القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 23 أغسطس/آب الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع عدد من الوزراء لبحث خطط الحكومة في الاستعداد لعيد الأضحى المبارك، وتأمين البلاد من أي عمليات إرهابية تفسد احتفالات المواطنين به.
وكذلك استعدادات مختلف الوزارات له بتوفير أماكن في القطارات للمسافرين لمدنهم، خاصة في الصعيد. وحالة الطوارئ في المستشفيات وإعداد الحدائق والمنتزهات، وتوفير اللحوم في المجمعات الاستهلاكية بأسعار أقل من السوق، وهو ما يعكس حقيقة أنها قضية تهم الأغلبية. كما اجتمع الرئيس مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ونقل إليه ما لمسه أثناء زياراته الأخيرة للدول الإفريقية الأربع من إشادات بالأزهر ودوره، وطالبه بالاستمرار في تجديد الخطاب الديني، وواضح أنه أراد دعم شيخ الأزهر، ونفي أي شبهة بوجود مشكلة بين الأزهر ومؤسسة الرئاسة. كما اهتمت الصحف بجولة وزير الخارجية سامح شكري في دول البلطيق، ليتوانيا ولاتفيا واستونيا لطلب تأييدها لمرشحة مصر السفيرة مشيرة خطاب لرئاسة اليونيسكو، والمعروف أن هذه الدول كانت ضمن جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، قبل أن يتفكك أيام الرئيس غورباتشوف. وكان الرئيس السوفييتي جوزيف ستالين قد احتلها عندما بدأ هتلر الحرب العالمية الثانية ضد بريطانيا وفرنسا ووقع معاهدة مع ستالين ثم قام هتلر عام 1942 بمهاجمة الاتحاد السوفييتي. كما أبرزت الصحف صلاة الأقباط في الشوارع أمام منازلهم احتفالا بالليلة الختامية من صوم السيدة العذراء بحماية من جيرانهم المسلمين والشرطة. وتعرض سيدة قبطية في الإسكندرية للطعن بالسكين بعد أدائها الصلاة. ومطالبة السيسي بالتدخل لوقف تحريض شخصيات معروفة في المنيا ضد الأقباط، ورئيس لجنة التعليم القبطي في بيت العائلة ينفي وجود حقبة قبطية في التاريخ المصري. واستمرار التأييد الضعيف للرئيس التونسي والهجوم الكبير ضده ووصف المؤيدين له بأنهم أخطر من «داعش».
كما ذكرت الصحف زيادات كبيرة في كميات الأمطار المتساقطة على السودان وزيادة مخزون المياه في بحيرة ناصر خلف السد العالي ومقالات عن المرحومين رفعت السعيد ومحفوظ عبد الرحمن.
أما الموضوعات التي كانت أكثر اجتذابا لاهتمامات الأغلبية فلم تتغير وهي الأسعار وزياداتها المستمرة، لدرجة أن رسام «الأهرام» فرج حسن أخبرنا أنه ذهب لزيارة قريب له فسمعه يصرخ هو زوجته، لأنه أثناء سماعه نشرة الأخبار في التلفزيون عن الأسعار خرجت نيران من الشاشة ما دفع المسكين إلى القول لزوجته: لما الدنيا تبقي مولعة كدا ما تفتحوش نشرة الأخبار. وكذلك الاهتمام بالعام الدراسي المقبل ومصروفات المدارس والحج ووقفة عرفات.
وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة..
تقديس الحاكم الأوحد
«لا يوجد حاكم ليس له بديل سوى في أوهام الدول التي يحكمها شخص واحد. هذا رأي الكاتب فراج إسماعيل في «المصريون» فعادة تنشأ أوهام غياب البديل على تقديس الحاكم الأوحد الذي يملك كل شيء في يده، فهو الضمان لاستمرار الدولة والأمن والأمان لها، ولا سبيل سوى أن يحكم إلى الأبد. لكن هذه الأوهام لا تقول لنا.. ماذا سيكون الوضع لو تدخلت عوامل غير بشرية فغاب القائد والزعيم. لا خلاف على أن الأعمار بيد الله وكل نفس ذائقة الموت، لا فرق في ذلك بين مواطن عادي، وقائد فذ مسيطر «مكوش»، عظيم القدر والمكانة. غاب عبدالناصر فجأة مساء 28 سبتمبر/أيلول 1970 فظن الشعب المصري كله أنه انتهى وتيتم وستنهشه الذئاب وتتوقف حياته. لكنها أوهام ماتت تباعا في ظل بديل جديد بفلسفة حكم مختلفة وتفكير أكثر مرونة. ولم يمض وقت حتى تكلم الصامتون بعيوب عبدالناصر وانحرافات أجهزته وفساد نظامه. استيقظ الناس على أكذوبة الحاكم الأوحد، الذي تتوقف الدنيا بتوقف قلبه عن الحياة.
