الجهود خجولة والقبضة مرتخية وأساطين الفساد في مصر تزداد توحشا وتوغلا

حجم الخط
2

القاهرة ـ «القدس العربي» في صحف أمس الخميس 11 يونيو/حزيران دخل منافس جديد لجذب اهتمامات الغالبية، وهو نجاح الأمن في إحباط هجوم إرهابي على السائحين في معبد الكرنك، وقتل اثنين من المهاجمين وإصابة الثالث إصابة جسيمة، بعد أن كان خبر ضبط مزرعة لتربية الحمير تذبحها وتبيع لحومها لعدد من المحلات، بلغ عددها ثلاثون حمارا، وإحباط خطة ذبح أكثر من ألف حمار لطرح لحومها للبيع في الشهر الكريم، قد احتل حيزا كبيرا من الاهتمام، مما أثار المخاوف من أن يكون جزء من اللحوم المضبوطة قد تسرب للجزارين ومراكز البيع التي أقامتها وزارة التموين، وهو ما ستكشف عنه التحقيقات ولا نريد الجري وراء ما ينشر الآن بسبب التضارب في المعلومات، خاصة أن زميلتنا الرسامة الجميلة في جريدة» روز اليوسف» أماني هاشم أكدت لنا أمس أنه أثناء سيرها في أحد الشوارع شاهدت مواطنا بائسا أشبه بالحمار يقول لصديقه:
– حمير.. حمير.. كفاية أن الواحد بياكل لحمة.
وغير هذين الخبرين لا يزال الاهتمام بمتابعة امتحانات الثانوية العامة يسيطر على الغالبية، وكذلك متابعة أخبار المسلسلات والبرامج التي سيتم تقديمها في الشهر الكريم، واستقرار التحسن في الكهرباء، ومتابعة أسعار المواد الغذائية في المجمعات الاستهلاكية. رغم أن الصحف ركزت على مؤتمر القمة الاقتصادي الأفريقي في شرم الشيخ، والتوقيع على التكامل بين تجمعات الكوميسا والسادك وشرق أفريقيا واتحادها معا لتضم الستة والعشرين دولة المكونة لها، لتكوين سوق واحدة وتوقيع اتفاقية بين صندوق النقد الدولي ووزارة الإسكان بقرض قدره خمسمئة مليون دولار، لتمويل مشروع الإسكان الاجتماعي ويتم تسديده على مدى خمسة وثلاثين سنة، السنوات الخمس الأولى فترة سماح. وإلى شيء من أشياء عندنا….

