البعزاوي: «العدالة الإنتقالية» غريبة عن ثقافة التونسيين و«هيئة الحقيقة والكرامة» ليست في صراع مع الدولة

تونس ـ «القدس العربي»: نفى مصطفى البعزاوي عضو هيئة «الحقيقة والكرامة» صحة ما يروج داخل بعض الاوساط في تونس حول وجود خلافات حادة تشق صفوف الهيئة، وقال في مقابلة مع «القدس العربي» ان فكرة «العدالة الانتقالية» في حد ذاتها غريبة عن تاريخ تونس وثقافتها تماما مثلما ان «هيئة الحقيقة والكرامة» التي أنشأت لغرض الاشراف على ذلك المسار غريبة عن ذلك التاريخ وتلك الثقافة. وأضاف ان الدولة ورغم الانتهاكات التي ارتكبت خلال أكثر من خمسين عاما والخلافات والصراعات السياسية، أو الاحداث التي حصلت مثل أحداث الخبز أو الخلاف البورقيبي اليوسفي أو تجربة التعاضد وغيرها، لم تتعود على فتح الملفات واستخلاص النتائج وإلى الآن لم يقف مسؤول بالدولة ليسأل أو يحاسب، واصفا «العدالة الانتقالية» بأنها اشبه بعملية زرع عضو غريب داخل جسد معتل.
وتعليقا على الاستقالة الأخيرة لعضو الهيئة القاضي محمد العايدي والتي تقدم بها الثلاثاء بسبب «عدم توفر المناخ الملائم لاتمام المهمة التي انتخب من أجلها» بحسب ما ذكر في نص بيان الاستقالة الذي نشرته وكالة الانباء الرسمية قال البعزاوي انه في صورة قبول تلك الاستقالة فإن مسار «العدالة الانتقالية» في تونس سيفقد احد الكوادر النزيهة وإنها ستكون «ضربة موجهة للهيئة». وحول ما اذا كان يعتقد بوجود محاولة لتفجير الهيئة وتفكيكها من الداخل سواء عبر الاستقالات أو من خلال ما وصف بالتسريب الاخير لرسالة وجهها نائب الرئيس زهير مخلوف في وقت سابق إلى رئيس مجلس نواب الشعب، اكتفى عضو «هيئة الحقيقة والكرامة» بالإشارة إلى وجود ما وصفها بـ»مقاومة الدولة العميقة وتقاليد السياسة والإدارة» لأي نفس تغييري، مضيفا ان محتوى الرسالة التي كتبها مخلوف وسربت إلى الصحافة كان مفاجئا وصادما للاعضاء ومخالفا لقوانين الهيئة وتراتيب العمل التي تفرض الدفاع عن الهيئة وتوجهاتها لا مساندة اي مشروع مواز آخر، حتى لو صدر عن رئيس الجمهورية، وذلك في إشارة إلى مشروع قانون المصالحة المالية والاقتصادية التي تقدمت به الرئاسة وأثار جدلا واسعا في تونس، مضيفا ان الهيئة لم تبت إلى الآن في الموضوع، لكنه يعتقد ان «مشوار مخلوف مع الهيئة قد انتهى» بعد تسريب الرسالة التي نشرتها الثلاثاء الماضي صحيفة «آخر خبر» المحلية و تضمنت اتهامات صريحة لبعض الاعضاء بما وصف بارتكاب «تجاوزات خطيرة» وفق ما جاء في نص الرسالة المسربة وانه من الطبيعي ان يتعرض تبعا لذلك إلى إجراء عقابي، وفقا لما تضمنه قانون الهيئة.
ومن جانب آخر أبدى البعزاوي استغرابه من صمت مجلس نواب الشعب وعدم رده على الطلبات التي وجهتها له «هيئة الحقيقة والكرامة» لسد الشغورات التي حصلت داخلها بعد استقالة عدد من الاعضاء وقال انه لا يرى سببا لذلك نافيا ان يكون هناك اعضاء داخل الهيئة مع الرئيسة سهام بن سدرين وآخرون ضدها. واصفا ذلك بالتخمينات والفرضيات التي لا اساس لها من الصحة قائلا ان من يحاربون بن سدرين هم اشبه بـ»دون كيشوت» الذي حارب طواحين الهواء، وهي تظل عضوا مثل باقي الاعضاء وليس باستطاعتها مطلقا اتخاذ القرارات بمفردها، مثلما يحاول البعض الايهام بذلك. وإذا كانت هناك «خصومات قديمة» للبعض مع رئيسة الهيئة فليحلها مباشرة معها و بعيدا عن الهيئة، على حد وصفه، مضيفا «نحن لا نخوض حربا بالوكالة» وذلك ردا على سؤال لـAالقدس العربي» حول غياب مظاهر تضامن أو مساندة من الأعضاء للرئيسة في الحملة الاعلامية التي تتعرض لها منذ شهور، قائلا ان مهام الهيئة ليست الدفاع عن سهام بن سدرين وإنه لا وقت لدى الاعضاء للرد على الحملات الصحافية التي اعتبرها جزءا مما سماه الانفلات الإعلامي. قبل ان يضيف ان البعض بدأ في اشعال «حرائق صغيرة» عبر التهديد برفع قضايا ضد رئيسة الهيئة رغم علمهم بأنها تتمتع بالحصانة الدستورية، وليس من حق أحد مساءلتها سوى مجلس نواب الشعب، وذلك لأجل غاية محددة وهي إرباك المسار والتشويش عليه.
ونفى عضو الهيئة بالمقابل نفيا قاطعا وجود أي تهديد من أي نوع كان كما قال لأي عضو من اعضاء الهيئة، مجددا التأكيد على ان الهيئة ليست في حرب أو صدام مع السلطة، بل هي مؤسسة من صميم مؤسسات الدولة وأنها تحظى بمساندة شعبية واسعة في تونس، وفقا لما أظهرته دراسات واستطلاعات قامت بها مؤسسات دولية وحتى بعض المحطات الاذاعية الخاصة التي تولت نشرها على مواقعها الإلكترونية.
يشار إلى ان «هيئة الحقيقة والكرامة» هي مؤسسة دستورية مستقلة تشرف على مسار العدالة الانتقالية في تونس وتتكون من خمسة عشر عضوا يمثلون قطاعات واختصاصات مختلفة.

نزار بولحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Hassan:

    ما مضى قد فات وكأنهم تحت نير استعمار أو مخلفات منه. هذا يقارن الأمر بجنوب إفريقيا والآخر ببعض بلدان شرق أوروبا. هات أي نظام فيالعالم لم تقع فيه تجاوزات واستفادت منه مجموعات أو أشخاص، جاد الأمر على هذا البلد والحال أن الفساد لا يعالج بفساد واضح وجلي. مشروع المصالحة أصبح كذيل كلب الكل يريد أن يشق به طوفان من الفساد حتى يصل بر الأمان. إذا كان كذلك فالكل يحاسب من الفراح، عامل نظافة، إلى كل الموظفين والعاملين في القطاع العام والقطاع الخاص إلى بونوات البنزين إلى المستشفيات إلى كل القطاعات … المهم سيبوهم ومن يعاود يتحمل مسؤليته سرحوا البلاد حتى تنطلق إلى التنمية والهيئة يقع إعادة النظر فيها.

إشترك في قائمتنا البريدية