البسطاء من شعب مصر يريدون ديمقراطية الخبز والعدالة الاجتماعية… ومصر مازالت دولة عرجاء في مجال الحريات

حجم الخط
2

القاهرة ـ «القدس العربي» : رغم ازدحام صفحات الصحف المصرية الصادرة أمس الخميس 10 مارس/آذار بالأخبار والموضوعات المهمة، إلا أن أزمة الدولار وارتفاع سعره تسيطر على اهتمامات الأغلبية، خاصة بعد تحميله السبب في الارتفاعات التي حدثت في الأسعار، وإطلاق البنك المركزي حرية السحب والإيداع لمستوردي السلع الأساسية.
ووصل الأمر بالاهتمام بهذه الأزمة إلى حد أن زميلنا الرسام في «الأخبار» أحمد عبد النعيم أخبرنا أمس أنه شاهد شحاذا على الرصيف يقول لأحد المحسنين:
– لو هتدفع بالدولار هدعيلك ربنا يخليك ولو هتدفع بالجنيه هدعيلك ربنا يخدك.
وفي ما عدا ذلك من موضوعات وأخبار، لم تثر اهتمام الأغلبية، رغم أهميتها مثل القبض على الطبيبة بسمة رفعت، حلقة الوصل بين الطبيب الإخواني الهارب في تركيا والخلية التي خططت ونفذت عملية اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات، ووصول تحويلات إليها بلغت ستة ملايين جنيه. وإعلان مستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية ورئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، أنه سيتم هذا العام بناء أربعمئة ألف وحدة سكنية جديدة. وكذلك إعلان تبادل خطابات النوايا بين الهيئة الاقتصادية لمنطقة قناة السويس برئاسة الدكتور أحمد درويش وشركة هايفلكس في سنغافورة، لتنفيذ مشروعات لتوليد الكهرباء وتحليه مياه البحر، بمبلغ خمسمئة مليون دولار، ونفي كل ما نشر عن سعي جامعة أسوان لضم مركز مجدي يعقوب للقلب إليها.
وواصلت الصحف المصرية لليوم الثالث على التوالي نشر المقالات والتحقيقات عن الاحتفال بيوم الشهيد في التاسع من مارس/اذار عام 1969، وهو اليوم الذي استشهد فيه رئيس هيئة أركان حرب الجيش الفريق عبد المنعم رياض، عند وجوده في نقطة عسكرية متقدمة على قناة السويس أثناء حرب الاستنزاف.
وفي صفحتها السادسة يوم الأربعاء نشرت «الأهرام» قصيدة الشاعر المرحوم نزار قباني في رثاء رياض التي قال فيها:
لو يُقتَلونَ مثلما قُتلتْ..
لو يعرفونَ أن يموتوا..
مثلما فعلتْ لو مدمنو الكلامِ في بلادنا قد بذلوا نصفَ الذي بذلتْ لو أنهم من خلفِ طاولاتهمْ قد خرجوا..
كما خرجتَ أنتْ..
واحترقوا في لهبِ المجدِ، كما احترقتْ ما استُبيحتْ تغلبٌ وانكسرَ المناذرهْ لو قرأوا ـ يا سيّدي القائدَ ـ ما كتبتْ
لكنَّ من عرفتهمْ..
ظلّوا على الحالِ الذي عرفتْ..
يدخّنون، يسكرونَ، يقتلونَ الوقتْ ويطعمونَ الشعبَ أوراقَ البلاغاتِ كما علِمتْ وبعضهمْ..
يغوصُ في وحولهِ..
وبعضهمْ..
يغصُّ في بترولهِ..
وبعضهمْ..
قد أغلقَ البابَ على حريمهِ..
ومنتهى نضالهِ..
جاريةٌ في التختْ..
يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرت الخطوة الأولى إلى تحريرنا..
أنتَ بها بدأتْ..
يا أيّها الغارقُ في دمائهِ جميعهم قد كذبوا..
وأنتَ قد صدقتْ جميعهم قد هُزموا..
ووحدكَ انتصرتْ.
كما أبرزت الصحف وصول الرئيس إلى السعودية لحضور ختام مناورات «رعد الشمال» وزيادة التوقعات باجتماعه مع أمير قطر. ومقتل سبعة جنود من الشرطة انفجر في مدرعتهم لغم من أيام الحرب مع إسرائيل.
وإلى بعض مما عندنا….

إحالة رئيس نادي القضاة الأسبق إلى المعاش

ونبدأ بالمعارك والردود المتنوعة التي زادت وفاضت ولم يكن هناك موضوع واحد يجمعها، وإنما كل صاحب معركة خاضها لأسباب خاصة به، أو لشيء أزعجه، فمثلا صديقنا الأديب إبراهيم عبد المجيد أبدى انزعاجا شديدا يوم الأربعاء في مقاله الأسبوعي في جريدة «الأخبار» الحكومية من قرار مجلس القضاء الأعلى إحالة المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق إلى المعاش وقال حزينا:
«هل تذكرون كيف كان زكريا عبد العزيز ونادي القضاة صوتا هادرا أيام مبارك من أجل استقلال القضاء؟ هل رأيتم زكريا عبد العزيز عصر يوم 28 يناير/كانون الثاني حين كاد يهاجمه بعض الشباب الذين لا يعرفونه، ثم تقدم من يعرفه فهللوا وكادوا يحملونه على الأعناق؟ هل رأيتم زكريا عبد العزيز صباح يوم 29، يقف أمام مقهى ريش المغلق، فأراه فيهتف باسمي أنا الذي لم أعرفه شخصيا من قبل ونذهب إلى مكتبي في منطقة معروف نتناول قهوة الصباح قبل أن ندخل الميدان الذي تركناه أمس عند الفجر؟ يا له من حديث عن الأمل في وطن عظيم ينعم بالحرية والعدل والمساواة. كيف كانت عيناي تقع عليه كل يوم ونتصافح، وأراه يخطب هادرا في الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير. لم يمنعه سنه ولا عافيته كما لم تمنع الكثيرين من عظماء هذا الوطن. تمشي الأيام وتحبك المؤامرة على الثورة. ثورة يناير. ويتم التخلص شيئا فشيئا من شبابها ورموزها، ويطال زكريا عبد العزيز ما طال غيره، ويُتهم بتهمة لا معنى لها، وهي اقتحام مقر أمن الدولة في مدينة نصر، وكل الشباب الذين كانوا هناك قالوا وقتها ويقولون حتى الآن، إنهم بعد أن اقتحموا مقر أمن الدولة وحصلوا على أوراق ظنوا أنها مهمة جدا قرروا إعطاءها لرجل ثقة فهاتفوه فأتى ولم يحتفظ بها الرجل».

عالم السبهللة والإهمال وتلبيس العمّة

أما زميلنا في «الأهرام» سمير الشحات فترك هذه القضية واهتم بالمشكلة التي أثارتها زميلة لنا في جريدة «اليوم السابع» عندما سألت الفنان دي كابريو سؤالا غير واضح وبإنكليزية غير مفهومة فقال سمير: «إن ما جرى في حفل الأوسكار كان كشفا لعالمين مختلفين، عالم التقدم والحداثة واحترام العمل، وعالم السبهللة والإهمال وتلبيس العمّة و«الفاهلاويشن إن ذا لايف». لقد علمونا منذ نعومة أظافرنا في دنيا الصحافة أنك- وأنت تسأل سؤالا أو تجري حوارا أو تعد تحقيقا صحافيا أو تبحث عن الخبر- عليك أن تعد لهذه المهمة إعدادا جيدا وتعمل الـ (هوم وورك) بتاعك كويس كي لا تحرج نفسك مع المصدر الذي تحاوره فهل هذا ما قامت به زميلتنا في هوليوود؟ طيب هل نلوم البنيّة فنهيل عليها التراب ونصب على رأسها اللعنات كما فعل «الفسابكة» الجالسون على المقاهي يشيشون في استرخاء ويسخرون من مخاليق ربنا؟ هل نزيد من همّها فنكيل لها الاتهام تلو الاتهام؟ قبل أن تفعلوا ذلك سلوا أنفسكم هذا السؤال: وهل أدى كل منكم عمله فأتقنه؟ ألستم جميعا- إلا من رحم ربي- واقعين في الحفرة نفسها حفرة الإهمال والتسيب والفهلوة والتزويغ والأكاذيب التي لها أول وليس لها آخر؟».