توجهات الرأي العام المصري بشأن الأوضاع السياسية

ونبدأ بأبرز ما نشر عن تقييم سياسات السيسي في العام الأول من حكمه، وفي ما نجح وفشل، أو كانت إنجازاته بين بين، والذي أود أن ألفت الانتباه إليه أن ما تكتبه وسائل الإعلام لا يعبر بدقة عن رأي الغالبية الشعبية التي لا تزال في واد، بينما النخبة ومن يعملون بالسياسة في واد آخر، لا يعبرون عنها، وحتى إذا عبر بعضهم عنها فإنه يعبر عن موقف معين فقط لا بشكل عام، وهذا راجع إلى أن غالبيتهم الساحقة لا يمارسون عملا سياسيا حزبيا، أي ليسوا أعضاء في أحزاب بصرف النظر عما إذا كانت فاعلة أم لا، ولا يقومون بأي أنشطة نقابية أو اجتماعية في مؤسسات خيرية أو في الأحياء الشعبية، كما كان يفعل الإخوان ويفعل حاليا حزب النور وبعض الجمعيات الدينية والاجتماعية المؤثرة في أعمال الخير، ومن يعتمد على ما ننقله في التقرير لما ينشر عن أنه تعبير حقيقي أو شبه حقيقي عن الأغلبية، سيخرج باستنتاجات خاطئة في تحليله لاتجاهات الرأي العام، أو لتحديد موقف الأغلبية التي لا تزال حتى الآن، لا يمكن القول بانحيازها إلى حزب معين، رغم أنه من السهل جدا تحديد الاتجاهات السياسية والاقتصادية العامة التي تميل إليها، بصرف النظر عن الرئيس أو الحزب الذي يتبناها وهي عودة مصر إلى مكانتها العربية والدعوة للوحدة العربية والتعاطف مع قضايا العالم العربي، ورفض سياسات التبعية لأمريكا أو للغرب عموما، والحفاظ على قوة الدولة وهيبتها والعلاقة القوية بين الشعب والجيش، ووجود الدولة كقوة اقتصادية وانحيازها للأغلبية الفقيرة والمتوسطة، والنفور من أي دعوات لبث الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط والتطرف الديني، هذه الأمور بشكل أساسي هي التي تحدد اتجاهات وعواطف الأغلبية نحو أي حاكم لمصر، وللحزب الذي يتزعمه وينفذ بواسطته هذه الاتجاهات، ولذلك لم يكن غريبا أن تتجه الأغلبية إلى الزعيمين خالدي الذكر سعد زغلول باشا ومصطفى النحاس باشا، وحزب الوفد منذ الثورة الشعبية عام 1919 وحتى ثورة يوليو/تموز 1952، واتجهت إلى خالد الذكر جمال عبد الناصر، لأنه كان استمرارا بشكل أو بآخر لسعد والنحاس، ورغم تعرض الزعماء الثلاثة في بعض الفترات إلى صعود وهبوط في شعبيتهم، إلا أن أغلبية واضحة تمسكت بهم وبررت لهم أخطاءهم وفشلهم في بعض المواقف والسياسات، ولم تنقلب عليهم لإحساسها بصدق تجاوبهم معها، وهو ما يفسر لنا لماذا كانت شعبية الرئيس الراحل أنور السادات، رغم خروجه منتصرا في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، تتذبذب بشدة من سنة لأخرى مرة في السماء وأخرى في الأرض لإحساس الغالبية أنه خرج عن الأسس العامة التي تحدد مواقفها، عندما اكتشفت أنه انحاز للأغنياء ضد الفقراء وأخرج مصر من العالم العربي، رغم أن هذه الأغلبية أيدته في اتفاق السلام مع إسرائيل، وهو ما فهمه السادات خطأ بأنها توافق على التطبيع معها والخروج من العالم العربي والخضوع لأمريكا، لأنها نظرت إلى الاتفاق على أنه إنهاء لحالة حرب وللتفرغ لحل المشاكل الاقتصادية. أما ما رتبه السادات من سياسات على ذلك فإنها ترفضه وهو ما يفسر أيضا لماذا انحازت الأغلبية إلى مبارك بعد توليه الرئاسة، بمجرد أنه عمل لإعادة مصر للعالم العربي واستقبل ياسر عرفات في مصر بعد خروجه من بيروت عام 1982 ولاستخدامه بعض العبارات التي كان يرددها خالد الذكر، لدرجة أن البعض شبهه بجمال عبد الناصر، وحديثه عن أن «الكفن مالوش جيوب» ثم انقلبت عليه هذه الأغلبية عندما خرج عن ثوابتها التاريخية.
المهم أنني لا أمل من لفت الانتباه إلى أن أغلب ما تنشره وسائل الإعلام لكتاب وصحافيين لا يعبر بالضرورة عن حقيقة توجهات الأغلبية، وقد تكون تعبيرا عن دوائر محدودة من رجال الأعمال أو المثقفين وهي كلها مواقف غير ثابتة بعكس الحال بالنسبة للإخوان المسلمين وحزب النور السلفي، وهما يعبران عن قواعد حزبية لهما، سواء كانت واسعة أو محدودة فهذه قضية أخرى، ولذلك سوف نلمس تناقضات واسعة وكثيرة بين مؤيدي السيسي من انحياز كامل إلى انتقادات خفيفة أو عنيفة .

