الداخلية عادت تستأسد على الناس ربما أقسى من زمن العادلي.. والسيسي لا يستشير مساعدين قبل اتخاذ القرارات

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» من: عكست الصحف الصادرة أمس الأربعاء 4 مارس/آذار، حالة القلق التي أحست بها الدولة من تصاعد موجات الغضب الشعبي من استمرار عمليات التفجيرات اليومية للقنابل ضد ممتلكات المواطنين ومحلاتهم وسقوط ضحايا، والشكوك في قدرات الدولة على التصدي للإرهاب، أو خوفها من استخدام العنف ضد الإرهابيين.
كما شهدت القنوات الفضائية مداخلات من خبراء أمنيين أكدوا فيها أن الأمن حقق انجازات هائلة في منع وقوع عمليات إرهابية كثيرة وخطيرة، وأن قدراته وكفاءاته في تزايد، وواصلت النيابة العامة التحقيق في حادث التفجير الذي حدث بجوار دار القضاء العالي، وعلى بعد أمتار من مكتب النائب العام المستشار هشام بركات وأعضاء مكتبه الفني، وكان النائب العام في مكتبه وقت حدوث الانفجار، ونزل بسرعة إلى مكانه، ورفض طلبا من مسؤولين أمنيين بإخلاء المكاتب لاتخاذ إجراءات أمنية معينة، وصمم على البقاء. كما حدثت عملية تفجير جديدة في حي المطرية دمرت مركزين لشركتي فودافون وموبينيل وتحطم زجاج حوالي عشر سيارات متوقفة.
وقد أخبرنا أمس زميلنا الرسام في جريدة «روز اليوسف» خالد صلاح أنه شاهد قنبلة للإرهاب وقد خرجت منها ست أصابع ديناميت.
أما الجيش فأعلن مواصلة هجماته في شمال سيناء مستخدما طائرات الآباتشي وقوات الصاعقة وقتل اثني عشر من الإرهابيين، بعد أن تلقى معلومات عن عقدهم اجتماعا في أحد المنازل. وتواصل الحكومة استعدادها لعقد المؤتمر الاقتصادي الدولي في شرم الشيخ. كما تتوالى ردود الأفعال على حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية تقسيم الدوائر الانتخابية الفردية، ما أدى إلى تأجيل موعد انتخابات مجلس النواب إلى أن يتم تعديل المادة في ظرف شهر كما طلب الرئيس السيسي. أما أكثر الموضوعات اجتذابا لاهتمامات الجماهير، فكان استمرار ارتفاع الأسعار وطرح الإنتاج المصري من دواء السوفالدي في الأسواق بأسعار منخفضة، والحملة التي يتعرض لها محافظ الإسكندرية الجديد هاني المسيري بسبب حضور زوجته الاجتماعات، وقيامها بأعمال السكرتارية، وما يقال عن حمله الجنسية الأمريكية وإعلانه أنه سيسند إلى شركة استثمارية إدارة أملاك المحافظة. وقد قام بنقل المشرفة على أراضي الدولة لرفضها الموافقة على طلب القنصلية الأمريكية شراء قطعة الأرض المجاورة لمبنى المخابرات العامة، رغم أن الطلب سبق رفضه لدواع أمنية. وهذه الحملات ستسبب مشكلة كبيرة جدا، إذا صدقت الصحف والفضائيات التي أشارت إليها، لمن رشح ووافق على اختيار المحافظ بدءا من وزير التنمية المحلية ومحافظ الإسكندرية الأسبق اللواء عادل لبيب ورئيس الوزراء إبراهيم محلب الذي عرض أسماء المحافظين على الرئيس ووافق عليها.
أيضا وبسبب ارتفاع سعر الدولار، وبالتالي أسعار الورق ومستلزمات الصحف سترفع الصحف أسعارها الشهر المقبل، بحيث يصل سعر النسخة إلى جنيهين بدلا من جنيه ونصف الجنيه، والعدد الأسبوعي إلى جنيهين ونصف الجنيه، وهو ما اتفقت عليه المؤسسات التي تصدر «الجمهورية» و«المساء» و«الأهرام» و«الأخبار». ومن الصحف الخاصة «اليوم السابع» و«الوطن» و«الشروق» و«الأهالي» و«التحرير». مع ملاحظة ان «التحرير» تبيع نسختها اليومية بجنيهين، بينما «الأهالي» كانت تبيعها بجنيه، إلا أن «المصري اليوم» لم توافق على الزيادة، وهذا معناه أنها ستستمر في البيع بجنيه ونصف الجنيه. وكذلك «الوفد» التي ظلت تبيع بجنيه واحد. كما لم توافق «البوابة» لأنها تبيع النسخة اليومية بجنيه ونصف الجنيه، و»الأسبوعية» كل يوم اثنين على شكل مجلة بثلاث جنيهات، أما «المصريون» و»وطني» الأسبوعيتان فتبيعان النسخة بجنيهين.
وهناك صحف تقوم بوضع أسعار مثل تسعين قرشا للنسخة أو مئة وثمانين قرشا، لتشجيع باعة الصحف على عرضها بشكل بارز لأنه يبيعها للقارئ بجنية وباثنين مستفيدا من الفرق، بالإضافة إلى عمولة التوزيع من الشركة.
وإلى بعض مما عندنا….