تطبيق الدستور يمكن الشعب
من المشاركة في صناعة مستقبله

ونترك «الأهرام» إلى «المقال» في يوم الأربعاء نفسه لنكون مع رئيس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى وقوله عن الشروط اللازمة حتى تتقدم مصر هي أمه وأمنا: «هناك أمل حقيقي في أن تصبح مصر دولة عظيمة وشعبا راقيا متقدما، خذ مثلا جميع دول أمريكا اللاتينية التي كان العالم يطلق عليها جمهوريات الموز، وكانت شعوبها أرانب في يد جزارين وسفاكي دماء، من حكام عسكريين مستبدين، ولاد هرمة، نهبوا البلاد واستلوا على ثرواتها وسجنوا وأعدموا الآلاف من مواطنيهم ومعارضيهم، بل إن الأرجنتين من عدة سنوات أعلنت إفلاسها وتظاهر فيها الملايين بالصحون والحلل الفارغة، إعلانا عن الجوع الكافر. ومع ذلك في زمن لم يتجاوز سبع سنوات صارت دول أمريكا اللاتينية قارة حرة من الطغيان والطغاة، ومن العصابات الحاكمة والعصابات المساندة للقصور الرئاسية، وأصبحت وأمست دولا ديمقراطية وشهدت البلاد تحولات هائلة وانتخابات رئاسية نزيهة شريفة، وحكاما مدنيين واقتصادا يتعافى وينمو، ولا أقول إن حكامها ملائكة، لكن أقول إنهم صاروا حكاما من البشر، وليسوا فراعنة فوق السؤال وفوق الحساب خالدين على مقاعدهم. إذن هناك أمل كبير وحقيقي، فقط شرط واحد أن يطبق الدستور حتى يتمكن الشعب من المشاركة في صناعة مستقبله، ولا تكون مهمته أن يكتفي بالتصفيق والتأييد للذين يتصورون أنهم يصنعون مستقبله».

وليد قطب: المشكلة ليست
في الرئيس بل عند إبراهيم عيسى

وقد تسبب عيسى وما يقوله في برنامجه على قناة «القاهرة والناس» وما يكتبه في جريدته في أزمة لدى زميلنا في «الأخبار المسائي» التي تصدر يوميا عن مؤسسة أخبار اليوم وليد قطب، لذلك صاح في يوم الأربعاء أيضا: «هناك من نصبوا أنفسهم أوصياء على الرئيس والشعب المصري معاه، محاولين فرض رؤيتهم بالقوة على مصر والمصريين والرئيس، ليخرج علينا إبراهيم عيسى يحلل خطاب الرئيس، معلنا رفضه لما قاله جملة وتفصيلا، وفقا لهواه. يا عم إبراهيم كنا نتوقع منك غير ذلك، واستجابة الشعب للرئيس ورد فعل المواطنين بملايين الرسائل دعما لمصر يدحض حديثكم، فالرئيس عندما قال: «لو ينفع أبيع نفسي علشان خاطر مصر مش هتأخر»، فحديثه نابع من القلب ووصل إلى قلوب المصريين. ومضمون الرسالة أن كل مصري في قلب الرئيس، وأنه على استعداد يبيع نفسه علشان كل مواطن يعيش على أرض مصر، يعني علشان أمك وأختك وزوجتك وابنك، بمعنى أن المشكلة ليست في الرئيس الآن، لكن المشكلة أصبحت عندك أنت، فهل أنت على استعداد لتبيع نفسك من أجل مصر؟ لا اعتقد، فأنت تبيع نفسك لمن يدفع أكتر، والدليل على كده في ظهورك على قناة «القاهرة والناس» وتصريحك «أنا جيت هنا علشان الناس دي بتدفع بانتظام». ولو تحب أفكرك كان سبباً من ضمن العشرة أسباب الأمر الذي دعاني أفكر في هجومك الحاد على الدولة لحظة القبض على أحد رجال الأعمال وتصريحك بـ«أن اقتصاد مصر ممكن يخرب بسبب القبض عليه». سؤال لما خرج عمل أيه لاقتصاد مصر؟».

حتى لا يترحموا على أيام حبيب العادلى!