فوضى الإعلام

وفي «أهرام» الثلاثاء قال زميلنا وصديقنا وأحد مديري تحرير «الأهرام» أشرف العشري: «مع بداية العام الثاني لحكمه وأولها استمرار التعثر في مكافحة ووقف الفساد في مصر، الذي ما زال مستمرا، حيث الجهود خجولة والقبضة مرتخية وأساطين الفساد في وطني تزداد توحشا وتوغلا، وكذلك الحال مع فوضى الإعلام، حيث لا قوانين صدرت ولا تشريعات وقعت ولا تدخل نهائيا لمنع هذه الانزلاقات الإعلامية والصحافية ولا أفكار وقرارات جزئية لإنقاذ عثرة التلفزيون المصري وتجميد ديونه، والحال هكذا بالطبع بالنسبة للمؤسسات الصحافية القومية، ولا توفير معالجات لأزمة الصحافة والإعلام خارج الصندوق، أخيرا بسبب ضيق المساحة تبقى قضية مستشاري الرئيس من أهل الفكر والعلم والخبرة من المدنيين بجانب العسكريين، خاصة في السياسة والاقتصاد والعلم، حيث نريد كوكبة من أهل النصح والفكر والحكمة والرشادة السياسية في قصر الاتحادية، بجانب الرئيس بعيدا عن المجالس الاستشارية المتعددة من الشباب، التي تحتاج سنوات للنضوج والتعلم وتراكم الممارسة والخبرة. بالفعل الشاهد أن كل حكام مصر السابقين كان لديهم استعداد وميل لديكتاتورية إلا السيسي وهذا ما هو منظور حتى الآن، حقا لكل زمان دولة ورجال ونجاحات داخلية وسياسات خارجية واعدة وإنه لزمن مصر الآن».

نحتاج خطاب حرب وليس خطابا ودودا متسامحا

ونغادر «الأهرام» إلى «الوطن» عدد يوم الثلاثاء أيضا وزميلنا محمود الكردوسي الغاضب دائما وقوله عن الرئيس: «يلهث وراء عشرات التفاصيل ويخوض معارك أصغر بكثير من صلاحياته، ناسيا أو متجاهلا أو مضطرا لتجاهل حقيقة أن هذا ليس دوره، وأن عليه أن يشعل النار في جهازه الإداري قبل أن يهوي بانجازه إلى أسفل سافلين. نسي الرئيس أو تجاهل مضطرا أن من الخطورة عليه وعلينا أن يكون الرئيس والوزير والمدير والغفير والمتابع والمحاسب، وربما لم يعد ينقصه سوى أن يصلح بين الرجل وزوجته، نسي أو تجاهل مضطرا أن الثقة المفرطة في رجال القوات المسلحة والاعتماد على صرامة وانضباط جهازها الإداري، لا يعني إهمال مؤسسات الدولة الأخرى، وأن عليه أن «يعسكر» أسلوب عمل هذه المؤسسات، إذا كان الأمر يقتضي ذلك. نسي أو تجاهل مضطرا أن مصر في حالة حرب وأن جبهتها الداخلية تحتاج إلى خطاب حرب إلى «عين حمراء» أحيانا، وليس هذا الخطاب الودود المتسامح، نسي أو تجاهل مضطرا أن للرئيس «رجالا» ومؤسسة رئاسية تصون هيبته وتمنع عنه ضجيج المطبلين والمنافقين وكرنفالاتهم المخجلة، نسي أخيرا ولعله اطمأن إلى حد لم يعد يدرك أن ثورة 30 يونيو/حزيران الثورة التي أتت به رئيسا يتم تفريغ أهدافها يوما بعد يوم وأنها ابتذلت وتضاءلت الفروق بينها وبين فاجعة 25 يناير/كانون الثاني، إلى حد لم يبق منها سوى «شخص» عبد الفتاح السيسي كل عام وأنت أفضل وأغزر انجازا يا سيادة الرئيس».

