مهما بدا التناقض والتنافر بينهما شديدا وواسعا، فالواضح أيضا أن هناك الآن مساحة محدودة تجمع تونس بالسعودية، وهي بحث الاثنين عن خلطة جديدة بين الدين والحداثة. صحيح أن كلا الدولتين لا تعتمدان هنا لا المقاديرنفسها ولا الجرعات المطلوبة نفسها، ولكن أليست العبرة في الأخير بالمنتج النهائي الذي قد لا يفرق في الغالب إلا في الشكل والقشرة؟ ألا يعيش البلدان على اختلاف أوضاعهما تضاربا حادا وانفصاما محيرا في الهويات يجعل علمانية تونس في صدام مستمر مع الإسلام وأصولية السعودية في مناكفة دائمة مع الحداثة؟
قد يكون ما حصل في الثاني من الشهر الجاري هو الصورة الأقرب لذلك التمايز الشكلي بين المملكة الأصولية والجمهورية العلمانية. فقد دخل خطيب المسجد الحرام قصر قرطاج يومها حاملا معه قطعة من كسوة الكعبة، وقدمها هدية للرئيس قائد السبسي. ولم يكن مثل ذلك الاختيار عرضيا، لأن ما قصده السعوديون كان التأكيد بالأساس على أمرين اثنين وهما، تفردهم بالزعامة الروحية للعالم الإسلامي برعايتهم للحرمين الشريفين، ثم مباركتهم للقراءات التي حصلت ضمن باب الاجتهاد في تونس، وتطلعهم لتحقيق البعض منها في حدود ما تسمح به ظروفهم وطبيعة مجتمعهم. وكان لافتا حينها أن اللقاء حصل في سياق توتر ملحوظ تشهده العلاقات التونسية الإماراتية، وبرود واضح تمر به العلاقات التونسية بباقي دول الحصار الخليجي لقطر.
غير أن حاجة البلدين لعملية استعارة رمزية للشرعية من بعضهما بعضا قد تكون حجبت لبعض الوقت كم الخلافات السياسية المتراكم بينهما. فالتونسيون المقدمون على تعديلات مرتقبة على تشريعاتهم الخاصة بالحريات الفردية، والأحوال الشخصية باتوا يشعرون بأنه من الأجدى لهم ألا يثيروا مزيدا من ردود الأفعال السلبية في العالم الاسلامي، ونظروا لحضور إمام الحرم إلى قصر قرطاج في هذا الظرف بالتحديد، على انه رسالة ايجابية من قيادة سعودية شابة تسعى بدورها لتكريس فهم جديد للإسلام، مخالف للتصور المعتمد الذي ظل سائدا في المملكة في السابق. أما من الجانب السعودي فقد كان إيفاد إمام الحرم إلى تونس بالذات علامة على النهج الجديد، الذي اختار الملك المقبل وولي العهد الحالي السير عليه، في ما يعده إصلاحات في البنية الاجتماعية لبلاده، ولكن كيف يمكن أن يجتمع العلماني بالاصولي على خلطة شرعية واحدة؟
لا شك بأن الاختلافات المعروفة في طبيعة النظامين، وفي توجهاتهما تجعل الأمر ظرفيا ومقتصرا فقط على التقائهما عند حد فاصل هو دور الدين في الحفاظ على تماسك السلطة فيهما. والكل يعرف هنا كيف أن السعودية بنيت على تحالف بين العائلة الحاكمة والحركة الوهابية، وكيف أن تونس قامت بالمقابل على قطيعة بين الحزب الحاكم والزيتونة. لكن التغييرات الأخيرة التي أقدم عليها ولي العهد السعودي بتحجيمه دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنحه بالمقابل صلاحيات واسعة لما أطلق عليها هيئة الترفيه، وسماحه للنساء السعوديات بقيادة السيارات، ودخول بعض الملاعب الرياضية، وحتى إعادة فتح بعض دور السينما في المملكة، أعطى انطباعا قد لا يكون دقيقا بالمرة عن بداية تفكك لذلك التحالف القديم. وبالمثل فقد قادت الخطوات الجديدة التي اعلنها الرئيس التونسي في خطابه في أغسطس الماضي حول ضرورة التفكير في إقرار المساواة التامة في الإرث بين الرجال والنساء، ودعوته لرفع التحجير على زواج التونسية المسلمة بغير المسلم، معظم المتابعين للحديث عن ترسخ قطيعة سابقة مع الاسلام.
