القاهرة ـ «القدس العربي»: أبرزت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 21 أغسطس/آب بشرى وقف عمال شركة غزل المحلة الإضراب عن العمل أولا قبل الاستجابة لمطالبهم، وتحقيقها بعد أسبوع من إنهاء الإضراب، بعد تدخل أمن الدولة وعدد من أعضاء مجلس النواب ووزيري قطاع الأعمال والقوى العاملة، وتعهد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج أمام العمال بصرف ما قيمته عشرة في المئة من الراتب في صورة مكافأة أو حافز، بحد أدنى مقداره 65 جنيها وأقصاه 130 جنيها، على أن يكون في خانة منفصلة لا علاقة له بالأجر الأساسي، كما أفاد ذلك في «الأهرام» أحمد أبو شنب.
وبالتالي فقد أصبحت الاتهامات الموجهة للعمال بأن بينهم إخوان مسلمين وأعضاء من حركة السادس من إبريل غير صحيحة، وإلا لكان الأمن قد أبعدهم من مدة عن مكان العمل.
ومن الأخبار السياسية المهمة في صحف أمس، زيارة وزير الدفاع السوداني لمصر وبحث العلاقات العسكرية مع وزير الدفاع الفريق أول صدقي صبحي. وبيان الأزهر الذي هاجم فيه دعوة الرئيس التونسي بحث مساواة المرأة مع الرجل في الميراث، وزواج المسلمة من غير المسلم، والمعارك الدائرة حول هذه الدعوة. واستمرار هزيمة تنظيم «داعش» في العراق وسوريا وعمليات الدهس التي قامت بها في برشلونة في أعقاب مباراة فريقي ريال مدريد وبرشلونة. والمعارك العنيفة حول تعديل الدستور بين المؤيدين والمعارضين.
ولوحظ أن الصحف الحكومية تعمدت إبراز تصريحات المهندس أشرف رشاد رئيس حزب «مستقبل وطن» بمناسبة مرور ثلاث سنوات على تأسيس الحزب، وتساءل كثيرون مين ده أشرف رشاد وفين هذا الحزب؟ لكن الاهتمام يعكس بدون شك أن النظام يعتبره ظهيرا له، أو يمهد لذلك، ولكن المشكلة في أنه لا وجود له في الشارع مثل كل الأحزاب الأقدم منه.
ولوحظ أيضا أن معظم الصحف لم تتناول قضية ضبط حلوى فاسدة في محلات لابوار المملوكة لرجل الأعمال وصاحب جريدة «المصري اليوم» صلاح دياب، بعد أن نشرتها يوم السبت في صفحتها الأولى جريدة «الجمهورية» وكذلك «روز اليوسف» بما يؤكد أنها عملية قام بها أحد الأجهزة وأثار استياء رئاسة الجمهورية والمخابرات العامة. وأفردت الصحف مساحات واسعة لوفاة الأديب محفوظ عبد الرحمن وكذلك الدكتور رفعت السعيد، ولحفل عمرو دياب في الساحل الشمالي، الذي شهد حضورا هائلا وسخرية من المطربة شيرين عبد الوهاب التي كانت قد هاجمته. أما الاهتمام الأكبر فكان لارتفاع الأسعار والحج والاستعدادات لعيد الأضحى المبارك بعد أيام ووضع الوزارات خطط الاستعدادات المعتادة لهذه المناسبة.
وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة..
إضراب العمال
وإلى أبرز ردود الأفعال على إضراب عمال شركة غزل المحلة الكبرى والهجوم الذي شنته عليهم في «الأخبار» أماني ضرغام في بروازها «مفروسة أوي» وقالت فيه: «الدلع هو العنوان البديهي الذي يطلق على ما يحدث في المحلة. هذا الدلع الذي انتشر من نهايات عصر مبارك بنصيحة من بعض الاقتصاديين من الساسة، عملا بنظرية «اطعم الفم تستحي العين» لم يطبق على عمال المحلة فقط، ولكن طبق على كافة العمال في مختلف القطاعات، حتى أصبحت «الأنتخة» صفة لصيقة بمعظم الناس، قد ترتبط مرة بكلمة ناشطين وما شابه، الآن أعطت الدولة ستة شهور ونصف الشهر أرباحا لعمال لا يعملون وشركات متوقفة أو متعسرة أو خاسرة، ومع ذلك يا إما الأرباح كاملة يا إما الإضراب، وكأنها جزية على الدولة أن تدفعها. يا دكتورة هالة أليس الأجدى إصلاح حال هذه الشركات وضخ الأموال في صورة مستلزمات إنتاج؟ ليعود العمل وتعود الأرباح حقيقية بدلا من فرض الجزية على الدولة».