كل الطرق السياسية في مصر تؤدي إلى صنع ديكتاتور

وفي الحقيقة فلا أعرف لماذا بعد كل هذا النقد يشيد الكردوسي بإنجازات الرئيس، لكنه عتاب المحب ولذلك لم يكن غريبا أن يأتي زميلنا في الشروق في اليوم ذاته محمد عصمت بصورتي خالد الذكر والسيسي ومبارك والمرشد العام أمامه ويصرخ فيهم قائلا: «كل الطرق السياسية في مصر تؤدي إلى صنع ديكتاتور، يملك ويحكم بصلاحيات نصف إله، ليس فقط لغياب السلطة التشريعية التي تراقب وتنتقد وتسن القوانين، ولا بسبب تعطيل تطبيق مواد الدستور الذي يجعل البرلمان شريكا في الحكم، ولكن أيضا بسبب الضعف البنيوي في تركيبة مؤسساتنا الحزبية وضحالة ثقافة الرأي العام، وبسبب جهود القوى الديمقراطية الساعية لصنع تغيير جذري في حياتنا السياسية، وضعف تأثيرها في حركة الشارع، مع تراث قمعي استبدادي عريق تحدثه بعناية فائقة أجهزة الدولة العميقة التي يعتقد أنها بدون تمسكها بهذا التراث سوف يصبح البلد كله وكأنه ريشة في الهواء. هل يصبح نسخة جديدة من عبد الناصر ويعيد تجربته البائسة في تأميم الحياة السياسية وضرب قوى المعارضة وتبني سياسات بوليسية تنتهك حقوق الإنسان وتهدد آدميته. بعد عام من رئاسة السيسي ظهرت مؤشرات دالة، وإن كانت غير نهائية، حول توجهاته الاقتصادية التي لا تختلف كثيرا عن توجهات مبارك، ولا توجهات الإخوان المسلمين، بالاعتماد على قانون السوق كمحرك لعجلة التنمية الاقتصادية، مع غياب تام لمفاهيم العدالة الاجتماعية، وهو ما يؤكده الاستمرار في تقليص الدعم وصولا لإلغائه تماما في غضون عدة سنوات مع غض الدولة الطرف عن ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية والاستمرار في تدليل كبار الأغنياء بخفض الضرائب المفروضة على أرباحهم».

التصدي للفساد وإهدار المال العام
عمل مؤسسي وليس شخصيا

لا.. لا.. كلام لم يقبله في اليوم نفسه أي الثلاثاء، زميلنا وصديقنا رئيس تحرير مجلة «المصور» الأسبق عبد القادر شهيب «يساري»، لذلك قال عنه في مقاله الأسبوعي في «الأخبار»: «عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه مستعد للمساءلة في أي وقت، لم يكن فقط يخاطب المواطنين، وإنما كان أيضا يخاطب كل المسؤولين قبلهم، لم يكن يريد فقط طمأنة الرأي العام باستعداده للمساءلة دوما، وإنما كان ينبه أيضا المسؤولين الكبار والصغار بأنهم يجب أن يحذوا حذوه، وهنا يمكننا أن نفهم ما قاله الرئيس أيضا من أنه سوف يحاسب على كل جنيه ينفق في هذا البلد من المال العام ليصرف على الفور بشكل صحيح، ومن أجل الغرض السليم وبدون إهدار، فالرئيس يدرك أيضا أن هناك أجهزة تقوم بدور الرقابة المالية، وقال إنه كلفها بمتابعة المشروعات الجديدة، ويعرف أن التصدي للفساد وإهدار المال العام هو عمل مؤسسي وليس عملا شخصيا، حتى لو كان هذا الشخص صاحب أرفع منصب، وهو منصب رئيس الجمهورية، ومع ذلك قال إنه سوف يتابع إنفاق كل جنيه، لينبه كل المسؤولين حتى لا يتهربوا من المساءلة».

ما جرى من إنجاز لا يغني ولا يسمن من جوع

لكن في اليوم التالي الأربعاء قال رئيس تحرير جريدة «التحرير» زميلنا وصديقنا إبراهيم منصور «ناصري» عن الحديث عن إنجازات السيسي في العام الأول لحكمه:
«ليس المطلوب الحديث عن «إسهال» إنجازات بما يتضمن اتصالا تليفونيا أو التصوير «سيلفي»، وإنما الحديث عن التحديات، ومدى التصدي لها. نعلم جميعا أن هناك ترقبا جماهيريا للرئيس بعد أن وقف الناس خلفه وساندوه ولا يزالون، من أجل بناء الدولة الحديثة، لكن ما جرى من إنجازات، وفق الصادر عن مكتب إعلام الرئاسة ومكتب الرئيس، لا يغني ولا يسمن من جوع، ولا يحقق أي طموحات، حتى لو مؤجلة للجماهير، فما زال هناك غياب كبير لمشروع الرئيس والرئاسة والحكومة، لحقوق المواطنين، وما زالت الرؤية غائمة بل وغائبة في كثير من القضايا الحياتية، وما زالت الحياة منزوعة السياسة، كأن الإدارة لا تريد من الناس التدخل في السياسة أو المشاركة، لقد أراد الشعب التغيير، لكن ما يراه الآن ليس فيه أي تغيير.. وأراد الشعب الإصلاح لكن ما يراه الآن ليس فيه أي إصلاح».

