الاتجاهات الثقيلة على أكثر من صعيد، ديموغرافي، سياسي واجتماعي، تقول لنا إن منطقة القبائل تعيش حالة اندماج متقدمة، داخل النسيج الوطني الاجتماعي والسياسي، ربما أكثر من مناطق أمازيغية أخرى، كما هو حال منطقة وادي ميزاب والتوارق.
فقد كانت منطقة القبائل بكل ما ميزها من خصوصيات، السبّاقة في المطالبة بالمسألة الامازيغية، في بعديها السياسي والثقافي. اعتمادا على مبدأ يمكن التحقق منه بسهولة في تاريخ الحالة الأمازيغية في الجزائر.
إن الجهة الأكثر مطالبة هي الجهة الأكثر نزعة الى الاندماج، داخل النسيج الوطني الاجتماعي، فالذي يطالب، هو يقدم في حقيقة الأمر، عرضا للاندماج الوطني، وليس العكس، كما قد توحي به بعض المظاهر السياسية الخداعة والمؤقتة، كما هو حاصل جزئيا هذه الأيام.
ففي الوقت الذي كانت فيه منطقة القبائل تطالب بالحق في تعلم لغتها، والدفاع عما يميزها ثقافيا وعن الديمقراطية والتعدد السياسي، كانت تزوج بناتها وأبناءها خارجها وتنتج نخبا من كل نوع للجزائر، قبل وبعد الاستقلال، احتلت مواقع أكثر من مهمة على رأس مؤسسات الدولة والمجتمع. هي المنطقة المعروفة بنسج علاقاتها الاقتصادية المتينة، مع مناطق البلاد الأخرى والعالم، عن طريق الهجرة التي ميزت أبناءها داخل وخارج الجزائر. أبناء يكونون النواة الفعلية للبرجوازية الوطنية، بمختلف فصائلها.
باختصار نحن أمام مستوى اندماج كبير، يمكن كذلك، قياسه من خلال مؤشرات التنمية البشرية التي وصلتها منطقة القبائل، حتى وهي تطالب بالمزيد من الحقوق والحريات المتعلقة بالبعد الثقافي والسياسي. مستوى من الاندماج لايزال أحسن من ذلك الاندماج الذي حققته مناطق أخرى، بما فيها الناطقة بالعربية جزئيا أو كليا. فصورة القبائلي المضطهد اقتصاديا واجتماعيا وحتى سياسيا، غير واردة في الجزائر. فمن اين جاء هذا الذي يحصل في منطقة القبائل وفي ولاية البويرة تحديدا، هذه الأيام وكيف يمكن تفسيره؟
أحداث تميزت أساسا بمظاهرات طلابية، عرفت بعض العنف، احتجاجا على ما جاء به قانون المالية (2018) الجديد من سياسة تقشف ورفع في الأسعار، زيادة على رفض مقترح قانون دعا إلى توسيع تعليم اللغة الأمازيغية، تقدمت به نائبة برلمانية من حزب العمال، الذي خرج ضعيفا من الانتخابات التشريعية والمحلية الأخيرة. كان لزاما على طلاب جامعة البويرة الجديدة التحرك والمطالبة بما اعتادت الحركة الامازيغية المطالبة به من حقوق ثقافية وسياسية. فقد علمتنا سوسيولوجيا الحركة الطلابية في الجزائر أن هناك «دورة للمطالبة « تقوم بها كل جامعة جديدة، كما حصل في السابق مع جامعة تيزي وزو وبجاية، تكون بمثابة إعلان عن ظهور مولود اجتماعي جديد، على مستوى الساحة الاجتماعية والسياسية في الولاية والمدينة: الحركة الطلابية بكل ما يميزها من قوة وعنفوان.
الحركة الطلابية التي كونت على الدوام القوة الضاربة للحركة الأمازيغية، في جزائر ما بعد الاستقلال، على غرار أحداث الربيع الأمازيغي الذي انطلق من جامعة تيزي وزو (1980). إذا اكتفينا بهذا التاريخ المؤسس.
ككل الحركات الاجتماعية المطلبية، تميزت الحركة الامازيغية، بتنوع الفاعلين الاجتماعيين داخلها، فزيادة على البعد الطلابي، كان هناك الحضور العمالي والشعبي، بما ميزه من مشاركة للمرأة ومختلف الفئات الاجتماعية، كالتجار على سبيل المثال. فنحن أمام حركة اجتماعية مركبة تتميز بالكلية والشمولية. حركة، رغم تنوعها حافظت على سلميتها الكبيرة في أحلك الظروف، هي التي عرفت مستوى تأطير نخبوي، حزبي وجمعوي، لافت للنظر. يكفي للدلالة عليه التذكير بأن مظاهرات الربيع الامازيغي في 1980 خرجت من الجامعة، بعد منع محاضرة لباحث في الأنثروبولوجيا حول الشعر الامازيغي!
هذا ما يخبرنا به كذلك تاريخ الحركات الاجتماعية المطلبية في الجزائر، وهي في حالة صعود، عكس ما هو حاصل هذه الأيام، وهي تعيش حالة انتكاسة، يمكن التأكد منها بالعين المجردة. فالمنطقة عرفت في السنوات الأخيرة ضعف حضور الأحزاب السياسية التي كانت تتميز بقوة تواجدها، كما عرفت تغييرا جيليا على مستوى النخب السياسية والجمعوية الفاعلة.
فقد حققت الأجيال التي أطرت الحركة حتى الان عدة انتصارات، تُوجت بالاعتراف الدستوري بالأمازيغية ونشرها على مستوى التعليم ووسائط الاتصال كالتلفزيون والإذاعة، الخ. الأهم من ذلك القبول الذي يلاقيه المطلب الأمازيغي وطنيا، من قبل المواطن الجزائري. فقد اقتنع الجزائريون أخيرا بأنهم أمازيغ الأصل حتى وإن تكلموا العربية، وأن التعدد اللغوي والثقافي لن يفجر البلد، إلى غير ذلك من الحقائق التاريخية والثقافية التي كانت مرفوضة لوقت قريب، من قبل بعض التيارات الفكرية والسياسية، التي ما زالت تصر على خلق «حلبجة فكرية» في الجزائر، كما تبرزه بعض محتويات وسائط التواصل الاجتماعي.
باختصار الحركة الأمازيغية بمطالبها التقليدية ونخبها المؤطرة، تعيش مرحلة نهاية حقبة وبداية أخرى، قد تكون أحداث جامعة البويرة أحد تعبيراتها. فهذه النخب أمام تحد جديد يتمثل في بناء خطاب واستراتيجية جديدة تراعي ما تحقق من مطالب، وما وصلته الحركة من تراكم وإنجازات، وما ينتظرها من تحديات، في ظرف زاد فيه عدد المؤيدين للمطلب، بمن فيهم من مارسيين جدد (مارس 1962)، اكتشفوا متأخرين، شرعية مطالب الحركة.
أزمة النظام السياسي الوطني، يمكن ان تكون مستوى آخر من التفسير في الحالة التي تعيشها المسألة الامازيغية في الجزائر، فقد علمنا التاريخ السياسي للجزائر أن النظام بأجنحته المتصارعة المختلفة، يتغذى من أزمة المنطقة ويعيد إنتاجها الموسع، عندما يكون في حالة أزمة، كما هو هذه الأيام. ما يجعلنا نقول إن حل ازمة منطقة القبائل لن يكون إلا بواسطة إحداث التغيير، في الجزائر العاصمة. وليس في البويرة او تيزي وزو .
نظام ساعد على افراغ الشارع القبائلي من زخمه التنظيمي والحزبي، ما كوٌن مرتعا ممكنا امام تيارات سياسية، مثلت الأقلية على الدوام، داخل الحركة الامازيغية: تيار المطالبة بالانفصال الذي يحاول ان يستغل هذه المحطة المؤقتة التي يعيشها المطلب الامازيغي، بما تعرفه من تغيير جيلي وتجديد في قراءتها للخريطة السياسية، وبناء استراتيجيتها الجديدة، للقفز إلى السطح من جديد.
هذا التيار المطالب بالانفصال، الذي لا يملك حظوظا فعلية في النجاح والانغراس الاجتماعي في المنطقة إلا عن طريق تكريس العنف والدعوة الى التدخل الأجنبي. في ظرف إقليمي ودولي صعب، استسهل التدخل العنيف وتحطيم الدول. فهل ستمنحه الحالة التي تعيشها الجزائر، هذه الفرصة التاريخية التي يتصيدها من بعيد؟
كاتب جزائري
ناصر جابي
” فقد اقتنع الجزائريون أخيرا بأنهم أمازيغ الأصل حتى وإن تكلموا العربية، ” إهـ
عجيب !
وأين العرب الذين هاجروا للجزائر منذ مئآت السنين ؟ وأين الزيجات المختلطة بين الأمازيغ والعرب بالجزائر
ولماذا رفض البرلمان الجزائري مطالب الأمازيغ ؟ أليسوا جزائريين أمازيغ الأصل ؟
الأمازيغ والعرب من أصل واحد وهو اليمن كالحميريين
ولا حول ولا قوة الا بالله
تحليل بعيد نوع ما عما يريد الجنرالات فرضه في الواقع. …الجيش خاض معركة واحدة ضد الشعب و انتصر فيها بالحديد و النار انه الانقلاب العسكري في التسعينيات و ها الكل يعيش نتائجه أما الجيل اللدي لم يعيش الانقلاب و المجازر. ..قد دكروه بالفيلم. .حتى لا ننسى. ..
حزب الأفلان سيحكم للأبد و كلما انهزم يتدخل الجيش بسيناريو جديد إدن المشكل في جوهره سياسي لا اقل و لا أكثر
الاحتجاجات في منطقة القبائل هي طبيعية وذات مطالب ثقافية بحتة لا انفصال ولا تدخل أجنبي النظام فهم ما يريده المحتجون نعم كل الجزائريين من أصل أمازبغي فهناك أمازيغ من حافضوا علي لغتهم وأمازبغ استبدلوها بلغة القرأن من ناحية الاصل الشعب كله مقتنع بأمازغيته أما عن اللغة فالكل حر هناك من يريد دراسة الأمازيغية وهناك من لا يريد وكل شخص حر في اختياره.
تحليل هادئ من استاذ في الاجتماع….مقيم في الجزائر….وبعيد عن المهاترات…السياسوية….بارك الله فيك
دعاة النزعة العرقية الأمازيغية ومنهم كاتب المقال ينفون الحضور العربي البشري في بلدان المغرب منذ ظهور الاسلام ويرفضون الحديث عن وجود العرب في الجزائر والذين عرفوا تاريخيا ببني هلال وكانوا عند تغريبتهم في حدود 400 ألف نسمة اي قرابة نصف مليون فاين هم اليوم؟ كما تشير الكثير من المصادر التاريخية ومن ابرزها كتاب تاريخ افريقيا العام للكاتب الاسباني مارمول وكتاب الجزائر للمؤرخ احمد توفيق المدني وكتاب تاريخ الجزائر في القديم والحديث للمؤرخ مبارك الميلي وكتاب تاريخ الجزائر العام للمؤرخ عبد الرحمن الجيلالي وكتاب الجزائر في القرون الوسطى l’Algérie médiévale للمؤرخ محفوظ قداش وكتاب ديوان العبر في ذكر احوال العرب والعجم والبربر للمؤرخ العربي ابن خلدون وكتاب العرب في بلاد البربر للمؤرخ الفرنسي جورج مارسي les arabes en berbèrie وكتاب الوجود الهلالي السلمي في الجزائر للباحث عبد الحميد خالدي وكتاب العرب في بلاد المغرب لمصطفى بن الضيف وكتاب المكون العربي في الهوية الجزائرية للباحث عامر بغدادي….وغيرهم كثير..
اين هم هؤلاء العرب الذين كانوا في القرون الوسطى قرابة نصف مليون يضاف لهم حوالي 700 الف اندلسي فارين من اسبانيا في بدايات العصر الحديث وهم معربون لغة وثقافة ونشروا ثقافتهم الراقية في معظم سواحل الجزائر وقد تكون من بقاياهم عائلة جابي..تنفون وجود العرب وتسعون لاعترافهم باللغة الأمازيغية؟ اليس هناك مفارقة..تنفون الحضور العربي اي وجود نصف السكان تقريبا وتتكلمون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان؟
” الأهم من ذلك القبول الذي يلاقيه المطلب الأمازيغي وطنيا، من قبل المواطن الجزائري. فقد اقتنع الجزائريون أخيرا بأنهم أمازيغ الأصل حتى وإن تكلموا العربية، وأن التعدد اللغوي والثقافي لن يفجر البلد ” .
من الغريب ” الدكتور جابي ” أن تكتب مثل هذا الكلام لأنه كلام عاطفي بعيد تماما عن المعطيات على ارض الواقع :
1- كيف عرفت ان الجزائريون اقتنعوا بانهم امازيغ و ليسوا عرب ! أريد احصائية موثقة واحدة فقط تؤكد ذلك .
2- ليس هناك اي قبول للمطلب الامازيغي وطنيا بل العكس حيث زادت نسبة الغضب من فرضت لهجات بهذه الطريقة و يمكنك التجول في مختلف صفحات التواصل الاجتماعي لتتاكد من ذلك .
3- تقول السيد جابي أن التعدد اللغوي و الثقافي لن يفجر البلد ، نعم التعدد الثقافي لن يفجر البلد لكن التعدد اللغوي سيفجره لاحقا و تحليلك بالعاطفة هو ما يجعلك ترى العكس .
من حقك ان تكتب ما تشاء السيد جابي و تنحاز الى الاطروحات البربرية التي ولدت بفرنسا، لكن من الافضل ان لا تتحدث مرة اخرى باسم الجزائريين الذي كانوا و سيظلون عربا .
الامازيغية مشروع فرنسي بامتياز والحقيقة انه يوجد كمشة غجرية جاءت بها روما من بلغارية وزرعتها في الجسد العربي واستغلتها فرنسا في اطار صنع الهويات