الجزائر ـ «القدس العربي»: سقطت المبادرة التي أطلقها حزب جبهة القوى الاشتراكية (عميد أحزاب المعارضة) في الماء، بعد اصطدامها بواقع كان يبدو صعبا تفاديه، فالحزب أطلق مبادرة غير واضحة المعالم، بل هي مجرد دعوة لعقد ندوة للاجماع الوطني تشارك فيها جميع الأطراف، بلا شروط مسبقة، لكنها ووجهت برفض وتشكيك من أحزاب المعارضة الأخرى، ومن شروط أفرغتها من محتواها وضعتها أحزاب السلطة، التي وجدت من خلالها فرصة لتؤدي دورا على الساحة السياسية.
حزب جبهة القوى الاشتراكية الذي عرف لسنوات بمعارضته الشديدة للسلطة، وعدم اعترافه بشرعيتها، فاجأ الجميع بالانسحاب من تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي تشكلت بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وضمت أحزابا معارضة وشخصيات بعضها شارك في الاستحقاق الرئاسي، والبعض الآخر قاطعها، رغم أن جبهة القوى شاركت في الندوة التي نظمت الصيف الماضي وعرفت بندوة زرادة، وشهدت مشاركة كل أضداد المعادلة السياسية في الجزائر، لأول مرة في تاريخ الممارسة السياسية في البلاد.
ولما أعلنت الجبهة عن مبادرتها التي قالت أنها لن تقصي منها أحدا، بما فيها السلطة، تفاجأ الجميع. وفد جبهة القوى شرع في القيام بجولة على الأحزاب والشخصيات السياسية وغير السياسية، وكان عمار سعداني أمين عام حزب جبهة التحرير الوطني (الأغلبية) أول من التقاه وفد جبهة القوى، وتلاه العشرات من الساسة وغير الساسة، وتحفظت عليها أغلبية أحزاب المعارضة معتبرة في وقت أول أنها لا تضيف شيئا إلى المبادرة التي كانت أحزاب وشخصيات معارضة قد اتفقت عليها في إطار تنسيقية الانتقال الديمقراطي والحريات.
أحزاب السلطة التي رحبت مبدئيا بمبادرة جبهة القوى باعتبارها فرصة لكسر الحصار المضروب عليها، لكنها ما فتئت تتملص منها شيئا فشيئا، فحزب الأغلبية مثلا، بدأ لقاءاته مع وفد عميد أحزاب المعارضة بالتأكيد على أن شرعية الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة خط أحمر، ثم راح أمينه العام عمار سعداني يؤكد أن حزبه يتفاوض ويلتقي مع الأحزاب، وأنه يعتبر نفسه غير معني بما قام به أحزاب المعارضة من عقد لقاءات مع شخصيات لا تنتمي إلى أحزاب أو تنظيمات معترف بها قانونا.
وبعد أسابيع من اللقاءات لم يصل حزب جبهة القوى إلى أي نتيجة في مستوى الضجة التي أثيرت حول مبادرته، فراح الحزب يعلن عن جولة ثانية من اللقاءات والمفاوضات، وبدلا من التوصل لعقد ندوة للإجماع الوطني أصبح يبحث عن ندوة للاجتماع فقط، خاصة وأن تحفظ أحزاب وشخصيات المعارضة تحول إلى رفض وتشكيك في نوايا أصحاب هذه المعارضة، واتهامهم بالعمل لحساب السلطة بهدف كسر مبادرة المعارضة والتشويش عليها، اللافت للانتباه أن أحزاب السلطة من الدرجة الثانية أصبحت تضع شروطا أمام حزب جبهة القوى، الأمر الذي جعل قيادة الحزب تقرر تأجيل ندوتها التي كانت تريدها جامعة فلم تزد الساحة السياسية إلا شتاتا.
كمال زايت