مبارك قامت دعايته طوال 30 عاما على أنه بلا بديل، وحتى ساعة تنحيه كان يزعم أن الشعب ليس أمامه إلا أحد خيارين.. هو أو الفوضى. البدائل دائما متوفرة وقد تكون أفضل بكثير، لكن الدعاية المضللة والتطبيل لحكم الفرد تحجب الشمس عنهم فلا يظهرون. الطريقة الوحيدة لاكتشاف البدائل هي الديمقراطية وصناديق الانتخابات وإطلاق الحريات. استغرب أن الدعاية الحالية تروج أيضا بأنه لا بديل للرئيس عبدالفتاح السيسي، وعلينا الانتظار في ظل الظروف الحالية غير المستقرة، مع أنه في عام 2011 كانت الظروف أسوأ بكثير، ولم يكن السيسي معروفا، بل إن الناس سمعت عنه لأول مرة عند إعلان اسمه وزيرا للدفاع. ليست هناك مدرسة لمنصب رئيس الجمهورية يتخرج فيها من يترشح له سوى مدرسة الممارسة السياسية بواسطة الأحزاب أولا، والمجالس المنتخبة وفي مقدمتها البرلمان، والإعلام الحر المتحرر من كل قيود السلطة. خنق المناخ السياسي واختيار الحكومة كلها من التكنوقراط من رئيسها إلى أقل وزاراتها أهمية، هو بمثابة خنق لأي تفكير في التغيير وتداول الحكم. في النظم الديمقراطية رئيس الحكومة السياسي هو مشروع بديل، والوزير السياسي مشروع بديل، وكذلك رؤساء الأحزاب، وحتى رئيس البرلمان. في مصر الراهنة لا شيء من ذلك. نسينا أن هناك أحزابا. شخصيا لا أتذكر منها حزبا واحدا، فقد تماهت خلف «الاتحاد الاشتراكي العربي».. أقصد ائتلاف دعم مصر».
مصلحة الوطن والمواطن
ومن «المصريون» إلى «البديل» ومقال أشرف البربري الذي تناول فيه مسألة البديل أيضا قائلا: «لما كان تاريخ مصر كله مرحلة حرجة ممتدة بلا نهاية، ولما كان رئيس مصر، أي رئيس، هو دائما بلا بديل ولا منافس لأن الله يغرس حبه في قلب شعبه يوم أدائه اليمين الدستورية، ولما كانت الانتخابات تتكلف أموالا طائلة وظروف مصر الاقتصادية لا تسمح بها، وما دمنا فتحنا ملف تعديل الدستور، خاصة مواد فترة الرئاسة فلماذا لا نفكر خارج الصندوق، ليكون التعديل المرتقب ثوريا، جامعا، مانعا ويراعي خصوصية مصر وشعبها، فيتم تعديل نص المادة 140 من الدستور التي تقول «ينتخب رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة»، فتصبح «ينتخب رئيس الجمهورية مرة واحدة ليستمر مدى الحياة فلا يترك منصبه إلا بثورة شعبية أو بإرادة إلهية». بهذا النص الثوري الجديد نضمن لمصر أقصى درجات الاستقرار الذي نحتاجه لتستمر عجلة التنمية في الدوران، ويتواصل البناء والإنجاز ونحافظ على مكانتنا العظيمة التي حققها لنا رؤساؤنا السابقون، الذين طبقوا هذا النص الذي لم يكن مكتوبا، فلم يغادر أحد منهم المنصب إلا بموت أو باغتيال أو بثورة. بالتأكيد هذا التعديل لن يكون هينا وتسويقه لن يكون سهلا في ظل وجود قلة مندسة من الأصوات التي تتحدث بدون وعي أحيانا، وبدون وطنية في أغلب الأحيان عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ويتجاهلون المقولة العظيمة «عندما يكون الأمن القومي لبريطانيا (أقصد مصر) في خطر فلا تحدثني عن حقوق الإنسان». لكن الرهان يظل على تلك