وقد تؤيد نظرة إلى أعداد العلماء والشيوخ والدعاة الذين زجت بهم السلطات السعودية في الشهور الاخيرة في السجون، أو ما يكرر باستمرار في تونس حول الطبيعة المدنية للدولة، بما يقصد منه نفي اي دور للدين في رسم السياسات العامة، مثل ذلك الانطباع وتدعمه بشدة. لكن المسألة ليست على تلك الدرجة من البساطة فلسنا هنا أمام معادلة رياضية ينتفي معها وجود طرف ببقاء الاخر بالضرورة، فكلا البلدين يحتاجان رغم كل شيء لتلك الخلطة التي لا غنى فيها للنكهة الاسلامية، حتى يسوقا للداخل والخارج ما يعتبرانه اصلاحات ضرورية، إذ لا احد منهما يستطيع أن يجازف بالذهاب بعيدا والقفز في المجهول وقلع جذوره بالكامل ورميها دفعة واحدة، اذ ينبغي ألا ننسى انه حتى بالنسبة للرئيس الراحل بورقيبة، ورغم كل ما قام به من تغييرات واسعة وعميقة على التشريعات والقوانين، فقد استحال عليه ألا يبرر دوما كل ما كان يقدم عليه، بأنه اجتهاد من صميم مقاصد الدين. ويبدو أن تلك الحاجة لن تنتفي في جميع الاحوال، سواء أكان النظام علمانيا أم أصوليا. وهذا ما يجعل اللجوء إلى العلماء والمشايخ ضروريا في هذه المرحلة، مثلما كان مطلوبا وضروريا في المراحل التي سبقته. ولكن كيف يمكن لهؤلاء أن يناقضوا انفسهم في ظرف قصير، وأن يجيزوا ويحللوا ما كانوا يعدونه إلى وقت قريب محظورا ومحرما؟
تحتاج تلك النقلة لأشخاص يجيدون لا فقط إصدار الفتاوي بكبسة زر، بل إن الدراية والخبرة ايضا بتقلبات حكامهم وامزجتهم وحتى اذواقهم وباتجاهات رياح السياسة في بلادهم ومحيطها، حتى تؤدي فتاواهم الغرض الاصلي من ورائها.
إن لديهم قاعدة فقهية معروفة هي «حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله» يحتمون بها ويقدمونها دوما كغطاء شرعي لكل ما يصدرونه من فتاوى ومواقف. فباسمها خرج مفتي تونس مثلا ليبرر الصيف الماضي في تصريحات صحافية تأييده لدعوة الرئيس التونسي لإقرار المساواة التامة في الارث بين الذكور والاناث، ويقول بأنه» استند في مسألة جواز المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة إلى جوهر الدين الاسلامي، الذي جاء ليكون خيرا للناس وسعادة لهم، وليس شرا أو شقاء، وأنه اينما كانت مصلحة الناس كان شرع الله»، بعد أن كان قد قال قبل عام فقط أن تلك المساواة لا تجوز. وباسمها أيضا خرج علماء البلاط السعودي ليعلنوا اخيرا أن قيادة المرأة للسيارة مباحة، بعد أن اصدروا مطلع التسعينيات فتوى بعدم جوازها ووجوب معاقبة من تقدم على ذلك، لكن اللافت في محاولات الرسميين التونسيين والسعوديين إيجاد تلك الخلطة الشرعية التي تؤمن بقاء النظامين واستمرارهما، هو أن الاعتماد على الفتاوى صار السبيل الاقرب للتحرر من قيود الدين والاتجاه نحو ما يلوح تحررا وليبرالية اجتماعية. فقد اعتبر مدير عام هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمكة المكرمة مثلا أن عيد الحب أو «الفالنتالين» هو مناسبة اجتماعية لا علاقة لها بالدين، وخرج مفتي تونس ليؤكد أن ذلك الاحتفال جائز شرط الالتزام بالاخلاق وليس بالدين كما كان متوقعا أن يقول. يبقى هل أن ذلك كله يكفي للإقرار بقرب استواء الخلطة واكتمالها في كلا البلدين؟ أم أن التخبط والعشوائية والمبالغة في الانقلاب على المواقف ستزيل عنها بالاخير كل مشروعية؟ حتى الان يستطيع التونسيون فقط أن يجيبوا بنعم أو بلا، أما السعوديون فهم محرومون من ذلك إلى أن يصدر العكس. وتلك هي نقطة التناقض الكبرى التي لا يمحوها اي التقاء ظرفي عابر بين البلدين.