ووليد يقصد واقعة القبض على رجل الأعمال وصاحب جريدة «المصري اليوم» صلاح دياب، ولذلك سنتجه إلى «المصري اليوم» في اليوم نفسه لنكون مع زميلنا وصديقنا حمدي رزق الذي أشار في عموده اليومي «فصل الخطاب» إلى اجتماع وزير الداخلية مع الضباط وغضبهم مما يحدث لهم وقال: « تكثيف اللقاءات يخفّض معدلات الغضب التي تعتمل في نفوس ضباط الشرطة جراء الأحداث الأخيرة، وآخرها حادثة «كمين ميرهان» وتوابعه بإحالة ضابطي شرطة إلى المحكمة بتهمة إهانة الفنانة في الكمين والتحرش بها في قسم الهرم. لابد من قياس رد فعل لقاء الوزير بضباطه، وهل نجح فعلا في نزع فتيل الأزمة، التي عبّرت عنها كتابات فيسبوكية عديدة، غالباً موجهة إلى رئيس الجمهورية، منها على سبيل المثال لا الحصر، ما كتبه رائد شرطة على صفحته: «بنواجه الإرهاب بكل بسالة، وبنواجه البهوات والمسنودين وقلة الأدب بمنتهى الصبر، بنواجه ظلم قياداتنا وتلفيقهم وجزاءاتهم المؤلمة بمنتهى الاحترام والخضوع، وبنواجه ضغوط العمل وضغوط الحياة علينا كمواطنين، ومحدش فتح بقه، لكن إلى متى يا سيادة الرئيس؟». هذا نموذج ومثال للغضب الكامن في النفوس، ضابط شرطة «رائد» يشكو إلى الرئيس حاله، وحال زملائه من ضباط الشرطة، الحكي نفسه يتواصل غاضباً، ضباط الشرطة ناقمون، رافضون لسياسات الوزير الذي يشتط في عقابهم، والتضحية بهم إرضاءً للرأي العام، هكذا يُفضفضون عن أنفسهم إلكترونياً… لقاء وزير الداخلية بالضباط في توقيته، ولكن من دون مواجهة حقيقية تتلمس أسباب الغضب الذي يعتمل في النفوس، يبقى فض مجالس، الضباط في النهاية بشر، والضغط يولد الانفجار، والإحساس بالظلم يولد كفراً بالمهمة، وقهر الرجال مما يُستعاذ منه، حذارِ من الغضب. الحالة النفسية التي بات عليها جيل الوسط من ضباط الشرطة تشي بخطورة بالغة، وبعد لقاء الوزير، على السادة المساعدين ومديري الأمن التحرك بسرعة وهمة لاحتواء الغضب، الحوارات المباشرة مهمة، وتفهم الأسباب ضرورة، وتنقية الأجواء واجب، الوزير يستشعر الغضب، ولقاء أول يؤشر إلى رغبة في الاحتواء، لكن هناك مشكلة حقيقية يجب الالتفات إليها. ضباط الشرطة يقارنون أوضاعهم بأوضاع ضباط الجيش، كلنا ضباط، وكلنا شهداء، «يتوّت» أحدهم مذبوحاً من الألم مخاطباً الرئيس: «هو إحنا مش زي أولادك اللي في الجيش، ولا إحنا أقل منهم؟! وهل يجوز أن نتعامل مثلهم أم نترك وزارة الداخلية ونعمل أعمالا أخرى؟». الخطاب هذه المرة إلى الرئيس، لماذا؟ لأن الثقة- أخشى- باتت مفتقدة بين الوزير والضباط، المصيبة أن نفراً منهم يترحم على أيام حبيب العادلي، لماذا؟.. المعنى في بطن الغاضبين! طبعا حذارِ وألف حذارِ من الغضب».

