«الجزائرية ويكند» والرقابة الديكتاتورية… «بريسكوب» السبق الصحافي في يد المواطن

حجم الخط
3

عرضت قناة «كانال بلوس» الفرنسية فيديو خاص عن البرنامج الساخر»الجزائرية ويكند»، وخاصة بعد خبر إيقاف البرنامج من قبل الرقابة الجزائرية. الفيديو عرض من خلال برنامج «لي بيتي جورنال» من تقديم الفرنسي يان برتاس، وهو برنامج فكاهي يقدم تعليقات ساخرة ولاذعة تعقيبا على الأخبار المحلية والعالمية في فرنسا وخارجها، يشبه بهذا برنامج «ذا ديلي شو» الأمريكي. لا تعد هذه المرة الأولى التي يسخر فيها يان برتاس من ما يجري في الجزائر من أحداث، فقد حقق تعليقه على فوز بوتفليقة في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة نجاحا كبيرا، حيث سخر من الرئيس الجزائري ومن كرسيه المتحرك في طريقه للإدلاء بصوته في الانتخابات.

الصحافة المهنية وحيدة في وجه فساد السلطة
اليوم يعود بارتس في برنامجه «لي بيتي جورنال» لانتقاد الرقابة الجزائرية بسبب إيقافها لبث البرنامج الساخر «الجزائرية ويكند»، من تقديم الجزائري مصطفى كيساسي. ويعلق بارتس بأن سبب التوقيف يعود إلى تمادي المقدمين والصحافيين في الحلقة وبخاصة الصحافي عبدو سمار ذي الواحد وثلاثين عاما، في انتقاد إبنة الوزير الأول الجزائري ريم عبد المالك سلال، وقيامها بشراء شقة في وسط العاصمة الباريسية، وتحديدا في التشانزاليزيه بثمن 800 ألف يورو، وأضاف سمار مستغربا كيفية قيامها بشراء شقة بمبلغ كهذا كونها فتاة شابة تبلغ من العمر ثمانية عشرة سنة فقط!
لقد إعتمد سمار في إنتقاده هذا على معلومات استمدها من كتاب فرنسي صدر حديثا «الجزائر- باريس قصة عشق» للفرنسي كريستوف ديبوا والفرنسية ماري كريستين تابيت، والذي يعرض تفاصيل عن أملاك وفساد مسؤولين جزائريين بارزين وعقاراتهم وأملاكهم في فرنسا. الحكومة الجزائرية فقدت عقلها وغضبت وطالبت فورا بوقف البرنامج بعد أن إتهمته «بغير المحترف مهنيا» وبأنه «أخل برموز الحكومة والسلطة»! ربما لم تستوعب السلطات كما يوضح سمار في لقاء حصري مع كانال بلوس تعقيبا على ما حدث بأن الصحافي النزيه لا يخاف الموت وخاصة وكما أجاب سمار عند سؤاله ما إذا كان يخاف على حياته بعد ما حدث، بأنه كان يمكن أن يموت عندما كان في عمر الخامسة، وبأنه ينحدر من جيل التسعينات في الجزائر وبأنه حضر الحرب الأهلية الجزائرية وجاب البلاد الكثيرة مواجها الخطر، نظرا لمهنته كصحافي، يصور من خلالها الحروب ويتحدث عنها في مقالاته، فكيف له بعد أن عاش كل هذا أن يخاف من الموت؟!
وعند سؤاله ما إذا كان الكتاب قد وصل الأراضي الجزائرية، أجاب بأن الجزائريين لهم مهاراتهم العالية في تحميل وقرصنة ما تمنعه الرقابة، ولهذا فالكتاب أصبح في متداول الجزائريين.
قرار الحكومة أثار قلق منظمة «مراسلون بلا حدود»، والتي إتهمت فورا الحكومة ورقابتها بـ»التحامل على برنامج ساخر له شعبية كبيرة في الجزائر، فقط لأنه إتهم بمساسه برموز الدولة؟!» أما بالنسبة لإدارة المحطة الجزائرية فقد ذكرت في بيان نشر لها بأنها «أوقفت البرنامج بمحض إرادة الطاقم ولا علاقة للحكومة أو لأي ظروف خارجية بالقرار» والحكم يبقى طبعا لنا في أن نقرر من يتخذ القرارات في مثل هكذا حالات؟!

