رام الله ـ «القدس العربي»: أكد عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن الوضع الصحي للأسرى بعد وصول الإضراب عن الطعام الى يومه الأربعين بالخطير جدا. وأعرب عن خشيته من سقوط شهداء بينهم في ظل التعنت الإسرائيلي، وعدم التجاوب مع مطالبهم ورفض فتح حوار حقيقي معهم.وكشف عن إجراء اتصالات مع أكثر من جهة حقوقية ودولية، بالإضافة إلى الاتصالات التي تجري مع الجانب الإسرائيلي على مدار الساعة، لممارسة الضغوط، من أجل الاستجابة لمطالب الأسرى العادلة. وأوضح «أن إسرائيل أصبحت قلقلة وشعرت بالمفاجأة، لأنها وجدت أن المستشفيات الميدانية التي أقامتها في المعتقلات غير كافية لاستيعاب الأسرى الذين تم نقلهم إليها، ما اضطرها لنقل آخرين إلى مستشفيات خارج السجون.»
وأعرب عن أمله في أن تتمكن هذه الاتصالات من منع إسرائيل من ارتكاب جريمة بحق الأسرى ستمثل في حال وقوعها «وصمة عار في جبين» المجتمع الدولي، لأنه عجز عن الزام تل أبيب بالاستجابة لمطالبهم.
الرئيس عباس: طالبنا الجانب الأمريكي بالتدخل
من جهته قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن قضية الأسرى صعبة وحساسة، «وطالبنا الجانب الأمريكي بالتدخل بما يضمن حقوق الأسرى وتلبية مطالبهم الإنسانية». وأضاف، في مستهل اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح عقد في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، «أن قضية الأسرى تم بحثها وبشكل معمق مع المبعوث الأمريكي جيسون غرينبلات، لنرى ماذا يمكن للجانب الأمريكي أن يعمل في هذا المجال».
وقال «شرحنا للمبعوث الأمريكي قضية إضراب الأسرى بشكل تفصيلي، ونأمل خلال الفترة القليلة المقبلة أن نكون على اتصال معه من أجل أن يعطينا جوابا من قبل الجانب الإسرائيلي حول مطالب أسرانا». واضاف «العالم كله يعرف أن مطالب الأسرى إنسانية، ولا يوجد لدى إسرائيل أي مبرر لرفضها خاصة ان هذه المطالب كانت موجودة في الماضي، وإسرائيل تحاول أن تعاقب أسرانا وتعاقبنا برفضها هذه المطالب الإنسانية، ونحن صابرون وصامدون حتى نحصل على حل يرضي الجميع».
نقل 15 أسيراً مضرباً من عسقلان إلى المستشفيات
وقالت اللجنة الإعلامية للإضراب إن إدارة سجن عسقلان نقلت أمس 15 أسيراً إلى المستشفيات، بعد تدهور أوضاعهم الصحية. وتتواصل عمليات نقل الأسرى إلى المستشفيات في ظل استمرار إدارة السجون بإجراءاتها ضد الأسرى ورفضها الاستجابة لمطالبهم.
ونقل محاميا هيئة الأسرى ونادي الأسير كريم عجوة وخالد محاجنة عن الأسرى المضربين في سجن عسقلان ومنهم الأسير علاء الدين عبد الكريم من محافظة بيت لحم «أن أوضاعهم الصحية تتفاقم وتزداد خطورة مع مرور الوقت، فهو يعاني من أوجاع في كافة أنحاء جسده وإرهاق شديد وصعوبة في تحريك اليدين، وقد نقص من وزنه 14 كيلوغراما».
وأضاف «جرى نقله إلى مستشفى برزلاي لإجراء فحوصات طبية هو وعدد آخر من الأسرى، وهناك فإن كل ما يفعله الأطباء هو إعطاء معلومات حول الخطورة التي وصلت اليها حالتهم الصحية، في محاولة منهم لبث الخوف بين صفوف الأسرى لدفعهم للتوقف عن الإضراب وذلك دون تقديم أي نوع من العلاج. عدا عن محاولات السجانين المستمرة بالضغط عليهم.»
وتابع «أن إدارة السجون مستمرة في إجراءاتها القمعية والانتقامية بحق الأسرى، من خلال التفتيشات والاقتحامات المكثفة وفرض العقوبات عليهم. وما يملكونه في الزنازين فقط زجاجات المياه والأغطية البالية»، لافتاً إلى أنه وكما كل الأسرى المضربين ما زال يرتدي ملابس السجن «الشاباص» منذ اليوم الأول. يشار إلى أن عدد المضربين في عسقلان 45 أسيراً، بينهم ثلاثة أسرى من المرضى وهم إبراهيم انجاص وإبراهيم ابو مصطفى وعثمان أبو خرج.
واهتمت الصحف العبرية بخبر نقل الأسير مروان البرغوثي قائد إضراب الأسرى الى المستشفى لإجراء فحوصات طبية، بعد شعوره بحالة صحية سيئة. وبعد إجراء الفحوص أعيد الى سجن الجلمة. وجاء من سلطة السجون أنه تم خلال اليومين الأخيرين نقل حوالى 150 اسيرا مضربا عن الطعام للفحص في المستشفيات وتم الإبقاء على 15 منهم في المستشفيات لتلقي العلاج، وإعادة الآخرين الى السجون.
وأعربت عائلات الأسرى عن خيبة أملهم من عدم حل قضيتهم رغم المحاولات الفلسطينية لممارسة الضغط الدولي خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة.