عادل نصر: لا يجوز
التطاول على علماء الإسلام

ونبدأ تقريرنا اليوم بالمعارك الخاصة بإخواننا في التيار الديني، واستمرارها وتعدد دوافعها ومسبباتها، حيث لا تزال كتب التراث، خاصة البخاري وصحيح مسلم وابن تيمية والطبري وغيرهم موضعا للهجوم عليهم والدفاع عنهم، مع ملاحظة أن الحملات ضد بعض ما ورد فيها واعتباره إساءة للرسول «صلى الله عليه وسلم « وللصحابة الكرام رضوان الله عليهم، أحدثت أثارها بالفعل، وهو ما تجلى في إعلان الأزهر نفسه أنه قام بمنع تدريس بعض الكتب التي كان يتم تدريسها في معاهده والتي تحرض على العنف والتكفير والكراهية، وحذف ما في كتب أخرى. وأنه سيقوم بعملية التنقية في مناهج وكتب الكليات الجامعية، وفي الوقت ذاته استمر في الدفاع عن التراث بشكل عام وعن البخاري ومسلم وغيرهما. كما تواصلت المعارك التي خاضها عدد من علماء الدين وبعض مشايخ جمعية الدعوة السلفية ضد زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى في جريدة «المقال» التي يرأس تحريرها فقال عنه الشيخ عادل نصر المتحدث باسم الجمعية في تصريح لزميلنا في جريدة «الفتح» ناجح مصطفى يوم الجمعة: «إن التطاول ولعن علماء الإسلام الأكابر كشيوخ الإسلام، الطبري والحافظ بن كثير، وغيرهما من أعلام الأمة، إذا كان لعن أحاد الناس لا يجوز فكيف يلعن علماء الأمة وأئمتها؟ إن ذلك لا يخدم إلا أعداء الإسلام من الشيعة وغيرهم، الذين لا يريدون الخير لمصر، كما أن هذا الكلام الباطل بمثابة استفزاز لمشاعر المسلمين، إنه يقدم خدمات للمتطرفين والمتشددين، حيث يعينهم على الترويج لأفكارهم اللعينة والمنحرفة، مما يزيد نار التطرف اشتعالا.
العجيب من هؤلاء النفر أنهم في الوقت الذي يتطاولون فيه على علماء الإسلام والسنة يغضون الطرف عن جرائم الشيعة، وما ترتكبه إيران والحوثيون من جرائم، فلم ينبت بنت شفة على هؤلاء، بل يروجون لشبهاتهم ويعملون على نشر ما في كتبهم من أباطيل، حيث يعلم القاصي والداني جريمة تكفير الصحابة والعلماء والطعن في رموز الأمة هي معالم دين الشيعة الذين تسلطوا على الأمة في العراق وسوريا واليمن».