كاتب وصحافي من تونس
نزار بولحية
والإصلاح و التجديد الدينى و إعادة قراءة النصوص فى القرن 21 ضرورى لتطوير المجتمعات العربية و الاسلامية و إدماج المسلمين فى الحضارة الإنسانية…اذا كان السعوديين اتوا لتعلم ذالك فمرحبا بهم و تونس لها تاريخ طويل فى التجديد و التحديث و الإصلاح….اما اذا أتوا ليثنوا تونس على مواصلة الإصلاح لإقرار المساواة فى الميراث و إنهاء مسألة المساواة التامة ….و إقرار الحريات الفردية …..بعد ان حاول الازهر قبلهم ….فهذا مرفوض رفضا باتا ….و لن نتراجع قيد أنملة على تطبيق دستورنا فوق ارضنا ….تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها
لا يوجد اي وجه شبه بين تونس والسعودية في تعاطي كل من الدولتين مع الدين..تونس رفعت كل الحواجز واختارت طريق الانفتاح والمرونة في مناقشة القضايا الدينية حتى تم ازالة كل المواضيع الحواجز في الخصوص .. صحيح أن مسألة المساواة في الارث لم يتم طرحها في الوقت المناسب لكن كان لابد من مراجعة هذه النقطة عاجلا أم آجلا وها نحن على أبواب اكتشاف أكثر من 20 مشروع قانون اعتبر صائغوه ثورة في مجال الاحوال الشخصية.. فيما يتعلق بالسعودية فهي طالما انغلقت على نفسها داخل حدودها الجغرافية واعتبر أمراؤها ان الخوض في المواضيع الدينية سيزعزع عروشهم فانتهجوا نهجين احدهما للتحريم والتجريم في الداخل والاخر يجسد حياة التفسخ والانحلال في الخارج وكان لا بد بعد انتشار هذه الصور عالميا وهوفا من اي نوع من الثورات خلق متنفس بسيط هو السماح للمرأة بقيادة السيارة … لكن هذا المتنفس سيكبر يوما ما وستتوالى من بعده النقاشات في كل المواضيع الدينية..
الدين او الايمان هو حاجة انسانية. (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا ۖ قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم ۖ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات). و تزيد هذه الحاجة او تنقص او تتنوع حسب الظروف.
من مشاهداتي الشخصية فان زيادة التدين في مصر و بلاد الشام بدأ مترددا مع نكبة 1948. الا انه ثبت بوتيرة متصاعدة بعد هزيمة 1967 . و ارتفع بشكل فجائي بعد نجاح الثورة الايرانية وظهور اية الله الخميني (لاحظ انتشار اسم آية آنذاك). وكان رد فعل الانظمة التي رأت تهديدا من المد الثوري الايراني ان تشجع او تغض الطرف عن تيارات دينية سنية سياسية لا سيما بما يخدم الحرب ضد الاتحاد السوفياتي في افغانستان حيث برزت قاعدة الجهاد.
بالطبع فان الدين لم يتغير في خمسين سنة او مئة سنة انما الذي تغير هو الظروف، و توالي النكبات، و فشل التيارات القومية و اليسارية، و انتشار الفساد، و اشتداد القبضة الامنية للانظمة ودخولها بحروب مع الجيران او مع شعبها. و الاهم هو ركوب الانظمة التيار الديني و عدم التردد في التعامل مع الدين كما تتعامل مع السياسة مثال اصدار الفتاوي المتناقضة. الى ان وصلنا اليوم الى جهود منظمة للانظمة برعاية غربية اسرائيلية لتمييع التدين الجماهيري و التركيز على الغاء العنصر الجهادي منه..يعني فان كان و لابد من التدين فليكن تدينا بلا اظافر.
بلغ عدد العوانس في تونس 2 مليون و 900 الف امرأة وهو ما يمثل 62% من النساء الغير متزوجات الذين وصلوا للسن الأفضل للخصوبة
*تونس الأولى عربيا والرابعة عالميا في نسبة الطلاق..
*ازدياد عدد الولادات غير شرعيّة في تونس 1060 ولادة سنويا.
*. بروز ظاهرة الزواج العرفي في الجامعات.
*الترخيص لجمعية شمس للمثيلين يوم 25 ماي 2015 تحت ذريعة الإحاطة( بالأقليات الجنسية من النواحي المعنوية والمادية والنفسية والوقاية من مخاطر الانتحار لدى الشباب)
*تبلغ المنحة الإجتماعية للزوة الغير العاملة 7 دنانير شهريا
*التغطية الإجتماعية للطفل 3 دنانير شهريا لا تساوي علبة حليب مجففة
*ظاهرة الانتحار في تونس: أرقام مفزعة أمام عجز الدولة أن حالات الانتحار التي تم تسجيلها رسميًا بتونس في العام 2015، بلغت 549 حالة، مقابل 203 حالة سنة 2014، أي بزيادة نسبتها 170% وهو رقم يكشف عن درجة الارتفاع المرعب لهذه الظاهرة خصوصًا مع ارتفاع ظاهرة انتحار الأطفال دون سن الخامسة عشر.
