قدّمت الاحتجاجات الأردنية الأخيرة تغييراً فريداً في أسلوب تعامل السلطات العربية مع حركات الاحتجاج لم يسبقها إليه أحد.
مهم هنا تذكّر حوادث أيار/مايو 2017 في تونس التي تقودها حكومة منتخبة نشأت بعد ثورة شعبية، والتي حاولت لمدة شهر وقف احتجاجات عمال مناطق إنتاج الغاز والفوسفات والنفط في تطاوين بطرق التفاوض السلميّة، ولم تنته بالاعتقالات والبطش بالمحتجين، كما أن الجيش، الذي طالبه الرئيس الباجي قائد السبسي، بالتدخّل، لم يستغل الطلب للقيام بمجزرة كبيرة، كما فعل الجيش والقوات الأمنية المصرية في ميداني رابعة والنهضة.
لا يجب التقليل، بداية، من السلطة الكبيرة للأجهزة الأمنية في الأردن، وهي سلطة ليست خفيّة تماماً (كما تفترض وظيفتها)، وتلعب دوراً في التحكم في (وبالتالي إضعاف) السلطات الأخرى، والمقصود طبعاً سلطات الحكومة ووزاراتها، وكذلك سلطات الأجهزة التشريعية والقضائية، بل إنها تتجرّأ أحيانا على عرقلة قرارات الملك وتوجيهاته، وهذا، من دون شك، جزء من الإشكالية الكبرى ليس للأردن فحسب، بل لكلّ الأنظمة العربية، وهو أيضاً جزء من الاختلال البنيوي الكبير في وظائف السياسة، باعتبارها حقلاً لإدارة العلاقات بين السلطات والشعوب، بما فيها العلاقة بين أجهزة الأمن والمؤسسات الأخرى.
طالب مسؤولون أردنيون كثيرون المحتجين بالاعتبار من أحوال سوريا واليمن وليبيا، وهي البلدان التي قامت فيها ثورات شعبية. المطالبة عقيمة تماما لأن الاحتجاجات الكبرى لا تحصل إلا عندما لا يعود أمام الشعوب خيار آخر سوى النزول إلى الشوارع.
ولعلّ أحوال تلك البلدان المنكوبة كانت أيضاً في أذهان المسؤولين الأردنيين (كما هي في أذهان المحتجين) أولئك، وكذلك الأشخاص الممسكين بالقرار في الأردن، فدروس الثورات تقرأ باتجاهين: حين يتّجه الحاكم إلى القمع المعمّم، فإنه عمليّا يفتح الباب لتفكّك بلاده، وتحوّله إلى طاغية وحشي قد ينتهي قتيلاً (كما حصل مع معمر القذافي وعلي صالح) أو طريداً (كما حصل مع زين العابدين بن علي) أو سجيناً ومعزولا (كما حصل مع حسني مبارك)، أو إلى بيدق فاقد للسيادة في لعبة عالمية وإقليمية وبلاده مجتاحة ومدمّرة وشعبه مهجر (كما هو حال بشار الأسد).
في مواجهة الظروف الإقليمية الخطيرة التي تحيط بالأردن من سوريا والعراق وفلسطين، والضغوط الهائلة التي يتعرّض لها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وحجب المعونات والمساعدات الاقتصادية من السعودية والإمارات، لم يكن أمام «المؤسسة الأردنية»، والتي يمثّل الملك عبد الله الثاني رأسها، وتضمّ الديوان الملكي والأجهزة الأمنية، والحكومة والبرلمان والمؤسسات المدنية أضلاعاً كبرى فيها، سوى أن تجيب بالطريقة التي أجابت فيها، وهو ما يمكن أن نسمّيه الإجابة الصحيحة على السؤال الأردني (العربيّ)، والذي تؤدي الإجابة الخاطئة عليه إلى الجحيم الذي تعيشه البلدان العربية، دفعة واحدة، كما هو حال سوريا واليمن وليبيا، أو بالتقسيط كما هو حال بلدان عربية تغلي فيها النار تحت الرماد.
غير أن الإجابة الصحيحة هذه، والتي تتمثّل، بداية، بالاستجابة لصيحات الجماهير المحتجّة، لا يمكن أن تكتمل من دون أن تتصحح اختلالات العلاقة بين المؤسسات الحاكمة في الأردن، ومن دون إعطاء الحكومة، المدعومة من الجمهور، فرصتها للعمل، من دون وضع «الدولة العميقة» للعراقيل في طريقها، والالتفاف على قراراتها، وإلا فإننا سنعود لتكرار أغنية الشيطان العربية نفسها، والتي كانت وراء أسباب هزائمنا ونكباتنا وخيباتنا.
رأي القدس
من سيتحمل الشعب الأردني لو حدث ما حدث في سوريا والأردن مخيم للاحئين منذ عقود ؟
*بدون شك جميع الأطراف
بالاردن (الملك والبرلمان والحكومة والشعب)
تعلموا الدرس من زلازل (دول الجوار )..؟؟
* لهذا السبب كانت معظم مطالب المحتجين
(اقتصادية) وليست سياسية.
*من فضل الله الأردن مستقر سياسيا
وواحة أمن وأمان حقيقي .