الحكومة والقطاع العام

وسننتقل إلى قضية أخرى عن الحكومة وتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي والتصميم على أن تكون فاعلا فيه بملكيتها للمشروعات والمنافسة مع القطاع الخاص، وقد نشرت «المصري اليوم» يوم الثلاثاء حديثا مع وزير المالية الأسبق وعضو مجلس إدارة بنك الاستثمار القومي حاليا الدكتور ممتاز السعيد، أجراه معه زميلنا محسن عبد الرازق قال فيه: «سياسة الخصخصة أفشل سياسة» و«جابت القطاع العام للخلف در .. وجابت أجلنا»، وعلى الدولة إعادة بناء هذه الشركات والمصانع، خاصة في صناعة الغزل والنسيج والحديد والصلب والنصر للسيارات وغيرها، وتوفير الآلات والمعدات اللازمة لنهضة الصناعة وإعادة تشغيل المصانع، خاصة أن حجم البطالة بلغ نحو واحد وثلاثين في المئة، حيث وصل عدد العاطلين إلى نحو 3.7 مليون عاطل، فلابد من العمل على إحياء شركات قطاع الأعمال العام، من خلال تطوير العمالة وزيادة التدريب وتحديث الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج، ولدينا ما يزيد على تسعين مليار جنيه في بنك الاستثمار القومي مديونيات لدى شركات قطاع الأعمال العام، نسعى من خلال أفكار جديدة إلى إعادة هيكلتها وجدولتها، من خلال إعادة إحياء القطاع وهناك معاناة في سداد هذه المديونيات التاريخية».

أهمية دور القطاع العام
في التنمية الاقتصادية والاجتماعية

وفي اليوم التالي الأربعاء نشرت «المصري اليوم» في تحقيق لزميلينا منصور كامل وسناء عبد الوهاب ما حدث في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار في البورصة، وكلمة رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، وأبرز ما فيها تأكيده التالي بعد الحديث عن تشجيع الاستثمار الخاص: «… هذا لا يعني إغفال أهمية دور القطاع العام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، الحكومة لديها قناعة تامة بأن الشركات الحكومية يمكن أن تلعب دورا مهما في استكمال الدور المجتمعي للدولة، لتحقيق عائد اقتصادي بتحسين الإيرادات أو عائد مجتمعي بالمساهمة في تحقيق الأهداف الاجتماعية للدولة، ولا يعني هذا أن تكون هناك معاملة تفضيلية للقطاع العام عن الخاص، أو العكس، ولكن الهدف هو الحفاظ على بيئة تنافسية عادلة لكل الأطراف تسمح في النهاية بتوفير أفضل الخدمات والسلع للأفراد. التفكير في إنشاء صندوق سيادي للشركات الحكومية ما زال مطروحا للمناقشة، وذلك للاستفادة من الطاقات المعطلة وغير المستغلة في القطاع الحكومي وإعادة إطلاق قدراته مرة أخرى، وفي هذا الشأن فإن الاستفادة من البورصة كمصدر لتمويل شركات القطاع العام وإعادة هيكلتها لم تعد مجرد أمان، حيث شهدت الفترة الأخيرة ترجمة واقعية بقيد عدد من الشركات الحكومية في السوق، وبدء الاستعداد لقيد شركات جديدة. إن الحكومة لا تهدف إلى بيع أي حصص من حصصها في الشركات الحكومية، وتسعى لاستغلال الحجم الكبير من الاستثمارات المتاحة في البورصة لزيادة رؤوس أموال الشركات، وبالتالي زيادة تنافسيتها وقدرتها على النمو، كما أن التجربة تؤكد أن قيد الشركات الحكومية في البورصة، ساعد بشكل كبير في رفع كفاءة مستوى الإدارة بها وتحسين مستويات الرقابة في أدائها المالي والتشغيلي».