الأغلبية المخلصة من النواب الذين يضعون مصلحة الشعب والمواطن فوق كل اعتبار، بل وفوق مصلحة الرئيس نفسه. هذه الأغلبية قادرة على قبول التحدي وتبني هذا التعديل الثوري الذي سيجبر أي رئيس للجمهورية على البقاء في منصبه من أجل صالح مصر حتى لو لم يكن هو نفسه طامعا في السلطة أو عاشقا لها. مصر لها خصوصيتها، فلا يجتمع تحت سمائها شخصان صالحان لتولي منصب الرئاسة، ولا يظهر فيها من ينافس الرئيس أو يصلح ليكون بديلا له، مادام الرئيس على عرشه، لذلك فالكلام عن انتخابات رئاسية أو حتى استفتاء على تجديد فترة الرئاسة، هو نوع من العبث وإهدار للوقت والجهد والمال. فالشعب لن يختار إلا الرئيس ليكون ويستمر رئيسا ولن يسمح بظهور منافس أو بديل. كما أن خصوصية مصر، تضمن لها دائما انتخابات سابقة التجهيز، فلا يكون فتح لجان الاقتراع وغلقها وتسويد البطاقات إلا أمور شكلية لا تقدم ولا تؤخر، خاصة وأن الأصل في الانتخابات المصرية أنها بدون ناخبين، وبالتالي فإن تمسك البعض بضرورة إجراء انتخابات رئاسية أو حتى برلمانية على فترات، طالت هذه الفترة أو قصرت، هو نوع من العبث بمقدرات البلاد وإهدار للموارد في ما لا طائل منه. أخيرا، نقول قد لا يكون الدستور مقدسا، ونصوصه ليست عصية على التعديل، لكن الرئاسة يجب أن تكون مقدسة فلا يقترب منها أحد لا بانتخابات ولا باستفتاء، حرصا على الاستقرار واستمرار التنمية ومواصلة الإنجازات التي تبهر الدنيا، حتى لو لم نشعر بها نحن، فقد يشعر بها أبناؤنا وإذا لم يشعر بها الأبناء قد يشعر بها الأحفاد وربما أحفاد الأحفاد، فهذا لا يهم، المهم ألا نصبح زي سوريا والعراق».
فتنة تعديل الدستور
وإلى فتنة تعديل الدستور التي يطالب بها بعض أعضاء مجلس النواب ومنهم إسماعيل نصر الدين الذي نشرت له «الشروق» أمس حديثا أجراه معه محمد فتحي قال فيه: «أي دستور يجب أن يكون حلا لمشاكل المجتمع، وإذا وجدنا أثناء تطبيقه أن هناك بعض المواد التي تحتاج إلى تعديل لتواكب الواقع الذي نعيشه فيجب أن تعدل، فالدستور ليس قرآنا ولا إنجيلا، وقابل للتعديل وهذه سنة المواد التشريعية. كما أن الدستور الحالي كتب في ظروف استثنائية ضغطت على الصفوة الذين تم اختيارهم لإعداده، وهو ما أدى إلى وجود مواد تحتاج إلى تعديل. ومن خلال موقعي كنائب رأيت أنه يجب أن نعدل بعض المواد، خاصة بعد أن وجدت نحو 34 ألف قانون منها 20 ألفا مرّ عليها ما يزيد عن 50 عاما، لذلك نحتاج إلى بناء دولة على أسس قوية. ويجب أن نسعى لبناء قوانين تواكب طموح الشعب للتقدم للأمام. فأنا لم أعمل في أي وظيفة حكومية ولا يوجد لديّ متر من أراضى الدولة، ولم أدع إلى أي احتفالية من الرئاسة، ولم أقابل السيسي شخصيا حتى الآن. الدستور تم تطبيقه وهناك تناقض كبير في كلام المهاجمين للتعديلات، فالدستور منذ تاريخ صدوره قابل للتطبيق، وحتى الذي لم يطبق والخاص على سبيل المثال بالنسب المخصصة للصحة والتعليم، فالوضع الاقتصادي فرض ظروفا معينة لا يمكن معه توفير هذه النسب، مع أنها وجوبية. والبلد