الحل بدوران الماكينات
أما زميلها خالد ميري رئيس التحرير فقال في مقال له في الصفحة الأولى بعنوان «دروس المحلة وحق الشعب»: «لم تغلق الدولة باب التفاوض أو الحوار داخل حدود القانون وليس خارجه، لكن بعض العمال وخلفهم بعض أصحاب المصالح كان هدفهم خلق أزمة من الفراغ. لم يتحملوا نجاح الحكومة ووزارة قطاع الأعمال العام ومعهم العمال في تخفيض 200 مليون جنيه من خسائر الشركة خلال العام الماضي، لتنخفض الخسائر لأول مرة من 768مليون جنيه إلى 568 مليونا. لم تتحمل القلة أن تستكمل الحكومة جهود التطوير لإنقاذ شركة غزل المحلة من مستنقع الخسائر، وأن يبدأ تحقيق المستهدف بتخفيض 300 مليون جنيه أخرى من الخسائر هذا العام. المؤكد أن الحكومة تحترم العمال وتحرص عليهم في كل شركة أو مصنع أو هيئة، والأكيد أنه لا يمكن لوزير أو مسؤول أن يقبل بـ»لي» ذراع أو أن يمنح ما لا يملكه لمن لا يستحقه. النهاية الحقيقية للأزمة المفتعلة هي بدوران الماكينات ووقف نزيف الخسائر فهذا حق الشعب والدولة قبل أن يكون حقاً لوزير أو حكومة».
حسابات سياسية غير سليمة
وفي «الوطن» سخر أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة ومستشار الجريدة الدكتور محمود خليل في عموده «وطنطن» من الذين اتهموا العمال بأنهم إخوان أو من حركة ستة إبريل وقال: «الحديث عن أن إضراب «عمال المحلة» يقف وراءه محرضون من «الإخوان» و»6 أبريل» يبدو غير موضوعي شكلاً ومضموناً. ثمة سببان أساسيان وراء ما يحدث في مصانع الغزل، أولهما: «الغلاء» الذي يطحن الجميع جراء ارتفاع معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة. وثانيهما: عناد الحكومة نفسها في تطبيق قرارات العلاوة الخاصة بالغلاء. هذان هما السببان الجوهريان وراء الإضراب، التمحك بالإخوان وبحركة 6 أبريل وإلصاق تهمة التحريض لا يزيد على محاولة للإفلات من التفاهم مع العمال حول مطالبهم من جانب مسؤولي الشركة القابضة للغزل والنسيج، الذين صرحوا بهذا الكلام. أما إصرار الحكومة على عدم التفاوض إلا بعد إنهاء الإضراب فقرار يفتقر – في تقديري- إلى الحسابات السياسية السليمة. قبل عدة ساعات تحركت قوات أمنية لمحاصرة مظاهرات وإضراب عمال المحلة، وتحدث مسؤولون أمنيون عن أنهم يريدون حماية العمال من اندساس أي محرضين في ما بينهم! لماذا تترك الحكومة الفرصة للمحرضين من الأصل؟ ولماذا تحمل الأمن مسؤولية التعامل مع مظاهرات وإضراب يشارك فيه الآلاف بدون حساب للنتائج؟ أوْلى بها أن تتفاهم مع العمال. على الحكومة أن تنتبه إلى أن المواطن العادي يتفهم ما يحدث في المحلة لأنه ببساطة يعاني مما يعاني منه عمال وموظفو شركة الغزل. يكفى حالة الصعود غير المسبوق التي أصابت فواتير الكهرباء خلال الشهر الأخير، دليلاً على حالة الغلاء التي أصبحت تكوي المواطن. الغلاء هنا ليس مصدره جشع التجار، بل مصدره الحكومة ذاتها المسؤولون يبررون لأنفسهم قرارات رفع أسعار الخدمات بالاستناد إلى تكلفتها ومؤكد أن المواطن يعذرهم في ذلك وإلا لماذا يتحمل؟».
