الجيش التركي ثاني أكبر جيوش الناتو يتمتع بقدرات عالمية تنقصها منظومة دفاعية متطورة

حجم الخط
4

إسطنبول – «القدس العربي» : في ظل تواصل عملياته العسكرية الواسعة ضد تنظيم العمال الكردستاني داخل البلاد، وتوسيع حربه على التنظيم في شمالي العراق، ومع تواصل عملياته في مناطق «درع الفرات» في سوريا، وإقامته نقاط المراقبة العسكرية في إدلب، أطلق الجيش التركي، السبت، عملية عسكرية واسعة ضد مدينة عفرين بسوريا، دخلت الأحد مرحلتها الثانية ببدء الهجوم البري على المدينة.
العملية العسكرية التي تستهدف وحدات حماية الشعب الكردية تعتبر الأوسع في سوريا، فالمدينة تنتشر على مساحة أوسع بكثير من حدود «عملية درع الفرات» ويوجد فيها أكثر من 10 آلاف مقاتل كردي، وسط أنباء عن امتلاكهم أسلحة متطورة حصلوا عليها من الولايات المتحدة في إطار تسليح «قوات سوريا الديمقراطية» للحرب على تنظيم الدولة، وسط خشية من امتلاك هذه الوحدات أسلحة متطورة مضادة للدبابات وربما الطائرات أيضاً.

قدرات برية وجوية وبحرية

لكن التحدي الأكبر للجيش التركي يتمثل في التركيبة الجغرافية والديموغرافية للمدينة، حيث يسكن المدينة قرابة 500 ألف نسمة تخشى تركيا أن يحولهم التنظيم إلى دروع بشرية، قرابة 45% منهم من الأكراد يعتبرهم التنظيم «حاضنة شعبية له»، بالإضافة إلى الجغرافيا الصعبة في المدينة ولجوء التنظيم إلى استخدام الأنفاق والمغارات تحضيراً لخوض معارك استنزاف مع الجيش التركي إذا قرر دخول قلب المدينة وتطهيرها.
حسب آخر تعداد سكاني في تركيا لعام 2017، بلغ عدد سكان الجمهورية 80 مليون نسمة، يصنف 41 مليوناً منهم تحت بند القوة البشرية الفاعلة، لكن العدد الفعلي لقوات الجيش التركي بكافة أقسامه بلغ 410 آلاف جندي، بالإضافة إلى 185 ألفاً من الاحتياط، وذلك حسب آخر إحصائية نشرها موقع (غلوبال فاير باور) المتخصص بتصنيف الجيوش العالمية، حسب ما اطلعت عليه «القدس العربي».
لدى الجيش التركي 3778 دبابة عسكرية، وقرابة 7500 عربة مدرعة، وأكثر من 1000 بطارية صواريخ، و700 مدفع ثقيل، بالإضافة إلى 811 قاعدة إطلاق صواريخ بعيدة المدى.
ويمتلك سلاح الجو التركي ما مجموعه 1007 طائرات حربية، 207 منها طائرات حربية مقاتلة، و207 طائرات هجومية، و439 طائرة نقل عسكرية، و276 طائرة تدريب عسكرية، بالإضافة إلى 445 طائرة مروحية، و64 مروحية حربية.
وتمتلك القوات البحرية التركية ما مجموعة 115 قطعة بحرية حربية، منها 16 فرقاطة حربية كبيرة، و8 سفن حربية، و13 غواصة حربية، و29 سفينة، و15 زورق صغير.

ضعف النظام الدفاعي

تعاني تركيا منذ عقود طويلة من معضلة عدم امتلاكها أنظمة دفاعية متطورة، وتعاظم احتياج البلاد لهذه الأنظمة بشكل كبير خلال الأزمة السورية وما رافقها من تهديدات أمنية للأراضي التركية، ما دفع الرئيس التركي إلى العمل بشكل غير مسبوق من أجل تحصين البلاد بأنظمة دفاعية متطورة.
والسبت، أصيب مواطن تركي إثر سقوط 4 صواريخ من عفرين على مدينة كيليس التركية الحدودية مع سوريا، وسط مخاوف من أن تتعرض المدن التركية الحدودية لهجمات أوسع في الأيام المقبلة مع انطلاق عملية عفرين التي أطلق عليها الجيش التركي اسم «غصن الزيتون».
والشهر الماضي، وعلى هامش زيارته إلى باريس، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن بلاده وقعت اتفاقاً مع شركة «يوروسام» الفرنسية – الإيطالية، بهدف إنتاج منظومة مشتركة للدفاع الجوي والصاروخي، حيث وقعت وكالة الصناعات الدفاعية التركية وشركة «يوروسام» (لصناعة منظومات الدفاع الجوي والصاروخي)، اتفاقاً لإنتاج منظومة دفاع جوي وصاروخي، فيما وصف إردوغان ذلك بـ «الخطوة المهمة».
وقبل أسابيع، وقعت تركيا مع روسيا على اتفاق نهائي لشراء منظومة إس 400 الدفاعية بعد أشهر طويلة من المفاوضات، فيما كشفت مصادر روسية عن أن قيمة الصفقة التي أثارت غضب الناتو تجاوزت ملياري دولار. وعلى الرغم من معارضة الحلف الذي يصنف الجيش التركي ثاني أكبر جيوشه للصفقة إلا أن إردوغان أصر على إتمامها معتبراً أنها تتعلق بقرار وطني تركي، واشتكى من أن الناتو ماطل في منح تركيا صواريخ باتريوت التي يستخدمها الحلف رغم التهديدات الكبيرة التي عاشتها تركيا طوال السنوات الماضية.
وقبل أسابيع أيضاً، ترأس رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم اجتماعاً لـ»اللجنة التنفيذية للصناعات الدفاعية»، حيث جرى تخصيص 5 مليارات دولار لدعم 22 مشروعاً دفاعياً تم إقرار العمل عليها في الاجتماع، وتتضمن هذه المشاريع تطوير أنظمة دفاع جوية، وتحديث دبابات، وأنظمة حماية إلكترونية، وتلبية احتياجات قوات الدرك التابعة لوزارة الداخلية.
وفي تصريحات سابقة، قال نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ، إن تركيا مضطرة لبناء منظومة دفاعية جوية خاصة بها، وتطوير قدراتها في التصنيع المحلي بهذا المجال، تحسبا لأي طارئ، لا سيما في حال امتناع الآخرين عن تزويدها بما تحتاجه في هذا الخصوص، لكن وإلى حين الانتهاء من تطبيق هذه الاتفاقيات تبقى الحدود والأجواء التركية غير مؤمنة بدرج كافية وتعاني من عدم وجود منظومة دفاعية متطورة.
ونهاية الشهر الماضي، أعلنت الحكومة التركية زيادة تاريخية في ميزانية مصاريف الدفاع والأمن للعام المقبل بلغت 31% عن عام 2017، بالتزامن مع رفع كبير بالضرائب في البلاد قال مسؤولون إنها ستخصص لدعم ميزانية الدفاع والأمن أيضاً.

صناعات وطنية

ومنذ انطلاق عملية عفرين، وما سبقها من استعدادات أظهر الجيش التركي اعتماداً لافتاً وغير مسبوق على الأسلحة والمعدات العسكرية من الصناعات الوطنية. حيث عملت حكومة العدالة والتنمية خلال السنوات الماضية على تطوير الجيش التركي والصناعات الحربية المحلية بشكل كبير.
ويعلن إردوغان باستمرار أن بلاده ستغطي جميع احتياجاتها العسكرية والدفاعية بحلول عام 2023، قائلاً: «نحن عازمون على جعل جيشنا أكبر قوة رادعة في العالم والمنطقة، من خلال تعزيز صناعاتنا الدفاعية، وتزويده بأسلحة ومعدات من إنتاجنا نحن».
وأبدى سلاح الجو التركي خلال الأشهر الأخيرة اعتماداً كبيراً على المروحية الهجومية التركية «أتاك» والتي جرى صناعة وتطوير أكثر من طراز منها على يبد خبراء أتراك ويقول الجيش التركي إنها أثبتت نجاحاً كبيراً عقب استخدامها في الحرب على تنظيم العمال الكردساتي.
وجواً أيضاً، بات الجيش التركي يعتمد بدرجة كبيرة على الطائرات بدون طيار التي طورتها كبرى شركات الصناعات الدفاعية التركية، ومنها طرازان أحدهما مخصص لعمليات الكشف والاستطلاع، وآخر هجومي يستطيع قصف أهداف متحركة بدقة عالية، ويقول الجيش إنه تمكن في العام الأخير من قتل وإصابة مئات من مسلحي العمال الكردستاني من خلال هجمات الطائرات بدون طيار من صناعة تركية. وتقول أنقرة إنها تمكّنت من الدخول في قائمة الدول الست حول العالم، القادرة على تصنيع طائرات من دون طيار، مع صواريخها.
كما زج الجيش التركي بالدبابة التركية الحديثة «النمر» للمشاركة في عملية عفرين، حيث تقول الشركة المصنعة إنها تتمتع بقدرات قتالية عالية، كما يستخدم الجيش التركي العديد من المدرعات وناقلات الجند والمركبات المدرعة والمصفحة وأبرزها «التنين يالتشين» وجميعها من صناعة تركية.
وفي تطور لافت، تمكنت شركات تركية من تطوير أنظمة دفاعية حديثة بإمكانها تحصين الدبابات والمدرعات التركية من هجمات الصواريخ المضادة للدروع، فيما يستخدم الجنود الأتراك البندقة الوطنية التركية الجديدة والتي تقول تركيا إنها تضاهي أحدث البنادق الأمريكية والروسية الحديثة.
وللمرة الأولى، بدأت القوات المسلحة التركية، تشغيل المرحلة الأولى من نظام «قايى» للأمن الحدودي المزود بأجهزة استشعار إلكترونية متطورة، على الحدود بين ولاية هطاي التركية، ومدينة عفرين والمصنوع من قبل مستشارية الصناعات الدفاعية التركية، حيث يستطيع رصد أي أجسام طائرة أو مركبات أو أشخاص تقترب من الحدود.
وطوال السنوات الماضية، تتابعت الإعلانات التركية عن التمكن من صناعة أسلحة رشاشة وصواريخ ودبابات وعربات عسكرية متنوعة وسفن حربية ومروحية حربية قتالية وطائرات بدون طيار، يجري العمل على صناعة حاملة طائرات ضخمة ومقاتلة حربية وأنظمة للدفاع الصاروخي.
وفي عام 2002 ومع وصول حزب العدالة للحكم في البلاد لبت الصناعات المحلية التركية 24% من احتياجات وزارة الدفاع التركية، وبعد 15 عاماً تشير الأرقام إلى أن هذه النسبة ارتفعت إلى قرابة 65% في حين يقول إردوغان ووزير دفاعه إن تركيا ستصل إلى تلبية 80% من الصناعات الحربية والدفاعية خلال الفترة القريبة المقبلة.

الجيش التركي ثاني أكبر جيوش الناتو يتمتع بقدرات عالمية تنقصها منظومة دفاعية متطورة
اعتمد في عملية عفرين على دبابات وطائرات وأسلحة مصنوعة محلياً
إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    ” كما زج الجيش التركي بالدبابة التركية الحديثة «النمر» للمشاركة في عملية عفرين، حيث تقول الشركة المصنعة إنها تتمتع بقدرات قتالية عالية، كما يستخدم الجيش التركي العديد من المدرعات وناقلات الجند والمركبات المدرعة والمصفحة وأبرزها «التنين يالتشين» وجميعها من صناعة تركية.” إهـ
    أصبحت سوريا حقل تجارب لمعظم أسلحة العالم !
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول عربي حر:

    أي قدرات هذه وقد تعرض الضباط والجنود الأتراك للسحل وتشليح ملابسهم في شوارع تركيا وتعرضوا لأبشع إهانة في التاريخ في بلدهم ومن قيادتهم إبان مسرحية الانقلاب المفبركة !!!!
    أي قدرات هذه وقد لجأ أردوغان تركيا إلى بوتين روسيا لحمايته وإنقاذ ماء وجهه بعد أن كثرت جبهات خصوم تركيا: الأكراد/ سوريا/ العراق/ اليونان/ أرمينيا ……
    أي قدرات هذه وقد خذلت تركيا أردوغان إخوان الدول العربية (سوريا- العراق- ليبيا- اليمن) التي أشعلتها تحت مسمى “الربيع العربي” باستعمال جماعة الإخوان كوقود النار والفتنة من أجل مبايعة أردوغان “خليفة” وامبراطورا على العالم العربي !!!
    الجيش المصري أقوى تسليحا وعزيمة وروحا قتالية وسيأتيك بالأخبار بما لم تزود، وإن غدا لناظره لقريب.
    وتحيا مصر والأمة العربية ويسقط الاحتلال العثماني البغيض

  3. يقول Dinars:

    كل بلد من حقه أن يُسس لجيش قوي يكون في خدمة الوطن بعيدا عن السياسة ويساهم في أمن البلاد. يكون شوكة في حلق الأعداء ولا يتاجر قادته بمعاناة الشعب على غرار العسكر المصري الذين يستثمرون في الكفته والسكر وحافظات الصغار وفي أدوية الأمراض المزمنة ويؤيد الوجود الإسرائيلي على أرضه بدل استباقها والعمل بقاعدة الهجوم خير وسيلة للدفاع . . . .

  4. يقول الدمشقي:

    لا يختلف اثنان ان تركيا قد أخطأت بحربها في عفرين …ماذا ستجني غير فتح جرحا كبيرا سينزف طاقتها وطاقة ما تبقى من الجيش الحر . وسيفتح الطريق لضرب النصرة واخوانها في ادلب … سيد اردوغان ..لقد وقعت في الفخ الذي نصبه لك العم ترامب …لن ينقذك من هذه الورطة غير السيد بوتين .

إشترك في قائمتنا البريدية