■ «أسوأ الأخطاء هو الخطأ الذي لا ضرورة له». كان الرئيس التركي في أمس الحاجة للاستماع إلى هذه الحكمة العربية، قبل أن يتخذ قراره المتعجل والمتوتر بإسقاط الطائرة الروسية. إذ على عكس ما يزعمه الجانب الروسي، فإن هذا القرار ما كان ليكون ناتجا عن «تدبير مسبق»، أو خضع إلى أي دراسة متأنية حقا بالنظــــر إلى العواقب الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية الوخيمة التي ستنتج عنه، خاصة أنه لم ينتج عنه اي فائدة يمكن أن تعوض حجم الخسائر التي ظهرت بداياتها فعلا، لكن من الصعب حاليا تقدير حجمها النهائي.
وحسب تحليل لصحيفة «اندبندنت» البريطانية قبل يومين، فإن «تركيا التي استثمرت كثيرا في الرهان على إسقاط النظام السوري خلال السنوات الخمس الماضية، ربما تشعر بالغضب أو اليأس بعد أن قرر العالم اعطاء اولوية للقضاء على داعش»، إلا أن هذا بدوره لا يمكن أن يكون مبررا لقرار كهذا.
الواقع أن هذا «الخطأ التركي» ليس سوى حلقة جديدة من سياسات «شبه هستيرية» شملت إعادة اشعال الحرب الاهلية مع حزب العمال الكردستاني، سعيا لابتزاز المشاعر والاصوات القومية لتعديل نتيجة الانتخابات العامة، مرورا بشن اعتداءات حزب الشعوب الديمقراطي بما في ذلك محاولة لاغتيال زعيمه مؤخرا، ناهيك عن قمع كافة وسائل الاعلام المعارضة، وشن اعتداءات واعتقالات ضد الصحافيين المنتقدين للنظام، وهو ما أدى إلى تنديد واسع من المنظمات الحقوقية الدولية، بالاضافة إلى التشكيك في نزاهة الانتخابات. ولنتوقف هنا عند نقاط محددة في هذا المشهد الذي يزداد تعقيدا كل يوم:
اولا – يكمن السبب المباشر لهذا الخطأ التركي في أن التدخل الروسي الذي كان موضع خلاف واستهجان من البعض في البداية، أصبح بعد هجمات باريس في القلب من مشروع حرب عالمية ضد الإرهاب في سوريا والعراق، ويتمتع بغطاء شرعي من مجلس الأمن، في صيغة فضفاضة لقرار ينص حرفيا على أنه من حق كافة الدول «أن تفعل ما يلزم للقضاء على الارهاب في سوريا والعراق». وبالتالي فإن انقرة لم تعد صاحبة القرار الاول والاخير فيما يتعلق بحدودها مع سوريا.
ثانيا – أما اولى الخسائر التي تكبدتها تركيا استراتيجيا، فهي أن قرار القيادة الروسية بنشر منظومة الصواريخ اس 400 في قاعدة حميميم السورية يجعل عبور اي طائرة تركية للحدود السورية بمثابة قرار انتحاري، تترقبه موسكو للانتقام فورا، بل أن الاطماع التركية في اقتضام اراض سورية تحت زعم اقامة «منطقة عازلة» قد سقطت حتما مع الطائرة الروسية، إذ أن إقامة منطقة كهذه ستحتاج إلى حماية جوية تركية، وهو ما اصبح صعبا إلى مستحيل مع السيطرة الجوية الروسية الكاملة على الحدود المشتركة. اما على المستوى السياسي فإن تركيا قد تسببت باذى لحلفائها السوريين، اذ خففت الضغوط عمليا على النظام بشأن التوصل إلى «حل سياسي»، وهو ما جعل رئيس وزراء بريطانيا يصرح للمرة الاولى «ان القضاء على الإرهاب لا يمكنه أن ينتظر حلا سياسيا في سوريا».
ثالثا- يمكن فهم حجم الضرر الاستراتيجي الذي تسبب به «الخطأ التركي» بالنسبة إلى حلف الناتو، اذا تابعنا التصريحات الامريكية التي اعلنت، محقة، «القلق الشديد» اثر نشر تلك المنظومة الصاروخية الروسية الاحدث قبالة سواحل اللاذقية. فهذه لا تمثل تهديدا مباشرا لحدود تركيا فحسب، بل وحدود الحلف ايضا. ومن غير اسقاط الطائرة الروسية كانت موسكو ستجد صعوبة كبرى في تبرير اتخاذ قرار تحريك تلك المنظومة الخطيرة إلى موقع استراتيجي كهذا. وهكذ تمكن الدب الروسي من نقل معركته مع الحلف من شرق اوروبا إلى الساحة التي طالما كانت حديقة خلفية خاصة بالولايات المتحدة (قبل انسحابها)، ويملك فيها ترسانة ضخمة، كان واضحا منذ البداية انها أكبر كثيرا مما يحتاجه للقضاء على جماعات ارهابية مهما كان حجمها.