القصور والإهمال في جميع المؤسسات

وأخيرا إلى «أهرام» يوم الأربعاء أيضا وزميلتنا الجميلة ماجدة الجندي، وقولها عن زيارة رئيس الوزراء لمعهد القلب في إمبابة واكتشافه ما فيه من قصور وإهمال:
«يبقي تساؤلان الأول كيف كان العالم الوطني الدكتور محمد غنيم مؤسس مركز الكلى يدير هذا الصرح، وكيف سار به لسنوات وارتفع بأدائه إلى مستوى تجاوز مصر إلى آفاق المعايير الدولية، لماذا لا نسأله عن المعجزة التي جعلته يعالج الفقراء والأغنياء بضمير واحد، لماذا لا نتعلم منه معنى المنظومة وقوامها حساب المخطئ بعد أن نسلمه الرؤية والأدوات؟ أما التساؤل الثاني فلنقل إنه افتراض لو عمل رئيس الوزراء حملة تفتيش على أي جزء يختاره من المؤسسات المصرية المدنية، محطة السكة الحديد أو وزارة الآثار أو الزراعة أو المزلقانات أو فاجأ حتى لجان الامتحانات في الثانوية العامة، بلاش لو راح «لجهات مهمة» لن أسميها هل يتوقع سيادته أوضاعا أقل صدمة؟ إنه الحصاد المر لسنوات ظلم فاجر دونما حساب، وعلاجه أعمق مما يصلنا حتى الآن، فسلامة للحكومة من الصدمة ومن الخضة، أؤكد لها أن العلاج لها ولنا في الرؤية هي الاحتياج الملح، وهي المفتقدة وهي غير الواضحة حكوميا حتى الآن، وهي التي مفروض أن تتحول إلى خطط، ثم بعدها تتم المحاسبة، محاسبة الكبير قبل الصغير».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء، ففي يوم السبت الماضي في «أخبار اليوم» الحكومية هاجم صديقنا عضو مكتب الإرشاد السابق لجماعة الإخوان وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان المحامي والكاتب مختار نوح وهو خفيف ظل معركة مع إخواني خفيف ظل آخر موجود في الخارج هو حمزة زوبع ردا على هجومه ضد المجلس فقال: «قتل الرئيس مبارك الشيخ الإخواني والمؤسس القديم الأستاذ كمال السنانيري وكان ذلك عام 1982 في سجن أبو زعبل، وانكفأ على «الخبر ماجور» وقيل إنه انتحر ولم يعترض واحد من الإخوان، ثم قتل أكثر من خمسة من المحبوسين بالطريقة نفسها ما بين متهم بالاتجار في المخدرات أو بالتزوير، فأتي الإخوان بالماجور نفسه ووضعوه على الخبر، ثم فتح التعذيب فمه على الشباب والشيوخ في سجن طره عام 1983، وشاهد الإخوان ذلك بأعينهم وقتلت الحكومة ووزارة الداخلية وحسني مبارك الشاب علاء الدين عاشور في شارع الهرم، وجعلت من السجون سلخانة كبرى فتحدث العالم كله إلا أنه صدرت الأوامر إلى قواعد الإخوان بالابتعاد عن هذه القضايا برمتها، إلا أن القاضي العظيم الراحل المستشار عبد الغفار محمد أبى إلا أن يسجل وقائع التعذيب في حكمه، ويطلب إحالة الضباط المتهمين إلى المحاكمة الجنائية، وبدأت المحاكمة في عام 1987، لتقف هيئة الدفاع عن الضحايا المعذبين وينفقون الوقت والجهد والمال. وبحثنا في هيئة الدفاع عن واحد من الإخوان فلم نجد سوى الدكتور مندور الوفدي وأولاده، وبعض الموكلين من أصحاب الاتجاهات المستقلة والوفدية من المحامين والعبد لله كاتب هذا المقال، على الأقل، لأنني كنت أعشق التمرد في داخل الجماعة، وقت أن كنت عضوا بها…».
والشاب علاء الدين عاشور الذي أشار مختار إلى اغتياله كان من الجماعة الإسلامية وهو ابن عم صديقنا نقيب المحامين واحد المتنازعين على رئاسة الحزب العربي الناصري سامح عاشور، أما المحامي الوفدي الدكتور مندور فهو عبد الحليم مندور.