مشكلته الاقتصادية أكبر من أن يتحملها. الرئيس يجب أن يضع خطة للنهوض بالمجتمع وحل مشاكله، واتضح من خلال القواعد العلمية أن الدول النامية لا يصلح معها إلا الخطط الخمسية، فإذا كانت الخطة التي تصلح لمجتمعنا 5 سنوات وأنا أعطي للرئيس 4 سنوات فقط، وهو ما يعني أن الرئيس «فشل» أو ضحك على الناس، وهذا سيؤدي إلى كوارث مثل الموجودة في الوقت الحالي. اليوم كل الأسر المصرية تعاني لأن لدينا رئيسا متحمسا ومهتما أن يعمل حاجة لخدمة هذا البلد، ويبذل جهدا خارقا لكن طبيعة المجتمع لا تتحمل هذا التسارع الكبير، كما أن تكلفة الانتخابات كبيرة، حيث تتكلف نحو 4 مليارات جنيه، يعني مليارا كل سنة، ممكن أن أستغل هذه الأموال في تمويل المشروعات، والمحظور فقط هو الاقتراب من عدد فترات الرئاسة التي حددها الدستور بفترتين، لكن الدستور لم يحدد طول المدة، وهذا ما أفاد به أكبر أساتذة القانون الدستوري، وعلى رأسهم الدكتور صلاح فوزي الذي قال: «إن هذه الجزئية بالذات لا غضاضة فيها ويمكن أن ينص على أن المادة تكون 6 سنوات، طالما لم نقترب من عدد فترات الرئاسة»، بالإضافة إلى أنه خلال إعداد الدستور كان هناك مقترحان الأول أن تكون فترة الرئاسة 4 سنوات، والآخر أن تكون 5 سنوات، وكانت النسبة متقاربة جدا في التصويت من جانب أعضاء لجنة الخمسين الذين شاركوا في إعداد الدستور على المقترحين».
إضراب عمال المحلة
لا تزال ردود الأفعال على الإضراب الذي قام به عمال مصانع شركة المحلة تتوالى، وكان رد فعل هاني عسل في «الأهرام» غاضبا وكتب مقالا عنه تحت عنوان «حديث الإضراب والغلابة»: «طيب أنا طبقة وسطى ما هو ذنبي أن أتحمل وزر غيري؟ لماذا وأنا دافع للضرائب وملتزم بكل ما عليّ من واجبات تجاه الدولة أتحمل سداد 50 مليون جنيه فاتورة إضراب السادة الأفاضل عمال هذا المصنع أو ذاك؟ لماذا الإضراب حق مشروع؟ ومن قال ذلك؟ ومن يتحمل هذا؟ وهل مصر لديها رفاهية ألمانيا وكندا وبريطانيا التي تجعلها تتحمل بين الحين والآخر فاتورة تقدر قيمتها بملايين الجنيهات، بسبب إضرابات مرة في المحلة، ومرة في شبين، ومرة في المطار ومرة مش عارف فين؟ ما معنى أن نضرب عن العمل خارج القانون؟ ولماذا يعتقد بعضنا أنه فوق القانون؟ لماذا نكذب على أنفسنا؟ ولماذا نخدع أنفسنا؟ لماذا نشارك في صناعة الكسالى و«التنابلة» بأيدينا، ونزعم أننا بذلك ندافع عن حقوق الإنسان وعن الغلابة؟ ألسنا مجتمعا رأسماليا منفتحا على الاستثمار؟ أي استثمار هذا الذي يمكن أن يأتي إلى بلد تنفق فيه الدولة «دمها الحي» على مصنع خاسر؟ ولماذا يعمل المستثمر في هذا البلد؟ ثم إنني لا أفهم عن أي غلابة تتحدثون؟ عن موظف يتقاضى راتبا ولا يعمل؟ عن مصنع لا ينتج ولا يصدر ويتقاضى عماله رواتبهم من الدولة «تالت ومتلت» ورغم الخسائر يطالبون بالأرباح والعلاوات والحوافز؟ لماذا يتعين على الدولة تحمل فاتورة مصانع ومؤسسات خاسرة؟ وعشان حكاية «البعد الاجتماعي» ألا يكفي أن تتحمل الدولة رواتب هؤلاء؟ وإلا لازم «بقلاوة» و«مهلبية»؟».