رابعا – تجاوزت عواقب هذا الخطأ حدود تركيا وحلف الناتو إلى بعض حلفاء انقرة في منطقة الخليج، اذ خرجت صحيفة روسية لتوجه تهديدات غير مسبوقة ضد دول خليجية باعتبارها حليفة لتركيا.
وبالنظر إلى أن اغلاق الحدود السورية التركية، أصبح مسألة وقت بعد أن أجمع على أهميته اللاعبون الرئيسيون دوليا واقليميا، فان تركيا قد تفقد تدريجيا القدرة على التأثير في الداخل السوري. وبالتالي قد تتراجع اهميتها بالنسبة إلى بعض حلفائها العرب الذين قد يختارون في النهاية الابقاء على مسافة منها، حرصا على عدم الانجرار إلى مواجهة مع روسيا، خاصة أن دولا عظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا كانتا قد سارعتا بالاعلان انهما ليستا شريكيتين في قرار اسقاط الطائرة لتبقى انقرة وحيدة عمليا في مواجهة العواقب.
وأخيرا فان القيادة التركية نفسها تقدر حاليا حجم الخطأ الذي ارتكبته وما قد يكلفها من عواقب، والا ما كانت هرولت نحو حلف الناتو طلبا للحماية فور اسقاط الطائرة الروسية، خاصة انها ليست في حالة حرب مع موسكو على اي حال. وحتى اذا صدقنا أن الطيار الروسي اخترق اجواءها لسبع عشرة ثانية، فما كان ذلك ليكون تهديدا مباشرا أو غير مباشر لامنها القومي. ولكن حكمة عربية اخرى تقول «يكاد المريب أن يقول خذوني».
اما احتدام هذا الصراع الذي يعيد رسم خريطة القوى الدولية والاقليمية فيحتم على العرب أن يعيدوا حساباتهم سريعا طبقا لمصالحهم في ظل معطيات هذا الواقع المتحول تحت ارجلهم، بدلا من التشبث بسياسات ثبت فشلها، أو بأوهام تدخل من «الحليف الامريكي» تحول عمليا إلى مجرد «مندوب علاقات عامة».
٭ كاتب مصري من أسرة «القدس العربي»
خالد الشامي
تحليل منطقي وواقعي بارك الله فيك
شكرًا لأردوغان تركيا تصرفت تصرف دولة ذات سيادة تحترم سيادتها واراضيها ومواطنيها وعندها كرامة وطنية
ان الغرب والشرق والشمال والجنوب هو الوحيد الذي يستثمر الحرب في سورية وكلهم كان متحفزا للهجوم على شعب سورية المكلوم ليريح اسرائيل مما هو ات بعد إسقاط بشار فلما قدمت لهم ايران داعش على طبق من ذهب لم يجدوا مناصاً من المشاركة والان يتسابقون كالمسعور نحو هذه المشاركة التي ستعود عليهم ان شا الله جميعاً بالخزي . اما تركية فان روسية هي الاشد حاجة للتعامل معها اقتصاديا. وليتأكد الجميع انها اذا فعلا اصرت على تطبيق مقاطعتها فستكون اشد خسارة من تركية .
لا اعتقد انها كانت المره الاولى للطيران الروسي في اجواء تركيا
فقد احتجت تركيا قبل اسبوعين على ذلك
مثل اسرائيل روسيا كانت ستستمر بالاستفزاز ولن تعدم سببا لفعل ما ستفعله تجاه تركيا
عندما استمعت الي ردود بوتين في الموتمر الصحفي مع رئيس فرنسا ادركت ان تركيا في ورطة كبيرة بعد ان قال بوتين انه لايثق في اردوغان ويتهمه بالصور يشجع داعش في بيع النفط الي تركيا وأقسم انه سوف يستخدم منظومة الصواريخ400 لاسقاط اي طائره تركيا تخترق سوريا اي يقيد تركيا داخل حدودها وتصبح شاهد فقط وليس لاعب في الأحداث علي حدودها وهذا قمة الاستهزاء لأردوغان وتركيا
شكرًا للقدس والكاتب المحترم علي هذا التحليل الموضوعي الراقي. نعم تركيا لم تحقق اي فائدة بل العكس تماما الغارات الروسية زادت عددا وعنفا والعالم كله نسي نظام بشار ويتحد لمحاربة داعش. اما منظومة آس ٤٠٠ فمعناها ان روسيا سيطرت علي سوريا والبحر المتوسط بالكامل كما جاء في المقال المهم. لكن اختلف مع نهاية المقال فالعرب لن يراجعوا سياستهم أبدا للأسف لأنهم واخدين الموضوع عناد مش مصالح يا أستاذ خالد.
