غزة ـ «القدس العربي»: عادت أجواء التوتر الحقيقية لقطاع غزة ومناطق الحدود، بعدما شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات جديدة على أهداف لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، ردا على إطلاق صاروخ جديد من قطاع غزة على أحد بلداتها الجنوبية. وفي خطوة غير معتادة أغلقت سلطات الاحتلال معبر بيت حانون «ايرز» إضافة إلى المعابر التجارية ومنعت مرور البضائع للسكان، في وقت نصب فيه جيش الاحتلال مزيدا من بطاريات اعتراض صواريخ المقاومة في مناطق الحدود.
وأغارت طائرات حربية إسرائيلية مجددا على موقع يتبع لكتائب القسام، يقع شمال قطاع غزة. وقالت مصادر محلية أن الهجوم استهدف «موقع فلسطين» التابع للقسام في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، دون أن يتسبب القصف في وقوع إصابات، غير أنه خلف أضرارا مادية في المكان.
وظلت طائرات حربية إسرائيلية مقاتلة تحلق على ارتفاعات منخفضة في ساعات ليل السبت وفجر الأحد، وأحدثت حالة من الخوف والهلع في صفوف السكان.
وهذه هي المرة الثالثة التي تشن فيها الطائرات الحربية الإسرائيلية، خلال العشرة أيام الماضية، في مشهد أعاد للأذهان جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال في الصيف الماضي، التي أسفرت عن استشهاد 2200 فلسطيني، وإصابة أكثر من 11 ألف آخرين، غالبنهم من النساء والأطفال، على مدار أيام الحرب الـ 51 يوما.
وعقب الغارات الليلية استهدفت قوات الاحتلال في ساعات صباح أمس، المزارعين على الحدود الشرقية للقطاع، ما أجبرهم على ترك الحقول والعودة إلى منازلهم خشية على حياتهم.
وقال ناطق عسكري إسرائيلي أن الهجوم على موقع عسكري لحماس، جاء «ردا على إطلاق قذيفة صاروخية على أراضي المجلس الإقليمي ساحل أشكلون». وأشار إلى أن سقوط القذيفة التي أطلقت من قطاع غزة، لم يوقع إصابات أو أضرار.
واستهدفت الغرات موقع القسام رغم أنه لم يتبن إطلاق الصاروخ، غير أن تل أبيب عادة ما تحمل حركة حماس المسؤولية عن أي هجمات من جهة غزة، كونها الجهة المسيطرة.
وتبنت جماعة سلفية على خلاف مع حركة حماس مسؤولية الهجوم، وهو الثاني خلال أسبوع، وسبقهم إطلاق صاروخ آخر لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه. وقالت الجماعة وتطلق على نفسها اسم «سرية الشيخ عمر حديد»، أنها أطلقت صارخا من طراز كاتيوشا 130 مساء يوم السبت.
وسبق أن أعلنت هذه الجماعة أن هجومها على إسرائيل، يأتي انتقاما من حركة حماس التي تواصل حملة الاعتقالات في صفوف ناشطيها، ومن ضمنها قتل أحد أفرادها الأسبوع الماضي. وطالبت حماس وقوات الأمن في غزة أن تطلق سراح أعضاءها المعتقلين في سجون غزة.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لموقع «واللا» إن هدف إطلاق الصواريخ الأخيرة من قطاع غزة، هو إشعال النار بين إسرائيل وحماس، من قبل هذا التنظيم المتشدد، أضاف إن مطلقي الصاروخ يريدون أن تقوم إسرائيل بمهاجمة حماس «ردا على عملهم».
ومع تكرار عمليات إطلاق الصواريخ من غزة، وعودة التوتر على طول الحدود الفاصلة، نصب جيش الاحتلال المزيد من بطاريات صواريخ «القبة الحديدية»، المتخصصة في اعتراض صواريخ المقاومة، وأعلن أمس عن نصب أحدها على مشارف مدينة تل أبيب، بعد أن كان سلاح الجو قد نشر ثلاث بطاريات أخرى في محيط بلدات أسدود وعسقلان ونتيفوت.