المواطن المصري لا يرتاح لبيانات وزارة داخليته

أما زميلنا في «المقال» أحمد رمضان الديباوي فقال عن كشف خلية اغتيال النائب العام: «على الرغم من إثارة تصريحاته تلك سلسلة غير متناهية من التساؤلات التي يبدو أغلبها مغلفا بعلامات العجب والدهشة، بل الحيرة، خصوصا ما يتعلق بشأن ضلوع منظمة حماس في اغتيال نائب عام جمهورية مصر العربية، وعدم وجود تعليق واحد لا من الخارجية ولا من الرئيس السيسي، على الرغم من أنه قد أجرى مداخلة تلفزيونية مع قناة «مشفرة» بعد يوم واحد من تصريحات عبد الغفار، فلم يشر فيها من قريب أو من بعيد إلى خطورة ما صرح به وزير داخليته، وكأن الأمر لا يستلزم ولا يستأهل ردا يشفي غليل المصريين، على الرغم من ذلك كله فإنني لم أر جديدا في تصريحات الوزير عبد الغفار، فمعلوم أن جرائم الإرهاب كلها على تنوعها واختلافاتها، خصوصا بعد الثلاثين من يونيو/حزيران، بعد عزل محمد مرسي، إنما هي تلتصق بالإخوان والجماعات المتطرفة، التي تقوم بالتنسيق معها مباشرة، أو تقوم بالانتقام من إبعاد الإسلاميين من السلطة، غير أن اللافت للانتباه في مؤتمر وزير الداخلية من وجهة نظري الشخصية ثلاثة أمور، أولها أن وزارة الداخلية كانت قد أعلنت غير مرة خلال الأشهر التسعة الفائتة، منذ اغتيال بركات عن تمكنها من القبض على عناصر إرهابية ادعت وقتها أنها المنفذة لجريمة اغتيال بركات. كما أعلنت الوزارة كذلك عن قيام رجالها وقواتها الخاصة بتصفية مجموعة إرهابية أخرى في أحد التجمعات السكنية في السادس من أكتوبر، ادعت الوزارة وقتها أيضا أنهم المنفذون لتلك الجريمة، وهو ما يثير بلا شك الريبة الدائمة التي تتلبس المواطن المصري كلما استمع إلى بيانات تلك الوزارة، فلا يجد بعد استماعه ذلك سوى التكذيب المباشر وعدم الارتياح النفسي لبياناتها».

الطابور الخامس يبث سمومه

وإلى المعارك حول الرئيس السيسي، وبدأتها يوم الأربعاء زميلتنا الجميلة في «الجمهورية» إكرام منصور، التي عبرت عن غضبها الشديد لما يتعرض له الرئيس من هجمات بقولها دفاعا عنه: «في ظل جولات الرئيس السيسي الخارجية، وهو لا يدخر جهدا لخلق مناخ اقتصادي تنموي، يطلع علينا الطابور الخامس والمتآمرون والخونة في الفضائيات المأجورة، لإطلاق طلقات الإعلام المتآمر على الدولة، من خلال الحوارات السفسطائية، التي تنادي بوجود معارضة في الشارع السياسي، هؤلاء أصحاب الشعارات المغلوطة. أقول لأمثال هؤلاء أين الظهير الشعبي لكم؟ لم نجد من يحصد الأعداد أو الأرقام أو الإحصائيات في أي انتخابات؟ لكن بينما الرئيس السيسي جاء بإرادة شعبية والشعب يتكاتف معه من أجل بناء مصر وسوف تبقي مصر حرة أبية بإذن الله رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مأجور وتحيا مصر».

سامي فهمي:
نريد رئيسا يخطئ ويصيب

أما زميلنا في «الأهالي» لسان حال حزب التجمع اليساري سامي فهمي فقد سخر من المثقفين والسياسيين الذين يطالبون الرئيس بعدم الارتجال في خطاباته وقال ردا عليهم:
«المصارحة والوضوح التي تنطلق من القلب، من دون إعداد أفضل كثيرا من النصوص المكتوبة الجامدة التي تصيب من يسمعها بالملل. المكاشفة حتى لو انطوت على تعبيرات غير موفقة تتيح فرصا واسعة للحوار والنقاش، في ما يطرحه الرئيس مما يصب في النهاية في صالح الوطن، بتصويب بعض الأفكار والآراء المطروحة. كما أن المصارحة بكلمات بسيطة تلقائية تضع المواطن في قلب المشاكل والأزمات وجعله شريكا في تحمل التبعات، وليس مجرد مستمع. الزعامة الحقيقية تتحقق بالاقتراب من الشعب ومصارحته بالحقائق والحديث من دون حواجز. نريد رئيسا يخطئ ويصيب، فلا أحد منزه عن الخطأ. والمحصلة النهائية هي التي تحدد توجهات الرأي العام تجاه الرئيس. قديما قال سقراط :»تكلم حتى أراك». فالكلام تعبير عن الفكر، والكلام لا يصبح كلاما إلا إذا انطلق مباشرة من دون قيود في أوراق مكتوبة. مزيد من الارتجال والتلقائية يضع مصر على الطريق الصحيح».