حتى لو كان خطأ فهو في صالحنا
منظومة أس 400 الروسية لا تتفوق على منظومة الباتريوت الأمريكية الموجودة بتركيا لأن الباتريوت صاحب خبرة طويلة منذ حرب الخليج سنة 1991
أما الغضب الروسي فلن يتعد الحدود التركية
نصب منظومة أس 400 بسوريا هو في صالح تركيا 100%
فالناتو سيأخذ الأمور بجدية أكثر لاسيما أن جرح أوكرانيا لا زال مفتوحا
لقد وقعت روسيا بالفخ فحين يتقدم الثوار لمطار حميميم سيضربون منظومة أس 400 بصواريخ التاو كما فعلوا بالهليكوبتر الروسية قبل يومين
ولا حول ولا قوة الا بالله
ابداً.. كلكم تبالغون بشأن روسيا، تعرف حدودها جيداً، بحاجة ماسة للتكنولوجيا الغربية، اقتصادها يعتمد بشكل أساسي على تصدير النفط والغاز ولها خاصرة رخوة جداً في القوقاز المسلم الثائر الذي ينتظر شرارة الانفجار و من جهة جورجيا أوكرانيا الغاضبتين … ثقوا تماماً انها نمر من ورق… لا يغرنكم عنتريات و زعرنات بوتين .
تحليل منطقي هادىء يدل المعرفة العالية و المهنية الاحترافية ، و لكنه لم يفضح كل المستور ، وهو ان تركيا بالأساس لم يعمها مصير الشعب السوري و لا سوريا و لا العرب و إنما بضعة آلاف من التركمان اللذين لم يسمع العالم بهم سابقا مجموعة بالالاف لا يحق حتى تسميتها أقلية قومية كون ولاؤها لتركيا و ليس لسوريا او العرب او حتى الاسلام و إنما ولاء قومي متطرف ، تركيا قامت بالانتقام من الأسد و نشكر الله انها لم تنتصر عليه لانه في هذه الحالة كان السلطان اوردوغان يجلس في مكة او الرياض او دبي و يصدراوامره للعرب حكاما و شعوبا كيف يجب ان يقدموا أصول الطاعة و كيف يجب ان يعطوه ثرواتهم و مقدساتهم للحماية التركية ، تركيا لم تكن يوما صديقة للعرب و هي مسلمة فقط بالمقدار اللذي يخدم به الاسلام اطماعها القومية ،اوردوغان يمثل ليس تهديدا للامن العالمي فقط بل هو قبل كل شيء يمثل تهديدا للامن القومي العربي و هو التهديد الأساسي و الجدي لا ايران و لا اسراىيل ، فقط تركيا جلست على صدر العرب اربع قرون و حققت مجدها و الخطر ان جنون العظمة الأردوغانية يرغب اعادة هذا الوضع و لكن في مساق تاريخي جديد سيودي الى تدمير تركيا و العرب معا ، و خطر البعبع الروسي الإيراني ما هو الا خطة و لعبة جهنمية تركية أمريكية لتسليم المنطقة الى تركيا و لحسن حظ العرب لن جنون العظمة التركي اسقط طاىرة روسية ثمنها ثلاثون مليون دولار و سيجلب خسائر لتركيا ب ٣٠ مليار دولار و أرباح للعرب التقدير بثمن يمثل بسقوط الخطر التركي بالسيطرة على المنطقة العربية ، و بدون ان ندرك نستطيع القول شكرًا روسيا و اصحوا و استيقظوا يا عرب .
شكراً أستاذ خالد ,مقالة ممتازة و موضوعية , أما عن مزاعم تركيا أنها أسقطت الطائرة الروسية لأنها إخترقت أجواءها لمدة سبع عشرة دقيقة فنشير إلى ماقاله رجب طيب أردوغان، الغارديان، 26 حزيران 2012. بعد اسقاط الدفاعات الجوية السورية طائرة «فانتوم» تركية «ان انتهاكاً قصير الأمد للحدود (الجوية) لا يمكنه، ابداً، أن يشكّل حجّة لهجوم» .
تركيا ليست دولة موز لتترك طائرات تخترق اجواءها ولو لثانية واحدة. متى يتعلم العرب معنى كلمة سيادة؟؟ احسنت يا اردوغان.