*لهذا السبب أيضا الجميع موافق على
إعطاء رئيس الوزراء الجديد (الرزاز)
فرصة لتصحيح الأوضاع .
سلام
المطلب الأول والمهم للشعب الأردني هو بالقضاء على الفساد, أما الضرائب على المقتدرين لصالح الفقراء فالجميع يرحب بها! ولا حول ولا قوة الا بالله
درس رائع في التعامل مع المحتجين و قبول الاتجاهات الاخرى… الله يحمي الاردن
السلطات لم تبطش بالمتظاهرين
لان الاردن دوله ملكيه والملك تربيته
بريطانيه
تحليل رائع لواقع الحال في الاردن
بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس البوم عنرانه (الدرس الأردني: لماذا لم تبطش السلطات بالمتظاهرين؟)
البطش بالمحتجين السلميين،هو سلوك متخلف وغير حضاري يمارسه الطغاة المقحمين على السلطة بالانقلابات العسكرية المشبوهة -في غالبيتها العظمى-او بالتزييف والبلطجة {فدروس الثورات تقرأ باتجاهين: حين يتّجه الحاكم إلى القمع المعمّم، فإنه عمليّا يفتح الباب لتفكّك بلاده، وتحوّله إلى طاغية وحشي قد ينتهي قتيلاً (كما حصل مع معمر القذافي وعلي صالح) أو طريداً (كما حصل مع زين العابدين بن علي) أو سجيناً ومعزولا (كما حصل مع حسني مبارك)، أو إلى بيدق فاقد للسيادة في لعبة عالمية وإقليمية وبلاده مجتاحة ومدمّرة وشعبه مهجر (كما هو حال بشار الأسد). }
واما رد الفعل الرسمي على الاحتجاجات السلمية في الاردن فكان عقليا بعيدا عن التشنج والغطرسة والاستعلاء والانتقام الذي رافق ردات فعل معظم الحكام العرب على مثل هذه الاحتجاجات ومالم( تتصحح اختلالات العلاقة بين المؤسسات الحاكمة في الأردن، ومن دون إعطاء الحكومة، المدعومة من الجمهور، فرصتها للعمل، من دون وضع «الدولة العميقة» للعراقيل في طريقها، والالتفاف على قراراتها، وإلا فإننا سنعود لتكرار أغنية الشيطان العربية نفسها، والتي كانت وراء أسباب هزائمنا ونكباتنا وخيباتنا.)
الاستجابة لمطالب المحتجين السلمية يجب ان لا تكون تكتيكية تتبخر بعد ان يهدأ الحراك الشعبي بناء على وعود السلطة. وبخلاف ذلك ستبقى بذرة الحراك
متحفزة للعوئة الى المربع الاول.وهذا ليس في صالح السلطة او اركان الحراك ااشعبي الاحتجاجي.
ان الرزاز والملقي والملك وكذلك صندوق النقد الدولي وفوق ذلك الشعب الاردني، الكل يعلم ان الضيقة المادية هي بسبب الفساد ولا يمكن حلها بزيادة الضرائب الى مالا نهاية.
الفساد مشكلة في كثير ن دول العالم الثالث، ومما يبدو ان هنالك قوى عالمية تريد لهذا الفساد ان يبقى، بل ان يزدهر.
فصندوق النقد الدولي دائما يأتي بحلول تؤذي الفقير وتعفي السارق الكبير. والشعب الاردني اصبح واعيا لهذه الازدواجية، بل مضطر هذه المرة ليواجه المجهول اهما كان. فالفقر وما ينتج عنه من مذلة الديون، والعجز عن القيام بواجب الانفاق على العائلة قد وصلا الى حد مقولة “علي وعلى اعدائي”.
المجابهة بين المنتفعين والمعدمين آتية لا مفر منها.
اعتقد ان بعض الاردنيون سيذهبون في اجارات طويلة الى بلاد الغرب.
ارادة الشعوب لا تقهر والثورات العربية لها مبرراتها وعندما ينزل الشعب الى الشارع يعني ذلك أنه لم يعد امامه شيء يخسره حتى الروح لأنه يبحث عن حياة كريمة وحرية مفقودة وكرامة منتهكة. وقد فهمت بعض الأنظمة العربية كتونس والأردن أنه من الأفضل لها ان تكون الى جانب الشعب وليس ضده, فإذا كنت امام برميل بارود الافضل لك ان لا تشعل نارا.
لأن النتيجة باتت واضحة لكل حاكم لا يفهم هذه المسلمة أما القتل أو السجن أو الهرب والاقامة الجبرية في بلاد اخرى أو الاستقواء بقوى خارجية تسلب البلاد والعباد والسيادة.
في الأردن يعلو صوت الحكمة فوق أي صوت آخر، هنا يوجد صمام أمان في مواجهة الأزمات الخطيرة، فالأجهزة الأمنية لم تأتِ من عالم آخر، فهي من الشعب نفسه ولا يمكن أن تقف أمام متطلبات الشعب التي وصلت للملك والذي تدخل في الوقت المناسب لينزع فتيل أي أزمة كان من الممكن أن تحصل
أكرر، هنا في الأردن صوت الحكمة والعقل يعلو فوق أي صوت آخر