لا يبدو أن معركة الموصل قد وضعت أوزارها، ولا توجد أية مؤشرات تؤكد الانتصار الذي تحدث عنه رئيس الوزراء العراقي، الذي وقف على أنقاض مدينة مدمرة وأرض محروقة معلناً تحرير مدينة الموصل، فيما لا تزال المعارك مستمرة، وتتحدث التقارير عن انتحاريين من الرجال والنساء يتحصنون في المنازل المتبقية من المدينة، فضلاً عن انتحاريين آخرين أو مشاريع انتحاريين تمكنوا بكل تأكيد من مغادرة المدينة والاحتماء في مكان ما.
تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي سيطر على مدينة الموصل في أيام معدودة استهلك ثلاث سنوات واستنزف قدرات الجيش العراقي، حتى تم طرده من المدينة (هذا على افتراض أنه انتهى من الموصل فعلاً). أما معركة الرقة فسوف تكون على الأغلب أصعب بكثير وأطول من معركة الموصل، بينما معركة الإطاحة بالتنظيم كاملاً تبدو أبعد بكثير مما يسود الاعتقاد، أي أننا أمام سنوات من القتال الذي ستشهده المنطقة العربية، خاصة في سوريا والعراق.
استعادة الموصل والرقة من تنظيم «الدولة الاسلامية» وانهيار حكمه في هذه المدن لا يعني مطلقاً أن التنظيم سيكون قد انتهى، بل ربما تكون المرحلة الأخطر هي التي ستلي طرد المقاتلين من هذه المدن، والسبب هو أننا لسنا أمام دولة بالمفهوم السياسي الحديث، وإنما هو تنظيم مسلح هيمن على هذه المدن في أعقاب حرب العصابات التي خاضها، ولا يزال تنظيماً يدير ميليشيا مسلحة، ولا علاقة له بالدولة، ولم يتمكن من تأسيس دولة على المناطق التي سيطر عليها.
وبناء على هذه المعطيات فربما يكون السيناريو الأسوأ هو الذي ينتظر المنطقة بعد انهيار حكمه في الموصل والرقة، لأن هذا سيعني أنه سيتمدد بشكل زئبقي في المنطقة، ويتحول إلى خلايا إرهابية تنتشر في المنطقة، وهذا ربما يُفسر الهجمات الارهابية التي تعرضت لها إيران مؤخراً، إذ ربما تمكن بعض الفارين من معارك الموصل من التسلل الى هناك وتنفيذ عمليات، كما أن هذا ربما يُفسر انتعاش التنظيم وعملياته الارهابية في كل من مصر وليبيا أيضاً، على افتراض أن العديد من الخلايا استطاعت إعادة التموضع والهروب إلى مناطق أخرى.
استعادة مدينة الموصل، وربما من بعدها استعادة الرقة، سيؤدي بكل تأكيد إلى إضعاف قدرات تنظيم «داعش» ذلك أنه سيكون قد فقد قواعد ومراكز مهمة، كما سيكون قد فقد معسكرات وأماكن تدريب واستقطاب، لكن هذا سيعني أن قطاعا واسعاً من التنظيم وخلاياه ستعيد الانتشار في المنطقة، وهو ما يعني أن جيوباً جديدة ستظهر للتنظيم، كما أن مساحة جغرافية أوسع ستصبح مهددة بعملياته الإرهابية، وهي مرحلة ربما تكون أخطر بكثير من المرحلة السابقة أو الراهنة التي يعيشها التنظيم.
وبالقراءة التاريخية والقياس، فإن تنظيم «القاعدة» كان قد فقد مركزه وقواعده في أفغانستان عام 2001 بفعل الاحتلال الأمريكي للبلاد، وظن العالم حينها أن التنظيم قد انتهى وتلاشى، فإذا بمقاتلي «القاعدة» يُعيدون رص صفوفهم وتنظيم أنفسهم ليظهروا بعد ذلك بسنوات في العراق على يد أبومصعب الزرقاوي، الذي أسس ما أسماه «تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين»، ثم في عام 2006 أسس «مجلس شورى المجاهدين»، وكلاهما كانا النواة لتشكيل تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي سرعان ما توسع في أراضي العراق وسوريا بعد عام 2011.
اللافت هو أن تنظيم أبومصعب الزرقاوي، ومن بعده تنظيم البغدادي (داعش) هما النسخة الأكثر تشدداً ودموية من تنظيم «القاعدة»، حيث أظهرت المراسلات بين الزرقاوي وبن لادن، بعد وفاة الاثنين أن خلافاً حاداً نشب بينهما حول استهداف الشيعة وتكفيرهم، إذ كان تنظيم «القاعدة» – على كل تطرفه- لا يستبيح دماء المسلمين الشيعة، بينما فعل ذلك الزرقاوي وأتباعه ومن جاء بعدهم.. وقضية الشيعة بطبيعة الحال والخلاف بشأنهم ليست سوى واحدة من الاشارات الدالة على حجم التطرف الذي يغرق فيه تنظيم «داعش» ومن قبله جماعة الزرقاوي.
خلاصة القول هو أن أكثر ما نخشاه في الحرب على الارهاب بالمنطقة العربية هو ان نكون أمام جيل جديد من التطرف والارهاب وسفك الدماء، وأن تكون الاطاحة بمعاقل تنظيم «داعش» في الموصل والرقة على غرار الاطاحة بـ»القاعدة» من جبال كابول وتورا بورا، حيث لم يستغرق الأمر سوى سنوات قليلة من أجل إعادة الانتشار والتموضع، ومن ثم يظهر جيل جديد بقيادة جديدة من المتطرفين والارهابيين.
كاتب فلسطيني
محمد عايش
أهم شيئ خسرته داعش هي آبار النفط والغاز في سوريا والعراق
ولا حول ولا قوة الا بالله
*قاتل الله داعش والحشد الشعبي
والقاعدة وكل المتطرفين ف العالم.
سلام