ثمة في الأردن برلماني طريف وخفيف الظل وصريح ومحبوب للناس شمالي المملكة إسمه فواز الزعبي.
مسيرة الزعبي في خفة الظل والصراحة بدون مكياجات طويلة لكن ما يهمني هو ما سمعته شخصيا منه وهو يدخل يوما أمامي على وزير الدولة في حكومة سابقة مصطفى باشا القيسي.
.. دخل الرجل مبتسما على الوزير الباشا وهو احد سينديانات الأردن ويحمل مجموعة كبيرة من الأوراق التي تحتاج للتوقيع.
بصوته الجهوري خاطب الزعبي الوزير قائلا: دخيلك يا باشا.. ما الذي تفعله حكومتكم بنا ؟…أكمل الرجل: «عقدتم قرانكم علينا نحن نواب الأمة مليح «تعني حسنا».. تزوجتمونا قسرا وبدون إرادتنا كمان مليح مش معترضين…أقمتم حفل الزفاف بالطريقة التي تناسبكم وبدون مشاورة العروس..كمان مليح».
بدت ملامح الوزير تستغرب وتحاول الوصول للاستنتاج النهائي فصاح النائب قائلا : «يا رجل كلو مليح ولكن ليلة هالدخلة الإجبارية أغلقوا النوافذ.. إسدلوا الستارة.. إشتروا لنا بعض «البزر» ـ يقصد مكسرات ـ وحضرت الخلاصة: يا سيدي مش ضروري الشعب كله يتفرج علينا ليلة الدخلة دخيلك قول لدولة الرئيس يغلق هالشبابيك ويكمل فرحته».
.. هذا الموقف البسيط لا يبارح مخيلتي واستذكره باستمرار كلما حاولت قراءة او تحليل مضمون طبيعة العلاقة بين السلطتين في بلدي وسط كم هائل من الكلام الخالي من المعنى والواقع عن فصل السلطات وضرورة الحرص على حالة طلاق بينها حتى يستفيد الوطن والمواطن أو حتى تكتمل مسيرة الرقابة والتشريع. بهذا المعنى يمكن القول بان الشعب الأردني شاهد مؤخرا حالة تفاعل نادرة لها أسبابها التي سنحاول شرحها بعد قليل في زواج كاثوليكي لا ينفصل على حد تعبير الرفيق بسام حدادين بين السلطتين.
جهة ما في الحكومة قررت بان أفضل طريقة لتمرير مشاريع استراتيجية في غاية الأهمية تنحصر في إرباك النواب وإرهابهم فكريا ووضعهم تحت وطأة التشريع السريع المتسارع المطلوب وبدون إنضاج اي حوارات حقيقية بحيث تخرج التشريعات تماما كما تريدها او ارادتها الحكومة حتى بدون رتوش أومكياجات تتطلبها الحفلة أحيانا.
لسبب أو لآخر يسمح النواب إلا من رحم ربي بذلك ليس قناعة بهذه الآلية في العمل ولا إنطلاقا من تفهم مبررات مؤسسات القرار ولكن استسلاما لفرضية تقول بان من يمنح ويحجب ويقرر الفوز والخسارة في الانتخابات اللاحقة هم من في السلطة.
لا أعرف شخصيا ولا نائبا برلمانيا واحدا يراهن على «حماية الجماهير» له أو يثق بان النجاح والفوز وعدد الأصوات من عند الله والناس حصريا او بسبب حضوره الحقيقي في المجتمع.
وأعرف بالمقابل عشرات النواب الذين تطالبهم قواعدهم الانتخابية بمهادنة السلطات والبحث عن غنائم وامتيازات وخدمات.
لا يوجد في الحالة الأردنية ضغط جماهيري حقيقي من الناخبين على ممثليهم لإتخاذ مواقف سياسية ومبدئية تجاه اي قضية او موضوع او ملف.. العكس تماما الضغط لتحصيل امتيازات خاصة وخدمات معيشية.
