لندن- «القدس العربي»: ليس صحيحا ما يقال عن المرأة العربية في بعض المنتديات الثقافية في الغرب من وصفها بالكسل أحيانا والجهل والأمية أحيانا أخرى والتبعية ثالثة، الصورة الذهنية لدى العالم يجب ان تتغير، هناك نساء عربيات ناجحات حققن إنجازات كبيرة في مجالاتهن المختلفة.
«القدس العربي» اختارت واحدة من كثيرات كلهن نماذج مشرفة هي الدكتورة اليمنية مناهل ثابت، الحاصلة على درجتي دكتوراه، الأولى في الهندسة المالية والثانية في رياضيات الكم والحائزة على جائزة «عبقري العام» ممثلة عن قارة آسيا لعام 2013، كما انها حازت ايضا على جائزة العلوم في الشرق الاوسط.
الدكتورة مناهل اختارت تخصصا علميا دقيقا يخشاه كثير من الرجال نظرا لضرورة توافر قدر كبير من الذكاء لدى الدارس، هو مجال رياضيات الكم، ورغم ذلك حققت فيه نجاحات كبيرة، توجتها بدرجتي دكتوراه بالإضافة إلى العديد من الجوائز المحلية والدولية، وتعد هي المرأة العربية الوحيدة المتخصصة في هذا المجال الصعب، على الرغم من صغر سنها فهي مواليد 1981 وكل الحاصلين على هذه الدرجة العلمية يكبرونها سنا.
شاركت الدكتورة مناهل مؤخرا في مؤتمر كبير تم عقده في لندن على مدار يومين لمناقشة نجاحات المرأة العربية في مجالات عديدة مثل إدارة الأعمال والحرف اليدوية وتصميم الديكور وصناعة الحلي والمجوهرات ومجالات تصميم الازياء وأشياء اخرى كثيرة.
وخلال المؤتمر تم تنظيم ندوة حاضرت فيها عن أشكال نجاح المرأة العربية وميلها للإبداع اذا ما توافرت لها الظروف والاجواء المناسبة، كما تحدثت من منظور دراستها الأكاديمية عن كيفية ترتيب الأفكار بشكل صحيح ووضع الاهداف بما يسهل عملية الوصول اليها وتحقيقها فيما بعد.
تقول الدكتورة مناهل في لقاء مع «القدس العربي» على هامش المؤتمر: لم أتحدث عن نفسي خلال الندوة لان انكار الذات جزء من النجاح، والمرأة العربية لديها الكثير مما تستطيع ان تعطيه لهذا العالم لكنها تفتقد لفرص العطاء، وحين تأتيها الفرصة تحقق النجاح.
وتضيف: فضلت ان أتحدث عن التفكير الإبداعي لدى المرأة العربية وامكانياتها لتحقيق النجاح، وأجمل ما لاحظته في هذا المؤتمر من خلال متابعتي لجلسات النقاش هو تنوع الجنسيات العربية للمشاركات، فبعضهن من المغرب واخريات من العراق ومصر والإمارات والبحرين والسعودية وغيرها من الدول العربية، مما يعكس قدرات النساء في كل هذه الدول رغم عراقيل التسرب من التعليم وعراقيل ثقافية اخرى ترتبط بالصورة الذهنية الخاطئة عن المرأة العربية.
وعن الوظيفة الطبيعية للمرأة تقول: لانها نصف المجتمع فهي تؤمن بدورها الطبيعي وأهميته لانها الأم التي تنشئ الطبيب والمهندس والمحارب والمدير، ولولا انها تحسن تربية النشء لما تقدم المجتمع، وهذه اول وظيفة تبرع المرأة العربية في ادائها، ويأتي في المرتبة الثانية اهتمامها بالعلم والعمل وطموحها الزائد وتحديها لكل العقبات من أجل وصولها للهدف الذي تتطلع لتحقيقه.
تترأس الدكتورة مناهل ثابت لجنة التحكيم في مسابقة جوائز المرأة العربية المتميزة والتي تقام بشكل دوري في دبي، وتقول عن هذه التجربة:»من واقع عملي في التحكيم في المسابقة أحيانا نشعر بالحيرة فعلا لان هناك العديد من المتسابقات المميزات ونجد الكثير منهن يستحقن الفوز ثم نطبق المعايير بشكل أدق حتى نحصر العدد ونجد الأنسب للفوز والأجدر بالجائزة، كل هذا يعني ان النساء العربيات قادرات على تحقيق أنفسهن ولكنهن ينتظرن الفرص وبمجرد ان يجدن الفرص يبرعن ويبتكرن ويحققن نجاحات كبيرة وأنا شخصيا أتصور ان العالم بدأ ينتبه الى ان تغييرا ما قد حدث وان حقيقة المرأة العربية كانت غائبة عن العالم الذي لديه صورة ذهنية قديمة.
وعن التحديات التي واجهتها هي شخصيا خلال رحلتها العلمية والاكاديمية قالت:«هناك تحديات كثيرة، والتحديات موجودة باستمرار، هذه هي الحياة وتلك هي طبيعتها، لا نجاح دون ألم كما يقول المثل الانكليزي «no pain no gain» المهم ان تواجه تلك التحديات وتنتصر عليها، وفي اعتقادي ان المرأة العربية مميزة جدا بالنسبة لتلك النقطة فهي لا تستسلم للتحديات وانما تواجهها وتتعامل معها حتى تصل الى هدفها في النهاية.
تتأمل الدكتورة مناهل محيط الغرفة التي إلتقيناها فيها ثم تنظر الى السماء للحظات وتعود لتقول:«منذ عشر سنوات مثلا كانت هناك نساء عربيات مميزات وناجحات ولكن لم يسمع بهن أحد بسبب ضعف وسائل الاعلام، أما الآن فالعالم اصبح قرية صغيرة والكل يتصل ببعضه من أدنى الأرض الى اقصاها وهذا الانتشار المعلوماتي ساهم في الترويج لكل شيء في حياتنا بما في ذلك نجاحات المرأة العربية، اقصد ان نجاحها موجود منذ زمن، ولكن وسائل الاتصال الحديث ساهمت في تسليط الضوء عليه.
وقبل ان تنهي حديثها وجهت الدكتورة مناهل ثابت رسالة مفتوحة للمرأة العربية، قالت فيها:«اقول لكل امرأة عربية طاردي حلمك، لا تتركي هدفك يغيب، وستصلين اليه مهما طال الوقت، وليكن طموحك فوق عنان السماء، ان وجد الكون فالسماء ليست الحدود».
محمد محسن
شكرًا للزميل محمد محسن وشكرا للزملاء في القدس العربي