الجزائر – «القدس العربي»: منذ أن انتهت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الجزائر، والتي جرت في نيسان/أبريل الماضي، دخلت البلاد في وضع سياسي غريب، فمباشرة بعد الإعلان عن النتائج التي أثارت جدلا، سارعت السلطة إلى البحث عن «شرعية» من خلال تنظيم جولات حوار بشأن مشروع التعديل الدستوري المرتقب، وهو الأمر الذي نتج عنه أن قررت أغلبية الأحزاب والشخصيات الفاعلة في المعارضة مقاطعة هذه المشاورات. ورغم أن هناك من انتقد «تسرع» السلطة في تنظيم هذه المشاورات حول التعديل الدستوري، إلا ان تبرير الدائرين في فلك السلطة أن هذه «السرعة» مردها رغبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الوفاء بوعوده خلال حملة الانتخابات الرئاسية، ومنها تعديل الدستور، في اتجاه تعزيز الحريات، هذه المشاورات جرت قبل بداية الصيف، ورغم أننا الآن نقترب من فصل الشتاء إلا أن مشروع التعديل الدستوري لم ير النور بعد.
صوت واحد
المعارضة التي خرجت خاسرة من الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قررت أن تحول الخسارة إلى ربح، وذلك من خلال توحيد صفوفها وجهودها، للضغط على السلطة، فقد خرجت من الانتخابات منقسمة إلى فريقين، الأول شارك في الانتخابات والثاني قاطعها، وفريق ثالث كان إما متفرجا عليها أو ساند مرشح السلطة بمهاجمة منافسيه، الفريق الأول والثاني قررا أن يشاركا في ندوة واحدة، وأن يجتمعا على مبادرة واحدة، وهي الإنتقال الديمقراطي، فلأول مرة اجتمع الأضداد في السياسة الجزائرية، والتقت كل الأطياف تقريبا من أجل مشروع واحد ترفع شعاره عاليا، وهو إحداث تغيير سلمي وسلس، وشاركت في هذه المبادرة أحزاب إسلامية وعلمانية وقيادات من الجبهة الإسلامية للإنقاذ ( المحظورة) ورؤساء حكومات سابقين وشخصيات من المجتمع المدني.
المبادرة التي أطلقتها المعارضة كان لها صدى واسع، وحظيت بتغطية إعلامية ضخمة، لأول مرة ظهر سعيد سعدي الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية ( علماني) إلى جانب علي جدي أحد القادة السابقين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ ( المحظورة) فقد كان بين الحزبين ما صنع الحداد، بل إن صورهما متعانقين انتشرت عبر كل وسائل الإعلام الجزائرية وحتى الدولية، فلا أحد كان يتصور يوما أن يبلغ الأمر بالسلطة أن تجمع ضدها كل الأضداد.
رموز هذه المعارضة أكدوا أنهم اليوم أكثر نضجا، وأن البلاد مهددة بأخطار كثيرة، وأن السلطة لا تلجأ إلا للحلول الترقيعية البسيطة، من خلال وضع يدها «في الجيب» أو في خزينة الدولة لإسكات أي انتفاضة أو احتجاج يعرفه قطاع من القطاعات، دون إدراك لكونها تسير بالبلاد إلى خطر انفجار لا يعلم أحد مداه، من خلال السياسة الشعبوية المنتهجة، مؤكدين أن الوقت حان لإرجاع الكلمة إلى الشعب، من أجل اختيار من يحكمونه بكل سيادة وحرية بعيدا عن أي وصاية.
ورغم أن السلطة تجاهلت هذه المعارضة الموحدة، ولم تشأ الرد عليها، إلا أن ذلك لم يمنع المعارضين من مواصلة عملهم، وتنصيب هيئة للتشاور، تضم قيادات حزبية وشخصيات من أجل رسم خريطة طريق المرحلة المقبلة، والنزول بمبادرتهم إلى الشعب، بإعتباره المحرك الرئيسي لأي تغيير.
في الوقت ذاته بدت أحزاب السلطة تائهة، فلم تجد بديلا يمكن أن تقترحه أو تخرج به إلى العلن، لترد به على مبادرات المعارضة، التي جمعت أكثر من مشاورات السلطة التي نظمت مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي كانت وراء انتخاب بوتفليقة لولاية رئاسية رابعة، رغم وضعه الصحي.
خارج السرب
في الوقت الذي كان فيه تشكيل المعارضة على وشك الاكتمال، كانت كل الأنظار موجهة إلى حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، عميد الأحزاب المعارضة، هذا الحزب الذي يتمتع بتاريخ عريق في النضال السياسي منذ ستينيات القرن الماضي، والذي اضطر للعمل في السر لعقود طويلة، أصبح المعارض الشرس للنظام منذ إقرار التعددية السياسية والحزبية، لكن في الوقت الذي كان فيه الجميع ينتظر رد فعل قوي من الحزب على ترشح وانتخاب بوتفليقة لولاية رابعة، رغم وضعه الصحي، خفت صوته ولم يعد ممكنا التمييز بين خطابه وبين خطابات أحزاب أخرى تشهر المعارضة كشعار وتمارس الموالاة كسلوك.
