الجيش التركي يقترب من إتمام «الهلال العسكري» في عفرين والشرطة الخاصة تتولى «حرب الشوارع» في راجو وجندريس

حجم الخط
0

إسطنبول ـ «القدس العربي»: في إحدى ضواحي مدينة غازي عنتاب الحدودية مع سوريا جنوبي تركيا، أنشأت وزارة الداخلية التركية مقراً جديداً أطلقت عليه اسم «مركز تنسيق العمليات المشتركة» ليكون مقراً لقيادة وتنسيق العمليات بين عدة تشكيلات أمنية أوكلت إليها مهمة البدء في قيادة «حرب الشوارع» داخل المناطق المأهولة في مدينة عفرين، وذلك بعد أن اقترب الجيش من إتمام إنشاء «الهلال العسكري» على طول حدود المدينة.
ومنذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» التي دخلت، الأحد، يومها السابع والثلاثين، قاد الجيش التركي لا سيما قوات «البوردو» وهي أبرز تشكيلات القوات الخاصة في الجيش، العمليات العسكرية هناك، وخاض معارك شرسة للسيطرة على التلال والجبال الإستراتيجية في طول حدود المدينة.
وحسب ما يقول الخبراء العسكريون الأتراك، فإن الجيش عمل منذ البداية لإنشاء ما يطلق عليه عسكرياً «هلال عسكري» ويعني السيطرة على جميع حدود المنطقة المستهدفة على شكل هلال مع إبقاء ممر صغير لخروج المسلحين وتجنب الحصار التام الذي يدفع المسلحين إلى المقاومة بشراسة أكبر ـ القتال حتى الموت ـ في حال عدم توفر خيار الانسحاب بأمان.
وعملياً اقترب الجيش التركي والقوات المشاركة معه من الجيش السوري الحر من إنشاء هذا الحزام الذي يمتد من مناطق سيطرة قوات «درع الفرات» ومنطقة أعزاز في سوريا مروراً بطول حدود مدينة عفرين مع مدينة كيلس التركية ومن ثم مدينة هاتاي وصولاً إلى مناطق انتشار الجيش التركي في نقاط المراقبة التي أقامها بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد في مدينة إدلب.
وبالتزامن مع تواصل عمليات الجيش التركي للسيطرة على منطقتين فقط متبقيتين لإتمام السيطرة فعلياً على جميع مناطق «الهلال»، انتهت جميع التجهيزات والتحضيرات التي قامت بها وزارة الداخلية التركية لتولي المرحلة الجديدة من عملية عفرين والمتمثلة في بدء «حرب الشوارع» مع مسلحي الوحدات الكردية والمتوقع أن تبدأ خلال الساعات المقبلة في عمق منطقتي راجو وجندريس.
وستتولى ثلاثة أفرع أمنية تتبع وزارة الداخلية وليس الجيش العمليات العسكرية داخل المناطق المأهولة بالسكان، وهي «قوات الشرطة الخاصة» وهي عبارة عن قوات شرطة عالية التدريب ولديها تجربة واسعة جداً في الحرب على مسلحي تنظيم العمال الكردستاني داخل المناطق المأهولة بالسكان في جنوبي وشرقي تركيا، وهو ذات التشكيل الذي تصدر إفشال محاولة الانقلاب التي جرت ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الخامس عشر من تموز/يوليو عام 2016.
كما انضم الآلاف من عناصر «القوات الخاصة التابعة لقوات الجندرما (الدرك)» وهي أيضاً قوات عالية التدريب ولديها تجربة واسعة في قتال المدن مع المسلحين الأكراد داخل تركيا، يساندهم أيضاً مئات ممن يطلق عليهم اسم «حراس القرى» وهو تشكيل أمني يتبع وزارة الداخلية التركية ومهمته حماية القرى من هجمات العمال الكردستاني.
والعامل المشترك بين هذه التشكيلات الثلاثة التي أقيم لها مركز عمليات وتنسيق مشترك لكي تقود العمليات في عفرين تحت مضلة واحدة، هو تجربتها الواسعة في حرب المناطق المأهولة مع المسلحين الأكراد، حيث تتوقع تركيا أن مسلحي عفرين يتمتعون بالقدرات ويتبعون التكتيكات العسكرية نفسها التي اتبعها مسلحو «بي كا كا» في جنوبي وشرقي البلاد. وتقول مصادر تركية إن عدد هذه القوات سوف يصل إلى 6 آلاف عنصر.
ومع السيطرة على مجموعة قرى وتلال جديدة، أكدت مصادر عسكرية تركية اكتمال السيطرة على جميع القرى والمناطق المحيطة ببلدة «راجو»، فيما بدأ الجيش التركي بإلقاء منشورات والنداء على السكان المدنيين بالخروج من البلدة، تمهيداً لإعلان ساعة الصفر لمهاجمة البلدة المأهولة، حيث يسعى الجيش بكل الطرق لتجنب سقوط مدنيين في ظل ما يقول إنها حملات إعلامية تهدف إلى تعزيز الضغط الدولي عليه لوقف العملية.
وبالتوازي مع التحرك نحو راجو، يُكمل الجيشان التركي والسوري الحر السيطرة على ما تبقى من عدد قليل من القرى وصولاً لمركز ناحية جندريس، التي فيها أكبر تجمع سكاني يقترب منه الجيش التركي حتى الآن، ويتوقع أن تشهد معارك عنيفة خلال الأيام المقبلة. وتعتبر منطقتي راجو وجندريس من أهم 5 نقاط إستراتيجية مركزية في عفرين والسيطرة عليهما سوف تؤدي إلى تغيير خريطة مناطق السيطرة في المدينة.
وخاطب قائد الجيش التركي الثاني وعملية «غصن الزيتون» إسماعيل متين، آلاف عناصر الوحدات الخاصة، قائلاً: «نقوم بعملية عسكرية هامة جداً، لكن عليكم أن تفهموا جيداً، أن هدفنا هم الإرهابيون فقط لا غيرهم، سكان المنطقة هم أصدقاؤنا وأحبتنا» داعياً إياهم للحذر وحماية المدنيين وتحمل ظروف المعركة الصعبة، على حد تعبيره.
والسبت، سيطر الجيشان التركي والسوري على قريتي «حجلار» و«أبو كعب»، جنوب غربي «عفرين»، وقال الجيش التركي بذلك ارتفع عدد المواقع المحررة منذ انطلاق العملية إلى 103 مواقع، بينها مركز ناحية، و75 قرية، و6 مزارع، و20 جبلًا وتلة إستراتيجية، وقاعدة عسكرية. كما أعلن الجيش أن قواته الجوية دمرت 782 موقعا للمسلحين في عفرين منذ انطلاق العملية، وارتفع عدد المسلحين الذين تم تحييدهم إلى 1931.

الجيش التركي يقترب من إتمام «الهلال العسكري» في عفرين والشرطة الخاصة تتولى «حرب الشوارع» في راجو وجندريس

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية