لندن ـ «القدس العربي»: اتسم تعامل إدارة الرئيس دونالد ترامب مع الأزمة الحالية بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى بالفوضى وعدم الانسجام. ففي البداية دعم، إن لم ينسب لنفسه، ما قامت به السعودية والإمارات تحديداً بالإضافة لمصروالبحرين من حصار على قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية وطرد رعاياها.
ولكنه عاد يوم الأربعاء ليقدم نفسه على أنه صانع سلام وعرض استقبال الطرفين في البيت الأبيض واتصل بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. ومن ثم جاءت الهجمات الإرهابية التي أعلن تنظيم «الدولة» مسؤوليته عنها في إيران والتي طالت مرقد الإمام الخميني والبرلمان.
ووجد البيت الأبيض نفسه امام معضلة شجب الهجوم على دولة اعتبرها ترامب قبل أسابيع رأس الإرهاب في المنطقة. فكيف يتم التعاطف مع الضحايا دونما الظهور بمظهر الداعم للجمهورية الإسلامية ولهذا قضى المسؤولون يوماً كاملاً لإعداد بيان باهت تعاطف فيه مع الإيرانيين الضحايا وفي الوقت نفسه تحدث ترامب عن إيران راعية الإرهاب التي «أصبحت ضحية للشر الذي تقوم بنشره».
وكشف يوم الأربعاء أن العالم لا يعمل بناء على معايير أبيض ـ أسود والتي أكد عليها الرئيس أثناء حملته الانتخابية وتغريداته على التويتر، عالم يشكل فيه تنظيم الدولة في العراق وسوريا وإيران الشيعية ما يطلق عليه ترامب «التطرف الإسلامي الراديكالي». ويعلق روبرت مالي، المسؤول البارز في شؤون الشرق الأوسط أثناء إدارة باراك أوباما «هذا تلخيص للأولويات المتنافسة والتناقضات التي تواجه الإدارة والتي من الصعب عليها حلها».
وأضاف في تصريحات نقلتها عنه صحيفة «نيويورك تايمز» «لا يمكن أن تكون ضد إيران بالكامل وضد تنظيم الدولة بالمطلق والإرهاب وتحافظ على شعار «أمريكا أولاً»، أي الابتعاد عن المنطقة».
قائمة
ففي يوم الثلاثاء فاقم الرئيس بعد تغريداته التي أكدت أنه مع عزل قطر بالإتصال مع الملك سلمان بن عبد العزيز، وطلب منه إعداد قائمة بالمطالب التي يجب على قطر تنفيذها حسبما نقلت الصحيفة عن مسؤول بارز في الإدارة.
وجاءت المكالمة بعد سلسلة من المكالمات التي أجراها ريكس تيلرسون وزير الخارجية الذي يعرف قادة الخليج من أيامه كمدير لشركة إكسون موبيل وطلب من المسؤولين السعوديين قائمة من المطالب مقابل رفع الحصار عن قطر.
وقالت الصحيفة إن كلاً من تيلرسون ووزير الدفاع جيمس ماتيس يريان أن الولايات المتحدة لا يمكنها تحمل انقطاع العلاقات بين السعودية وقطر، خاصة أن هذه تستقبل أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة (العيديد).
وتعلق الصحيفة أن القطريين شعروا بالصدمة من التناقض بين التصريحات المنصفة التي صدرت عن الخارجية والبنتاغون وتلك التي أصدرها ترامب وبدأوا يسألون الأمريكيين إن كان التحالف الطويل بين البلدين في خطر.
وتقول إن مكالمة ترامب مع الأمير تميم بن حمد والتي جدد فيها ضرورة العمل على مواصلة قطع تمويل الإرهاب واقتراحه تيلرسون وسيطاً إلا ان اتهامات دعم قطر للإخوان وحماس لا تعني أن السعودية بريئة، فقد سمحت بتدفق التمويل ضد الجماعات السنية المتطرفة هي الأخرى.
ويقول محللون إن دعم ترامب العام للسعودية أدى لجرأة المملكة وأرعب دول الخليج الأخرى مثل عمان والكويت اللتين شعرتا أن أي دولة تخالف رأي السعودية والإمارات ستواجه مصير قطر. وحسب جيرالد فينتشتاين، السفير الأمريكي السابق في اليمن «كل واحد ينظر خلفه يقول «نحن المستهدفون»».
ومن هنا فقد اكتشف ترامب أن الانقسام الخليجي سيكون على حساب حملته ضد الجهاديين. ولهذا أخبر قادة السعودية وقطر أن الحملة ضد التنظيم ستكون فاعلة في ظل وحدة دول مجلس التعاون الخليجي.
كيف نتعامل مع إيران؟
وترى الصحيفة أن الرد المتردد لترامب على العمليات الإرهابية في إيران يظهر العراقيل التي تواجهها واشنطن لبناء استراتيجية موحدة. وهناك انقسام داخل الإدارة حول كيفية التعامل مع إيران وبدا واضحاً من الموقف الشاجب الذي صدر عن الخارجية مقارنة مع البيان الباهت من البيت الأبيض.
وتجري الإدارة مراجعات بشأن سياستها الإيرانية حيث يدعو فريق من داخل مجلس الأمن القومي لفرض عقوبات عليها وإعادة فرض العقوبات الإقتصادية التي خففت عنها بعد توقيع الإتفاق النووي عام 2015، إلا أن استراتيجية كهذه ستؤدي لإنهاء الإتفاقية والتي يرغب مستشار الأمن القومي أتش أر ماكمستر وجيمس ماتيس الحفاظ عليها لمنع إيران من تطوير برنامجها النووي.
ويرى مسؤولون أن لا فرصة لبناء نقطة مشتركة مع إيران لقتال تنظيم الدولة ولا توجد استراتيجية للتعامل مع التنافس السعودي ـ الإيراني للهيمنة على المنطقة. ونتيجة لغياب الرؤية الواضحة ستجد الإدارة نفسها في خضم النزاع الإيراني ـ السعودي بعدما اتهمت طهران الرياض بالوقوف وراء الهجمات الأخيرة. ولم تعثر بعد على صيغة لحل الأزمة القطرية التي يبدو أنها شجعتها. ويرى كريم ساجدبور من مركز كارنيغي في الشرق الأوسط أن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في تشجيع طهران والرياض لتجاوز خلافاتهما والتعاون ضد تنظيم «الدولة». وقال إن العداء بين السعودية وإيران يزيد من الضحايا في سوريا واليمن واللاجئين إلى أوروبا والراديكاليين السنة والشيعة.
زاد الوضع سوءا
المهم في تخبط إدارة ترامب أنها خلقت ظرفاً في المنطقة زاد من مشاكلها. وترى في هذا الاتجاه صحيفة «الغارديان» أن دونالد ترامب لا يريد التعلم من دروس الامس. فالرئيس المعروف بتبجحه يريد صناعة التاريخ من خلال إساءة الحكم على المستوى العالمي.
وقام الرئيس ترامب بتحريك المرجل العكر في الشرق الأوسط وبلا مبالاة. وتحدثت الصحيفة عن موقفه من الأزمة التي بدأت بحصار السعودية والإمارات لقطر والتي تطالب وبشكل غريب بإغلاق قناة «الجزيرة» التي كانت صوت الربيع العربي. ورأت الصحيفة أن الحصار وطرد الرعايا القطريين من الدول المجاور يعتبر مبررًا للحرب.
وعندما تقرع طبول الحرب تحمل القوة العظمى العصا ولكن ليس ترامب الذي غرد للسعودية والإمارات واعتبر تحركهما بداية النهاية لرعب الإرهاب، بشكل صادق على عزل قطر. ومن خلال وقوفه بشكل سافر إلى جانب طرف ضد آخر فقد عبث ترامب بسلامة وأمن ما يزيد على أحد عشر ألف عسكري من الأمريكيين أو من دول التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، يتخذون من قاعدة العديد مقراً لهم، والتي منها تنطلق العمليات في المعركة التي تخاض ضد تنظيم «الدولة». وتقول إن ترامب انزلق إلى وضع بدأه الهاكرز، ثم ما لبث أن أصبح حقيقة ذات أبعاد وجودية على الاقل عند الدول التي تتهم قطر.
وما يثير القلق هو أن الرياض وأبو ظبي تحركتا بعد زيارة ترامب للمنطقة. وعلى ما يبدو فقد تشكلت لديهما قناعة مع دول أخرى مثل مصر أن ترامب سيبارك ما يفعلون، وهو ما فعله من خلال تغريداته.