عبد الفتاح عبد المنعم:
على حمدين صباحي أن يصمت

وإلى أبرز ردود الأفعال على دعوة زميلنا وصديقنا المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، وقوى سياسية أخرى لتكوين بديل مدني للنظام، يستبعد الإخوان وحزب «مصر القوية» الذي يتزعمه عبد المنعم أبو الفتوح، وهي الدعوة التي أثارت أعصاب زميلنا في «اليوم السابع» عبد الفتاح عبد المنعم فقال عنها يوم الثلاثاء: «يجب علينا جميعا أن نؤمن بأن مصر مازالت دولة عرجاء في مجال الحريات، وأننا نحتاج عشرات السنين لكي يكون لدينا نظام ديمقراطي بالطريقة الغربية، والسبب ليس فقط في النظام الحاكم، بل في ممارسات الشعب نفسه، الذي لا يريد أن يتعلم كيف يكون ديمقراطيا مع الآخر، حتى يستطيع الحصول على هذه الديمقراطية التي أصبحت صعبة المنال، خاصة أن هذا الشعب يعتقد أنه قام بثورتين، والحقيقة أنه لم يفعل شيئا وأن خلع أو عزل رئيس لا يعني أننا سنكون شعبا يحكم بالديمقراطية الغربية، فالبسطاء من شعب مصر يريدون ديمقراطية الخبز والعدالة الاجتماعية، أما ديمقراطية المعارضة التي ظل لسنوات طويلة يتحدث عنها الأستاذ حمدين فلا مجال لها بين الغلابة، التي ظلت لأكثر من أربعين عاما تبحث عمن يقدم لها الخبز، قبل أن ينظّر لها في مجال الحرية والديمقراطية، إذ علينا جميعا خاصة أمثال السياسي المخضرم حمدين صباحي التلميذ الشاطر في مدرسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي أعطى للديمقراطية إجازة طويلة أثناء حكمه، واكتفى بالعيش والعدالة الاجتماعية وهو ما جعل شعبه يحبه حتى الآن.
علينا، خصوصا السيد حمدين، أن نكون على ثقة بأن أي مشروع تكافلي الآن هو أهم وأكثر فائدة من أي مشروع سياسي ظاهره الديمقراطية وباطنه هدم الدولة وإسقاط نظام نؤمن جميعا بأنه لا يستطيع في ظل الفقر الشديد أن يحكم بالديمقراطية السياسية، ولكن لدينا فرصة أن نجبره على العدالة الاجتماعية، فربما يكون في داخله رحمة لهذا الشعب الغلبان الذي لم يرحمه لا حمدين صباحي ولا النظام. لذا أطلب من السيد حمدين صباحي أن يصمت ويعتزل الحياة السياسية نهائيًا ويتفرغ لحياته الخاصة، لأنه لم تعد لديه رؤية ورأي حقيقي بل إن أغلب آرائه يخاطب بها مراهقي يناير وهواة النت».

السهام تنطلق باتجاه صباحي

لكن هذا الكلام لم يعجب زميلنا في «الشروق» طلعت إسماعيل «ناصري» فقال: «طرحت «اللجنة التحضيرية لتوحيد القوى المدنية» نداء للشعب المصري من أجل الاصطفاف والتوحد لبناء ما أطلق عليه «البديل المدني»، وهو عبارة عن كيان أو مظلة، سمها ما شئت، لمعارضة يراها أصحاب المبادرة صمام أمان يمكن أن يجنبنا خطر الانزلاق إلى سلبيات الصوت الواحد والرأي الأوحد، الذي يقود في النهاية إلى نوع من الاستبداد المقيت، الجالب للكوارث. الدعوة خرجت من عدد من السياسيين والمثقفين، وفي مقدمتهم حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق مؤسس التيار الشعبي، الذي انطلقت فور الإعلان عن النداء سهام النقد والتجريح المعتادة، على الرجل من قبل حتى مناقشة الفكرة المطروحة. نحن إذن أمام دعوة لبناء جبهة وطنية عريضة، يتشارك فيها جميع المصريين تقدم بدائل للمشكلات والتحديات التي تواجهها مصر في الوقت الراهن، في شكل معارضة قوية يكون صوتها للبناء وليس الهدم، تعمل على تقوية العمل المؤسسي والحفاظ على كيان الدولة، وتكون منفتحة على الكل باستثناء من سماهم صباحي في حواره مع «الشروق» من «يقولون إن ثورة 25 يناير/كانون الثاني نكسة وأولئك الذين يعتبرون 30 يونيو/حزيران انقلابا».
المبادرة حملت في طياتها مسميات تحتاج من القائمين عليها المزيد من التوضيح وضبط المصطلح كما يقال، فالحزب معروف والجبهة إلى حد ما يمكن تصورها، غير أن الحديث عن شبكة اجتماعية أحدث نوعا من البلبلة لدى حتى بعض المهتمين بالشأن العام فما بالنا بغيرهم».