كان طواف الرسول
على نسائه طواف رحمة

أما المهندس عبد المنعم الشحات فقال في عدد «الفتح» نفسه في مقال استحوذ على كل الصفحة الأخيرة مناقشا عددا من الاعتراضات التي أبداها عيسى على صحة بعض الأحاديث وعدم تصديقها عن الرسول «صلى الله عليه وسلم «: «يقول إبراهيم عيسى: «يخبرنا القرآن الكريم عن نبي الرحمة فيقول تعالى « إنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ». أما ما نقرؤه في كتبهم التي يصبغونها بالقداسة فإن هذا القانت الذي يقوم الليل تعبدا وصلاة إنما يطوف على زوجاته جميعهن في كل ليلة بغسل واحد حيث أعطاه الله قوة أربعين رجلا». وتساءل عيسى: «أهذا ما يقبله عقل أو قلب مؤمن بالله ونبيه؟ أنصدق ما جاء في كتاب الله من أن النبي متعبد قائم بالليل «ثلثي الليل ونصفه وثلثه» أم نقبل بأنه متفرغ في ليله للنساء؟». والجواب، أن النبي «صلى الله عليه وسلم « ما كان يشغل ذلك من وقته إلا ساعة من نهار، كما ورد مفصلا في رواية أخرى عن عائشة «رضي الله عنها» أنها قالت: «كان رسول الله «صلى الله عليه وسلم « لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا، وكان كل يوم يأتي وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها». وهذا الحديث نص صريح يبين لنا حقيقة طوافه على نسائه جميعا في الساعة الواحدة من الليل والنهار، إنه طواف رحمة بدون جماع حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، كما هو ظاهر من كلام عائشة «رضي الله عنها».

غياب التفكير السياسي

وإلى المعارك والردود المتنوعة وسيبدأها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى نفسه، بعد أن ناله ما ناله من عادل نصر وعبد المنعم الشحات، إذ شن عيسى يوم الثلاثاء هجوما على الرئيس السيسي في جريدة «المقال» اليومية التي يرأس تحريرها، كان محوره التساؤل عن وجود مساعدين للرئيس يستشيرهم بجد ولهم آراء وانتهى إلى القول: «أزمة تأجيل انتخابات مجلس النواب لابد أن تكون فارقة جدا في تعاملنا مع صناعة القرار الرئاسي، فالورطة الكبيرة التي تعانيها مصر بهذا التأجيل، الذي هو نتيجة للعشوائية ويقود إلى الارتباك وجاذب للهجوم وجالب للتعطل تشرح إلى أي حد هناك غياب للتفكير السياسي. نعم الرئيس السيسي منتخب بإرادة الشعب، ويملك جماهيرية وشعبية هائلة ولكن اللي حواليه ليسوا منتخبين، ولا جاؤوا بإرادة الشعب، بل بإرادته هو، اختار مساعدين من دائرته الضيقة المخلصة في القوات المسلحة، وكلهم موضع ثقته ومختبرون بالزمن ولا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، وفي مهام إدارية دقيقة ولكنها إدارية تماما ولا تدخل في عصب صناعة القرار، ولا حتى قرار الرئيس الشخصي .
أما المستشارون الأربعة الذين عين بعضهم منذ ثلاثة أشهر فقط، فإنهم أبناء الدولة المصرية، مخلصون ووطنيون ومحترمون، ولكنهم في الإطار ذاته من المعاونين والمساعدين، ولا دور معلن لهم، ولا وجود في السياسة، حتى الآن هم منغمسون في مهام مكلفون بها، لا متصدين لها. حين يفكر الرئيس في العلاقات المصرية العربية يفكر بنفسه ثم يجلس مع أجهزته ووزير خارجيته. وعندما يفكر في السياسة «إن فكر فيها «فيجتمع مع ضيوف من الأحزاب يستمع إليهم وإلى حجم هائل من الثرثرة واللغو، ثم يجتمع مع وزراء في الدولة أو أعضاء لجان وضع قوانين يتكلمون في مهام سياسية ولا واحد منهم له في التفكير السياسي فيسود شغل الموظفين».