وتقول إن مكمن العداء لقطر هو علاقاتها مع الإخوان المسلمين وحماس وطالبان مع أن العلاقة مع هذه كلها تمت بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة، التي تحرص على إبقاء هذه المجموعات معزولة، ولكن قريبة في الوقت ذاته فيما لو احتاجت لأن تتحدث معها.
وتشير الصحيفة لتسريبات جديدة تقول إن مراكز البحث الإسرائيلية ساندت المسعى السعودي الإماراتي لعزل قطر. ومشكلة هذه الدولة هي خروجها عن التأثير السعودي عندما أطاح والد الأمير الحالي بوالده عام 1995. وقرر منذ ذلك الوقت رسم طريق جديد معتمدا ًعلى ثروة الغاز.
وتشير الصحيفة إلى ان قطر ليست نظاما ديمقراطيا بل لديها نظام ملكي لكن ما يخيف الحكام العرب هو وقوفها مع ثورات الربيع العربي. وحظيت الدوحة في مساندتها للشارع العربي بدعم تركيا، التي تستعد الآن لنشر قواتها في قاعدتها العسكرية هناك.
وترى الصحيفة أن ميزان القوة في الشرق الأوسط يتوزع الآن بين الملكيات السنية في الخليج، ومحور قطر – تركيا، الذي يدعم الإسلام السياسي، والهلال الشيعي الذي يوجد مركزه في إيران، لكل هذا تحولت الصراعات في المنطقة ـ ليبيا واليمن وسوريا ـ إلى حروب بالوكالة بين هذه القوى الإقليمية ومن شأن التصريحات الغاضبة التي تتوعد بنقل المعركة إلى طهران، مثل تلك التي صدرت الشهر الماضي عن نجل الملك أن تصب الزيت على النار، بينما تتعمق مشاعر الكراهية الطائفية في الميدان.
وتقول إن واشنطن كان عليها ومنذ اللحظة الأولى أن تقيم علاقات مع جميع الأطراف حتى تقلص من التوترات إلا أن ترامب كان متحمساً أكثر من اللازم في حسم مسألة من هم أصدقاؤه. وتضيف أن بعض العلاقات ما من شك عادت على عائلته بالكثير من المكاسب الضخمة.
ويشار في هذا المجال إلى أن صندوق سيدات الأعمال ـ الذي تديره إيفانكا ترامب ـ حظي على وعد بهبة تبلغ قيمتها 100 مليون دولار من السعودية والإمارات وهما الدولتان اللتان تعرضتا لنقد لاذع، لإخفاقهما في استضافة لاجئ سوري واحد. وتختم بالقول «طوال هذا الوقت ما فتئ ترامب يتبع سياسة تتعارض مع مصالح بلده. وهذه حماقة من صنع يديه، ومن غير المحتمل أن تنتهي إلى خير».
مخرب
ومن هنا ترى صحيفة «واشنطن بوست» في افتتاحيتها أن مواقف ترامب المحابية للسعودية والإمارات تهدد المصالح الأمريكية الحيوية بالمنطقة بمن فيها الحملة ضد تنظيم «الدولة». وهي لا تستغرب الكيفية التي سحب فيها ترامب البساط من تحت أقدام فريق أمنه القومي إلا أنه وقف ضد دولة استقبلت القوات الأمريكية على أراضيها بعدما أمرت السعودية الأمريكيين بمغادرة بلادها.
ومن خلال دعمه غير المشروط للسعودية فقد وقف مع دولة مسؤولة عن نشر التفسير المتطرف للإسلام وقام بإدخال الولايات المتحدة في نزاع من الأولى أن تقوم بنزع فتيله لا إشعاله. وترى أن الطرفين لا يستحقان دعماً امريكياً كاملاً.
ورددت هنا الاتهامات الموجهة لقطر. كما أن المطالب التي تريدها السعودية من قطر لا تتطابق مع الأولويات الأمريكية وهي محاربة تنظيم «الدولة».
وتعتقد أن نجاح السعودية في ضغوطها على قطر خاصة طرد الإخوان المسلمين يعني أن الحكام المستبدين الرجعيين بالمنطقة قد خطوا خطوة أخرى في اتجاه غلق الطريق أمام البدائل السياسية ـ أيا كانت ديمقراطية أو إسلامية معتدلة.
