في الذكرى السادسة والستين لثورة 23 يوليو 1952، كما في كل ذكرى سبقت، أو تلحق، وإلى مدى زمن طويل مقبل، سوف يظل السجال ساخنا، والخلاف محتدما حول ثورة جمال عبد الناصر وتجربته ومشروعه، وكأنه رحل بالأمس توا، أو كأنه لم يمت بعد، ولسبب ظاهر، فتجربة عبد الناصر مغروسة بعمق في الوجدان والمخيلة الجماعية للمصريين والعرب، وفي قلب الصراع من أجل استرداد المستقبل، وليس استعادة لماض ذهب عن الأمة بريقه.
ولا نريد لأحد أن يخلط الأوراق، ولا أن يتصور أن ثورة 1952 لا تزال في الحكم، مادام الاحتفال بالعيد الوطني لمصر يجري في موعدها من كل عام، فقد انتهت سيرة الثورة في الحكم مع أواسط سبعينيات القرن العشرين، وجرى الانقلاب على اختيارات الثورة بعد حرب أكتوبر 1973، فقد رحل جمال عبد الناصر، كما هو معروف في 28 سبتمبر 1970، وكان البلد كله على الجبهة، وكان السادات ـ خلف عبد الناصر ـ مضطرا لمسايرة اختيارات الثورة بالقصور الذاتي، وكانت أجواء التعبئة العامة ضاغطة، وكان الجيش الذى أعاد عبد الناصر بناءه من نقطة الصفر بعد الهزيمة الخاطفة في 1967، كان الجيش مستعدا للحرب، وبخطط جرى إعدادها وتعديلها وإنضاجها مرات، وكان لابد من الحرب التى أرادها عبد الناصر ثأرا وتحريرا، وقد كانت، وجرى العبور العظيم لأوسع مانع مائي في تاريخ حروب الدنيا، والاقتحام الأعظم لأكبر خط تحصين حربي أقامته إسرائيل على الضفاف الشرقية لقناة السويس.
أذهل المصريون العالم بعبور القناة واقتحام خط بارليف، وعبر جيش المليون ضابط وجندي إلى سيناء، وفي غمرة التقدم السريع الكاسح لقواتنا، كان التحايل يجري لتفريغ النصر من مضمونه التحريري، وفك ارتباطه بمعنى النظام الثوري، وترك «ثغرة الدفرسوار» بغير تصفية كانت ممكنة بسهولة، ولجوء السادات إلى واشنطن لطلب تسويات سريعة، ثم كان اتفاق فض الاشتباك الأول فالثاني، وصولا إلى مبادرة زيارة القدس المحتلة، وعقد مفاوضات كامب ديفيد، وإبرام ما يسمى معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وبالتوازي، كان يجري فك ارتباط الحكم مع اختيارات ثورة عبد الناصر السياسية والاجتماعية، ومع إنجاز النصر الذي حققه جيش بناه عبد الناصر، وبتضحيات الشعب ودماء آلاف الشهداء، كانت السياسة تخون وتتنكر لنصر السلاح، وتفتتح عصرا من النهب العام غير المسبوق في تاريخ مصر الألفي، وكان «الذين هبروا» يدوسون فوق دماء الذين عبروا، وكان «انفتاح السداح مداح» بدءا بقانون الاستثمار العربي والأجنبي عام 1974، وبدء حملة عاتية مدارة ضد عبد الناصر وعصره وسيرته، خططت لها دوائر المخابرات الأمريكية، التي تولت حماية السادات، ودفعت لها فوائض «البتروـ دولار» الخليجية، التي سعت بفوائض الثروة إلى الثأر من ثورة عبد الناصر.
وكانت إدارة السادات مستعدة بتجنيد وسائل الإعلام المملوكة للسلطة، وإطلاق العنان لجماعات اليمين الديني، كانت الحملة متعددة الأطراف، وكان الهدف ظاهرا، كان المطلوب تكفيرا واسعا باختيارات جمال عبد الناصر، ونشر سحابة كثيفة من الدخان تعمي الأبصار، تشبه دور القصف المدفعي والجوي المركز في افتتاح الحروب، وبهدف إفساح المجال لقوات المشاة للتقدم على الأرض، والبدء في تفكيك القواعد الإنتاجية والصناعية الكبرى، وتحطيم الوجود المادي لإنجازات ثورة يوليو طوال عهدي السادات والمخلوع مبارك، بعد ما تصوروه من تحطيم الولاء المعنوي للثورة في نفوس الناس، وترك مجالات التحكم خالية لصنفين من قوى اليمين المعادي للثورة بالخلقة وبصدام المصالح، «اليمين الثروي» ـ أو جماعة النهب ـ على مقاعد الحكم، واليمين الديني على مقاعد المجتمع والشارع، ودفع أوسع فئات المصريين لهجرة الحلم، بعد الهجرة في الجغرافيا إلى بلاد الآخرين، والهجرة إلى التاريخ بظاهرة العودة الدينية المعممة، وتفريغ المجتمع من معناه الحيوي، والسياسة من ماء حياتها، وتحويل غالب المصريين إلى «غبار بشري» تائه ومحبط، وشراء السلوى بوعود الحياة الآخرة البديلة عن الدنيا الفانية المسروقة، وتحويل اقتصاد البلد إلى «اقتصاد ريع» وتسول، و»شفط» ثروة البلد إلى جيوب وحلوق طبقة المليارديرات الجدد، وتجريف ما تبقى من ركائز إنتاج بغارات «الخصخصة»، ونهب أراضي الدولة، وإحلال زمن المآسي محل عصر الثورة التي كانت.
ولم تكن تلك ـ بالطبع ـ نهاية التاريخ، ولا نهاية الصدام حول معنى الثورة، ولا استسلاما نهائيا لغالبية المصريين، الذين لم يكفروا أبدا باختيارات ثورة جمال عبد الناصر، ولا بانحيازاتها الحاسمة لمصالح أوسع الفئات والطبقات، التي تعرضت للدهس والإفقار والمهانة، ولحملات التشويه والاغتيال المعنوي للثورة وقائدها، وعلى مدى متصل قارب الأربعين سنة، وبكافة السبل والوسائل، وأولها استخدام الدين نفسه لمصلحة قوى النهب والتفكيك، ونزع هوية البلد العروبية بامتياز، فقد ظل اسم عبد الناصر هو الرمز الكودي لفعل الثورة والنهوض من الرقاد، وظلت صورته هي الملجأ العفوي للأشواق والأحلام، وهو ما يفسر الظهور الكثيف لصور عبد الناصر في انتفاضة يناير 1977 آخر نوبة غضب جماعي ضد الانقلاب على الثورة، ثم عودة صور عبد الناصر وحدها، من بين كل زعماء التاريخ المصري، لظهور تلقائي أكثر كثافة في ميادين ثورة 25 يناير 2011، وفي ميادين 30 يونيو 2013، كانت صور عبد الناصر اختصارا لحلم ضاع من الشعب المصري، وكان حملها ينطوى على رغبة في التجديد، ووصل ما انقطع بعد حرب أكتوبر 1973، ولم تكن التفاصيل مهمة كثيرا، فالمهم هو المغزى العام، فقد انطوت تجربة عبد الناصر على أخطاء كبرى، كما في كل تجربة نهوض ثوري عرفها البشر، كان عبد الناصر «عظيم المجد والأخطاء» كما قال عنه شاعر العراق الجواهري، لكن عبد الناصر مات حين مات، واقفا على جبهة الحلم والسلاح، تحدى الهزيمة المروعة على نحو أسطوري، لكنه لم يكن قد حقق نصره النهائي بعد، كانت الدراما مفتوحة، ولم تكن الأقواس أغلقت على معنى بطولته الاستثنائية النادرة، كانت بطولته «بطولة الأقواس المفتوحة»، وهو ما جعل سيرته أطول بمراحل من حياته القصيرة الغنية العاصفة، وعلى نحو أعطى للناس حق إكمال السيرة، كل على طريقته، وبغير تقيد بما جرى على التجربة وفيها، خصوصا أن ميزة «التصحيح الذاتي» كانت واحدة من ملامح عبقرية عبد الناصر، وهو ما بدا جليا في سنوات حكمه الأخيرة، بأحاديثه عن فتح المجال العام لحركة الناس، وتطهير أجهزة الأمن، وتفريغ السجون من معتقليها، فلم يكن في سجون حكمه حين مات، سوى 273 شخصا، كان الكثير بينهم من جواسيس كيان الاغتصاب الإسرائيلي.
كان عبد الناصر قد حسم أمره بالتحول إلى مجتمع ديمقراطي تعددي، يكمل أشواط التنمية والتصنيع والعدالة الاجتماعية وإعادة بناء الجيش من العدم، كانت سنوات ما بعد 1967 هي أخصب وأنضج سنوات تفكير عبد الناصر، وعلى نحو ما تكشف عنه وثائق الاجتماعات السرية التي نشرت أخيرا، كان يوالى تنقية حلمه، وكان يثق بأن التنظيم السياسي الوحيد ليس سوى «رزمة ورق»، وهو ما كان من أسباب سهولة الانقلاب على الثورة في أعقاب حرب أكتوبر 1973، فقد كنا بصدد ثورة لها قائد، ولكن ليس لها حزب، كان هو بشخصه حزب الثورة الذى اختفى برحيله، وهو ما بدا أن الناس يدركونه غريزيا، حين رفعوا صور عبد الناصر عفويا في ثورة 25 يناير 2011 وموجتها في 30 يونيو 3013، وثبتت لهم صحته بعد كل موجة نهوض لثورة الناس الأحرار، فما أن تفرغ الميادين ناسها، حتى تعود الثورة المضادة لتحكم بعد كل ثورة، وتجهض الحلم من جديد في غياب حزب للثورة اليتيمة .
