لا توجد أساطير بدون بريق ولا مأساة، تنطبق هذه المقولة على الحياة القصيرة والصاخبة للممثل الشاب جيمس دين (1931/ 1955)، الذي لقي حتفه في حادث سيارة كان يقودها بسرعة جنونية. وهو يبلغ من العمر 23 عاماً في نوع من الحياة المتمردة والفوضوية.
في فيلميه الشهيرين «ثائر بدون سبب» من إخراج نيكولاس راي، وفيلم «في شرق إيدن» للمخرج إيليا كازان عن رواية المؤلف شتاينبك. تحول جيمس دين في هذين الفيلمين
إلى أيقونة أمريكية ونسخة لنموذج المراهق الأمريكي، الغاضب والمتمرد والفوضوي والمثير والذكي والمغري.
البعض يعيدون رسم معالم هذه الأسطورة الأمريكية، ويرجعونها لفقده والدته التي توفيت بإصابتها بمرض السرطان وهو لم يكمل عامه التاسع. والبعض الآخر بالأحداث التي عاشها خلال مراهقته وزواجه وهو لم يتجاوز 16 عاما، أو بمثليته التي كُتب عنها مؤخراً، فهل تصنع المثلية الأساطير؟!
خلال سنوات الأربعينيات من القرن الماضي وخروج الولايات المتحدة الأمريكية منتصرة من الحرب العالمية الثانية، عمدت هوليوود للبحث عن صورة جديدة للمراهق الأمريكي، الذي اتسم بحدته وطباعه المتمردة وذكائه ووسطه الاجتماعي البسيط، غلفت في طابع جديد، وخلقت من خلالها أسطورة لتقدمها للجمهور الأمريكي ويتم ترويجها أبعد ما يكون.. كانت تلك هي قصة البدايات للممثل الشاب الذي يجمع في شخصيته كل هذه العناصر في مجتمع استهلاكي استفاد كثيراً من عائدات الحرب العالمية الثانية.
صناعة النجوم والأساطير صناعة أمريكية بامتياز، والسؤال، لِمَ تظل هذه الشخصية حاضرة بعد ستين عاماً من رحيلها؟
المجتمعات الحيوية التي تسعى يوميا للبحث عن البطل والبديل الأسطوري وتقدم نماذج لشخصيات مغرية في مجتمع يتسم بالتدافع .. جيمس دين المراهق التي نقلت صورته في السينما وتم ترويجها أصبح نموذجاً للمراهق الذي يرفض التقليد، ويبحث عن شخصيته المستقلة ويسعى إلى تحقيق ذاته من خلال الكفاءة والجدية وإلهام الملايين من شباب العالم.
في العالم العربي نتلقى فقط جزءاً من هذه الأيقونة وكلما ظهرت إحدى الشخصيات الملهمة الشبابية في السينما أو المسرح أو الكتابة.. سرعان ما تخبو في طي النسيان. ماذا تبقى من جيمس دين في صورته العربية سوى وسامته ومظهره المغري وشكله الخارجي، أما الجوهر الفني والإبداعي والفكري فلا يكاد يظهر وانمحى في غمرة الزحام لمجموعة من الأسباب…
تستفيد الأمم من بريق الأساطير وتكون بمثابة منارة ملهمة للأجيال المقبلة في رسم خطوات لشخصيات شبابية تتمتع بالاستقلال في الرأي وبالحرية في الاختيار، وبما تقدمه لمجتمعها من صورة حية لها، وهذا هو المغزى الأساسي من أسطورة جيمس دين: شاب من عائلة بسيطة.. يتيم، بفضل موهبته وكفاءته يصل ليقدم أجمل الأفلام الأمريكية ويكون باعثاً لروح الشباب والتجديد لأمة تخرج من أتون الحرب العالمية الثانية ومعارك ستخوضها في ما بعد ولصراعات الحرب الباردة وتقلباتها.
في العالم العربي تسعى بعض القنوات التابعة لحكومات مستبدة خلق «أساطير» بوجوه تنتشلها من واقعها المر والمرير وتزركشها بحلل بهية سرعان ما تنمسخ في وحل المحاباة والإرضاء والتكرار.. من دون أن يكون لها الاستعداد الفني والثقافي والفكري المسبق، ولا الرؤية ولا الكاريزما، ويتم إملاء الأوامر والخطوات لتتبعها من دون أن تستطيع الخروج من نفق الدعاية المجانية والاستهلاكية وسرعان ما تنطفئ شرارتها.. نماذج كثيرة في الغناء والرقص والشعر والكتابة… أمام الأبواب الموصدة، وغياب مؤسسات حقيقية راعية، وفي كثير من الأحيان تتحول المواهب في العالم العربي في الكتابة والإخراج والسينما… بسبب ضيق ذات اليد.. فتتجه صوب السينما التجارية والاستهلاكية التي تقول كل شيء ولا تقول أي شيء..ذاك هو مآل الأساطير في العالم العربي.. الارتكان إلى الهوامش والتهميش .. والبقية تأتي…
كاتب وناقد سينمائي من المغرب
عبدالله الساورة
سينما مننصف اليل ، في اواسط الثمانينات وعلى شاشة كان يتحكم فيها اسد
الداخلية والاعلام ادريس البصري ، شاهدت وانا في بداية مراهقتي روائع
الفن العالمي : المحاكمة لكافكا ، الخطاطيف لهيتشكوك، المواطن كين
لاورسن ويلز والازمنة الحديثة لتشارلي شابلن وغيرها
جيمس دين في صورته التي لا تشيخ يذكرني برائعة الفنانة فيروز “شاذي”
و التلج إجا و راح التلج
عشرين مرة إجا و راح التلج
و أنا صرت إكبر و شادي بعدو صغير
عم يلعب عالتلج
وتحياتي