فتنة تعديل الدستور
وإلى الخلافات المتواصلة حول تعديل الدستور، حيث أيد عمرو عبد السميع في «الأهرام» التعديل بأن قال في عموده اليومي «حالة حوار»: «أتابع ـ بشغف ـ الضجة المثارة حول تعديل الدستور، لمد فترة بقاء رئيس الجمهورية في الحكم لأكثر من مدتين. وبصرف النظر عن وجود الرئيس في منصبه من عدمه، أن هذا الدستور في متنه وديباجته يحتاج إلى تعديلات عديدة، لأن بقاءه ـ على الشكل الذي هو فيه ـ ينغص حياة المواطنين، ويشعرهم بأنه مفروض عليهم من جانب أقلية وضعته في خضم ظرف استثنائي، وكان المواطنون فيه يريدون الموافقة على أي وسيلة تحمل لهم الخلاص من الكارثة التي وجدوا أنفسهم فيها. المواطنون لم يشعروا ـ أبدا ـ أن هذا الدستور يمثلهم، بل هم يلاحظون استخفاف بعض من وضعوه بأحكام القانون وتدوينهم فكرة: «أن أحكام القانون ليست مقدسة». ولما كان الدستور أبو القوانين فإنه ـ طبقا لتلك الرؤية ـ أب لمجموعة من النصوص لا يحترمها الناس. طيب وما هي علاقة القانون بالأحكام القضائية هي ـ بالضبط ـ علاقة العلة بالمعلول، أي علاقة عضوية وطيدة، ومن ثم فمن يرى أن أحكام القانون ليست مقدسة يرى أيضا أن القوانين ليست كذلك، ثم يجب أن يرى الدستور «أبو القوانين» ليس له أي قدر من العصمة. نهايته الدستور ـ بالعربي ـ يحتاج في نظر الناس إلى تعديلات في نصوصه وديباجته، وإذا قررنا فرض نص دستوري معين على الناس فإننا بذلك نؤدي إلى انفصالهم عن الدستور وكفرانهم بأساس دولة القانون، المسألة ليست المد لرئيس الجمهورية، فأنا لا أعرف إذا كان ـ أصلا ـ يوافق على التمديد له، كما أن الاقتصار على تغيير فقرة واحدة يعطي انطباعا بالهوى والغرض والتفضيل. وصحيح أنني أتمنى بقاء الرئيس السيسي لأطول فترة يستطيع العطاء فيها، ولكن وفقا لنصوص دستورية يراها الناس ويتوافق ونعلي وضعها وتشمل عدة مواد جوهرية في المتن وفقرات يجب أخذ رأي الناس فيها في استفتاء عام، وليس عبر ممثلي مجلس النواب، وبالذات في ديباجة هذا الدستور التي أوقعتنا في تناقضات كنا في غني عنها. هذا هو التصحيح الواجب لضجة تعديل الدستور إذ يجب ألا يكون لفرد ولكن لأمة».