نعم، قد تنتكس الثورات، لكنها لا تموت أبدا، وثورة مصر واحدة متصلة، كانت ثورة 1919 قد أجهضت قبل قيام ثورة 1952، ولم تكن ثورة 1952 انقلابا عسكريا، حتى لو كانت الطليعة من ضباط صغار الرتب، أزاحوا قيادة الجيش، كما أزاحوا قيادة الحكم، ثم تحول التحرك بتأييد الشعب الجارف إلى ثورة كاملة الأوصاف، توافرت لها قيادة عبد الناصر الفريدة غير القابلة للتكرار ولا للاستنساخ، وكان الانقلاب على ثورته بعد رحيله دمارا كاملا لمصر نفسها، لكن الأوطان الحية تقوم دائما من الرماد، وهو ما بدت تباشيره بثورة 25 يناير وموجتها في 30 يونيو، واستدعاء صور عبد الناصر لوصل ما انقطع معنويا، والوعي بأن ثورة الضباط الأحرار لا تكملها سوى ثورة الناس الأحرار، وإضافة القيمة الديمقراطية لحلم ومشروع صاغه جمال عبد الناصر، تبدو أعمدته مغروسة بعمق في وجدان وعقل المصريين والعرب، فلا نهوض ولا تقدم بغير الاستقلال الوطني والتوحيد القومي ومجتمع الكفاية الإنتاجية والتصنيع الشامل والعدالة الاجتماعية وأولوية العلم والتكنولوجيا والتجديد الثقافي، وكلها ـ مع غيرها ـ قيم تنسب بامتياز إلى قول وفعل جمال عبد الناصر، وصار الرجل علما عليها، وهو ما يجعله دائما في البال، ويجعل اسمه عنوانا لمعارك لا تنتهي مع قوى التخلف والرجعية وتجريف الأوطان، ويجعل صورته رمزا للحالمين بيوم تنتصر فيه الثورة الموؤودة.
كاتب مصري
عبد الحليم قنديل
ثورة 1952 كانت ثورة الهزائم والنكسات لعسكر الإنقلابات! أما ثورة 25 يناير 2011 فكانت ثورة الشعب الوحيدة!! ولا حول ولا قوة الا بالله
لكننا لا نفهم لماذا يقف الناصريون الجدد مع إيران بدلا من مواجهتها برغم أن إيران تتبجح بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية؟
23 يوليو 1952 لم يكن اكثر من انقلاب باركته الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا وامريكا ولا زالت مصر الى يومنا هذا تدفع فاتورة ذلك الانقلاب المشئوم في احتكار العسكر للسلطة وتأخر الشعب المصري عن ركب التقدم والتطور العلمي والتقني في كل مجالات الحياة واخره ما يفعله السيسي في ذبح الشعب وافقار البلاد والعباد للاستفراد بالسلطة. والله المستعان
للاسف ماتت ثورة 1952 مع وفاة عبد الناصر, فمنذ وفاته سنة 1970 ومصر الى الوراء وكل رئيس بعده كان اشد قربا ووفاء لاسرائيل, فالسادات كان وفيا ومبارك أوفى والسيسي في قمة الوفاء, فهنيئا لاسرائيل برؤساء مصر من بعد عبد الناصر.
ليت مصر لم ترى إنقلاب عبد الناصر ولم تسمع به أيام الحكم الملكي كانت مصر في ازهى عصورها وكانت مازالت تعطي مساعدات للدول العظمى مثل فرنسا وأمريكا.
يبدو ان بعضهم ملكياً اكثر من الملك!!
فبالرغم من ان عصابة البكباشى والاربعين حرامى هم بأنفسهم وبعضمة لسانهم اعلنوا بكل اريحية ان ماقاموا بة على غفلة من الزمن هو انقلاب حتى ان الراحل اسماعيل ياسين غنى اغنية للانقلاب فما زال البعض( مُصِراً )على انها ثورة!!