وكانت إسرائيل قد استخدمت هذه البطاريات في حرب الصيف الماضي، لاعتراض الصواريخ المطلقة من غزة.
وعقب إطلاق الصاروخ، قرر وزير الجيش موشيه يعالون، إغلاق معابر قطاع غزة. وأعطى أوامره للجيش بإغلاق معبري بيت حانون «إيرز» المخصص لحركة الأفراد والتجار، ومعبر كرم أبو سالم، المخصص لعمليات إدخال البضائع والسلع لسكان غزة المحاصرين.
واستثني من عملية الإغلاق الحالات الإنسانية من غزة التي تنوي السفر من معبر «إيرز».
وقال الوزير يعالون أن القرار بإعادة فتح المعبرين، سيتخذ وفقا لـ «اعتبارات أمنية» وتقييم الموقف، مؤكدا أن إسرائيل تعتبر حركة حماس مسؤولة عما يجري في قطاع غزة.
وقالت مسؤول في محطة توليد الكهرباء في غزة أن إغلاق المعابر، سيحدث خللا في جدول توزيع الطاقة، لعدم وصول وقود للمحطة.
ووصفت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عملية الإغلاق «عقاباً جماعياً»، وأكدت أنها تزيد من تفاقم أوضاع قطاع غزة الغارق في بحر الأزمات.
وكان الهدوء قد عاد مجددا إلى القطاع الأسبوع الماضي، بعد هجمات مماثلة، بناء على وساطة تركية تدخلت بين الطرفين، حسب تقارير إسرائيلية.
في السياق ذاته قال رئيس بلدية أشكلون ايتمار شمعوني، التي تعرضت للهجوم بأن «لحظة الحقيقة قد حانت بالنسبة للحكومة وبأنه حان الوقت لتغيير الواقع»، ويقصد بذلك طلبه من الحكومة منع إطلاق الصواريخ.
في حين قال رئيس المجلس الإقليمي «حوف أشكلون» أن سكان المنطقة «لن يقبلوا بان يكونوا رهينة بأيدي أي جهة في الجانب الآخر من الحدود.
من جهته طالب النائب المعارض في الكنيست الإسرائيلي عومير بار ليف، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بالإعلان أن قوات الجيش ستتوغل في قطاع غزة وتدمر الأنفاق التي تخترق الحدود. وحذر البرلماني الإسرائيلي من تدهور الأوضاع الأمنية في قطاع غزة وصولاً إلى انفجارها. وأبدى معارضته لما وصفها ب «سياسة الاحتواء» تجاه تزايد حالات إطلاق القذائف الصاروخية من غزة تجاه المستوطنات والمدن المحاذية للقطاع.
في غضون ذلك أجرى جيش الاحتلال مناورة عسكرية، في مناطق غلاف قطاع غزة. وشهدت المناورة تدريب قوات الجيش على عمليات تنفذها المقاومة الفلسطينية من خلال التسلل عبر الأنفاق لأحد بلدات إسرائيل الحدودية. وقالت تقارير أن التدريب يحاكي التسلل لكيبوتس «كرم أبو سالم» شرق مدينة رفح، ضمن خطة استخلاص العبر من الحرب الأخيرة على غزة.
وخلال التمرين نشطت حركة الآليات العسكرية الإسرائيلية على حدود تلك المنطقة، وانتشرت مدرعات على مقربة من السياح الفاصل.
وتخشى إسرائيل من استخدام نشطاء حماس للأنفاق الهجومية في أي حرب قادمة مع المقاومة، خاصة وأن نشطاء القسام نفذوا عدة هجمات عبر تلك الأنفاق التي حفروها على مقربة من الحدود في الحرب الأخيرة، وتمكنوا خلالها من إيقاع خسائر في الجانب الإسرائيلي.
وبعد انتهاء الحرب التي أعلنت إسرائيل أنها دمرت خلالها معظم الأنفاق الهجومية، عادت وأعلنت أن المقاومة تمكنت من جديد من ترميم الأنفاق.
أشرف الهور