سياسات الأجور
لكن رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق والخبير الاقتصادي عبد الفتاح الجبالي قدم تفسيرا آخر في مقاله الأسبوعي بعنوان «أحداث المحلة وسياسات الأجور» قال فيه: «على الرغم من عدم اتفاقنا التام مع ما جرى من أحداث في شركة المحلة الكبرى، خلال الفترة الماضية، فإننا نخشى أن يتم التعامل معها بالمنهج نفسه المطبق منذ سنوات، فهذه الأحداث ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، طالما استمر المنهج الحالي في العلاج، الذي يتناول العرض وليس المرض ـ فهذه الأحداث تتكرر سنويا مع إقرار الموازنة العامة، ومن ثم العلاوة الخاصة للعاملين بالجهاز الإداري، ومما زاد من تعقيد المشكلة القوانين التي صدرت أخيرا وأقرت علاوات خاصة للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية وغير المخاطبين به، فضلا عن علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية الصادرة بالقانونين رقمي 78 و79 لسنة 2017 ـ وهنا مكمن المشكلة اذ أن جميع العاملين في الدولة سواء في المحلة الكبرى أو غيرها من الشركات يعانون المعاناة نفسها من التضخم وارتفاع الأسعار، وبالتالي يرون انهم يستحقون المعاملة نفسها. ومن المفارقات أن القانون رقم 16 لسنة 2017 الذي قرر منح العاملين غير المخاطبين بالخدمة المدنية علاوة خاصة بما لا يجاوز 10٪ من الأجر الأساسي، قد نص في مادته الثالثة على منح هذه العلاوة للعاملين في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، بينما في علاوة الغلاء الاستثنائية الصادرة بالقانون رقم 79 لسنة 2017 لم ينص على ذلك صراحة (وكانت هي الأولى بالنص وليس العكس نظرا لطبيعتها) مع الأخذ بالحسبان أنه ومنذ تطبيق نظام العلاوات الخاصة في عام 1987 ظلت تضع العاملين بالقطاع العام جنبا إلى جنب مع العاملين في الدولة، حتى عام 1992 حيث استبعد العاملون في هذا القطاع نتيجة لصدور القانون رقم 203 لسنة 1991».
مشاكل وانتقادات
وإلى المشاكل والانتقادات وأولها المشكلة التي حدثنا عنها في «الوطن» أحمد عاطف وحسن صالح في الصفحة الأخيرة بعنوان «كشك صاج يشوه ميدان عبد الناصر في طحانوب كله إلا الزعيم» قالا فيه: «أغرب ما يمكن أن يتعرض له تمثال شخصية تاريخية في ميدان عام هو ما حدث في قرية «طحانوب» الأسبوع الماضي، حيث سمحت الوحدة المحلية في القرية بإقامة «كشك» من الحديد والصاج لبائعة خضراوات تُدعى «بسيمة» أمام تمثال جمال عبدالناصر في مدخل القرية، ورغم الأهمية التي يحظى بها عبدالناصر في وجدان أهالى القرية التابعة لمركز شبين القناطر في القليوبية فإن الوحدة المحلية لم تمانع في إنشاء «الكشك» الذي حجب التمثال وشوه الميدان، ولم يكلف المسؤولون أنفسهم بالبحث عن مكان آخر لإقامته، بزعم أن صاحبته اعتادت الجلوس بـ«فرشة خضار» أمام التمثال، ومعها موافقة من المحافظ. وتقدم الأهالي بشكوى لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومحافظة القليوبية ومسؤولي المحليات لوقف «جريمة التعدي على أملاك الدولة في مدخل القرية» وطالبوا بنقل الكشك ومحاسبة مسؤولي المحليات، وأكدوا استعدادهم لإقامة دعوى قضائية حال بقاء هذا الوضع الشاذ. وقال محمد إبراهيم من أهالي القرية: إن الإهمال مسؤولية الوحدة المحلية التي تقع على بُعد خطوات من التمثال. وأضاف أن ما صنعه جدودنا وفاء لعبدالناصر لن نسمح بمحوه أو تشويهه. وقال أحمد رافع محام: المحافظ هو المسؤول الأول عن التدخل لإنهاء هذه المهزلة، مؤكدا أن الأهالي غاضبون من الإساءة للزعيم بهذه الصورة المهينة وينتظرون تصحيح الأوضاع قبل اللجوء للقضاء».