وسيغلقون باب التقارب مع إيران وهو أمر ضروري لإنهاء الحروب «وأكثر من هذا فسينجحون بمساعدة رئيس أمريكي لا يعرف على ما يبدو مصالح أمريكا ولا الكيفية التي يقوم بتدميرها».
عودة الجهاديين
وفي هذا السياق تثير ضربة تنظيم «الدولة» لإيران تساؤلات عدة، فقد تجنبوها وركزوا عملياتهم في العراق وسوريا.
واعتبر الرئيس روحاني عدم استهداف تنظيم «الدولة» لبلاده إنجازاً. بل وبرر المرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي قتال التنظيم خارج حدوده يمنعه من الوصول إلى الأراضي الإيرانية ولهذا أرسل الحرس الثوري إلى العراق وسوريا واليمن. ومع ذلك لم تبتعد الجمهورية الإسلامية عن رادار الجهاديين الذين استهدفوها بدعاية واسعة خلال الأشهر الماضية بهدف تحريض السنة هناك.
وتقول مجلة «إيكونومست» إن الهجوم يأتي بعد زيارة ترامب الشهيرة للسعودية التي اتهم فيها إيران بالوقوف وراء المشاكل بالمنطقة من خلال دعمها للجماعات الشيعية والوقوف مع نظام بشار الأسد.
ومن جهته اتهم الحرس الثوري السعودية بدعم تنظيم «الدولة» وتم التركيز في إيران على تصريحات ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والتي قال فيها إن السعودية لن تنتظر المعركة حتى تأتي إليها واتهم فيها إيران بمحاولة السيطرة على مكة.
وترى المجلة أن عوامل أخرى لعبت في هجوم 7 حزيران/يونيو غير الجرأة التي قدمها ترامب لدول الخليج والسعودية بخاصة، وتتعلق بالضرورة بوضع تنظيم «الدولة» نفسه الذي يواجه هزائم في العراق وسوريا وليبيا ولهذا يقوم بتوجيه هجماته إلى الخارج.
وبناء على دعايته فإنه رغب دائماً بضرب إيران وكان فشله في تنفيذ عمليات فيها مصدرًا للعار وسط الدوائر الجهادية. ولكن العملية الناجحة لن تؤدي إلى رفع المعنويات ولمدة طويلة خاصة أن العملية لاستعادة الرقة بدأت وبدعم من الولايات المتحدة.
ويعتقد سكوت باترسون أن العملية التي ضربت رمزان مهمان للدولة ستؤدي إلى إعادة النظر بثمن الحملة التي تقوم بها إيران في سوريا والعراق.
وفي تقرير بـ «كريستيان ساينس مونتيور» جاء فيه أن الطبيعة الصادمة للهجمات تطرح أسئلة حول تأثيرها لطبيعة التهديد والحسابات المتعلقة بمواجهة الإرهاب. ويرى أن كل هذا يعتمد على الطريقة التي تنظر فيها الجمهورية للطرف المسؤول عنها خاصة أن الكثير من الإيرانيين وجهوا أصابع الاتهام للسعودية.
وأهم من تحديد الجهة المسؤولة هي الكيفية التي مر فيها المهاجمون بدون كشف من تحت رقابة الأجهزة الأمنية المعروفة بقوتها. ويرى محللون أن أهم نتاج للعملية هي مساءلة إيران نفسها للثمن الذي تدفعه بالدم والمال في مغامراتها العسكرية في كل من سوريا والعراق.
ونقل عن حسن أحمديان، المحاضر في شؤون الشرق الأوسط في جامعة طهران «الأثر المباشر هو تعزيز شعبية سياسة مكافحة الإرهاب في المنطقة». مضيفاً أن الناس سيشعرون بالربط الذي تتحدث عنه الحكومة وهو «إن لم نقاتلهم هناك فسنقاتلهم هنا في إيران».
وترى صحيفة «وول ستريت جورنال» في افتتاحيتها أن المفارقة في هجمات طهران هي أن العديد من الأساليب التي يستخدمها تنظيم «الدولة» قام أتباع الخميني بتطويرها وهي تتراوح من خطف الرهائن إلى الطائرات والعمليات الإنتحارية مثل التي قتلت في بيروت 224 جندياً من المارينز عام 1983 إلى القنابل البدائية التي استخدمتها الميليشيات الشيعية في العراق ضد القوات الأمريكية عام 2003.