محمود الشربيني:
خفف التعذيب يا سيادة الرئيس

كما اتخذ الهجوم على الرئيس مسارا آخر ففي «وفد» الثلاثاء أيضا قال زميلنا محمود الشربيني مخاطبا الرئيس: «نحن غاضبون لأن قضاءك لا يبدو مستقلا، رغم الإدعاء بذلك، وهيبة الدولة ليست قائمة، فمدير مكتبك وجنرالاتك تنثر تسريباتهم على قارعة الطريق وكل تفاهة أو سخافة أو تدخل لدى النائب العام يتناقلها القاصي والداني فتسقط هيبة الحكم. أما «داخليتك « فعادت لتستأسد على الناس وربما بأقسى من زمن العادلي، نريدك أن تصارحنا بالخطايا يا سيادة الرئيس فتصالحنا، نريدك أن تبحث في أمر «السلطة القضائية، فنجد حلا يعيد لها نزاهتها واستقلالها واحترامها، وخفف التعذيب يا سيادة الرئيس».

تأجيل الانتخابات البرلمانية
لا يصب في صالح مصداقية الرئيس

ومن الوفد إلى الأخبار الحكومية يوم الثلاثاء أيضا وزميلنا علاء عبد الهادي وقوله: «جزء كبير من تركة الرئيس الثقيلة ليس فقط أن السيسي يكاد يعمل بمفرده، وكأن حلم نهضة مصر حلمه وليس حلمي وحلمك أيضا، ولكن الأخطر من ذلك أننا نحمله حتى أوزار وتقصير البعض، بمعنى بالبلدي نريد من الرجل أن يحاسب بمفرده على المشاريب، لذلك وفي هذا الإطار فأنا أرى أن تأجيل الانتخابات البرلمانية بعد حكم المحكمة الدستورية لا يصب في صالح مصداقية الرئيس أمام المجتمع الدولي عندما أعلن التزام الدولة المصرية بإجرائها قبل مؤتمر شرم الشيخ الذي نعول عليه كثيرا في نهضة الاقتصاد. أكاد أسمعك تسأل وهل كان المطلوب من الرئيس أن يتدخل في عمل المحكمة الدستورية لتأتي برأي آخر على غير الحقيقة لكي تتم الانتخابات في موعدها؟ الإجابة بالطبع لا، ولكن كان هناك ما يمكن أن يجنب مصر والرئيس هذا الحرج الذي استثمره أعداء الوطن. ليس هذا هو الموضوع الوحيد الذي تحمل الرئيس وزره، من دون ذنب من جانبه. هناك أيضا موضوع الإفراج عن الشباب المتحمس المندفع، الذي لم يتورط في عنف أو دم، وموضوع الإفراج عن صحافيي خلية الماريوت، إضافة إلى أحكام البراءة لكل نظام مبارك تقريبا. نظلم السيسي أن نحمله أمانة تحقيق أحلامنا ونحمله وزر عجز وفشل البعض».

محاولة الفاسدين صنع ديكتاتور جديد

وإذا انتقلنا إلى «الشروق» في اليوم ذاته سنجد زميلنا محمد عصمت يقول للرئيس ناصحا ومهددا: «أمام الرئيس السيسي طريقان لا ثالث لهما لكي يصبغ بأحدهما فلسفة حكمه في مدته الرئاسية، الطريق الأول أن يختار المضي قدما في اتباع السياسات الغائمة الغامضة السائدة حاليا، التي يبدو من الكثير من المؤشرات أنها تستنسخ أسلوب حكم مبارك ببعض التعديلات الضرورية، والتي نراها في تشديد قبضة الدولة والأمن على الحياة السياسية، وهو ما تكشف بوضوح أخيرا في تدخل أجهزة أمنية خفية في ضبط إيقاع التحالفات السياسية والانتخابية وإصدار قانون الكيانات الإرهابية.
في الوقت نفسه الذي نلاحظ فيه رخاوة هذه القبضة، بل اختفاءها بشكل يكاد يكون نهائيا على الصعيد الاقتصادي، وهو ما تبدى في المحصلة النهائية بالسعي لزيادة معدلات الخصخصة، التي تستعد لالتهام المستشفيات وشركات الكهرباء ورفع أسعار كل السلع والخدمات بلا استثناء، والتي يكتوي بنارها ملايين المصريين من الفقراء أو محدودي الدخل.
أما الطريق الثاني المتاح أمام السيسي فهو أن يختار موقفا اجتماعيا واضحا ينحاز فيه للأغلبية الساحقة من الفقراء، ببناء نظام سياسي ديمقراطي حقيقي. قد تكون قناعات السيسي الحقيقية رافضة تماما لعودة دولة مبارك ورموز نظامه، وقد يكون الرجل مؤمنا فعلا بفشل سياسات مبارك، ومدركا تماما أن استدعاءها من جديد سيشعل ثورة أو فوضى قد لا يمكن السيطرة عليها، كما حدث مع ثورة يناير/كانون الثاني، لكن المناخ السائد حاليا يحفل بالكثير من الإشارات الدالة على استعادة ممارسات مبارك في الكثير من النواحي. ندرك جميعا أن تحديات الإرهاب التي نواجهها مع السيسي تهدد وجودنا نفسه، وأنها قد تطيح بالدولة ذاتها، ولكن التحدي الأكبر الذي ينتظرنا هو محاولة الفاسدين وهم كثر في مصر صنع ديكتاتور جديد في مؤسسة الرئاسة يحمون به فسادهم وإبراء ذمتهم واستمرارهم في نهب ثروات البلد».

