الثمن الباهظ للسياسة الإماراتية

حجم الخط
32

في خبرين صحافيين مهمين كشفت جريدة «الغارديان» البريطانية الآثار الشائكة لتدخّل المال السياسي الخليجي في السياسات العالمية والعربية، عبر فضحها قبل أيام للعلاقة المثيرة للجدل بين الإمارات والوسيط الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، وكذلك لوقائع خطيرة لمحاولات تدخل المسؤولين في الدولة المذكورة في سياسات بريطانيا الداخلية والخارجية فيما يتعلق بجماعة «الإخوان المسلمين».
قام مسؤولو أبو ظبي في الواقعة الأولى بمفاوضات سرّية مع ممثل الأمم المتحدة الإيطالي من خلال إغرائه بوظيفة أكاديمية براتب قدره 35 ألف جنيه شهرياً، وهو ما أدّى عملياً إلى توريط ليون أثناء عمله لتسوية النزاع الليبي بأخذ مواقف غير محايدة ظهرت في اعترافات موثّقة في رسائل ووثائق لدى الصحيفة البريطانية.
أدّى الإعلان هذا، إلى ضرب مصداقية الأمم المتحدة لدى الليبيين وغير الليبيين، وهو سيؤدي، على الأغلب، إلى تدمير ما أنجز من اتفاق بين طرفي الصراع في ليبيا، وهو أمر يدفع ثمنه الليبيون والمنطقة بالدماء البشرية والفوات التاريخي، ويعزز من الفوضى التي يعتاش عليها الطغيان العربيّ وأشكال التطرّف الناتجة عنه.
ويبين الحدث الثاني الذي كشفته «الغارديان» عن محاولات أبو ظبي الضغط على لندن لتقبل إجراءاتها المضادة لـ380 من المتعاطفين مع جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات، ومحاولة «إقناعها» بكبح تغطيات «بي بي سي» للأحداث العربية، وباعتماد وجهة نظر أبو ظبي فيما يتعلّق بالإسلام السياسي من خلال إعلان سياسة بريطانية رسمية ضد الإخوان.
وإذا كان «إغواء» الوسيط الأممي برناردينو ليون تم بالمال فإن أبو ظبي لجأت مع بريطانيا إلى سياسة «العصا والجزرة» الشهيرة التي كان منطوقها: «إفعلوا ما نطلبه منكم لتحصلوا على صفقات سلاح ونفط لشركاتكم الكبرى، أو امتنعوا لتخسروا المليارات (وهو ما حصل فعلاً… إضافة إلى طرد مستشارين عسكريين بريطانيين)».
يتعلّق الأمر بداية باتجاه أقلّ ما يقال عنه إنه «يتجاوز الحدود» السياسية للإمارات، بحيث تُرى آثاره في معارك ونزاعات هائلة واستخدام فائض للمال السياسي في كل المنطقة العربية والعالم بشكل ينعكس سلباً على الإمارات، الدولة الغنيّة في منطقة شديدة الاضطراب، ويعرضها إلى احتمالات عديدة يصعب تقدير حجم أخطارها ومساوئها على المدى البعيد.
فإذا كان استهداف شخصيات وجمعيات محسوبة على الإخوان (وغير الإخوان) داخل الإمارات، بمزاعم استهداف هذه الشخصيات والجمعيات التي تعايشت مع أسس الدولة منذ عقود، ممكناً داخل الإمارات نفسها، فالحال إن بعد مشروع الانقلاب على هؤلاء في مصر وتونس وسوريا واليمن، باهظ الثمن.كما أن الإمارات، والمنطقة ككل، ما تزال تدفع ثمن هذا التوجّه لدعم انقلابات أجهزة الاستبداد القديمة على الثورات الناشبة في العالم العربي من خلال تزايد الاستقطاب الذي يعتاش طرفاه عليه: طغيان مقابل تطرّف، فرأينا كيف ازدهر تنظيم «الدولة الإسلامية» مع تبدّد آفاق آمال العرب بتغييرات حقيقية، وكيف رفع الجنرالات سقوف القمع تحت حراسة يافطة «مكافحة الإرهاب»، وكيف تدفق مئات الآلاف من المهاجرين هاربين من بلاد يرفرف فوقها البوم والغربان وطائرات «الدرون».
وبالنسبة لبريطانيا، فإن أسوأ ما حصل هو انكشاف سوء فهم الإمارات لآليات اشتغال دولة مؤسسات ديمقراطية مثل بريطانيا، فلا هي، ولا خبراء علاقاتها العامة «الفهلويون» (وخاصة البريطانيين منهم الذين حصلوا على مبالغ مالية كبيرة لتقديم «نصائحهم»)، نبهوا أبو ظبي إلى أن إمكانيات خضوع السلطة التنفيذية البريطانية لهذا النوع من الضغوط معدومة لأن أي كشف لتجاوب مع هذه الضغوط كان كفيلا بإسقاط رئيس الحكومة والمتورطين فيها.