تدهور أخلاقي
وما دام الأمر كذلك فلم يكن عجيبا أن يقول شريف عابدين في «الأهرام» في عموده «في المواجهة» ما أصاب المصريين في أخلاقهم التي تدهورت وقال عنها: «لفت نظر أكاديمي ماليزي دأب على حضور محافل عربية تغيرا سلبيا في سلوك الأكاديميين المصريين عند مشاركتهم في مؤتمرات في الخارج. أهم ما لمسه الرجل أن معظم الأكاديميين المصريين لا يميلون عادة إلى الإنصات للآخرين، وأن حديثهم عن ذواتهم يغلب على الحديث عن الموضوع، وأنه ليس لديهم حرج في الحديث عما يعرفون أو لا يعرفون. ويتابع الأكاديمي الماليزي أن أكثر ما أزعجه في حديث هؤلاء أنهم يعتبرون الخلاف في الرأي خصومة شخصية. ولا يعترفون بالخطأ ويغلب عليهم طرح آراء مداهنة بدون إبداء رأي واضح في مسائل تحتمل الاختلاف والاتفاق، خشية فقدان ميزة أو مصلحة مع الطرف الآخر. ويتساءل الرجل: هل هذا سلوك خاص يرتبط بفئة اجتماعية بعينها؟ أم هي مواصفات شعب في حقبة تاريخية معينة؟ من وجهة نظري أرى أن تلك السلبيات لا تقتصرعلى فئة بعينها، بل أصبحت قاسما مشتركا في مدونة سلوك المصريين بكافة تقسيماتهم الاجتماعية والاقتصادية. وأرى أن ثورة يناير/كانون الثاني (المتهمة دائما) ليست مسؤولة وحدها عن ظهور هذه السلبيات السلوكية وإن كانت وراء اشتعال جذوتها».
صلاة الأقباط
وننتقل إلى الأقباط حيث مرت احتفالاتهم في محافظة المنيا بسلام بدون أي تعرض لهم من المشتددين، ونشرت «المصري اليوم» تحقيقا من «عزبة الفرن» لسعيد نافع وتريزا كمال جاء فيه: «احتفل الأهالي الأقباط في عزبة محمد موسى الشهيرة بـ«عزبة الفرن» التابعة لمجلس قروى أبيوها في مركز أبوقرقاص في المنيا بقداس عيد العذراء، في الليلة الختامية من صوم السيدة العذراء، مفترشين أحد الشوارع أمام منازلهم بأمان، وسط أجواء من البهجة، بدون أي اعتراضات أو مشاحنات من جيرانهم المسلمين في القرية. وأكد الأنبا مكاريوس الأسقف العام للمنيا أن المسلمين من أهالي عزبة الفرن لم يسبق لهم أن اعترضوا في أي وقت من الأوقات على صلاة إخوانهم من أقباط العزبة، في أي مكان. لافتا إلى أن علاقة ود وعشرة وجيرة طيبة تجمعهم بالمسلمين، عكس ما أشيع في عدد من وسائل الإعلام بأنهم معترضون على إقامة صلوات الأقباط في العزبة. وقال إن الأقباط الذين منعتهم قوات الأمن من الصلاة داخل المكان المخصص لذلك تنفيذا لتعليمات مسؤول أمني صلوا في شارع في القرية بأعداد أكبر، ولم يعترضهم الأهالي، ولم يحتج المسلمون كما زعمت أجهزة الأمن. وأضاف مكاريوس: «كان الأحرى بالأمن أن يتركهم يصلون في مكانهم مادام استطاع أن يحميهم في الشارع، وقد رد إخوتنا المسلمون بقوة على ادعاء البعض بأنهم معترضون وغاضبون من صلاة الأقباط. وستظل صور أقباط قرية الفرن دليل إدانة للمتعنتين ودليل إصرار على الصلاة في أسوأ الظروف»، مشيرا إلى أن السواد الأعظم من الأقباط والمسلمين يعيشون في ود وسلام، وكشف عن وجود 12 مكانا مغلقا ومخصصا لصلاة