محمود الكردوسي: أحمد شفيق
الجسر الآمن بين الرئيس والمواطن

لكن زميلنا في «الوطن» محمود الكردوسي قدم نصيحة مخالفة للسيسي في اليوم ذاته وهي: «الرئيس يغرد منفردا، وإليك الكارثة الأكبر غالبية «السرب» تحلق عكس اتجاهه، السرب هنا هو الجهاز الإداري للدولة، مضافا إليه القوى السياسية وجماعات المال والاقتصاد واللوبي الإعلامي، وقبل هؤلاء وأولئك يقف المواطن منتظرا متربصا شاخصا إلى أعلى، إلى الرئيس نفسه. الأحزاب والقوى السياسية متهافتة ومتناحرة ولا تترك بابا لنفاق الرئيس والمتاجرة بشعبيته، صوتا وصورة، إلا وطرقته. السياسيون أنفسهم «عار» على مصر، وحتى بلغة «المصلحة» يعيدون إنتاج صيغة زواج المال والسلطة، الصيغة البغيضة التي أفضت إلى خراب مصر وإفقارها. النخبة تتحذلق وتسعى إلى الاحتفاظ بالمكتسبات التي ورثتها عن مبارك أو بالاحرى عن نضالها الزائف ضد نظام مبارك، هذا النضال الذي خاضته باسم المواطن وعلى حسابه. النخبة الآكلة على كل الموائد كانت أول من حجز مقعدا على مائدة الرئيس، تلك عادتها تدخل دهاليز الرئاسة بـ«موقف» وتخرج بـ»صرة». الإعلام نوعان، منافقون أغبياء يتمرمغون في شعبية الرئيس وينحتونها تجعيرا وسفريات وقبضا باليمين والشمال. وخبثاء متلونون يراوحون بين ضابط هو الأحق بالشهادة وثورجي لا تجوز عليه الرحمة، هذا ليس «إعلام حرب» كما يظن الرئيس أو يراهن عليه، بل سيكون شوكة في ظهره، هذه ليست حكومة حرب ولا حكومة سلام ولا حكومة أصلا.
الفريق أحمد شفيق هو الحل أنا لا أعرف الرجل ولم أحج إليه في منفاه الاختياري، لكنني أقدره وأراه أولى بأن يكون رئيسا لحكومة حرب حقيقية تغطي ظهر الرئيس وتكون جسرا آمنا بينه وبين المواطن، فمن الذي يعطل عودته إلى مصر؟ من الذي لا يريده؟ هل ثمة قلق أو خوف من شعبيته؟ هل ثمة خلاف؟ وإذا كان ضحية لابتزاز مرتزقة 25 يناير/كانون الثاني وإصرارهم على أنه رجل مبارك، وهذا حق يراد به باطل فلماذا تركت الدولة أحمد عز يقتحم المشهد السياسي بكل جبروته القديم؟».

شجاعة الاعتذار
أقوى درجات الشجاعة

واستمرت التعليقات على الرئيس في يوم الثلاثاء ففي «المصري اليوم» قال نيوتن صاحب عبارة وجدتها.. وجدتها معجبا باعتذار السيسي عما جاء في بعض وسائل الإعلام عن والدة أمير قطر: «مسح الرئيس على جبين كل المصريين.. مسح عن جبينهم عرق الخجل، اعتذر عن سباب صدر من مصر.. شجاعة الاعتذار أقوى درجات الشجاعة، اعتذر عن سباب وجه إلى سيدة، أميرة كانت أو مواطنة عادية، الأخلاق المصرية لأولاد البلد المصريين ترفض ذلك.. أهل الريف لا يقرون ذلك أيضا.. أولاد الناس الطيبين لا يخطر ببالهم هذا التدني، الاعتذار نفسه هو صفعة على من استمرأ هذا التناول، فليكن عتابا، سنختلف في ما بيننا بالتأكيد في السياسة في الاقتصاد في وجهات النظــــر، خـــلاف بين الدول بين الأفراد والأحزاب، ولكن ليكن له حد أدنى لا يصل أبدا إلى ذكر الأم أي أم بأي سوء. هذه تقاليد اعتذار، كرامة أمه اخته زوجته أو ابنته».
غلق معبر رفح للتأمين
أم للتجويع والعقاب

وفي «المصريون» كان مقال رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان عن سياسات مصر الفاشلة في غزة قال فيه: «في سابقة خطيرة.. أدان مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، «روبرت سري» موقف مصر تجاه قطاع غزة. تصريحات «سري» المباغتة وغير المتوقعة لم تكن صادمة للقاهرة وحسب، وإنما ـ ولأول مرة ـ جمعت مصر مع إسرائيل، في سلة واحدة، وطالبهما بتغيير ما سماها «سياستهما الفاشلة» تجاه قطاع غزة. الخارجية المصرية، ردت على «سري» يوم 3/3/2015 ببيان عنيف وغاضب قالت فيه، إنه تضمن «مغالطات»، كما وصفته بأنه «محاولة مكشوفة منه، لتعليق مسؤولية فشله في إنجاز مهمته في قطاع غزة، على آخرين». البيان المصري، استدعى خطاب «المن» الممل والمتواتر عن الحكومات المتعاقبة، في وقت لم يعد لهذا «المن» مسوغات لتلطيف قلوب الفلسطينيين، وتنقيتها إزاء أشقائهم في مصر.. في حين نرى رأي العين سياسات التجويع الممنهج لسكان القطاع. المبعوث الأممي، أشار تحديدًا إلى معبر رفح.. ولم يكن العالم يحتاج إلى بيان أممي، ليلفت الرأي العام، إلى تحول المعبر إلى أداة تجويع وعقاب جماعي لأكثر المناطق فقرًا في الأرض المحتلة. الخارجية المصرية في بيانها بررت إغلاق معبر رفح بقولها إنه «حق مصر الثابت والأصيل، في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة والضرورية لحماية وتأمين حدودها ومواطنيها، باعتباره عملاً أساسياً من أعمال السيادة، لا يقبل التفريط». وهذا صحيح ولا يجادل فيه أحد.. والمسألة هنا تبحث عما إذا كان غلق المعبر وثيق الصلة بتأمين الحدود المصرية مع القطاع.. وهو البحث المسكوت عنه حتى الآن. مشكلة الحدود ـ في واقع الحال ـ هي مع الأنفاق.. وليس مع المعبر.. بل أن الأنفاق «المنافذ السرية غير الشرعية».. كانت ولا زالت ثمرة إغلاق البوابات الشرعية «المعابر»، وفي مقدمتها معبر رفح. لنعود لنسأل مجددًا ما إذا كان غلق المعبر للتأمين أم للتجويع والعقاب الجماعي ولتركيع وكسر إرادة المقاومة؟ بالإضافة إلى سؤال آخر، وربما يفتح لنا ما هو مغلق من ملفات، ويجري التواطؤ عليها بالشوشرة في الإعلام الزاعق والغوغائي والتخويني.. وهو ما إذا كانت مصر ترغب فعلاً في تأمين حدودها؟… المشكلة في «العقل السياسي» الذي اكتـــفى بالحــــل الأمني وتهجير السكان وشطب مدينة رفح من على الخريطة.. ويصر على غلق المعبر، ولا يقدم بالتوازي رؤية لما بعد التهجير القصري، وبعد أن تسكت أصوات المدافع والعمليات الانتحارية».