لذلك يعرف المرشحون للانتخابات من أين تؤكل الكتف بصورة محددة وما الذي ينبغي عليهم ان يصوتوا ضده أو معه حتى يكون فالمهم العبور والاحتفاظ بالمقعد في العرس الديمقراطي التالي. تحت مثل هذا الجو الإرهابي اربكت قواعد اللعبة البرلمانية وطولب نواب الأمة بتمرير تشريعات في غاية الأهمية والخطورة وبدون حوار او حتى نقاش حقيقي واحيانا بصورة مضحكة.
لا اعرف شخصيا مصلحة للبلد والنظام في تمرير التعديلات الدستورية الأخيرة بالطريقة التي مرت فيها ولا بتمرير قانون الاستثمار الجديد وقبلهما في قانون الانتخاب الجديد الذي هبط بالمظلة على الجميع.
يؤسفني جدا أن إحدى أعضاء البرلمان رفعت يديها الإثنتين مؤخرا تحت القبة وهي تصوت بحماس لصالح نص يسمح لشركات إسرائيل بالاستثمار في الأردن..نفس اليدين رفعتا في اليوم السابق بصورة خاصة للدعاء إلى الله في باحة المسجد الأقصى.
يؤسفني ان الشابة إياها وهي إبنة مناضل محترم بكل الأحوال دافعت بشراسة عن موقفها في دعم التأييد على أساس « انا فلسطينية ولا أحد يزاود علي».
أنا شخصيا قررت المزاودة عليها تماما لأني اعلم بان موقفها لا يمثل إطلاقا قواعد المكون الفلسطيني الذي تمثله في برلمان بلدي كما لا يمثله ابدا رجل الأعمال الذي صوت بحماس في نفس الموضوع ويتحفنا دوما بصورته الملونة وهو يحمل لوحة تقول «لا لإسرائيل».
بسبب مثل هذه «التسحيجات» للموقف الرسمي أتحدث عن لحظات الضغط التي تنتج أسوأ ما في مواقف ممثلي الشعب الذين يمثلون في الواقع الحكومة أكثر بكثير من تمثيل الشعب.
مثل هذه المواقف يخسر فيها الجميع الوطن والمواطن والدولة والنظام.
نواب الأردن يتعاملون مع الواقع الموضوعي وليس مع الحقائق الديمقراطية الحقيقية وعندما أعلنت تفكيري بنيتي ترشيح نفسي شخصيا للانتخابات المقبلة انهالت علي النصائح من كل صوب وحدب وتصدرها بدون منازع السهر الشديد على مخاطبة غرائز السلطة وتجنب ترديد اي مواقف مبدئية وإظهار قدراتي الحقيقية على المرونة والتلاعب بالمواقف والشعارات والأفكار.
بمعنى مباشر نصحت بشدة بتجنب «إغضاب السلطات» قبل أشهر طويلة من الانتخابات إذا كنت جادا وعلى اساس ان الانتخابات سيتم العبث بها بكل الأحوال وتلك حصريا العبارة التي تمثل القانون غير المكتوب في لعبة الديمقراطية الفريدة.
هل استطيع عرض نفسي بوضوح وحسب برنامجي أمام الناس والناخبين والحصول على ما أستحقه بالنتيجة من الأصوات؟.. صديق محنك لي عندما طرحت عليه السؤال قدم لي النصيحة الأغلى: تتحدث عن الوضوح بسيطة إبعد عن الانتخابات وإبحث عن «قطة» وإنشغل بـ«تبليق عينيها» ـ تبليق بالدارجة يعني إستئصال عيني القطة.
٭ إعلامي اردني من اسرة «القدس العربي»
بسام البدارين
* بصراحة وبدون لف ودوران ..
* في بلدي ( الأردن ) يوجد ( نص ) ديموقراطية..؟؟؟
* أفضل من الكثير من الدول العربية.. نعم .
لكن مقارنة بديموقراطيات الغرب .. لا ؟؟؟
* شخصيا : انا مع النص هذا لماذا؟؟؟
* الاردن محكوم ( بالعشيرة ) والقبيلة شئنا أم أبينا ..؟؟!
* ( الشعب ) لم يصل لمرحلة النضوج بعد ومعظم الناس
فقراء ومحتاجين وكان الله في عونهم .
سلام