بسبب ما وصلت إليه المرأة في الغرب من ضياع وامتهان، وما فقدته بسبب الحرية المزعومة، وما وصلت إليه من شقاء وتعاسة، تعالت أصوات غربية كثيرة تدعو إلى العودة إلى البيت، وإعادة بناء الأسرة على أسس سليمة، وحفظ كرامة المرأة، وحقوقها المشروعة، والمحافظة على أمنها واستقرارها.
اين الحديث عن المساوات في توزيع الثروات المنهوبة وبعض الشركات البترولية في تونس لا تضع عدادات لقياس إنتاجها..؟!!
سؤال هل ستشمل القوانين المقترحة الجالية التونسية من الطائفة اليهودية باسم المساوت في الوطن؟
سوف نتحدث أرقام….هناك على الانترنت خارطة اسمها خارطة العنوسة فى العالم العربي ….و هى دراسة هامة و تشمل كل الدول التى تسمى عربية ….
1-لبنان 85%
2-الإمارات 70%
3- العراق 70%
4- سوريا 70%
5-تونس 62%
6- الجزائر 51%
7-السعودية 45%
…..
بما ان السيد فوزى يريد أن يصل بنا إلى أن تعدد الزوجات هو الحل لهذه الظاهرة العالمية ….اقول له انظر الى الارقام… الدول التى قبل تونس و بعدها كلها تسمح بتعدد الزوجات ….ما عدى الطائفة المسيحية فى لبنان ….ما رايك ؟
كل الظواهر الاجتماعية التى تحدثت عليها موجودة فى كل دول العالم و من بينها كل الدول الإسلامية ………
انا أعرف أنه يلزم وقت للبعض لهضم الدستور الجديد و خاصة الفصل 21 و 46 و 6 ….لكن انا اسف يجب تطبيقه لانه ليس للزينة …..المساواة التامة و الحريات الفردية و العامة ….هى حجر الزاوية فى اى ديمقراطية ….و ليس ديمقراطية إلا ربع …..
اما بخصوص البترول و عدم وجود عدادات!!!!!….لماذا لا تقدم قضية عدلية بما انه لديك الديل على ذللك التبليغ على الفساد واجب على كل مواطن ….. تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها
“بما اننا فى تونس و لإنهاء الجدل تونس دولة مدنية علمانية المواطنين فيها لا فرق بينهم مهما كان معتقدهم أو توجههم الكل تحت القانون….و المواطنين اليهود و البوذيين والمسيحيين و الهندوس و الملحدين و المسلمين لهم نفس الحقوق و الواجبات….لا احد هنا فوق والقانون او تحت القانون….هذا الامر حسم و انتهى ….و بهذه المناسبة ادعوا الحكومة إلى التسريع فى إقرار القانون ضد العنصرية و السامية لملأ الفراغ القانونى و إسكات الأصوات العنصرية و الفاشية نهائيا …..”يوم بالقدس العربي تحت عنوان
تعليق السيد التونسي من أجل الجمهورية على مقال نشر اليوم بالقدس العربي تحت عنوان “تونس: دعوات لإدماج اليهود في العملية السياسية وداعية يتهم «النهضة» بمخالفة الشرع”
حسب التعليق ،التونسيون جميعا سواسية أمام القانون ،إذن سيشمل قانون المساواة في الميراث المواطنين التونسيين اليهود
اما إذا تم التلاعب بالأمر تحت بند حقوق الأقليات لإستثناء المواطنيني التونسيين اليهودد ، فإني أطلب ان يشملني بند حقوق الأقليات مثلهم خاصة وان هذا القانون مخالف للشريعة الإسلامية واليهودية .
ما نطمح إليه يا سيد فوزى هى دولة المواطنة و ليست دولة المسلمين او اليهود …..الفصل 21 …تحدث عن المساواة بين المواطنين و المواطنات بدون تمييز و لم يتحدث عن المسلمين و المسلمات بدون تميز…بالطبع اليهود يدخلون تحت هذا السقف و المسحيين كذالك و الملحدين معهم ….نحن نتحدث عن دولة المواطنة ….و فى دولة المواطنة لا استثناءات دينية أو طائفية….كل واحد حر فى معتقده لكن القانون و الدولة فوق الجميع ….و اذا وقعت استثناءات أظن أن المحكمة الدستورية ستسقطه ….تحيا تونس تحيا الجمهورية و لا ولاء إلا لها