احتكار صكوك الوطنية

وفي يوم الثلاثاء ذاته قال زميلنا في «الأهرام» جميل عفيفي: «في الوقت الذي يقوم فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي بجولات مكوكية خارجية، لفتح مجالات جديدة من الاستثمارات الأجنبية في مصر، ونقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة، وفي الوقت نفسه الذي تخوض فيه القوات المسلحة والشرطة حربا حقيقية ضد الإرهاب، وفي الوقت نفسه الذي تسعى فيه الدولة إلى إعادة البناء مرة أخرى بعد الدمار الذي لحق بها خلال السنوات الخمس الماضية، خاصة في المجال الاقتصادي، وفي الوقت نفسه الذي تم انتخاب مجلس للنواب وبدء المسيرة الصحيحة للدولة، تخرج علينا مجموعة قررت أنها وحدها من تمتلك صك الوطنية، من خلال إنشاء مجموعة تطلق على نفسها «البديل» تلك المجموعة دائما وأبدا ما تفرض نفسها على الشعب، رغم أن أقنعتهم سقطت منذ سنوات، احتكروا كلمة وطنية مع أنهم بعيدون كل البعد عن هذه الكلمة، ليس هدفهم الاستقرار، بل أنهم يبحثون عن الفوضى لأنها سبب رزقهم وشهرتهم، هم دائما وأبدا ضد الدولة وضد الجيش والشرطة المصرية، والغريب أنهم لا يعلمون أن الشعب يريد الاستقرار الذي تسير فيه الدولة الآن ويرفض الفوضى والدعاوى الهدامة».

