بماذا تتميز جامعة عن أخرى في الوطن العربي؟ سؤال لم نطرحه لأن فكرتنا عن الجامعة ما تزال مقيدة بشروط تأسيسها. وكلما تم إنشاء جامعة جديدة يكون النموذج جامعة قديمة سابقة لها في الظهور، فتستنسخ المواد والمقررات والبرامج. وهكذا نجد جامعاتنا، مهما تعددت داخل القطر العربي الواحد، ليست سوى نسخة «جديدة» عن صورة قديمة. فلا نجد تميزا بين الجامعات، وما تحويه من كليات مختلفة. إن ما دفعنا إلى طرح هذا السؤال يجد مرتكزه في غياب التفكير في وضعية الجامعة والبحث الأكاديمي. فنحن لا نؤسس جامعات جديدة إلا لأننا نرى أن الجامعات القائمة لم تعد تستجيب للطلب، أو أن هناك مناطق جغرافية نائية، بات يفرض اتساعها ضرورة توفرها على جامعة تستوعب الإمكانات التي باتت تعرفها، بسبب التزايد العمراني، أو فقط من باب رد الاعتبار إليها، والتقليص من تهميشها. كما أننا نفكر في إنشاء جامعات جديدة متى صارت إحدى الجامعات مركزا أو بؤرة لتجمعات مزعجة، فيكون الإنشاء لتفرقة ما تجمع، باعتماد المقاربة الأمنية.
حين لا تتوفر شروط تأسيس جامعة، في مدينة صغيرة مهمشة، بالمواصفات المطلوبة لإكراهات متعددة، تتعلق بالتأطير والإمكانات اللازمة للحصول على حد مقبول، يتم التفكير في إنشاء جامعات بمواصفات خاصة. وعلى سبيل التمثيل ظهرت، في المغرب، صيغة «الجامعة المتعددة التخصصات» في عدة مدن. تظل مثل هذه الجامعات تابعة في تسييرها لجامعة كبيرة في مدينة كبرى، وكأن الجامعة الأم أحادية التخصص؟
لا يمكننا، ونحن بصدد الحديث عن التخصصات إلا إعادة طرح السؤال السابق عن علاقة الجامعة بالتخصص مشفوعا بالتميز؟ فما هي أوجه الاختلاف والائتلاف بين كليتين للآداب، مثلا، داخل جامعة واحدة؟ وما الذي يميز هذه الكلية عن الأخرى؟ وما الذي يميز قسما للغة العربية وآدابها، داخل إحدى الكليتين عن نظيره في الكلية الأخرى؟ هل الفرق كامن فقط في الاسم الذي تحمله كل كلية؟ أم في الأطر التي توجد في إحداهما وتنعدم في الأخرى؟ أما في ما يتعلق البرامج والمواد والمقررات فنحن أمام تأكيد الائتلاف التام. وما قلناه عن كليات الآداب ينسحب على غيرها من الكليات، انسحاب ذلك على الكليات الخاصة، أيضا، مع فارق أن هذه الكليات الخاصة لها قدرة على ترويج أسماء مواد بمسميات «عصرية»، أو تدعي تميزها بإعطاء قيمة كبرى للغات الأجنبية.
لا شك في أن وحدة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، ومقرراته وبرامجه تفرضها ضرورة تكوين أجيال موحدة التكوين، وذات أرضية مشتركة تتعلق بامتلاك المهارات الأساسية حول توظيف اللغة كتابيا وشفاهيا، واستيعاب المعلومات والمعارف المتصلة بالثقافة الوطنية والقومية ومعارف العصر المختلفة من علوم وآداب. لذلك لا يمكننا طرح سؤال التميز بخصوص هذا التعليم. لكن التميز يصبح فارضا نفسه على المستوى الجامعي، لأن من شروط هذا التكوين «البحث» الذي لا يمكن أن نتحدث عنه إلا في علاقته بالاختلاف والتميز. ولكي يتحقق ذلك لا بد أن تكون لكل جامعة أو كلية أو معهد خصوصية على مستوى التخصصات والمواد والمقررات. لا يتعلق الأمر هنا بالتخصصات بالمعنى العام للكلمة، الذي نميز من خلاله بين «كلية المهندسين» مثلا، و»كلية الحقوق»، ولكني أقصد داخل كل كلية في تخصصات ما نجد تخصصات خاصة تتميز بها كلية عن أخرى. ويكون تعليمنا في الثانوي مؤهلا لتوجه الطلاب نحو التخصصات الخاصة، التي يودون الاشتغال في نطاقها. أما في انعدام هذه الرؤية تظل جامعاتنا في تعددها عبارة عن جامعة واحدة.
تتميز الجامعات الدولية التي تسهم في تطوير المعرفة، وليس في تداول المعلومات، بكونها «مدارس متميزة» لها خصوصيتها في الاختصاص الخاص الذي يطوره الباحثون، الذين تجمعهم هواجس مشتركة. ولذلك نجد كبريات الاتجاهات الفكرية والتيارات التي تغني المعرفة الإنسانية، وليدة جامعات تعمل من أجل الخروج عن النمطية الجامعية المعروفة. هل لنا أن نذكر «مدرسة باريس»، أو «كوبنهاغن»، أو «تارتو» في السيميائيات واللسانيات؟ إن مختلف هذه المدارس وليدة جامعة معينة، وقد يسهم فيها باحثون من جامعات أخرى. وبذلك يمكننا القول إن التميز الذي تعرفه جامعة ما لكي تتحول إلى «منارة» ذات إشعاع عالمي، هو وليد الخروج عن «الجامعة» بمعناها التقليدي. ولا يمكن لجامعة ما أن ترقى إلى هذا المستوى إلا بانطلاقها من تأسيس تقاليد جديدة في البحث والاشتغال، وباحتوائها على رجالات همهم الأساس هو تطوير المعرفة والبحث.
قد يتساءل البعض: كيف يمكننا الحديث عن التخصص داخل أقسام الأدب، مثلا، في زمان «تعدد الاختصاصات»؟ وجوابي البسيط عن هذا السؤال الجدير بالطرح هو أن التعدد يجب أن يكون بعد أن تتحقق الوحدة في التخصص، وإلا فنحن أمام فوضى تخصصية، وليس تداخل أو تعدد الاختصاصات. بخصوص النحو العربي القديم تميزت مدرسة البصرة عن الكوفة عن قرطبة، وكان لكل منها إسهامها في تطوير هذا العلم. هل يمكننا الآن الحديث عن «مدارس» تتصل بالبحث في أي موضوع في الجامعات العربية؟ هذا هو المقصود بالسؤال المتعلق بالتميز.
٭ كاتب مغربي
سعيد يقطين
عنوان مهم ومحاور مهمة يا د. سعيد يقطين وأضيف لا يمكن قيام أسرة أو شركة أو دولة بدون ثقافة الـ نحن والتي تشمل ثقافة الـ أنا (الرجل) وثقافة الـ آخر (المرأة)، لكن قبل ذلك من هو أهم الإنسان أم المنهاج أم البناء في أي عملية تعليم وتأهيل وتدريب؟ وقبل ذلك سؤال هل الإنسان هو الأصل أم الدولة أو الشركة أو الأسرة؟ هل الوظيفة هي الأصل أم الدخل الناتج منها، أم الاقتصاد هو الأساس، لأن بدون دخل من وظيفة ذو عائد اقتصادي لا يمكن بناء أسرة أو شركة أو دولة.
الإشكالية التي فضحتها العولمة وأدواتها الاقتصادية، في كل مناهج التعليم والتأهيل والتدريب للموظف في دولة الحداثة، هي عقلية المساواة بين الرجل والمرأة، وهذه أدّت إلى أن نتائج إنتاج أي وظيفة انخفضت، بسبب الدلع والعند الذي سيزداد عن توافر الرجل والمرأة في أي حيّز أو سياق، في دول مجلس التعاون الخليجي وجدت حل لها من خلال قانون الكفيل والكفالة، فلذلك أي مسؤول يظن محاربة الأجنبي والعمل على طرده هو الحل سيكون هو جزء من الإشكالية
والكثير لا يستطيع تمييز الفرق بين مفاهيم الحوكمة الرشيدة ومفاهيم الإدارة الجيدة، ومثال عملي على ذلك الاستفزاز وبأسلوب ليس فيه حشمة، فالنقد شيء والتهريج أو المسخرة شيء آخر، ومن وجهة نظري هذا دليل على السفاهة لزرع الفتنة عن عمد وقصد في المجتمع، وهذا ما لاحظت إشكالية منتشرة بين أهل اليمن أو الأردن أو المغرب أو الهند أو إيران أو مصر كنوع من الفرعنة، خصوصا عند النساء من أجل جذب انتباه رجل ما، أو رجل ما من أجل جر انتباه امرأة ما، في وسائل الإعلام بلا حياء ولا خجل فيتم اهدار موارد الدولة الاقتصادية على أشياء تافهة بحجة فلان يريد جر انتباه فلانة على حساب تهديد الأمن والسلم الاجتماعي، فمن يضحك على من هنا؟ يا ستي بدك تركبيه روحي اركبيه بعيد عن ديننا وأخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا، فهذه ليست مهنية وليس لها علاقة بأي وظيفة، لها عائد اقتصادي للإنسان والأسرة والشركة وبالتالي الدولة، خصوصا وأن مفهوم المنافسة في أجواء العولمة، يختلف عن أسلوب المنافسة داخل حدود دولة الحداثة، حيث الواسطة والمحسوبية والرشوة هي الأساس للفوز بعقد أي وظيفة حتى لو كانت للآلة (الروبوت) بسبب الفساد حتى في دول مجلس التعاون الخليجي عند تطبيق الحكومة الإليكترونية للوصول للحوكمة الرشيدة حسب تعليمات البنك الدولي لكل دولة طلبت قرض منه بعد انهيار الاتحاد السوفييتي
موضوع هام و أساسى…….مشكلة الجامعات فى عالمنا العربى هى “العقلية” السائدة المبنية على ثقافة التلقين لا التنوير……..لا مجال (كى لا أقول “لا يجوز”) الخروج عن السرب……فى كل المجالات……النتيجة باينة للعيان….