دمشق ـ «القدس العربي» من هبة محمد: تلقت كل من القوات السورية والروسية ضربة موجعة على يد تنظيم «الدولة الإسلامية» شرقي سوريا، حيث عزز التنظيم صفوفه بمقاتليه الذين خرجوا من مخيم اليرموك وجنوبي دمشق أخيراً وكثف من عملياته، في ما يوحي بأنه بدأ يأخذ المبادرة بعد شنه عمليات عدة خلال الأسبوع الماضي. كما تلقى النظام السوري صدمة موجعة من الحليف الروسي الأقرب، الذي أهان عناصر من جيشه على مرأى من عشرات المدنيين جنوبي دمشق يوم السبت.
ونقلت القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية عن ممثل القاعدة الروسية في سوريا، أليكسندر إيفانوف، أن مجموعات مسلحة عدة هاجمت نقطة لقوات النظام السوري في دير الزور، حيث كان عناصر ومستشارون عسكريون روس. وحسب المصدر فقد «قتل على الفور مستشاران روسيان، بينما أصيب 5 آخرون ونقلوا مباشرة إلى المستشفى العسكري الروسي، كما حاول الأطباء إنقاذ حياة اثنين من الجنود المصابين، لكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل».
المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن «35 مقاتلاً من قوات النظام والموالين لها بينهم تسعة مقاتلين روس قتلوا في هجوم شنه تنظيم الدولة قبل أيام على نقطة تجمع لهم في شرقي سوريا». وذكر المرصد أن «مقاتلين من تنظيم داعش هاجموا الأربعاء رتلاً لقوات النظام وقوات روسية حليفة أثناء توقفه في نقطة جنوب غربي الميادين، ما تسبب بمقتل 26 من قوات النظام بالإضافة إلى تسعة روس بينهم عسكريون ومقاتلون مرتزقة».
وكالة «أعماق» الناطقة باسم تنظيم «الدولة» في سوريا، قالت إن عناصر التنظيم نفذوا هجمات متفرقة على مواقع مشتركة للنظام السوري والقوات الروسية في محيط مدينة الميادين في الجنوب الشرقي من مدينة دير الزور شرقي سوريا. ووفق الوكالة، فإن الهجوم أدى إلى مقتل أكثر من 15 عنصراً للنظام السوري والقوات الروسية، بالإضافة إلى تدمير آلية عسكرية وثلاث شاحنات، مشيرة الى أن مجموعة أخرى هاجمت مواقع لقوات النظام في ريف دير الزور، وأسرت خمسة عناصر منهم وقتلت ثمانية آخرين.
وأكدت مصادر محلية لـ«القدس العربي» أن تنظيم «الدولة» أسر مجموعة قتالية لميليشيا «الدفاع الوطني» التابعة للنظام السوري، وعدداً من الجنود الروس، بالإضافة إلى رجل دين شيعي في الـ22 من شهر أيار/ مايو الحالي، وذلك بعد هجوم نفذته مجموعات للتنظيم قرب مدينة تدمر، وسط سوريا، في حين لم يصدر عن الجانب الروسي أو النظام السوري، أي تأكيد أو نفي لعملية أسر مجموعة الدفاع الوطني والجنود الروس، في هجوم التنظيم على مواقعهم قرب مدينة تدمر.
من جهة ثانية قالت مصادر مطلعة لـ«القدس العربي» إن مقاتلي تنظيم الدولة أسروا عنصرين لقوات سوريا الديمقراطية، في ريف دير الزور بعد عملية تسلل باتجاه مواقع قوات «قسد» شرقي مدينة البوكمال، أسفرت عن مقتل عدد من عناصر قوات سوريا الديمقراطية.
وإزاء هذه الهجمات المتتالية رأى مصدر مطلع لـ«القدس العربي»، أن تنظيم الدولة غيّر سياسته العسكرية ضد قوات النظام، وقوات سوريا الديمقراطية في دير الزور، مضيفاً «أن تنظيم الدولة وبالرغم من الضعف الذي يعتريه إلا أنه يحاول الاستفادة القصوى من القوات والقدرة القتالية التي تملكها الوحدات القتالية المهاجمة، حيث يبدو اتباعه سياسة الحرب الليلية، والتسلل إلى داخل مواقع القوات التي تقدمت نحو مناطق سيطرته، مستفيدين من الظلام لتحقيق الأهداف».
من جهة أخرى وفي مشهد رمزي وذي دلالات في سوريا، شهدت الأحياء الجنوبية من العاصمة السورية دمشق ارباكاً وصدمة للنظام وقواته، بعد تعمد الشرطة العسكرية الروسية إهانة واعتقال عناصر من الحرس الجمهوري للنظام، ومعاقبتهم في الشارع أمام الناس وإجبارهم على التمدد على الأرض بعد القبض عليهم عقب عمليات السرقة التي نفذوها في بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم جنوبي العاصمة.
وأظهرت مقاطع وصور، تداولها ناشطون مؤيدون ومعارضون، إذلال القوات الروسية جنود الحرس الجمهوري أمام عشرات المدنيين، وتنفيذ بعض العقوبات العسكرية بحقهم، واعتقالهم، فيما أثارت الحادثة حالة إحباط بين الطيف الموالي للأسد، وطالب بعضهم القيادة الروسية برد اعتبار الجيش النظامي، وآخرون حذروها من وقوع مواجهات فردية.
القناة المركزية لقاعدة حميميم الروسية عقبت على الصور بالقول: «بكل تأكيد القوات الروسية لا تسمح بحدوث انتهاكات في المناطق التي تم تحريرها بمشاركتنا، وقد تم إلقاء القبض على عناصر تتبع لإحدى الفرق القتالية البرية تنتهك القانون في مناطق جنوب العاصمة دمشق».
المحلل السياسي المقرب من النظام السوري صلاح قيراطة، عقب على الحادثة بالقول: روسيا تريد إبلاغ الأطراف الداخلية في سوريا بأنها الآمر الناهي حتى في شؤون الأمن الداخلي بما فيها القضايا ذات الصبغة الجنائية. وأضاف لـ«القدس العربي»، لقد أراد الروسي اليوم من خلال تصوير بعض عناصر شرطته العسكرية وهم يداهمون أماكن يتم فيها نهب ممتلكات مواطنين سوريين توصيل رسائل كثيرة أهمها أن موسكو قادرة على فرض قرارها على القيادة السورية. وأضاف قيراطة «القضية كما أراها يمكن اختصارها بضياع هيبة الدولة السورية». (تفاصيل ص 4)