الجزائر ـ «القدس العربي»: أشعلت المادة 51 من التعديل الدستوري المقترح في الجزائر جدلا سياسيا كبير، فالمادة التي تأتي في إطار سلسلة المواد الجديد التي ستضاف إلى الدستور الجزائري، تقول صراحة إنه يمنع على مزدوجي الجنسية تولي مناصب عليا في الدولة، وهي المادة التي دافع عنها بشراسة مدير الديوان الرئاسي أحمد أويحيى لما كان يعرض الخطوط العريضة للدستور الجديد أمام الصحافة، معتبرا أنها تمثل الحد الأدنى من الاحترام لهذا الشعب، لأن الذي يحصل على جنسية دولة ثانية، عليه أن يتخلى عن تولي المسؤولية في بلاده الأصلي.
الغريب أن المادة المذكورة فجرت ردود فعل غاضبة ليس عند المعارضة، التي وإن كانت ترفض عموما مسعى تعديل الدستور، فإنها لم تتوقف عند هذه المادة، خلافا لحزب السلطة الأول جبهة التحرير الوطني، الذي أعرب عن عدم رضاه عن المادة المذكورة، ودعا صراحة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى مراجعتها، في خطوة غير مسبوقة وتثير التساؤلات، خاصة وأن الحزب يمثل التيار الوطني، ولأنه تعود على مساندة كل ما يصدر عن الرئيس، وهذه هي قاعدة المساندة، أي دعم كل ما يصدر من فوق، وأي تردد أو فتور يكون الرد عليه بالإقصاء الفوري من المشهد السياسي.
لكن الغريب، أنه خلال مجلس الوزراء الذي انعقد بعد حوالي أسبوع من الكشف عن التعديل الدستوري، لمناقشة الوثيقة والمصادقة عليها، طلب الرئيس بوتفليقة تعديل المادة 51، في خطوة فاجأت الكثيرين، مع أننا ذكرنا في عدد سابق من «القدس العربي» أن المادة المثيرة للجدل إما ستعدل أو ستمرر دون تطبيقها على اعتبار أن هناك الآلاف من الكوادر الجزائريين حاملين جنسية ثانية، وأن عددهم في البرلمان يتجاوز المائة، فضلا عن عدد من الوزراء أيضا، الأمر الذي يفرض على كل هؤلاء الاستقالة والتخلي عن مناصب المسؤولية التي يشغلونها، وأن هؤلاء هم الذين حركوا آلة الضغط، سواء من خلال حزب جبهة التحرير أو من جهات أخرى خفية ليتم التراجع عن المادة وتعديلها وبالتالي إفراغها من محتواها، علما وأن مشروع التعديل الدستوري يطبخ منذ 2011، ومن غير الطبيعي أن تعدل التعديلات أياما قليلة فقط بعد الكشف عنها، والأغرب أن مصادر حكومية قالت إن المادة 51 بالذات أصر عليها الرئيس بوتفليقة.
مراجعة المادة 51 تفتح الباب مجددا للتساؤل عن الطريقة التي يتم بها تسيير شؤون الدولة، فعادة القرارات لا يتم التراجع عنها عندما تصبح علنية، إلا بعد مرور فترة معينة، وفي ظروف استثنائية، لكن في الفترة الأخيرة أصبحت القرارات تعلن بشكل رسمي، ثم تراجع بعد أيام، فاتحة الباب لتساؤلات عديدة، فمثلا التعديل الحكومي الأخير كان خير مثال، إذ تم الإعلان في بيان رسمي عن قائمة الوزراء وحتى عن أسماء الوزراء السابقين الذين تم تعيينهم كمستشارين في الرئاسة، لكن بعد يومين تم الإنتباه، وخاصة بعد كتابات صحافية، أن وزارة الخارجية عين لها وزيران في الوقت نفسه، رمطان لعمامرة الذي كان أصلا وزيراً للخارجية وعبد القادر مساهل الذي رقي من وزير منتدب إلى وزير كامل الصلاحيات، وهو ما أثار جدلا، كما تردد أن لعمامرة هدد بالاستقالة، ليصدر بيان جديد بعد يومين أضيف فيه للعمامرة لقب وزير الدولة التعاون الدولي والشؤون الخارجية، في حين أن مساهل منح لقب وزير الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، دون أن يحل ذلك من إشكال تداخل الصلاحيات بين وزيرين على رأس وزارة واحدة.
الشيء نفسه حصل بالنسبة لوزراء تم إبعادهم، مثل الطيب بلعيز وزير الداخلية السابق ويوسف يوسفي وزير الطاقة السابق، قبل أن يصدر بيان مصحح يقول إنه تم تعيينهم كمستشارين للرئيس، وهو ما جعل المعارضة تشكك في الجهة التي تتخذ القرارات على مستوى الرئاسة، وعن السبب الذي يدفع لإصدار قرارات ثم التراجع عنها أو مراجعتها سريعا، وهو دليل حسب المعارضة على أن الأمور لا تسير على ما يرام.
مع أننا ذكرنا في عدد سابق من «القدس العربي» أن المادة المثيرة للجدل إما ستعدل أو ستمرر دون تطبيقها على اعتبار أن هناك الآلاف من الكوادر الجزائريين حاملين جنسية ثانية، وأن عددهم في البرلمان يتجاوز المائة، فضلا عن عدد من الوزراء أيضا، الأمر الذي يفرض على كل هؤلاء الاستقالة والتخلي عن مناصب المسؤولية التي يشغلونها، – انتهى الاقتباس –
الآن فهمت هذا التوجه التغريبي المشبوه للجزائر
والسؤال هو :
لماذا إذا تحررت الجزائر من الإستعمار ؟
وماذا سنقول للشيخ عبد الحميد بن باديس الذي قال :
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
ولا حول ولا قوة الا بالله