برلين ـ «القدس العربي»: تسبب صعود نادي آر بي لايبزيغ لكرة القدم الى دوري الدرجة الاولى في المانيا باستياء المشجعين المتشددين للاندية التقليدية، مثيرا مخاوف تدمير «الانـدية البلاستــيكية» لثقافة تقليدية في البونسدليغا.
ويدعم فريق آر بي لايبزيغ عملاق مشروبات الطاقة النمسوي «ريد بول» الذي حصل على رخصة لكرة القدم وأسس النادي عام 2009. وأعيدت تسمية النادي «رازن بول سبورت لايبزيغ» بدلا من «ريد بول لايبزيغ» للالتفاف تحديدا على قواعد الدوري الالماني التي تحظر حمل اسم الرعاة. وفي غضون 7 سنوات، صعد النادي 4 درجات وصولا الى البوندسليغا، وتشكيلته الشابة لم تتلق أي هزيمة في 7 مباريات، اذ فاز في أربع مباريات وتعادل ثلاث مرات، حتى جولة الاسبوع الماضي، ليحتل المركز الثالث بفارق نقطتين عن بايرن ميونيخ المتصدر وحامل اللقب. ونجح بالفوز على بوروسيا دورتموند القوي مطلع الموسم، وتعادل مع فرق مرموقة مثل كولن وبوروسيا مونشنغلادباخ.
لكن أداءه اللافت على أرض الملعب في موسمه الاول بين اندية النخبة، قابله احترام قليل من المشجعين المتشددين المعروفين تحت اسم «التراس». وتمت مقاطعة بعض مباريات لايبزيغ، والقيت رؤوس الثيران الحمراء (شعار النادي) الى أرض الملعب خلال مباراة خارج أرضه في مسابقة الكأس. وقطع الالتراس المشجعون لنادي كولن الطريق امام حافلة النادي عندما قابل فريقهم في ايلول/ سبتمبر الماضي، فتأخر موعد انطلاق المباراة، فيما كتبوا على لافتات في المدينة «نكره آر بي». ومن جهتهم، قاطع مشجعو بوروسيا دورتموند مباراتهم خارج ارضهم الشهر الماضي في لايبزيغ ورفضوا انفاق أموالهم لصالح خزنة ريد بول.
ويقول المخرج ومشجع بوروسيا دورتموند يان هنريك غروسيتسكي: «يقود ريد بول لايبزيغ منظومة كرة القدم الى العبثية… اندية تقليدية مثل دورتموند وشالكه وبايرن ميونيخ تريد كسب المال وتلعب كرة القدم. في المقابل، يريد ريد بول بيع منتجه وعلامته التجارية. هذ هو الفرق في الاساس». العداء نحو الاندية التي ترعاها شركات كبرى ليس جديدا في المانيا، لكن لايبزيغ يثير استياء متزايدا. وتدعم اندية اينغولشتات وباير ليفركوزن وفولفسبورغ وهوفنهايم، والآن لايبزيغ، شركات كبرى او أفراد اثرياء، ولا تعتبر اندية شعبية ويطلق عليها اسم الاندية البلاستيكية. وعندما واجه فولفسبورغ، المدعوم من صانع السيارات فولكسفاغن، باير ليفركوزن المدعوم من شركة باير للادوية الموسم الماضي، وصفت مجلة كيكر المباراة بـ«أل بلاستيكو» على وزن مباراة الكلاسيكو الشهيرة بين ريال مدريد وبرشلونة الاسبانيين.
ومن الناحية النظرية، هناك قاعدة تمنع على الافراد والمؤسسات امتلاك الاندية بشكل صريح، وتنص قاعدة 50+1 على ان النادي يجب ان يحصل على اكثرية حقوق التصويت الخاصة به. لكن لايبزيغ تجاوز القاعدة مع نسبة 51 ٪ يملكها موظفو ريد بول، فيما تملك الـ49 ٪ الباقية شركة ريد بول. وقال يوناس غابلر خبير ثقافة كرة القدم في المانيا: «خصوصية ثقافة كرة القدم في المانيا، هي ان النادي يتم تأسيسه كجمعية حيث يملك الجمهور السيطرة على السلطة وصنع القرار». وتابع: «مصالح ورغبات المشجعين تؤخذ بشكل جدي جدا. هذا التفاعل بين المشجعين وأنديتهم هو عنصر أساسي في ثقافة كرة القدم. الآن المشجعون لديهم انطباع بان هذا التقليد أصبح مخترقاً من قبل الاندية التي تؤسسها الشركات».
وينتقد جمهور الاندية التقليدية الاندية البلاستيكية للاعتماد على راع كبير يمكنه سحب الاموال بارادته ويأخذ مكان فريق اخر اقل ثراء في الدرجة الاولى. وعلى سبيل المثال، فاز لايبزيغ على نورمبرغ صاحب التقليد العريق في الكرة الالمانية واقتنص بطاقته نحو البوندسليغا الموسم الماضي. وأسعار التذاكر المعقولة هي من سمات الاندية الالمانية لكرة القدم، لكن الجماهير تخشى تدهور الاحترام المتبادل بين الاندية ومشجعيها ما قد يؤدي الى ارتفاع في الاسعار. ويختم غابلر: «العديد من القادة يرفضون هذا النموذج الاقتصادي. وكثيرون يفضلون عدم معارضة اكثرية الجماهير، لذا يحافظون على حذرهم».