«ستاند أب كوميدي» أسترالي في مواجهة العنصرية
في وقت يتم فيه الحديث عن برامج ومسلسلات فكاهية تحارب الإسلاموفوبيا كالمسلسل الأمريكي «حلال في العائلة»، والذي ينتقد الأفكار الأمريكية المسبقة عن الإسلام ويسخر منها، يستمر الثنائي الفكاهي عامر رحمان الأسترالي من أصل بنغالي ونزيم حسين الأسترالي من أصل سيريلانكي، عملهما في مناهضة العنصرية عبر برنامجهما الساخر «إحذروا من الكوكب البني»، مشيرين بذلك إلى أصحاب البشرة السمراء، وكيف على الرجل الأبيض الحذر منهم لأنهم سيحتلون الكوكب الأرضي، كما يعتقد الرجل الأبيض.
لقد ابتدأت الفكرة في عام 2007 وتستمر حتى الوقت الحالي، لدى الثنائي في محاولة منهم لمحاربة الإسلاموفوبيا والعنصرية التي يعاني منها من هم في جيلهم، المنحدر من أصول مهاجرة ومسلمة. ويتحدثون عن المعاناة التي يلاقونها بسبب إختلاف لون بشرتهم. الجميل في الأمر بأن مثل هؤلاء الشباب وجدوا طرقا أخرى لمحاربة رفض المجتمعات لاندماجهم وذلك عن طريق الفكاهة والضحك وجذب الجماهير لسماع مشاكلهم التي يعانون منها عن طريق السخرية منها.

جمال ديبوز أمل الشباب العربي في فرنسا
الفكاهي الفرنسي من أصل مغربي جمال ديبوز يعد من القلائل الذين استطاعوا الإندماج في المجتمع الفرنسي عن طريق السخرية من المجتمع الفرنسي وعنصريته. وكذلك يعد جمال ديبوز من القلائل الذين استمروا في خدمة سكان الضواحي ومحاولة مساعدتهم الدائمة لكي يصلوا بصوتهم إلى المجتمع الفرنسي وحكومته. فبعدما أن حقق نجاحا باهرا في عمله كـ»نجم ستاند أب كوميدي» وأصبح وجهه مألوفا من أصول عربية ومسلمة، أسس جمال ديبوز «نادي جمال كوميدي» للفكاهة، والذي يعرض على قناة «كانال بلوس» الفرنسية وسخره في خدمة من لاصوت لهم من شباب وفتيات الضواحي والذين يريدون أن يعملوا في مجال «الستاند أب كوميدي» مثله، ويقومون بالحديث عن ضواحيهم ومعيشتهم فيها وكذلك عن العنصرية ومشاكل إجتماعية أخرى تواجههم.