المسيحيين و70 قرية وعزبة بدون دور عبادة للأقباط، مطالبا بضرورة قيام أجهزة الدولة بتنفيذ الدستور والقانون في إنهاء تراخيص دور العبادة للأقباط وقال عدد من أهالي العزبة، إن نائبا سلفيا سابقا حاول إثارة الفتنة بين أبناء العزبة، والدفع بمواطنين لتقديم بلاغات إلى الأجهزة الأمنية بقيام أقباط بالصلاة داخل منزل شخص يدعى عبده يونان، بدون الحصول على ترخيص مؤكدين تولى النائب السابق رئاسة جمعية أهلية في مركز أبوقرقاص لا يعرف المسؤولون بالتضامن الاجتماعي مصادر تمويلها».
كما نشرت «المصري اليوم» تحقيقا من الإسكندرية لنبيل أبو شال وناصر الشرقاوي ورجب رمضان عن تعرض السيدة آمال عوض للطعن بالسكين بعد خروجها من الكنيسة.
نعيش في العصور الوسطى
أما عماد جاد في «الوطن» فكان رأيه كالتالي: «على الرغم من أن الغالبية الساحقة من المصريين ينتمون إلى أصل عرقي واحد، وأن الدستور المصري منذ دستور 1923 ينص صراحة على المساواة بين المواطنين أمام القانون، وألا تمييز بينهم بسبب الأصل أو العرق أو اللغة أو الدين، فإن الواقع المصري يقول غير ذلك، بل إن ما يُمارَس اليوم من تمييز بين المصريين على أساس الدين والطائفة بات يجرح وجه مصر ويشوه صورتها في العالم ويجعلها من الدول المصدّرة للدواعش، فكرا وبشرا. فما نحصده اليوم من ثمار مُرّة تتمثل في انتشار الفكر المتشدد وصولا إلى اعتناق البعض للفكر الداعشي، إنما هو نتاج ما زرعه النظام المصري على يد السادات منذ بداية السبعينيات، وما نشره من فكر متطرف ومتشدد وتشويه للآخر، عبر وسائل إعلام الدولة ومنابر المساجد وكتب صفراء، أعيدت طباعتها بكثافة حتى وصلنا إلى مرحلة عشّش فيها هذا الفكر فى مؤسسات الدولة المصرية، لاسيما الأجهزة التنفيذية والبيروقراطية، فالجميع يعلم تماما أن هناك أجهزة سيادية حساسة يُمنع المصريون الأقباط من دخولها، وهو مؤشر جلي على تمييز الدولة المصرية بين مواطنيها على أساس الدين. كما أن ما يحدث من تضييق على بناء وإصلاح وترميم الكنائس أمر غير مقبول ويمثل إهانة لنا كمصريين، إنني شخصيا مع حرية الرأي والاعتقاد بشكل مطلق، كما ينص دستورنا الحالي، ولكنني أيضا مع حرية ممارسة الشعائر بشكل مطلق وليس لأتباع الديانات الإبراهيمية كما ينص دستورنا، فمن حق كل إنسان أن يعتنق ما يشاء ويصلي لربه أو إلهه بالطريقة التي يعتقد فيها. الفيصل هنا هو عدم الإزعاج وعدم تعطيل المنشآت أو تعطيل العمل أو الإساءة لغيره، فيما عدا ذلك فليس من حق الدولة إطلاقا أن تتبنى دينا أو طائفة، وإلا أصبحت دولة دينية، فالدول الدينية مثل السعودية وإيران وإسرائيل هي التي تتبنى دينا أو طائفة وتميزها على غيرها من الأديان والطوائف وتمنع مواطنيها من الإيمان بدين آخر أو طائفة أخرى.. باختصار، لا تقف على مسافة واحدة من كافة الأديان. دستورنا يقول إن مصر دولة مدنية، ورئيسها يؤكد مرارا وتكرارا على أن مصر دولة مدنية نتطلع إلى أن تكون حديثة، الدين فيها لله والوطن فيها لجميع المواطنين ولا تمييز بينهم، ولكن واقعنا يقول إن مؤسساتنا لا تزال مؤسسات دولة دينية أو بنيتها دينية، مؤسسات الدولة اتخذت لنفسها مهام دينية، والأكثر خطورة هو استمرار العقلية القديمة التي تنتمى للعصور الوسطى والتي تتمثل في التضييق على المغاير ومنعه من ممارسة شعائره الدينية. الأقباط مصريون أصلاء، لا ولاء لهم خارج حدود بلدهم، يعشقون مصر أرض الأجداد، يتحملون جرائم الإرهاب من طعن وقتل وتفجير كنائس وقنص واغتيالات ويصلون لأجل من يرتكب هذه الجرائم أن يهديه الله، ويقفون بكل قوة مع الدولة كما يفعل قداسة البابا تواضروس الثاني، فلا يجوز بعد كل ذلك أن يتعرضوا لظلم المؤسسات التى تميز ضدهم بل وتُخرج حملات أمنية فجرا لمنع أقباط قرية من مجرد أداء الصلوات وممارسة الطقوس دون إزعاج لأحد فهل صلاة الأقباط تزعج مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية؟ أتركوا الناس يمارسون عباداتهم وركزوا في مهامكم الحقيقية، ابتعدوا عن فكر وعقلية العصور الوسطى».
كيف يفكر السبسي
وننتقل إلى القضية الأشهر التي اطلقها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن مساواة المرأة بالرجل في الميراث ورأي محمود خليل في «الوطن» عنها: «لا بأس أن يناقش النظام التونسي بقيادة السبسي نظام المواريث في الإسلام، ويقدم فهما مختلفا لما هو شائع وموروث بين المسلمين في هذا السياق، ولا بأس أيضا من مناقشة زواج المسلمة من كتابي. من حق أي مجتمع أن يناقش التأويلات المتداولة للنصوص الدينية، ويقدم اجتهادا جديدا فيها، يتناغم مع روح العصر، وفي الوقت نفسه يحترم النص. وقد أحسن الأزهر صنعا حين عرض وجهة نظره في المسألتين اللتين أثارهما النظام التونسي، قناعة من شيخه الطيب بأنه لا جرم في مناقشة الرأي بالرأي ودحض الحجة بالحجة. إقدام أي مجتمع على مراجعة بعض المفاهيم السائدة لديه أمر صحي، لكن المسألة تختلف حين تمنح المؤسسة السياسية جل اهتمامها للتجديد الفكري، في الوقت الذى تهمل فيه استحقاقاتها الأساسية المرتبطة بتطوير وتنمية المجتمع. الارتقاء بمستوى معيشة الشعوب فرض عين على الأنظمة السياسية، في حين تظل مسألة التجديد الفكري فرض كفاية، إذا نهضت به المؤسسات المسؤولة بصورة مباشرة عنه، فعلى المؤسسة السياسية ألا تقترب منه، لأن ذلك يعني أنها تجتهد في «الغطرشة» على إهمالها في القيام بواجباتها الأساسية. على مدار الأشهر القليلة الماضية شهدت تونس العديد من المظاهرات التي تحولت إلى مواجهات بين المتظاهرين والأمن للمطالبة بحل مشكلات البطالة وتوفير فرص العمل، وعندما يتراجع أداء القطاع الصناعي في الدولة التونسية بالصورة التى يصفها «المعهد التونسي الوطني»، فمعنى ذلك أن السبسي لا يلتفت إلى المشكلة الأهم التي تواجه شباب بلاده، وهي مشكلة البطالة، ويلتفت إلى أمور يصح أن تنهض بعبئها مؤسسات أخرى من مؤسسات الدولة التونسية».
حسنين كروم