وقدم النائب في الكنيست الإسرائيلي يوسف جبارين من القائمة المشتركة ومركز عدالة، التماسا الى المحكمة العليا ضد قرار لجنة الكنيست ومفوضية خدمات السجون بمنع زيارات النواب للأسرى بشكل جارف. كما طالب جبارين بالسماح له بزيارة قائد الإضراب مروان البرغوثي فورا.
وكتبت المحامية منى حداد من مركز عدالة في الالتماس، ان منع الزيارات يحبط القدرة على ضمان مراقبة برلمانية مناسبة لشروط اعتقال الأسرى. وقالت إن «اهمية زيارات النواب لدى الأسرى الأمنيين والحاجة الى المراقبة البرلمانية تتزايد بشكل خاص خلال فترة الإضراب عن الطعام». وأضافت ان «التقارير والشكاوى التي تصل حول خرق حقوق الأسرى خلال هذه الفترة تحتم إجراء رقابة برلمانية، وأن رفض السماح للنائب بالتقاء البرغوثي، من دون تقديم أي تفسير لهذا المنع وخلافا لأوامر القانون يشكل مسا بالغا بحصانته كعضو كنيست وحريته بالتجوال داخل البلاد. هذا الرفض يمس بحقه في العمل بحرية وباستقلالية في إطار أداء مهمته».
وجاء في الالتماس أن قرار لجنة الكنيست الذي يمنع زيارات النواب للأسرى يمس بشكل اعتباطي وغير قانوني بنشاط عضو الكنيست. وكتب النائب جبارين في التماسه: «نتلقى تقارير حول الخرق الخطير لحقوق الأسرى المضربين عن الطعام، ومن حقي بل واجبي فحص الأمور في إطار نشاطي كعضو كنيست. منع زيارات النواب للأسرى الفلسطينيين يشكل مسا بالغا بحقوق وحصانة النواب. من واجبي كمنتخب جمهور مراقبة سلوك سلطة السجون، وليس مقبولا منعي من زيارة الأسرى».
المفوض السامي واحترام حقوق الأسرى الفلسطينيين
في غضون ذلك أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، عن قلقه الشديد من الإضراب الجماعي عن الطعام الذي يقوم به الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، دون أي حلول مع ابتداء تدهور الحالة الصحية للمئات منهم. وقال: «إنني قلق بشكل خاص من التقارير التي تشير إلى اتخاذ السلطات الاسرائيلية إجراءات عقابية ضد المضربين عن الطعام ومن أهمها تقييد الوصول إلى المحامين، والحرمان من الزيارات العائلية ومن حق المعتقلين الاستعانة بمحام، وهو من الحمايات الأساسية في القانون الدولي لحقوق الإنسان ولا ينبغي تقييده أبدا».
وأضاف «مختلف الهيئات الدولية دعت إسرائيل مرارا إلى إنهاء ممارسة الاعتقال الإداري، وهؤلاء الأسرى يجب إما أن يتم اتهامهم بارتكاب جريمة ومحاكمتهم وفقا للمعايير الدولية أو الإفراج عنهم فورا».
ويقدر عدد المعتقلين حاليا في السجون الإسرائيلية بـ 6300 معتقل، يحتجز معظمهم خارج الأرض الفلسطينية المحتلة بما يتنافى مع المادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة، ويجب أن تكون معاملة المحتجزين على أية حال متسقة مع القانون الدولي، بما في ذلك القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء.
واعتبر ان ممارسة الاعتقال الإداري الإسرائيلية انتهاك لنص المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، كما أن الاستخدام الواسع النطاق للاعتقال الإداري، مع احتجاز مئات الأشخاص كل عام، يثير أيضا مخاوف من أن إسرائيل لا تحترم مبدأ الطابع الاستثنائي للاعتقال الإداري بموجب القانون الدولي الإنساني. وفي عام 2000 أفيد أن إسرائيل احتجزت 12 فلسطينيا قيد الاعتقال الإداري، واليوم ارتفع هذا الرقم إلى نحو 500 معتقل محتجزين دون تهمة أو محاكمة في الاعتقال الإداري.
تصعيد الاحتلال لعدم الاهتمام العربي والإسلامي
وأكد القيادي في حركة فتح رأفت عليان أن التصعيد الاسرائيلي غير المسبوق ضد المسجد الأقصى وتجاهل مطالب الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال، وخاصة بعد قمة الرياض التي كانت على شرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو دليل واضح ان القضية الفلسطينية لم تعد على سلم أولويات العرب والمسلمين.
وأضاف: «كان من المفترض على المجتمعين في الرياض أن يدركوا جيدا ان محاربة الإرهاب الذي يتحدثون عنه يبدأ من محاربة الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس الإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، لا بل هو من يصنع الإرهاب في العالم أجمع، منوها أن «صمت العرب والمسلمين على ممارسات الاحتلال سيهدد قصورهم وعواصمهم العربية والإسلامية».
واعتبر أن قضية القدس والمسجد الأقصى ليست قضية فلسطينية فحسب لا بل هي قضية عربية وإسلامية بامتياز، مضيفا «أن الشعب الفلسطيني يدافع عن شرف الأمة العربية والإسلامية، ولكن من الواضح أن العرب والمسلمين أصبحوا معنا كأخوة سيدنا يوسف عليه السلام». ووجه التحية للأسرى المضربين عن الطعام والذين استطاعوا أن ينتصروا لشعبهم ولقضيتهم نيابة عن القيادة الفلسطينية والتي عجزت عن مجرد الانتصار للأسرى أنفسهم.
فادي أبو سعدى