعوى القذف. فذكر في الحيثيات ما نصه: «اتحدت إرادة قضاة الاستقلال المزعوم على هدم القضاء والقائه في بئر من السياسة ليس له من قرار» وأقحم الإخوان في الموضوع مشيرا إلى أنه «حينما انقض الإخوان على ثورة 25 يناير/كانون الثاني، كانوا هم ركائز النظام الغاشم ويده التي يبطش بها.. فكان منهم نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي الذي ناصر الإخوان على قهر إرادة الشعب.. ومنهم الوزير الذي كان يتباهى بأن نسبه إلى الإخوان شرف لا يدعيه (المستشار أحمد مكي الذي كان وزيرا للعدل) وسخر نفسه في خدمة نظامهم الغاشم على حساب العدالة وحقوق الناس… وبعد أن وزع القاضي إهاناته على أساتذته وزملائه المستشارين بما تيسر له من أوصاف خادشة للشرف والاعتبار. ذكر انهم «دأبوا على مهاجمة القضاء والتطاول عليه في كافة القنوات الفضائية والجرائد اليومية، وكان آخر مخططهم الإجرامي تعديل قانون السلطة القضائية والإطاحة بما يزيد على 3 آلاف قاض.. ومن أفكارهم الشيطانية طرح مشروع التعديل على الحوار المجتمعي» ــ انتهى الاقتباس.
تثير هذه الحيثيات العديد من علامات التعجب والاستفهام. التعجب من النهج الذي اتبعه القاضي في عرضها، حين ترك القضية الأصلية واستدعى خصوما لا ذكر لهم في أوراقها ووجه إليهم مطاعن تمثل قذفا علنيا ويدينه بأكثر مما يدين الآخرين. والاستفهام ينصب عما دعا القاضي إلى ذلك وهو يعلم انه يهدر أبسط قيم وقواعد التقاضي.
لقد كنا نتحدث في الماضي عن القضاء «الشامخ»، ولكننا تراجعنا خطوات إلى الوراء وما عدنا نشير إلى شموخه الذي تآكل بمضي الوقت بفعل ممارسات يعرفها الجميع، وصار غاية مرادنا أن نتعامل مع قضاء عادي لا نريد منه أكثر من أن يكون مستقلا ونزيها ــ وللأسف فإن الممارسات التي نشهدها، وما نحن بصدده، نموذج لها، تدفع بنا خطوات أخرى إلى الوراء. وتدعونا إلى تخفيض سقف الأمنيات والتوقعات. ذلك أنها تفضي إلى تآكل المقومات والركائز التي يقوم عليها مرفق القضاء الذي أصبح وجوده في خطر، وغدا مهددا بين أن يكون أو لا يكون، بل انني لا أخفي أن بعض المتشائمين من رجال القضاء المخضرمين ما عادوا يطرحون سؤال المصير بتلك الصيغة، لأنهم اعتبروا اننا تجاوزنا مرحلة السؤال، ووجدوا في سيل الأحكام التي توالت خلال العام الأخير ما يعزز الإجابة السلبية عليه.»

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جوجو:

    من كل هذه المقالة المطولة أود إلى أن أبين أن كاتبها أخطأ عندما أشار إلى أن الذي قال العبارة الشهيرة (وجدتها .. وجدتها) هو نيوتن. والحقيقة أن قائلها هو أرخميدس الرياضي الذي إبتكر العديد من النظريات التي شكلت حضارة العالم اليوم ومن أبرز القوانين التي اكتشفها قانون طفو الأجسام داخل المياه والذي صار يعرف بقانون أرخميدس. وقال عنه العالم الرياضي جاوس أنه واحد من أعظم ثلاثة في العلوم الرياضية مع كل من اسحاق نيوتن وفردناند إيسنستن. أما نيوتن فهو مكتشف قانون الجازبية (قصة سقوط التفاحة الشهيرة). وقد أكتشف أ{خميدس نظرية الطوف على الماء عندما كان يستحم فقد وجد النظرية وليس بروة الصابونة كما يتبادر لأذهان البعض !!. ولذا لزم التنويه.

إشترك في قائمتنا البريدية