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تاوناتي-فرنسا:

    الأنظمة العربية تفكر بعقلية زعيم قبيلة من العصر الجاهلي: تحقد وتثأر.وتتعامل بعقلية زعيم مافيا :تستخدم المال لشراء الدمم والقتل لتصفية حساباتها.وعندما تستخدم دولة عربية مالها فلضرب دولة عربية أخرى.
    أما الأمم المتحدة فلا أظن أن الشعوب العربية بهذه السداجة لتصدق بأن لها أي مصداقية.وخصوصا عندما يأتي زعيم عربي ليحذثنا عن مواثيق الأمم المتحدة وقراراتها التي يجب أن يحترمها غيره وأن تطبق على كل من لايحبه .

  2. يقول احمد + قطر:

    {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ} [سورة الأنفال: من الآية 36] أي: ليبطلوا الحق وينصروا الباطل ويبطل توحيد الرحمن ويقوم دين عبادة الأوثان، {فَسَيُنفِقُونَهَا} أي فسيصدرون هذه النفقة وتخف عليهم لتمسكهم بالباطل وشدة بغضهم للحق ولكنها ستكون {عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} أي: تكون ندامة وخزي وذل و{يُغْلَبُونَ} فتذهب أموالهم وما أملوا ويعذبون.. انتهى كلام العلامة السعدي..

    قال بعض المفسرين: “فكل من أنفق ماله في حرام وفواحش وآثام، عوقب بالمصائب المقدمة في الدنيا من أمراض وأوبئة وكدر وتنغيص وفي الآخرة عذاب أليم على فعله”..

  3. يقول tarekitsme - Algeria:

    المستشار الامني لدولة الامارات هو دحلان
    العدو الكبير و الخيالي للامارات هم الاخوان
    سياسة الامارات هي سياسة يمكن ان تشتري ما تريد لانك غني
    يعتقدون ان الدول الديمقراطية بائعي هوى حتى يرضون و ينصاعون لشهوات الاماراتيين …
    للاسف الامارات اصبحت تحارب العرب فقط لانهم ثارو ضد الدكتاتورين من
    مصر- اليمن – تونس – ليبيا – سوريا – فلسطين – حتى في الاردن ………

  4. يقول شادي الأردن:

    لكل دولة سياستها الخاصة حسب مصالحها الإقليمية
    وانا كمقيم في دولة الإمارات لا اجد تي تفرقة او عنصيرية كما ادعى البعض!

    1. يقول محمد حفيد المعز لدين الله الفاطمي موءسس القاهرة من تونس:

      بربك انت مقتنع بما تقول الرزق على الله نقول في تونس الكرامة قبل الخبز

  5. يقول kimo maroc:

    حكام الامارات يرتعدون من شيء اسمه الديمقراطية،حاربوا الربيع العربي بشتى الطرق.
    ينفقون اموال شعبهم يمينا ويسارا من اجل بقاء الوضع كما هو اي قبل الثورات العربية.
    لكن دوام الحال من المحال .

  6. يقول م . حسن .:

    البعض يرى النقد لسياسات دول الخليج بأن دوافعه الحقد والحسد , ولا ندرى علي ماذا والثروة ناضبة . الشعب البريطاني ليس كتلة مهملة ولا الشعب الإماراتي , وشعوب المنطقة تعبر عن إرادتها بشكل أو بآخر , أحيانا بإسلوب مدمر للذات .

  7. يقول R. Ali:

    الأمارات تلعب بالنار وعلى كل الحبال وفي كل مكان وسيأتي يوم لتقع في شر أعمالها الشيطانية ضد إخوانهم في الدين والعقيدة واللغة!

  8. يقول R. Ali:

    ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله!

  9. يقول صفي الدين مبارك - مويتانيا:

    برب الكعبة يا شادي هل فكرت مليا في قلته عن سياسة الامارات لا اقول الشعب الاماراتي هذا المهجن بالمال .اذكر لنا بربك موقفا واحدا مشرفا وقفه حكام الامارات من قضايانا العربية؟ الا يكفي فضيحة سيارات الفورميلا المهداة الي ملك اسبانيا و التي عزف حتي المجانين عن اقتنايها في المزاد العلني، الا يكفي ذلك من امارات الخيانة لقضايانا في الوقت الذي تموت فيه حراير سوريا و غزة في العرا و الجوع و الحرمان. .

  10. يقول HerSam:

    كادر القدس
    كل له ثمن
    المؤسسات لم تمنع بلير من قتل مليون عراقى ومليون افغانى وتشريد الملايين وتدمير مجموعة بلدان وتاكد بان مواطنى دول المؤسسات الغربية خاصتكم علاقتهم بالعالم عامة والشرق الاوسط خاصة (العالم الثالث=العالم السفلى) علاقة مقطوعة ان وجدت هي كعلاقة سياسيي اهلنا في العراق العربى من مثل وزير الخرجية الذي سئل عن منبع نهري دجلة والفرات في بلاد الرافدين فقال منبعهما من ايران
    في الاخير كل له ثمن حتى بريطانيا
    مقابل الاسترلينى تبا للمؤسسات

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية