بيروت – «القدس العربي»: شغلت الدراما العربية المشتركة «بان آراب» المشاهدين منذ سنوات، وبعد أن كانت محدودة العدد تنامت وتيرتها بشكل ملحوظ جداً مع بدء الأزمة السورية.
تلك الأزمة تركت العديد من صنّاع الدراما السورية الذين تصدروا الساحة العربية خلال العقد الماضي يشقون طريقاً لهم في لبنان.
في شهر رمضان الماضي برزت إلى الواجهة عدّة مسلسلات مشتركة منها «تانغو»، سيناريو وحوار إياد أبو الشامات وإخراج رامي حنا، وإنتاج «إيغل فيلم». والشركة نفسها انتجت مسلسل «جوليا» الذي كتبه مازن طه. وتابعت «صباح إخوان» العمل على مسلسل «الهيبة» فكان الجزء الثاني «الهيبة العودة»، من إخراج سامر برقاوي. وكذلك مسلسل «طريق» من بطولة نادين نسيب نجيم وعابد فهد.
هذه الشراكة في الدراما التلفزيونية شغلت المشاهدين، وكذلك النقاد، منهم من وجد فيها سعياً لبنانياً لإغناء التجربة من خلال السوريين، ومنهم من وجدها حلاً لأزمة الدراما السورية بعد الحرب.
بحثاً عن واقع هذه الشراكة وحقيقتها وجهت «القدس العربي» للمعنيين في هذه الدراما سؤالا واحداً: هل شكلت الأعمال الدرامية المشتركة رافعة للدراما اللبنانية أم حلاً للدراما السورية بعد الحرب؟
قال رئيس مجلس ادارة «صباح إخوان» المُنتج صادق الصبّاح رداً على السؤال: أعتقد أن مسألة تصنيف الدراما بناء على الجنسية يقع في منطقة ليست صحيحة. الأصح برأيي القول بدراما عربية، أو «دراما شامية». فبلاد الشام تجمع لبنان، سوريا، فلسطين، الأردن والعراق.
الإستعانة بكوادر فنية من جنسيات مختلفة من بلاد الشام تؤدي للنجاح. ربما لتوفر الأرضية الصالحة للتصوير في لبنان. اضافة للتنافس وتوافر إمكانات مقبولة للتسويق لدى المحطات اللبنانية.
كما أن هذا المصنف احتل مركزاً مهماً في منطقة الخليج. والأهم من هذا جميعه أن لبنان يشكل حالة خطرة عبر «السوشال ميديا» بامكانها إنجاح أو تفشيل عمل.
وقد بات حالياً منطقة وسطية بين جميع مناطق بلاد الشام. وهو حقق نجاحات من خلال جغرافيته، اضافة لوجود نجوم مهمين في عالمنا أثبتوا جدارتهم. على سبيل المثال تُصنف ندين نجيم لبنانية بالهوية التي تحملها، لكنها ممثلة عربية. ويمكنني إعطاء أمثلة عديدة من النجوم اللبنانيين والسوريين. وكون النجوم السوريين يقيمون في لبنان حالياً فمن الطبيعي التعاون معهم، تماماً كما يتم العمل مع محترفين في مهن أخرى، سواء في لبنان أو الأردن. وكون أنهم يزيدون من أهمية المصنف اللبناني، فهذا عامل مساعد.
تعتبر شركة صباح نفسها عربية أكثر من كونها لبنانية فقط. فهي شركة تنتج أعمالها في مصر ولبنان، وحالياً باتت لها مشاريع في السعودية، نقول إن هذا المصنف الذي يسميه البعض لبنانياً، فيما أسميه شامياً باتت له مكانته على الصعيد الجماهيري، الإعلاني ومحطات التلفزة. نحن نعيش حالة مزدهرة في عالم الإنتاج في لبنان. وكما كان لبنان على مدى الزمان يستقبل بعض الأعمال المصرية التي تُصور في لبنان، نظراً لطبيعته الجغرافية، باعتقادي أيضاً أن هذه الصناعة مزدهرة لديه لأن الإمكانات اللوجستية باتت متوفرة، ويمكن للمنتج التحرك براحة، فاحترام هذه الصناعة بات واقـعاً.
صاحب شركة «إيغل فيلم» جمال سنان أجاب بما يلي: على العكس تماماً، الفائدة من الدراما المشتركة كانت للطرفين. المشاهدون معجبون وراغبون بالدراما المشتركة، ليس هناك من ارتفع، وليس هناك من وجد حله الكامل. لو حققت الدراما اللبنانية تقدماً كبيراً من تلك الشراكة لأزداد الطلب عليها عربياً. الواقع يقول إن السوق لا تزال على حالها لبنانياً وكذلك الأمر بالنسبة للدراما السورية، التي تسجل تراجعاً بفعل الحرب. إذاً هذا النوع من الدراما المشتركة يقدم لوناً جميلاً وجد قبولاً لافتاً في الوطن العربي. والعبرة التي خلصنا منها كشركة بعد العديد من الأعمال المشتركة ضرورة أن يكون العمل جميلاً بورقه أولاً، ثم «كاست» جيد، يضاف لهما إنتاج محترم. بعد ذلك سيكون الصدى جميلا في الوطن العربي.
بجوابه على السؤال قال المخرج سامر البرقاوي بموافقته على فرضيتي السؤال معاً. وأضاف: لا شك بأن هذا التعاون سيشكل رافعة للدراما اللبنانية، التي تستفيد من هذا الحضور العربي المتميز، من خلال تنفيذ هذه الأعمال في لبنان. وكذلك من خلال المشاركات التي تُقدم لبنانياً، سواء من الممثلين أو الفنيين أو الكتاب. ولا نغفل العناية الإنتاجية العالية بهذه الأعمال وتقديمها على المستوى الإعلامي، يلي ذلك عرضها ثم القراءات النقدية. أي دراما تسعى للتطور تحتاج ما سبق وذكرته. بالعودة إلى الدراما السورية المشتركة أو ما يسمى «بان آراب»، فقد سبقت الأحداث حيث نفذت عدة أعمال من هذا النوع، إنما لم تكن مركز اهتمام كما نراها حالياً وباعتقادي الأسباب واضحة. نحن كما أي دراما نحتاج لتخديم لوجستي، بحاجة لأمكنة تصوير وكذلك للبحث عن شكل جديد ومتجدد يقدم بصيغة لم يسبق تقديمها. وهذا يتوازى مع أيام صعبة مرّت بها المنطقة.
وقد يكون المشاهد العربي أو بعضه يحتاج لأن نقدم له أحد أصناف الدراما المعفاة من الراهن القاسي والأسود الذي يرافق الناس في نشرات الأخبار وفي الشارع والحياة. فقد تمكنت هذه الدراما إلى حد ما من تقديم كوادر سورية
الممثلون السوريون لهم جمهورهم الذي ينتظر جديدهم، وهذه الدراما المشتركة تمكنت من أن تكون منصة متجددة قادرة على تقديمهم بحلة جديدة ومختلفة. تملك الدراما السورية كصناعة آليات وحلول في زمن صعب، وهي يمكن أن تكون جزءاً من بحث عن حلول لهذا المصنف إن اتفقنا على الإسم.
7akh