«الجلوة العشائرية» تؤرق شباب الأردن: إعدام المُستقبل الفردي

حجم الخط
2

عمان – آية عليان : بعدما ألقي القبض على الشاب هشام المطارنة المتهم بقتل الشاب تركي الصرايرة، بدأت محاكمته أمام محكمة الجنايات الكبرى، إلى أن ذلك لم يعد كافياً في العرف العشائري لتعقد جاهة عشائرية كان من أبرز شروطها إجلاء عشيرة المطارنة للجد الخامس إلى محافظة الطفيلة وإعدام الجاني.
ويعيش هؤلاء اليوم، مشردين في أنحاء البلاد، بعدما تركوا خلفهم مصادر رزقهم وبيوتهم في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات والبطالة في الطفيلة، لذنب لم يقترفوه سوى صلة قرابتهم مع المتهم والذي ربما لم يلتق به بعضهم يوماً.
يقول الطراونة، كفيل عشيرة الصرايرة في حديث مع «القدس العربي» إن أفراد عائلة الصرايرة لا يمكنهم التنقل إلا للضرورة القصوى فهي تحولت لإقامة جبرية في الطفيلة»، ويضيف أنه في حال مغادرة أي من أفراد الصرايرة الطفيلة فإن للطرف الثاني الحق في قتل الجاني وأفراد أسرته.
اختلفت الآراء بالجلوة في الوقت الحالي. البعض يراها لا تزال ضرورية لحماية أطراف النزاع من التعرض لبعضهم بعضاً، خاصة وأن بعض أحياء العاصمة والمحافظات لا تزال البيوت فيها متلاصقة، مما يجعل الاحتكاك اليومي صعبا في حالات الجرائم الحساسة؛ كما في حالتي القتل المتعمد والزنى، إلى أن هنالك عددا من القصص والمعاناة تخلف إجلاء العائلات عن مدنهم وقراهم.
سامر علي، كان أحد ضحايا الجلوة إذ خسر وظيفته ويحاول جاهداً البحث عن وظيفة أخرى في منفاه بعمان. يقول سامرانه « تم إجلاؤنا من معان دون أية ضمانات، وحتى من دون الاهتمام بما قد يلحق بنا من أذى خلافاً لذلك». ويضيف إن الجلوة حرمت أبناءه الثلاثة من الدوام في مدرستهم، وقد تأخروا عاماً كاملاً عن بقية زملائهم إذ أنه تم إجلاؤهم في منتصف العام وبهذه الحالة يكونون قد أضاعوا فصلاً دراسياً كاملاً لحين يستطيع إيجاد مدارس قريبة وجديدة لهم في المنفى».
وفي وصفه للجلوة العشائرية يقول عامر بني عامر، مدير مركز حياة لدراسات المجتمع المدني، إن الجلوة العشائرية هي لون من ألوان « العقاب جماعي»، لما تتسبب فيه من مشاكل إقتصادية واجتماعية ونفسية تطال أقرباء الجاني.
ويعتبر بني عامر أن الجلوة بهذه الصورة تشكل انتهاكا لأبسط أبجديات القانون الذي يحرم العقاب الجماعي مهما عظمت الجريمة، كما يرى أن تطبيقها أصبح صعباً وليس بنفس السلاسة التي كانت بالماضي «حينما كانت حياة البداوة تتيح التنقل بسهولة».
وبحسب الدستور الأردني فإنه «لا يجوز إبعاد أردني من ديار المملكة، كما لا يجوز أن يحظر على أردني الإقامة في جهة ما ولا أن يلزم بالإقامة في مكان معين إلا في الأحوال المبينة في القانون».
ورغم إلغاء للقانون العشائري الصادر في العام 1976، إلا أن الأجهزة الرسمية لا تزال ترعى بشكل أو بآخر تطبيق إجراءات التقاضي العشائري، ومنها الجلوة، حيث تنفذ بقوة القانون وعبر الحكام الإداريين والأجهزة الأمنية. ويتيح قانون منع الجرائم المثير للجدل حيزا وسلطات واسعة للحكام الاداريين عند تطبيق اجراءات الجلوة، وبكافة مراحلها.
وبموجب وثيقة وقعتها العشائر عام 1987، أصبحت الجلوة مقتصرة على أقرباء الجاني حتى الجد الثاني، ولا تطبق إلا في جريمتي القتل والعرض. ولكن العديد من الجلوات لا تأخذ ببنود الوثيقة ويصل الحد ببعض العائلات إلى إجلاء عائلة الجاني ومن تربطهم به صلة قرابة لغاية الجد العاشر.
ويدعو حقوقيون إلى تحرك يمنع قوننة الجلوات والعطوات العشائرية حتى لا يصار إلى حظر حريات الأردنيين الذين لم يرتكبوا جرماً. هذا ويبلغ متوسط عدد الجلوات في الأردن 13 حالة سنوياً، كانت أكبرها في الزرقاء قبل خمس سنوات وانتهت في منتصف العام الحالي وشملت 120 عائلة.

 

«الجلوة العشائرية» تؤرق شباب الأردن: إعدام المُستقبل الفردي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ” ورغم إلغاء للقانون العشائري الصادر في العام 1976، إلا أن الأجهزة الرسمية لا تزال ترعى بشكل أو بآخر تطبيق إجراءات التقاضي العشائري، ومنها الجلوة، حيث تنفذ بقوة القانون وعبر الحكام الإداريين والأجهزة الأمنية. ويتيح قانون منع الجرائم المثير للجدل حيزا وسلطات واسعة للحكام الاداريين عند تطبيق اجراءات الجلوة، وبكافة مراحلها. ” أهـ
    ما هذا التخلف والجاهلية ؟ هل الأردن دولة أم (حارة كل مين إيدو إيلو) ؟ ما هذا التسيب بتنفيذ القوانين لصلح الرجعية والعشائرية !
    أين لا تزر وازرة وزر أخرى يا مسلمي الأردن ؟ والله حتى داعش لا تقبل بهذا
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عبدالله محمود - المملكة الأردنية الهاشمية:

    لو طبق الحكم الاسلامي في مثل هذه الحالات .. لكان ذلك مريحا للجميع … قال تعالى : ( ولكم في القصاص حياة …) وما حكاية الجلوات إلا تخلف وجاهلية .. المعتدي يعاقب .. ونقطة على السطر .. وما دمتم بعيدين عن حكم الله … فستظلون في متاعب وشقاق .

إشترك في قائمتنا البريدية