«بريسكوب» و«ميركات»
المتابع للتحديثات والتطبيقات الجديدة على الهواتف الذكية أو عبر شبكة الإنترنت، لن يشيح بنظره عن تطبيق تويتر الجديد «بريسكوب»، نظرا لكونه حديث الساعة على الشبكة. التطبيق يساعد المستخدم على أن يكون شاهدا ومؤثرا على ما يحدث من حوله من أحداث في محيطه. يساعد التطبيق على تسجيل حي لفيديوهات يلتقطها المستخدم ومن ثم يقوم ببثها فورا على الشبكات الإجتماعية دون اللجوء إلى «يوتوب» أو «ديلي موشن» مما ينبه متابعينه فورا على الشبكات الإجتماعية ويمكنهم من الإنضمام والتعليق في الوقت الحقيقي.
وعند إنتهاء البث سيكون بإمكان المتابعين إعادة مشاهدة الفيديو خلال مدة لا تتجاوز الأربع وعشرين ساعة. كما يمكنهم نشره تلقائيا بعد تشغيله إما عن طريق موقع تويتر أو عبر تطبيق «بريسكوب» نفسه، المسجل في الاستديو الخاص.
الفكرة أتت كمنافس لفكرة أخرى لتطبيق «ميركات» على الهواتف الذكية أيضا وبعد فترة وجيزة من إنطلاق الأخير.
إن ما يجب تسليط الضوء عليه هو تزايد عدد التطبيقات لمستخدمي الهواتف الذكية والتي تتيح لهم أن يكونوا عضوا مؤثرا وفعالا في ما يحيطهم. فمثلا أصبح بإمكان أي مستخدم لهاتف ذكي من أن يلتقط فيديو حي لإعصار تسونامي أو حادثة قتل أو حتى إكتشاف جريمة إن توفرت له الشروط، وإن كان بالصدفة في مكان الحادث. ويمكنه هذا من نشرها فورا عبر الشبكات الإجتماعية ومشاركتها مع متابعيه، وقد يمكنه هذا من بيعها لمحطات وتلفزيونات كسبق صحافي.
ولم يعد بامكان الحكومات مثلا تكذيب ما يحدث في بلادها من قمع للحريات فمن منا لم يشاهد العدد الكبير من الفيديوهات التي تنشر مباشرة من قلب الحدث على «فيسبوك» و»تويتر» في بلدان عديدة لم نسمع بها، وكم من الصفحات الـ»فيسبوكية» تتزايد كغرف إخبارية لبث الأحداث بسرعة وبدقة مع لقاءات وفيديوهات تعتبر شاهد عيان على ما يجري دون أن تمر بالرقابة أو المحطات الكبيرة، مما أدى بدول كتركيا والصين إلى منع «تويتر» و»فيسبوك» في بلدانها!
لم يعد السبق الصحافي محصورا بصحافة أو حكومة أو رقابة بعينها بل أصبح بإمكان أي مواطن أن يلتقط فيديو ويشاركه دون المرور بالرقابة ودون قمع حكومته.
وأصبح السياسيون في فرنسا مثلا يهتمون بشكل مبالغ بصورتهم خلال تواجدهم في الأماكن العامة، فبدلا من أن يستخدم التلفاز كقوة وحيدة وكمصدر لمتابعة ما يجري، أصبح العديد من الناس وخاصة من جيل الشاب يلجأون إلى الإنترنت كبديل للبحث عن معلومات وأخبار تختلف عن تلك التي يعرضها ويبثها التلفاز.

كاتبة فلسطينية تقيم في فرنسا

أسمى العطاونة:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    كأنك خرجت من القمقم الفرنسي يا أستاذة أسمى الى العالمية
    الجزائر وأستراليا وأمريكا و «بريسكوب» و«ميركات»
    شكرا على المعلومات القيمة يا سفيرة فوق العادة

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح // الامارات:

    * من الآخر : عندما تقوم ( الحكومة الجزائرية ) بغلق أي برنامج
    ساخر أو غلق أي صحيفة أو غلق أي محطة لا تقوم بذلك لأنها ضد
    ( السخرية ) أو الضحك أو ( الفرفشة ) أبدا أبد ؟؟؟
    * تقوم بذلك : عندما يبدا ( البرنامج ) الساخر بكشف ( المستور )
    وكشف ( الأسرار ) ونشر ( الغسيل القذر ) وهذا غير مسموح به
    لا ( بالجزائر ) ولا بأي دولة عربية ؟؟؟
    * ( النقد ) وكشف المستور وكشف ( الأسرار ) من ( المحرمات )
    في الوطن العربي ومن يغامر ويدخل هذا الباب الخطير ( الله يعينه )
    أخف عقوبة ( قطع باب رزقه ) وتشريده ؟؟؟
    * شكرا

  3. يقول مروان الجزائر:

    يا أخت أسماء ..اخدت معلوماتك من القنوات الفرنسية( رغم النقد الدائم لها)..لم يحقق البرنامج المدكور اى نجاح فى الجزائر مند بدايته.. وقد تم الغاء الوقفة الاحتجاجية من طرف الصحفين الجزائرين بعد ان تبين ان الامر مسرحية( الاسباب يطول شرحها)…هناك برامج اكثر انتقاد وسخرية تطال الرئيس واخيه والجنرالات(برنامج قهوة القوسطو مثلا) …شكرا

إشترك في قائمتنا البريدية