هل تتهيأ مصر لمرحلة جديدة

وإلى «المصريون» ومقال رئيس تحريرها ورئيس مجلس إدارتها جمال سلطان وقوله: «يوم الاثنين التاسع والعشرين من فبراير/شباط الماضي، أقر مجلس النواب المادة التي حملت رقم 117 من اللائحة الداخلية للمجلس، وهي المادة التي تقنن عملية سحب الثقة من رئيس الجمهورية، إنفاذا لإرادة الدستور المصري الجديد الذي منح هذا الحق ـ للمرة الأولى منذ تأسيس الجمهورية ـ للبرلمان، وتنص المادة 161 من الدستور على أن يكون طلب سحب الثقة من رئيس الجمهورية مسببا، وموقعا من أغلبية أعضاء مجلس النواب 50٪ + 1، وموافقة ثلثي أعضائه، وبمجرد موافقة الأعضاء على اقتراح سحب الثقة، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في استفتاء عام، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء وليس من رئيس الجمهورية، فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة، يُعفى رئيس الجمهورية من منصبه ويُعد منصب رئيس الجمهورية خالياً، وتجري الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال ستين يومًا من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء. الموافقة تمت بتصويت 255 عضوا من أعضاء البرلمان، أي أن القرار تم تمريره بصعوبة وبنصف عدد الأعضاء تقريبا، وقد لاحظت أن عددا من الأعضاء حاولوا التخفيف من وقع هذا القرار بتأكيدهم أنه لا يستهدف الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإنما التأسيس لقاعدة لمن يأتي بعده، لكن ذلك لم ينه الجدل وعلامات الاستفهام . بعد أيام من هذا القرار تم الإعلان عن تأسيس لجنة وطنية لحماية الدستور، أو الدفاع عن الدستور، ومنع المساس به وقطع الطريق على الأصوات التي تدعو لتعديله بما يمنح رئيس الجمهورية سلطات أوسع، ولوحظ أن هذه اللجنة تشكلت بقيادة شخصيات يمكن وصفها برجال دولة، مثل عمرو موسى إضافة إلى شخصيات سياسية مرموقة مثل الدكتور محمد أبو الغار، وكانت الأصوات المنادية بتعديل الدستور قد كثرت بعد تصريح السيسي الشهير بأن الدستور تم إعداده بنوايا طيبة، والنوايا الطيبة لا تبني الدول، أو كلام قريب من هذا المعنى، وهو ما أعطى رسالة بأنه غير مقتنع بالدستور وربما يرغب في تعديله، رغم أنه قال بعد ذلك إن كلامه تم تفسيره بعيدا عن مقصده. في هذا السياق صدرت المبادرة المفاجئة من المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، التي تدعو إلى «تجهيز» البديل الوطني، ورغم كل محاولات تخفيف المحاولة ومعناها، والتأكيد على أنها لا تعني العمل على عزل السيسي أو تغييره، وإنما وضعه تحت الضغط ـ حسب ما قيل ـ إلا أن الرسالة كانت أخطر من أي شرح، خاصة أن كثيرين يرون أن حمدين وثيق الصلة بالدولة وأجهزتها منذ الانتخابات الرئاسية الأولى، التي تلقى فيها دعما واضحا أتاح له إفشال قدرة عبد المنعم أبو الفتوح على الدخول في جولة إعادة. وكانت دعوات أخرى ـ بالتوازي ـ قد انتشرت من خلال ناشطين مرموقين مثل الدكتور حازم عبد العظيم والدكتور ممدوح حمزة وآخرين، تطالب النخبة المصرية بالعمل على تجهيز بديل مدني للترشح لرئاسة الجمهورية العام بعد المقبل، باعتبار أن الأرضية السياسية أصبحت ممهدة لذلك الآن، خاصة بعد الأداء السياسي والاقتصادي والأمني غير المقنع في نظرهم للرئيس عبد الفتاح السيسي، وهي دعوة لاحظت أنه اتسع نطاقها عبر صفحات التواصل الاجتماعي خلال الشهور الماضية وأصبح لها قبول وتفهم من تيارات مختلفة، وطرحت باعتبارها ضرورية أيضا في حالة نجاح الدعوة لانتخابات مبكرة.
هل يمكن الربط بين هذه الخطوات في سياق فكرة واحدة وإرادة واحدة، ربما، لكن أيضا لا يمكن استبعاد أن تكون خطوات جرى فيها توافق زمني وســــياسي عفوي أو غــــير مقصود، ينبع من إحساس قطاع واسع من النخبة السياسية المصـــرية بالقلق على مصير البلد، وأن الحد الأدنى من إدراك الخطر الآن يســـتدعي ما يشـــبه «تحزيم» الوضع الدستوري، والتمهيد لمرحلة جديدة يدرك الجميع أنها آتية لا محالة، انتظارا لما تسفر عنه تطورات الأمور في الأشهر المقبلة، والبحث عن صيغ أخرى لتعديل مسار السلطة، بدلا من الصيغة التي تمت مع مبارك ثم مع مرسي بعد ذلك، خاصة أن كثيرين يرون أن البلد ـ اقتصاديا وأمنيا ـ لا تتحمل عواقب ثورة شعبية أخرى، وفي كل الأحوال، تأتي هذه التطورات والأفكار والجهود لكي تؤكد من جديد على أن هناك ما يقلق في مصر، وأن البلاد لم تتجاوز المرحلة الانتقالية بعد».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Deutschland:

    الحاكم الذي لآ يرضي لشعبه الحرية والعدالة والعيش فهو غير مرضي عنه شعبيآ وحكمه غصب فهو باطل ..

  2. يقول R. Ali:

    الشعب المصري فطن أنه تحت حكم العسكر لن يكون هناك ديمقراطية ولاحرية وعدل فكانت مطالبه المتواضعة الخبز والمية لحين ذهاب زمرة العسكر بلا ردة!

إشترك في قائمتنا البريدية