بالرغم من ان العجل فى بطن امة يعرف ان ماتقوم به الجيوش اسمة انقلاب وان الثورات هو ماتقوم بة الشعوب ضد الطغاه المستبدين وعبيدهم وادواتهم واذرعهم التى يمثلها قضاتهم الفاسدين وجيوشهم وشرطتهم وبلطجيتهم وشبيحتهم يعنى ثورة لخلع وإزالة وتنظيف وتطهير الدولة من كل اركان نظام الحكم القائم!!
وكلمة جيش تعنى كل معنى معاكس ومخالف لما تعنية كلمة ثورة. ماعلينا! خلينا فى المهم بمناسبة عيد عصابة العساكر الحرامية اعاده الله عليهم وهم امام محكمة الشعب بتهم اقلها الخيانة العظمى!بيدهم وقضاتهم واعلامييهم وشرطتهم وهؤلاء يمثلون 01.% من السكان لكن يحتكرون 99% من الثروة
لا تضعوا كل يساري مصر في سلة واحدة اليساري احمد سيف الاسلام قال “خدوا بالكوا تبرير إهدار كرامة الإنسان شديدة الاتساع، لن نسمح في أى وقت من الأوقات أن نبرر حتى لأنفسنا إهدار كرامة الإنسان، ممكن نبقى أضعف من إننا نواجه موجة القمع، لكن لن نسمح أن يستخدم اسمنا في تبرير موجة القمع ولنطلق على ذلك أضعف الإيمان، إذا لم استطع أن أواجه القمع المباشر لن أسمح لأحد أن يستخدم اسمي في تبرير هذا القمع، اوعوا تسمحوا لحد يجرفكوا من إنسانيتكم”، كانت تلك ربما آخر وصايا “أحمد سيف” قلب عائلة مستمرة في النضال، مازال اثنان منها في داخل السجون
ثورة ايه يا أخ….الثورة الحقيقية مافعلته العصابة الصهيونية في دقائق معدودات في جيش عبدالناصر ومعداته الخردة التي حولهارجال العصابة الصهيونية الثوار الحقيقيين الى اطلال حديدية أكل الدهر عليها وشرب…الثورات الحقيقية حدثت في دول الغرب الاوروبي والامريكي وحتى جنوب افريقيا التي حولت(الثورة)البلاد والشعب الى مصاف الدول والشعوب المتقدمة الراقية المزدهرة اجتماعيا واقتصاديا وتنمويا..فماذا كسبتم انتم من(ثورة 1952)غير الاستبداد والتخلف والرجعية والهمجية ..اين أنتم من ثورة الزنوج الافارقة في جنوبها.ثورة رفعت جنوب افريقيا الى مصاف الدول العظيمة اجتماعياواقتصاديا وعلمياوتربويا وفكريا..بل حولتها الى بلد يصدر الغذاءوالدواء والكساء وكل معدات الحروب..وكل الصناعات المدنية…فماذا انتجتم انتم او صنعتموه غير الاستبداد والانجاز الرهيب في عدد السجون والمقابر التي تعج بالمعارضين…
نعم ، الخالد في قلوبنا ، كان ” عظيم المجد و الأخطاء”…كما أنصفه الجواهري .
و لكن بإعتقادي أنه بعد تحقيق العبور الكبير ، و الذي حتماً كان سيكون لو بقى حياً ، و بشجاعة و حكمة تحسب لأنور السادات تم إنجازه _ و تلك كانت أيام خالدة ، عميق الشكر و الإجلال و التقدير لشباب العبور الشجعان ، كان عبدالناصر سيسير في الطريق الذي إتبعه المرحوم السادات بشجاعة أكبر _ طريق الإستمرار بإستعادة الحقوق بوسائل أخرى . و قبوله مبادرة روجرز ، وزير الخارجية الأمريكي حينذاك دليل كبير .
لا زلت أتذكرّ تلك السنين ، و لم أكن مقتنعاً بديماغوغية النظام في بلادي العراق و بقية الأنظمة الأخرى و القوى السياسية و فصائل المقاومة الفلسطينية التي سايرتهم .
أربعون عاماً مرّت كان فيها هول كبير من الدمار و الخراب ، كان ممكن تفاديها لو ملكت تلك الأنظمة و القوى السياسية الكثير من الواقعية السياسية
السيدة ميركل مستشارة المانيا المسيحية أكثر عظمة وعزة وقيمة من عبدالناصر وكل الجنرالات الأعراب…السيدة ميركل تملك الآدمية.ومن يملك الآدمية سيبني ويشيد وينجز ويرفع ويعلي ويحافظ على البلد وشعب البلد..وهو مالم يفكر فيه عساكر مايسمى ثورة1952.التي انتهت الى مقبرة1952..انه الواقع المؤلم..