جريمة معبد الكرنك ومؤشراتها

وننتقل الآن إلى جريدة «المصريون» ومقال رئيس تحريرهاجمال سلطان الذي يقول فيه: «حتى الآن المعلومات شحيحة حول تفاصيل الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له المناطق السياحية في الأقصر، حيث فرضت الجهات الأمنية حصارا إعلاميا على الموقع ومنعت الصحافيين من الاقتراب أو المتابعة، وإن كان ما ترشح من أخبار «رسمية» أن ثلاثة مهاجمين استهدفوا معبد الكرنك، أحدهم كان انتحاريا تزنر بحزام ناسف، وأنه جرى اشتباك بين قوات الحماية والمهاجمين، انتهى إلى مقتل اثنين وتفجير الثالث لحزامه الناسف، وأن الشرطة أبقت السياح الموجودين بداخل المعبد لحين انتهاء المواجهات، وأن ألطاف الله جعلت الضحايا محدودين. هذا الحادث لم نسمع عن مثله من سنوات بعيدة، وربما كانت آخر حادثة دموية هي تلك التي وقعت في الدير البحري عام 1997 وراح ضحيتها عشرات القتلى من السياح، وكانت سببا في إقالة وزير الداخلية وقتها اللواء حسن الألفي، وكانت سببا ـ أيضا ـ في اتجاه الدولة نحو فتح حوار داخلي مع الجماعة الإسلامية وقياداتها في السجون، وانتهت بالمراجعات الشهيرة التي أنهت حقبة العنف. الحادث الذي وقع اليوم (الأربعاء)، بغض النظر عن نتائجه المباشرة، هو مؤشر بالغ الخطورة ، من حيث أنه يلفت انتباهنا إلى أن خلايا إرهابية جديدة بدأت في التشكل، وأنها تستهدف العصب الاقتصادي للدولة، وأسهله ـ أمنيا ـ السياح الأجانب، وبدون شك، فإن هذا الحادث لا يمكن أن يكون وليد خاطرة لدى الثلاثة الذين ارتكبوه، وإنما الأرجح أنهم جزء من تنظيم جديد يخطط لهذه النوعية من العمليات الإجرامية، بهدف استنزاف الدولة واقتصادها الذي يعتمد في نسبة كبيرة منه على قطاع السياحة، وهذا يعني أن الجهاز الأمني سيتحمل جهدا مضاعفا من الآن فصاعدا في الانتباه والمتابعة والملاحقة لهذا الخطر الجديد، وهو ينذر بمواجهة قد تمتد سنوات، حيث استمرت مواجهات التسعينيات قرابة العشر سنوات بين الشرطة والذراع المسلحة للجماعة الإسلامية، غير أن الأمور قد تبدو أكثر صعوبة هذه المرة وتحتاج جهدا مضاعفا من الجهات الأمنية، لأن الخلايا الجديدة لا يعرف جذرها، وأعضاؤها ورعاتها، بخلاف الخلايا القديمة التي كانت تتبع تنظيما معروفا بكافة تفاصيلة تقريبا وعناصره مكشوفة لجهاز الأمن، أما الآن ، فنحن أمام جيل جديد لا نعرف تفاصيله، ولا مكوناته ولا عناصره، وهذا ما يعقد الأمور نوعا ما، كما أن الأجيال الجديدة من تنظيمات العنف أصبحت تستخدم وسائل وأساليب أكثر وحشية وجرأة، خاصة ظاهرة الأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، وهي أفكار لم تكن معروفة لدى الأجيال السابقة، وهناك جرأة على الدم واضحة، على النحو الذي نلاحظه في الأحداث التي تقع في العراق وليبيا ومؤخرا في السعودية، كما أن مصادر السلاح والمواد المتفجرة اتسعت عما قبل بفعل حالة الانفلات التي تشهدها مناطق المحيط الجغرافي، خاصة في ليبيا. الملاحظة الأخرى في تلك الواقعة أنها الأولى ـ تقريبا ـ التي تقع في صعيد مصر بعد أحداث إطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي وما صاحبها من أعمال عنف وغضب واسعة، كان الصعيد بمنأى عن الأحداث العنيفة تقريبا، إلا من مظاهرات عادية، فهل قررت التنظيمات الإرهابية فتح جبهة جديدة في الصعيد بالفعل، وهل يمكن اعتبار هذه الحادثة مؤشرا على أن تهديدات تنظيم داعش بفتح جبهة في الصعيد تحت شعار «ولاية الصعيد» كان تهديدا جديا بالفعل ، لعل هذا ما سوف تكشف عنه التحقيقات، وما يترشح من معلومات أو بيانات تصدر عن الجهة التي تتبنى هذه العملية الجديدة المفاجئة» .

