نيويورك ـ «القدس العربي»: أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه أمام الجمعية العامة في دورتها السبعين أن الولايات المتحدة لا تريد العودة إلى الحرب الباردة رغم أن الولايات المتحدة تملك أكبر قوة عسكرية في العالم وأنها على إستعداد لاستخدامها في الدفاع عن مصالحها الحيوية.
إلا أن القوة لها حدود وأن قوة المبادئ التي أنشئت عليها الأمم المتحدة هي ما يوحد عالم اليوم. وأكد أن هذه المبادي المتعلقة باحترام حقوق الإنسان وحرية المعتقد وتمكين المرأة وإتاحة فرص التعليم لجميع الفتيات مبادئ عالمية ولا يستطيع أحد أن يتعلل بالتقاليد وخصوصية الثقافة لانتهاك تلك المبادئ..
وعن روسيا قال أوباما إنها يجب أن تسستثمر معنا في تقوية النظام العالمي لأننا نعيش في عالم متشابك ومترابط، فنحن لا نستطيع أن نعزل أنفسنا عن التأثيرات الاقتصادية والإرهاب العالمي وتدفق المهاجرين».
وأشاد بقراره لإعادة العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة وأكد أن خمسين سنة من القطيعة لم تثمر أي منافع للبلدين وأن إعادة العلاقات ستكون في مصلحة الشعب الكوبي ومع تأكيده على ضرورة إحترام حقوق الإنسان إلا أن هذا أمر متروك للشعب الكوبي وبتحسين الوضع الاقتصادي والانفتاح سيكون التغيير في كوبا سلميا ولصالح مجموع الشعب الكوبي.
وأكد اوباما على عالمية المنظمة الدولية في عيدها السبعين وطالب المجتمع الدولي بالتصرف بشكل جماعي لحل المشكلات الدولية وقال «عندما نتصرف معا نكون أقوى». وقال لقد تعلمنا الدروس من العراق وليبيا وقد أخطأ المجتمع الدولي عندما ساهم في إسقاط نظام الطغيان في ليبيا ثم تخلى عنها.يجب أن نعمل بطريقة فعالة أكثر. وأكد أنه سيجتمع مع ممثلين من 50 دولة لدعم قوات حفظ السلام. وقال «يجب أن نعمل معا… نعمل بطريقة جماعية في البلاد التي إنهار فيها النظام».
وعن سوريا قال إن قيام طاغية بارتكاب مجازر ضد شعبه ليس مسألة داخلية بل تؤثر علينا جميعا وخاصة في إستجلاب الجماعات الإرهابية والتي تشكل عدوانا علينا جميعا. وقال لا مكان لإعادة تأهيل داعش… لا مكان آمن لهم وسنتعامل معهم مثلما تعاملنا مع القاعدة لكن القوة وحدها لا تكفي في سوريا.
على المجتمعات أن ترفض أيديولوجية الكراهية والطائفية والتمييز. وعلى المسلمين أن يرفضوا هذه الأيديولوجية وعلى غير المسلمين ألا يربطوا الإسلام بالإرهاب.
تقول سليمة يعقوبي- محللة سياسية وصحافية تعمل مع 24 إنفو المغربية وصحيفة الغارديان اللندنية إلتقتها «القدس العربي» بعد خطاب الرئيس الأمريكي: بشكل عام كان الرئيس الأمريكي واضحا في سحب الشرعية عن الرئيس السوري الذي قتل الآلاف من شعبه واستخدم البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية ضد شعبه. لكن لاحظت أنه رمى إشارة لقبول التحالف مع إيران وروسيا في محاربة «داعش» وأن هزيمة «داعش» لها الأولوية وأن مرحلة الحرب على «داعش» قد تطلب نوعا من المساومة. أما بعد هزيمة داعش فلا مكان للأسد في المرحلة الانتقالية.
وقالت إن اوباما ركز على أن هزيمة الإرهاب التي تشكل أولوية ستأخذ وقتا طويلا ولا بد من إجتثاث الظروف التي ينضج فيها الإرهاب. ومن المهم أن نلاحظ أن أوباما دعا إيران وروسيا للعب دور إيجابي في حل الأزمة السورية.
وفي سؤال عن الموقف من روسيا؟ قالت: لقد أسهب الرئيس أوباما في انتقاداته للنظام الروسي الذي آثر إستخدام القوة في أوكرانيا وبالتالي عرض نفسه لسلة عقوبات أدت إلى إضعاف الاقتصاد الروسي وتراجع قيمة الروبل وعزل روسيا عن محيطها الأوروبي. لكنه أبقى الباب مفتوحا للانضمام إلى العمل الدولي الجماعي والاستثمار في الانفتاح والعمل مع بقية القوى العالمية للتصدي للمشاكل العالمية.
وأضافت: لقد أسهب أوباما في حديثه عن الديمقراطية ومن أهم النقاط التي طرحها أن الديمقراطية لا تفرض من الخارج وأن هناك عدة نماذج للديمقراطية لكن جوهرها يقوم على تمكين الشعوب وإعطائهم حق إختيار من يمثلهم. والديمقراطية تحمل مبادئ عالمية لا يستطيع أحد أن يتذرع بالتقاليد والعادات ليمارس إضطهاد المرأة أو منع الفتيات عن التعليم أو منع الناس من حرية التعبير والعبادة. وقد أحسن الرئيس بالإشارة إلى نيويورك كمثال يحتذى في تعايش جميع الناس وجميع الأديان والألوان والخلفيات والأعراق.
عبد الحميد صيام