وبعد سنوات من تبرير استخدام هذه الأساليب الإجرامية في العالم تجد إيران نفسها اليوم هدفاً لها «والتراجيديا بالنسبة للإيرانيين الذين حولهم نظامهم لضحية يشعرون أنهم يتعرضون لمخاطر من أعدائه».
أسرار قاتلة
ويتساءل توماس جوسلين في موقع «دايلي بست» عن سبب تعرض إيران لهجمات الجهاديين مع أن القوات الأمنية قادرة على قمع المتظاهرين وملاحقة المعارضة لكن سر تجنبها العمليات الإرهابية له علاقة بالاتفاق السري الذي عقدته مع تنظيم «القاعدة» والتي حاولت السيطرة على العنف الطائفي في العراق.
بل وحاول أيمن الظواهري، الذي خلف أسامة بن لادن لاحقاً إقناع أبو مصعب الزرقاوي، زعيم الفرع العراقي التوقف عن استهداف المدنيين الشيعة. إلا أن الزرقاوي كان يرغب واتباعه بإثارة حرب طائفية.
وعندما قام بتفجير مقام الإمام العسكري في سامراء عام 2006 اندلعت الحرب التي يريد. ولولا زيادة جورج دبليو بوش القوات الأمريكية في عام 2007 التي منعت توسع الحرب ولكنها لم تقض على الحرب الطائفية التي ظلت ترافق العراق منذ ذلك الوقت.
وعندما قتل الزرقاوي عام 2006 استمر اتباعه بتطبيق سياسته الطائفية. ولكنهم ظلوا حتى عام 2014 ملتزمين بأوامر القاعدة وعدم ضرب إيران أو الشـيعة خـارج العـراق.
وبعد انفصال فرع البغدادي عن التنظيم الأم عادت النبرة المعادية لإيران حيث وجه المتحدث الرسمي أبو محمد العدناني رسالة توبيخ لقادة «القاعدة» وكشف عن علاقتهم بإيران «يجب أن يسجل التاريخ أن إيران مدينة للقاعدة بالكثير». ووجد البغدادي والعدناني أنهما غير ملزمين بتعليمات «القاعدة» وعدم استهداف إيران خاصة عندما تم الانفصال بشكل رسمي في شباط/فبراير 2014.
ويقول إن القاعدة حتى هذا اليوم تحاول تجنب توجيه ضربات لإيران. وتشرح الوثائق التي حملها معهم جنود الفقمة (نيفي سيل) من مقر بن لادن في أبوت أباد عام 2011 تحفظه.
ففي تشرين الأول/أكتوبر 2007 كتب إلى تنظيم «الدولة» في العراق الذي كان بزعامة أبو حمزة المهاجر رسالة عبر فيها عن قلقه من التهديدات التي يوجهها الفرع العراقي لإيـران.
واشتكى بن لادن من عدم استشارة المهاجر وإخوانه القيادة فيما يتعلق بالأمور الجدية للحرب. وقال إن «إيران هي الشريان الرئيسي للتمويل ونقل الأفراد والإتصال والأمور المتعلقة بالرهائن». ولم يكن بن لادن ضد توجيه هجمات لإيران من ناحية مبدئية لكنه كان يعتقد أن الثمن سيكون باهظاً مقارنة مع المنافع المهمة التي يتلقاها تنظيم «القاعدة» من العلاقة مع إيران.
ولعبت قيادات عدة لجأت إلى هناك دوراً في الحركات الجهادية في أماكن أخرى مثل محسن الفضلي الذي قتل في سوريا عام 2014، وسيف العدل الذي يعتقد أنه هناك. بل كشفت وزارة المالية الأمريكية أن أبو حمزة الخالدي «رئيس اللجنة العسكرية» في «القاعدة» يقيم في إيران.
ورغم قتال الطرفين على الجانب الآخر من الحرب في العراق وسوريا واليمن إلا ان العلاقة بينهما استمرت حتى عندما اختطف ناشطون دبلوماسياً إيرانياً لإجبار السلطات الإيرانية لإطلاق سراح عائلة بن لادن التي احتجزت تحت الإقامة الجبرية.