طه خليفة: ليس من مصلحة
السيسي أن تظل إسرائيل تشيد به

أما زميله طه خليفة فحذر السيسي في العدد نفسه من إسرائيل قائلا له: «شعبيا على مستوى الرأي العام المصري والعربي والإسلامي ليس من مصلحة الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تظل إسرائيل تشيد به، وتكيل المديح له، كما في الوقت نفسه لا أود أن يكون موقفها منه عدائيا، أو تضعه في خانة الكراهية. العلاقة بالنسبة لرئيس مصر، خصوصا مع إسرائيل، يجب أن تكون مثل المشي على الأشواك، أو على حبل رفيع مشدود، تحتاج حسابات دقيقة جدا ليكون دوما في منطقة وسط، لا هي حب جارف، ولا هي عداوة شديدة. تبقى إسرائيل كيانا غير طبيعي وسط بحر من العرب، وفي منطقة عربية خالصة من الماء للماء، وستظل إسرائيل لا تكن محبة لمصر، أو للعرب جميعا، فالعدوانية هي سلوكها المعتاد والأبدي، ومهما عُقدت معها اتفاقيات السلام فلن تكون دولة محبة للسلام، وهي تدرك أنها غرس مؤقت في أرض ليست أرضها، لذلك لن تشعر بالأمان يوما، ومن هنا فإن حلولها وممارساتها وسلوكياتها كلها أمنية وعسكرية وقمعية وعدوانية مع الفلسطيني، الذي احتلت أرضه وشردته وقتلته، ومع العربي على حدودها، أو بعيدا عنها. نعم هناك اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل لابد من احترامها، ومصر ليست في حالة تسمح لها بمواجهات عسكرية مع إسرائيل أو غيرها، لأن مشاكل وأزمات الداخل الموروثة كثيرة، ويُضاف إليها الإرهاب المقترن بأزمة سياسية عنيفة ليفاقم من الأزمات، ولهذا يجب أن تظل العلاقة معها في حالة عادية يسودها تطبيع بارد، ويغلب عليها مجمل مسار العلاقات طوال حكم مبارك، ورغم قول أحد قادتها إن إسرائيل خسرت بخروج مبارك من السلطة بعد ثورة يناير/كانون الثاني كنزا استراتيجيا، إلا أنه مع ذلك كانت حساباته وحسابات السياسة والدبلوماسية المصرية تجاهها وطبيعة العلاقات معها محسوبة جيدا، مبارك مثلا لم يقم بزيارة رسمية لها طوال فترة وجوده في الحكم، رغم استقباله لقادتها في القاهرة وشرم الشيخ كثيرا، ورغم إلحاحهم على تلك الزيارة، وضغوط أمريكا. هناك من ينتقدون مبارك لعلاقاته مع إسرائيل، لكنها في المجمل لم تخرج عن كونها علاقات كانت تتسع وتضيق، تصعد وتهبط حسب الظروف والضغوط الدولية والغربية خصوصا، وحسب المصالح المصرية، وكانت علاقاته مع حماس بعد سيطرتها على غزة فيها جانب من الدهاء السياسي بفضل الراحل اللواء عمر سليمان، فرغم ما كان ظاهر من كون هناك عدم رضا مصري، أو قلق من الحركة وجفاء تجاهها، لكن القاهرة كانت تغض الطرف سرا عن أشياء تصب في صالح سكان غزة مثل الأنفاق. لماذا أقول إن إسرائيل تضر بالسيسي؟ لأنها تلقفت حكم محكمة مصرية بتصنيف حماس حركة إرهابية بتهليل واسع وربما غير مسبوق في إشادتها بقائد عربي بعد السادات، بل قرأت في أحد مواقعها الإعلامية أن الســيسي وونستون تشرشل أهم قائدين تاريخـــين في العصـــر الحديث، وهذا الموقع نصح نتنيـــاهو المتردد أن يتعلم من السيسي الحديدي الصارم الحاسم في حربه ضد الإرهاب، هذا كلام ليس في صالح السيسي في عموم بلاد العرب والمسلمين، فهو رئيس مصري عربي خالص لا ينحاز يوما للعدو ضد الشقيق حتى لو رأى أن هذا الشقيق سقط في أخطاء….».