بناء الفرد يسبق بناء الأمة

وأخيرا الى «الشروق» ومقال الكاتب جميل مطر ومما جاء فيه: «يكاد يقترب من نهايته العمل في المرحلة الأولى لتوسيع قناة السويس، ويكاد يبدأ العمل في بناء عاصمة إدارية جديدة لمصر في صحراء شرق القاهرة، والحركة دائبة للانتهاء من مشروع تحديث الطريق الصحراوي وطرق أخرى والتخطيط لمشاريع هندسية أخرى. يلفت النظر في تنفيذ المشروعات أن رئيس الدولة يبذل جهدا ويخصص وقتا لمتابعة التنفيذ، وإن كان اهتمامه الأساسي حتى الآن يتركز على عنصر الوقت، ورغبته في أن يحقق الإنجاز في أقل وقت ممكن للحصول على أكبر عائد ممكن من الدعم الشعبي والرضا العام.
تقليد جيد اسْتَنه النظام الحاكم في مصر، مستفيدا من سمعة حضارات مصر القديمة ومن سمعة الدور الحضاري والتحديثي الذي لعبته الهندسة المصرية عموما والمعمارية خصوصا في بناء الدولة. هناك انتقادات مشروعة لترتيب أولويات المشروعات الجاري تنفيذها، أهمها في رأيي التقصير الواضح في إدارة حوار عام حول هذه المشروعات عندما تكون في مرحلة «الأفكار والأحلام»، أقول هذا وأنا مدرك تماما الاعتراض، وهو أيضا مشروع، من جانب السلطة المسؤولة عن الحوار باعتبار أنه يعطل التنفيذ، خاصة إن طالت مدته وجرى تسييسه. الرد الوحيد على هذا الاعتراض هو أن عدم كفاءة الشخصيات والمؤسسات التي تكلف بإدارة هذا الحوار، هو في الغالب سبب التعطيل وليس مبدأ الحوار. الحوار شرط ضروري ليخرج المشروع مزودا بحصانة جماهيرية وبحماسة ورغبة في الاستدامة، واستعدادا لجهود تحديثية أخرى، ويستحق بالتأكيد أن تخصص له عقول مدربة تدريبا جيدا، ومزودة بإمكانات إعلامية معتبرة وليست ترويجية أو تعبوية. أقول هذا واثقا من أن الخلط بين الإعلام والتعبئة يقف الآن كأحد أهم عناصر سقوط المؤسسة الإعلامية المصرية.. ليس صحيحا على الإطلاق أن التعتيم على الأعمال يضمن لها النجاح، فالكتمان المبالغ فيه، يحرم المشروع من الدعم المطلوب ومن مخزون الإبداع المتوفر لدى عشرات الأفراد في الداخل والخارج، ومنهم كثيرون تقدموا الصفوف في مطلع ثورة الربيع مستعدين للتخلي عن وظائفهم وأعمالهم والتفرغ لإعادة بناء مصر. كانت إحدى العلامات المضيئة في الشخصية المصرية كشفت عنها ثورة الربيع، وهي الثورة الجاري وأدها على أيدي تحالفات قوى إقليمية وداخلية».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Alaa:

    العدل أسآس الملك.. مانراه ليس بشرة خير بل العكس.. ولآ حول ولآ قوة إلآ بالله.

  2. يقول خليفة-تونس:

    بدون تعليق

إشترك في قائمتنا البريدية