ريو دي جانيرو – د ب أ: في الثامن من تموز/يوليو 2014 سطرت الصفحة الأكثر حزنا في تاريخ كرة القدم البرازيلية، ففي ذلك اليوم سقط منتخب البرازيل، بقيادة المدرب فيليب سكولاري، 1/7 أمام ألمانيا في المباراة التي ربما أصبحت الأكثر شهرة في تاريخ اللقاءات الأعلى تهديفيا عبر التاريخ.
ومنذ ذلك الوقت، تغيرت الكثير من الأشياء في البرازيل التي تلقت ضربة قاضية في 2014 قبل أن تعود مرة أخرى في ثوب جديد. وبعد أربع سنوات من الهزيمة التاريخية، يعود المنتخب البرازيلي للالتقاء مجددا مع نظيره الألماني مرة أخرى اليوم في برلين في مباراة يستطيع منتخب السامبا تحقيق الفوز بها بفضل تألقه ووضعه الحالي في الكرة العالمية. والمنتخب الألماني هو حامل لقب المونديال ويتمتع بقوة كبيرة سواء من الناحية الفنية أو البدنية، بيد أن المنتخب البرازيلي نجح، منذ تولى تيتي إدارته، في استعادة مستواه بشكل كبير. كما تمكن مدربه من تكوين فريق صلب ذو فكر خططي مميز وواضح وقاده خلال عامين فقط ليصبح أحد أقوى المرشحين للفوز بمونديال روسيا.
ويعد تيتي أحد أهم الأدوات المساهمة في ثورة التغيير التي اجتاحت المنتخب البرازيلي، بعدما ودع كوبا أمريكا الأخيرة في 2016 من الدور الأول. وبعد هذا الخروج المخزي، أقيل كارلوس دونغا ليتولى تيتي، المدرب السابق لكورنثيانز البرازيلي، المهمة بدلا منه لقيادة فريق يتخبط بين مشاعر الإحباط وغياب الرؤية للاتجاه الصحيح.
ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقع حدوث هذه التغييرات الكبيرة والجذرية داخل منتخب السامبا في هذه الفترة القصيرة. ونجح المدرب الجديد في تغيير كل شيء وبدأ تغييراته من مركز حراسة المرمى، ليصبح أليسون بيكر الحارس الأساسي للبرازيل، كما منح فرصة لايدرسون حارس مانشستر سيتي، ليضيف المزيد من القيمة لهذا المركز المهم، أحد أبرز المشاكل المثيرة للإزعاج في الفريق. وأصبح امتلاك حارسين من طراز رفيع تغييرا مهما للغاية في المنتخب، مقارنة بوضعه في 2014. وكان الحارس الأساسي في مونديال 2014 هو جوليو سيزار، والذي كان يبلغ آنذاك 34 عاما، وكان أحد العناصر التي شاركت في الهزيمة الكارثية أمام ألمانيا. وتحول دفاع المنتخب البرازيلي في الوقت الحالي أيضا إلى حائط صد صلب للغاية لا يعاني من الكثير من الثغرات كما في السابق. ويتكون الخط الدفاعي للبرازيل حاليا من مارسيلو وداني ألفيش في مركز ظهيري الجنب وماركينيوس وميراندا كقلبي دفاع، ويعتبر هذا الرباعي صمام الأمان لدفاعات المنتخب البرازيلي ومصدر اطمئنان مدربه في مواجهة منافسيه.
إضافة إلى ذلك، يتمتع الفريق بوجود لاعب قوي في وسط الملعب، وهو كاسيميرو الذي يتولى مهمة بناء الهجمات واستعادة الكرة من أقدام المنافسين. وعلى النقيض أصبح تياغو سيلفا، الذي كان أساسيا لا غنى عنه في مونديال 2014، احتياطيا تحت قيادة تيتي، في الوقت الذي لا يلقى فيه زميله دافيد لويز، أحد العناصر الأساسية في مونديال 2014 أيضا، استحسان كبير من المدرب البرازيلي ما يثير الكثير من الشكوك حول احتمالية مشاركته في المونديال الروسي.