المسؤولية جماعية لتجاوز الأزمات

وأخيرا مع مقال الكاتب عمرو حمزاوي عن الترابط العضوي بين الأزمات في مصر في «الشروق» عدد أمس الأربعاء وقوله: «تتكالب علينا أزمات السلطوية والتخلف والتطرف والإرهاب فى مصر، وكثيرون منا يرفضون إدراك الترابط العضوي بين متواليات الأزمات الأربعة ويصرون على الفصل بين مسارات مواجهتها في استعلاء على حقائق التاريخ والجغرافيا وتجرؤ على المعرفة الموضوعية نتحمل كمصريات ومصريين كلفتهما الباهظة يوميا. قد ينكر بعضنا غياب الديمقراطية، ويروجون لتحولنا التدريجي باتجاهها في ظل ظروف داخلية وإقليمية قاسية. وربما يدافع بعضنا الآخر عن غياب الديمقراطية بادعاء زائف مفاده عدم أهليتنا لممارستها وبإشارة إلى «خطرها» على تماسك المجتمع والدولة، بينما هم في الحقيقة إما يبحثون عن البقاء في مقاعد الحكم ومواقع القرب منه الضامنة للمصالح وللعوائد، أو يرون من دون نفاق أو حسابات شخصية ولكن أيضا من دون معرفة موضوعية أن مواجهة التخلف والتطرف والإرهاب تستدعي تجاهل مطالب العدل وسيادة القانون وتداول السلطة.
وقد تنكر الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية غياب بعض مقوماتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية بفعل تغول التخلف والتطرف على مجتمعنا، والتعثر المستمر لجهود التنمية المستدامة، وقد تتعامل بعمومية بالغة مع التحديات الأمنية التي تفرضها عصابات الإرهاب على المواطن والمجتمع والدولة، ومع الاستنزاف الذي يرتبه إجرامها لجهة مواردنا الخاصة والعامة المحدودة. وقد يرى بعضنا في الحركة الديمقراطية المصرية أن التغلب على أزمات التخلف والتطرف والإرهاب يمر فقط عبر رفع المظالم وإيقاف الانتهاكات وصون حقوق وحريات الناس، ويتناسى أن للتنمية المستدامة ولتجاوز الفقر والجهل والبطالة وتردي الأوضاع المعيشية ولصناعة الأمل في حاضر أفضل وغد متقدم الكثير من الشروط الجوهرية الأخرى بجانب التحول الديمقراطي وبجانب إخراج السياسة كنشاط سلمي وحر وتعددي من مواتها الراهن.
لا نجاة لمصر المواطن والمجتمع والدولة، ولا خلاص للوطن من أزمات السلطوية والتخلف والتطرف والإرهاب ومتوالياتها المترابطة عضويا، ولا أمل لنا فى التقدم سوى بالربط بين مسارات مواجهة الأزمات الأربعة على نحو يمكن معه المطالبة بالعدل وسيادة القانون وتداول السلطة وصون الحقوق والحريات وإنقاذنا من تغول السلطة التنفـــيذية ونــــزوعها لتقنين الاستثناء وفرض الموات على السياسة من دون استخفاف بضرورة إسهام المواطن وفعاليات المجتمع المدني مع مؤسسات وأجهزة الدولة في جهود التنمية المستدامة لاحتواء التخلف ومؤشراته الكارثية المحيطة بواقع مجتمعنا فقرا وجهلا وبطالة، ومن دون الاستعلاء على مقتضيات مواجهة التطرف والإرهاب في الداخل وفي الجوار الإقليمى بأدوات عسكرية وأمنية ومزيج من الأدوات القانونية والتنموية، ومن دون تجاهل محــدودية مواردنا الخاصة والعامة التي نحتاجها للاضطلاع بكل هذه المهام والأدوار والتي تلزم المسؤولية الوطنية منظومة الحكم/ السلطة بالامتناع عن إهدارها في ممارسات وإجراءات قمعية، وتلزم أيضا معارضيها بعدم التورط في استنفارها بعنتريات الرفض الدائم لكل السياسات الرسمية وبالعجز عن تقديم بدائل واقعية مستندة إلى المعرفة الموضوعية وقابلة للتطبيق لمواجهة أزماتنا الأربعة ومتوالياتها المترابطة».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية