تونس – «القدس العربي»: صادق البرلمان التونسي بالأغلبية المطلقة على قانون «المصالحة الإدارية» وسط احتجاجات وتراشق بالاتهامات بين الائتلاف الحاكم والمعارضة، وهو ما اعتبره حزب نداء تونس «مكسبا تاريخيا» للبلاد، فيما لم تبدِ حركة النهضة توافقا كاملا حول القانون المذكور، في حين أكدت المعارضة أنها تتجه للطعن بدستوريته.
وفي جلسة سادت فيها الفوضى والتشنج، وافق 117 نائبا على مشروع قانون «المصالحة الإدارية» الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي في وقت سابق، فيما رفضه تسعة نواب (بينهم خمسة من حركة «النهضة»)، كما تحفّظ نائب آخر من «النهضة» على القانون.
وأصدر حزب «نداء تونس» الحاكم بيانا اعتبر فيه أن المصادقة على قانون المصالحة الإدارية هي «مكسب تاريخي لا يوجد فيه منتصر ومهزوم بل فقط منتصر وحيد هو تونس»، مشيرا إلى أن القانون المذكور «يفتح المجال أمام مرحلة جديدة في تاريخ تونس عنوانها المصالحة والتكاتف والوحدة بين التونسيين جميعا كي يساهموا في بناء بلدهم ، كما تحيي حركة نداء تونس بقية الكتل البرلمانية التي صوتت لفائدة مشروع المصالحة الإدارية بوعي وطني رفيع ومسؤول يبعث مجددا رسالة إلى العالم عن إبداع واستثنائية النموذج التونسي في الذهاب بالانتقال الديمقراطي نحو مربع المصالحة والوئام الوطني بعيدا عن منطق العنف والاقتتال والفوضى».
حركة «النهضة» التي صوت أغلب أعضائها لمصلحة قانون «المصالحة»، أكدت على لسان نائب رئيسها النائب علي العريّض أن تونس «في حاجة إلى مصالحة عادلة وجامعة حتى نتفرغ للتركيز على قضايا الحاضر والمستقبل ونتجاوز التجاذب على الماضي والانقسام عليه للتركيز على البرامج الحالية والمستقبلية (…) وتكلفة تأخر المصالحة الشاملة والعادلة كبيرة على الوطن».
فيما عبّر بعض نواب «النهضة»، بينهم محمد بن سالم ومُنية إبراهيم عن رفضهم لهذا القانون، حيث اعتبرت إبراهيم أن الشعب التونسي لا يحتاج لقانون مصالحة بقدر حاجته لمن يقدم له خدمات، مشيرة إلى أن البرلمان في حال صادق على قانون المصالحة «سيخون إرادة الشعب التونسي».
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي تقدّم عام 2015 بمشروع قانون «المصالحة الاقتصادية والمالية» الذي لقي معارضة شديدة في ذلك الوقت، قبل أن يتم إجراء تعديلات جديدة عليه ليعاد طرحه مجددا على البرلمان للمصادقة عليه، تحت اسم قانون «المصالحة الإدارية».
من جهة أخرى، هددت المعارضة التونسية بالطعن في دستورية القانون الذي قالت إنه يبيض الفساد وتصعيد الاحتجاجات ضده في الشارع، حيث أكد غازي الشواشي الأمين العام لحزب «التيار الديمقراطي» إن المعارضة تمكنت حتى الآن من جمع 35 توقيعا لتشكيل عريضة ستقدمها إلى هيئة مراقبة دستورية مشروعات القوانين بهدف الطعن بدستورية القانون المذكور، معبرا عن «ثقته» بقبول الهيئة للطعن المقدم ضد القانون على اعتبار أنه «قانون مفضوح ومخالف للقوانين والدستور التونسي».
وأضاف عماد الدائمي النائب عن حزب «تونس الإرادة»: «مرّروا قانون الفساد بالقوة. ومرّرنا لهم معيشتهم. وستكون المرارة الكبرى يوم ننجح في الطعن في دستورية القانون. ونحرك الشارع ضد عصابة السراق».
وتنظر الهيئة المذكورة في «دستورية مشروعات القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو ثلاثين نائبا على الأقل يرفع إليها في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ مصادقة المجلس على مشروع القانون المطعون فيه أو المطعون في أحد أحكامه (الفصل 18 من القانون المتعلق بإححداث الهيئة عام 2014).
إلا أن المؤرخ والباحث السياسي أكد أن المعارضة لا تملك خيارات كثيرة للتصدي لقانون «المصالحة الإدارية» بعدما تمت المصادقة عليه بأغلبية مطلقة داخل البرلمان.
وأضاف لـ«القدس العربي»: «لا توجد خيارات كثيرة أمام المعارضة بخصوص القانون المذكور، باعتبار أننا في ظل نظام برلماني وقد تمت المصادقة على هذا القانون بأغلبية مريحة (117 صوتا)، وبالتالي البديل هو أن تعبر المعارضة والمنظمات المدنية عن رفضها للقانون عبر تنظيم احتجاجات في الشارع خاصة من قبل حراك «مانيش مسامح» الذي عبر منذ البداية عن رفضه للقانون، قبل أن تتبعه المعارضة السياسية وتتفاعل معه شيئا فشيئا خاصة بعد التفاهمات الكبيرة مؤخرا بين النهضة والنداء، وبالتالي أعتقد أن المسألة «حُسمت» تجاه إقرار هذا القانون الجديد».
ويتوقع أن ينتفع من القانون الجديد نحو 1500 موظف حكومي يُشتبه بارتكابهم مخالفات تتعلق بالفساد المالي والإداري، ويؤكد الائتلاف الحاكم أن القانون سيساهم بدعم الاقتصاد المتعثّر في البلاد، فيما ترى المعارضة أنه يمهد لتبييض الفساد عبر التصالح مع مسؤولي نظام بن علي.
حسن سلمان:
نحن االتونسيون بصفة خاصة والعرب بصفة عامة شعب صعب شعب غير ملتزم المعاملات مع بعضنا مازالت تشكو قلة الإحترام وقصرالنظر والوضع في العالم صعب إقتصاديا وسياسيا .العالم يكاد يفقد توازنه , لكن هذا لا يبرر الإعتداء علي حرمة البشر . هناك حد أدن من الأخلاقيات لازم إحترامها مثل حقوق البشر في حياة كريمة لا لحقرة لا للفساد لا الإستهتار بعقول البشر قانون المصالحة هو إستهتار بحقوق الشعب التونسي