وتكون دفاع البرازيل في ليلة السقوط أمام «المنشافت» من مايكون ودانتي ودافيد لويز ومارسيلو، ويعد الأخير، نجم ريال مدريد، الوحيد من المذكورين الذي دخل إلى التشكيلة الأساسية لتيتي. وكي نعي بشكل أكبر الكيفية التي نهض بها المنتخب البرازيلي بعد تلك الهزيمة الكبيرة، يجب أن نجري مقارنة بين وسط ملعب الفريق قبل أربعة أعوام ووسطه الحالي. لويس غوستافو وأوسكار وبيرنارد وفيرناندينيو، كان هذا الرباعي يشكل القوام الرئيسي لوسط الملعب في 2014، لكن اليوم أصبح فيرناندينيو، الأساسي في مانشستر سيتي، احتياطيا مع تيتي، فيما خرج الثلاثة الآخرون من التشكيلة برمتها. ويلعب أوسكار، الذي كان أحد الأسماء الكبيرة في الكرة البرازيلية قبل أربعة أعوام، في الصين، فيما يلعب الواعد بيرنارد في أوكرانيا. ويشكل كاسيميرو وريناتو أغوستو وباولينيو وكوتينيو القوام الرئيسي لوسط الملعب، ليكونوا خليطا متوازنا بين الدفاع والتغطية على ظهيري الجنب، والاندفاع الهجومي إلى منطقة مرمى المنافسين. وإلى جانب هذا الرباعي، يبرز ويليان، نجم تشلسي، الذي يزداد تألقا مع مرور الوقت، ولكنه لا يزال حبيسا لمقاعد البدلاء تحت إدارة تيتي، فيما خرج راميريز سانتوس، الذي كان بديلا مع سكولاري، من حسابات المدرب الحالي. وبجانب مارسيلو، يعتبر نيمار الوحيد الذي حافظ على تواجده بشكل دائم منذ 2014 وحتى الآن، ولكنه لم يشارك في مباراة ألمانيا بالمونديال الماضي، كما سيغيب أيضا عن مباراة اليوم بداعي معاناته من كسر في القدم. بيد أن وجوده لا يزال لا غنى عنه في فريق يعج بالنجوم ولكنه يعتبر الأكثر لمعانا وتألقا بينهم.
وعلى أي حال لم يحظ نيمار برفقة جيدة بين 2014 و2016، فلم يكن المهاجمان هالك وفريد على قدر المستوى الذي تطلبه حدثا كبيرا مثل المونديال. وبعد ذلك، ظهر ريكاردو أوليفيرا ولوكاس ليما وغابرييل جيسوس ودوغلاس كوستا وفيرمينو في الخط الهجومي للبرازيل، إلا إنه لم يتمكن أحدهم من الفوز بمكان في التشكيلة الأساسية. واستقر تيتي في النهاية على الاستعانة بجيسوس (19 عاما)، وأصبح يشكل مع نيمار وكوتينيو، عندما يلعب، الخط الهجومي الأكثر خطورة في العالم، حيث بات بمقدور البرازيل في ظل وجود هذا الثلاثي أن تحلم بكل قوة بالفوز بالمونديال المقبل.
وعندما تولى تيتي منصبه لم يكن المنتخب البرازيلي يملك حظوظا قوية للتأهل للمونديال، لكن قاده في التصفيات إلى تحقيق تسعة انتصارات متتالية، سجل خلالها 26 مباراة واستقبلت شباكه هدفين فقط ليخطف بطاقة التأهل قبل أشهر من نهاية التصفيات. والآن أصبحت مباراة 7/1 جزءا من الماضي، فقد تغير كل شيء في البرازيل التي تعود بعد عامين من بداية حقبة التغيير وإعادة التأسيس والتأهيل لمواجهة ألمانيا مرة أخرى، ورغم أن لا أحد ينظر إلى هذا اللقاء على إنه فرصة للثأر، لكنه سيكون فرصة كي يظهر منتخب السامبا للعالم أن عملية إعادة بنائه مستمرة وأن حلم الفوز باللقب العالمي السادس عاد يداعب الجماهير في بلاده.