ورغم أن الحزب شارك في ندوة الإنتقال الديمقراطي الصيف الماضي، إلا أنه سرعان ما انسحب من هذا التجمع، لأسباب غير معلنة، وليفاجئ الجميع بالإعلان عن مبادرة الإجماع الوطني، التي أراد عرضها على جميع الأحزاب والتيارات، سواء التابعة للسلطة، أو التي تخندقت مع المعارضة، ورغم أن قيادات جبهة القوى الاشتراكية، قالت إن الهدف من وراء مبادرتها هو جمع كل الأطراف حول طاولة الحوار في ندوة وطنية، إلا أن ردود الفعل حولها كانت في الغالب سلبية.
واعتبر بعض المراقبين أن مبادرة جبهة القوى جاءت، بقصد أو بدونه، لتحاول كسر مبادرة أحزاب وشخصيات المعارضة، لأنه، بحسبهم، كان بإمكان الجبهة أن تنضم إلى قطب المعارضة، وأن تعمل من خلاله على الكشف عن تصوراتها من أجل الخروج من الأزمة، لأن صف المعارضة كان سيتقوى بانضمام عميد الأحزاب المعارضة.
كما أن بعض القيادات الحزبية التي سبق لها أن انضمت إلى الجبهة اعترفت بعدم قدرتها على فهم المسعى الذي يريده هذا الحزب، على اعتبار أن التصرف وكأن الوضع عادي، ولا يحتاج سوى إلى وساطة هو تصرف غريب، لأن السلطة الحاكمة، حسب هؤلاء، تسير بالبلاد إلى الهاوية، ولم يعد الأمر مجرد خلافات في وجهات النظر أو في السياسات المطبقة.
في حين أن الكثيرين اعتبروا أن لقاء قيادات حزب بمكانة وتاريخ «جبهة القوى الاشتراكية» مع قيادات أحزاب السلطة بما فيها تلك التي تدعي المعارضة أيضا، والتي لا تملك لا الحل ولا العقد، سقطة وخطأ استراتيجيا، بالعكس استغل الدائرون في فلك السلطة الفرصة لصالحهم من خلال التأكيد على أن شرعية الرئيس خط أحمر، فلو كان الحزب قد جلس إلى الماسكين بزمام الأمور حقا، فكان بالإمكان مناقشة الأمر.
أما أنصار الحزب وأعضاؤه الذين يؤمن كثيرون منهم أن الحزب لا يخطئ، وإذا فعل فهو على صواب، فراحوا يتحدثون عن أن المبادرة شيء فريد من نوعه في السياسة، وأن الحزب العتيد له من بعد النظر ما يجعله يتنبأ بالأخطار قبل وقوعها، ويسارع لتفكيك ألغامها، وراح هؤلاء يهاجمون المعارضة الأخرى، بالقول إنها معارضة مزيفة، لأن أغلبية أعضائها أكلوا بالأمس على موائد السلطة، وأنهم كانوا خادمين للنظام الذين يحاربونه اليوم.
المهم، أن هذه المبادرة وغيرها مازلت تتقاذفها الأمواج، في انتظار الحل الغائب أو المغيب لأزمة غير معلنة وغير معترف بها، لكنها تلقي بظلها على الساحة السياسية.
كمال زايت
ليس هناك لا سلطة ولا معارضة في الجزائر كما هو متعارف عليه في جميع دول العالم، لكي تكون هناك سلطة ومعارضة يجب أولا ان تكون هناك ديمقراطية، واين الديمقراطية في حالة النظام الجزائري ؟؟
النظام الذي لا jظهر اطره وقادة جيشه ومخابراته للشعب بل ولا يعرف احد حتى صورة الجنرال النافذ التوفيق الذي يتحاشى الظهور كما لو كان بارون ورئيس عصابة مطلوب للقانون … هل يمكن ان نسمي هذا نظام ؟؟ لكي تكون لديه معارضة ؟؟
فمالذي يمنع جنرالات الجزائر النافذين الحكام الفعليين أن يطهروا للشعب ويتحملون مسؤوليتهم أمامه وإظهار انشطتهم علنا على التلفزين بدل من حبك الدسائس والمآمرات لتضليل الشعب من الاقبية المظلمة ؟؟ يقدمون دمى للشعب ويحملونها مسؤولية الفشل وحينما يضجر الشعب من تلك الدمى يستبدلونها ويبقون هم في مناصبهم وياتون بدمى جديدة !!