تونس -«القدس العربي»: انقسم التونسيون في طريقة إحيائهم للذكرى الخامسة للثورة التونسية التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، ففي حين أشادت الحكومة بالتقدم الكبير الذي حققته البلاد فيما يتعلق بالقطع مع الاستبداد وحماية مبادئ الثورة، تحسّرت بعض أحزاب المعارضة على ضياع الثورة التونسية و»سرقتها» من قبل أزلام النظام السابق، وفق المقولة المعروفة «الثورة تأكل أبناءها».
وشهد قصر «قرطاج» احتفالاً كبيراً حضره الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والحكومة والبرلمان) وعدد كبير من السياسيين، وقاطعته أغلب أحزاب المعارضة التي فضلت إحياء المناسبة في شارع «الحبيب بورقية» وسط العاصمة (شارع الثورة)، والذي شهد تظاهرتين كبيرتين لحركة «النهضة» (ائتلاف حاكم) و»الجبهة الشعبية» (معارضة) وعدد من منظمات المجتمع المدني.
واستغل «نداء تونس» (الحزب الحاكم) المناسبة لتقريب وجهات النظر بين نواب الحزب ونظرائهم المستقلين خلال نقاش مطول بين الطرفين في قصر قرطاج، فيما غادرت الأمينة العامة للحزب «الجمهوري» قاعة الاحتفال الرسمي بالمناسبة، بعد استغلال الرئيس الباجي قائد السبسي المناسبة للحديث عن أزمة «نداء تونس».
وكان من أبرز الغائبين عن احتفال «قرطاج» الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي، الذي برر ذلك بمشاركته في احتفالات الاتحاد، مشيراً إلى أن الثورة التونسية التي قامت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والتشغيل والكرامة، لم تحقق أهدافها، باستثناء حرية التعبير والصحافة وبعض التقدم السياسي والأمني.
كما قررت الجبهة الشعبية مقاطعة احتفال القصر الرئاسي، وقال الناطق باسمها حمة الهمامي إن المكان المناسب لإحياء ذكرى الثورة هو شارع الحبيب بورقيبة وليس قصر قرطاج، كما اعتبر خلال التظاهرة التي نظمتها الجبهة في «الحبيب بورقيبة» أن الاحتفالات الرسمية بالذكرى الخامسة للثورة «لا معنى لها»، مشيرا إلى أن الائتلاف الحاكم «لا علاقة له لا بالثورة ولا بمطالب الشعب».
واستغل رئيس الحكومة الحبيب الصيد المناسبة للتأكيد على الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة لعائلات شهداء وجرح الثورة، مشيرا إلى أن تونس «قطعت نهائياً بدون رجعة مع التسلط والإستبداد»، مشيرا إلى جهود حكومته في تجسيد استحقاقات الثورة وخاصة «تأمين مقومات العيش الكريم لكافة التونسيات والتونسيين دون حيف أو إقصاء وتكريس مقتضيات التمييز الإيجابي لفائدة الجهات المهمشة».
كما طالب السياسيين بـ»التسامي على الحسابات السياسية والحزبية الضيقة والاعتبارات الذاتية ورصّ الصفوف وتوحيد الطاقات لحماية المسار الديمقراطي وتذليل الصعاب وبلوغ برّ الأمان».
وكتب الرئيس السابق منصف المرزوقي على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك»: «من سخرية الأقدار أن سياسيين لم يؤمنوا بالثورة يوماً ولم يدعوا إليها وسخروا من المنادين بها هم الذين سلمتهم الثورة السلطة فأعادوها بكل احترام للثورة المضادة بتعلة الحفاظ على الاستقرار».
واستحضر مقولة «الثورة تأكل أبناءها»، مضيفا «انكسرت العروة الوثقى التي جمعت كل أعداء الاستبداد. اُستبدل الحلف التاريخي بين الاسلاميين والديمقراطيين (الذي شكّل كل طرافة النموذج التونسي) وهدفه القطع مع النظام القديم، بحلف بين الإسلاميين و” التجمعيين الجدد” وهدفه الحفاظ على هذا النظام القديم وتقاسم السلطة معه. تحالف اليسار الاستئصالي مع النظام القديم لقطع الطريق على مرشّح الثورة في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية. تفرّق الثوريون وكل طرف يحمّل الآخر مسؤولية ما حدث و ”كل على كل زاري وله عدو وعليه عاتب” كما يقول ابن المقفع».
وأضاف «لا تضيعوا وقتكم في تحميلي جزءا من مسؤولية الفشل فأنا مقرّ بذلك وقد قدمت اعتذاري علنياً للشعب التونسي عن كل ما ارتكبت من خطأ وتقصير …. أما الاتهامات المغرضة والسخيفة فموقفي منها اليوم وغدا موقفي منها البارحة: التجاهل»، مذكرا بأن الثورات تحتاج لزمن طويل لتحقيق أهدافها فـ»أولى خصائص الثورة بالمقارنة مع التمرّد هي رهانها على الصبر وطول النفس».
فيما اعتبر الناشط والمدون المعروف ياسين العياري أن الرابع عشر من كانون الثاني/يناير يمثل «تاريخ الإنقلاب على ثورة 17 ديسمبر (كانون الأول)، إنقلاب على ما هدد بكسر النظام وتحطيمه، فضحى النظام برأسه وتكالب أهل السياسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منه، وتحول طوفان كاسر للنظام، إلى فقط… قانون الانتخابات بالتناصف والا بأكبر البقايا وبشروط النظام وقبل التطهير، رغم تدخل اللي ربحوا بن علي في القصبة… مرتين».
وأضاف «اليوم، ورغم ذلك، يقعد (يبقى) يوم مهم يستحق الاحتفال، يوم بان فيه أن للأحلام مكاناً، وأن الشعب إذا يوماً أراد الحياة، حتى بن علي غير قادر على إيقافه. فلنحتفل بيوم الحلم، سنحتاج قريبا لأن نحلم، و أن نحارب من أجل الحلم، بعد أن غيب النظام البوعزيزي، خرب الرموز، واليوم خيمة عائلات الشهداء خاوية، وخيمة داء تونس عامرة يرقص فيها مثقفو البلاط و»بالأمن و الأمان».
فيما تداول بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة للصف الأمامي من الحاضرين في احتفال قصر قرطاج، مرفقة بتعليق «ثورة الشباب يحتفل بها المتقدّمون في السنّ… إضحك إنها تونس!».
حسن سلمان
من أحسن عملا لن يضيع عمله هدرا. الثورة يجب أن تستمر. الثورة على الفوضى على التواكل على التهريب على التهرب الضريبي. ثورة على العقول. الممرض الذي لا يقوم بواجبه. المعلم في المدرسة الموظف في الإدارة الطبيب في المستشفى الوزير في الوزارة عامل النظافة سائق الحافلة الفلاح في حقله العاطل عن العمل يستنبط مورد الرزق طالب العلم. . . إذا قام كل بواجبه فسيجني الجميع ثمار الثورة.
الثورة التونسية ما ضاعتش يا استاذ حسن.