فخ التمديد
لكن حمدي رزق كان له رأي آخر عبّر عنه بالقول في عموده «فصل الخطاب» في «المصري اليوم»: « وما أنا بالمُصدِّق فيك قولاً تشيعه أبواق تزعم قرباً، أنكم ترومون تعديلا دستوريا يمهد لتمديد رئاسي، سيادة الرئيس إنهم يفتنون البلاد، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، أو كما قيل: «الفتنة راتعة في البلاد تطأ في خطامها لا يحل لأحد أن يوقظها.. ويل لمن أخذ بخطامها» لا أبالغ لو قلت إن نفرا فى المعارضة يتمنون في قرارة أنفسهم شروع البرلمان في التمديد، فرصة العمر للانقضاض على ما تحقق، باعتباره مجافياً للدستور، والموالاة بغباء سياسي تهب المعارضة ورقة لم تسع إليها، وستبلغ حملة الاستخدام السياسي للورقة المحروقة أوجها بإطلاق حملة توقيعات حماسية لرفض التعديلات الدستورية، هذا ما تجيدة المعارضة، غبطة وجوه المعارضة بحديث التعديل واضحة، من فرط حماسة المعلقين، وتسجيل المواقف بجمع التوقيعات رفضاً للتمديد هروباً من استحقاق رئاسي يحل سريعاً.. لو أحسن الموالون لرحموا الرئيس ورحموا البلد من هذا اللغو الفاسد، وكفوا البلد شر الجدال الدستوري الفارغ من المحتوى. تحس أن هناك روحاً شريرة في قبو مسحور تولف أعمالاً سحرية للبلد. هو فيه حد عاقل يورط البلاد في هذه الخطيئة الدستورية؟ هل هناك من يفكر ويعقل ويتدبر يدخل البلد مثل هذا النفق؟ يقيناً فيه حاجة غلط مَن ذا الذي يتمنى ويمني نفسه في قرارة نفسه أن يسقط البلاد في فخ التمديد؟ إصرار الموالاة على التمهيد للتمديد يقابله إصرار المعارضة على رفض التمديد والجناحان يحلقان في فضاء أنفسهم يبغون مندبة ويشبعون فيها لطما على الوجوه».
لا عزاء لحسني النية
ومثلما كان لحمدي رأي مختلف مع عمرو كان لمحمد سعد عبد الحفيظ في «الشروق» رأي آخر مختلف عنه عبر عنه بالقول في عموده «حالة»: «لن تكفي مساحة هذه الزاوية للوقوف على تجاهل وتحايل السلطة لنصوص مواد الدستور، فحجب المواقع ووقف طبع الصحف والحبس الاحتياطي في قضايا النشر والقبض العشوائى على المواطنين والتلكؤ في إخلاء سبيلهم، رغم صدور قرارت من النيابة العامة بالإفراج عنهم، غيض من فيض تجاوز دستور «قوم نادى على الصعيدي وابن عمه البورسعيدي» ستطرح التعديلات الدستورية وستمرر بالطريقة الإفريقية الشهيرة، ولا عزاء لحسني النية ممن يتمسكون بالقانون والدستور والقضاء».
التوقيت غير مناسب
أما عماد الدين حسين رئيس تحرير «الشروق» فقال في عموده «علامة تعجب»: «مخلصا أقول للحكومة طبقا لما أسمعه من كثيرين في الشارع ــ ليس من بينهم أي إخواني ــ إنكم تحتاجون لجهود كبيرة جدا جدا لتقنعوا الرأي العام بأن هذه التعديلات تستهدف مصلحة البلاد والعباد. فقط الفرضية التي أطرحها على مقدمي التعديلات ومؤيديها هي: أليس هناك احتمال ولو بسيط بأن ضرر هذه التعديلات قد يكون أكثر من نفعها، وبالتالي ينبغي التروي قبل الشروع فيها؟ أتمنى أن تطلب مؤسسة الرئاسة من أي مؤسسات بحثية جادة ومهنية أن تجري لها استطلاعا بين المواطنين حول هذه التعديلات، وأن تطلب من أجهزة الأمن ذات الصلة أن تقدم لها تقارير عن الحالة المزاجية لغالبية المصريين بشأن هذه القضية! مرة أخرى نعود للتأكيد على أننا لا نناقش أو نجادل في أنه من حق الرئيس، أو خمس أعضاء مجلس النواب التقدم بطلب إجراء أي تعديلات في الدستور، الذي هو ليس محصنا أو مقدسا، لكننا فقط نناقش في أن التوقيت ليس مناسبا، سواء للحكومة أو للاستقرار بمعناه العام. السؤال الجوهري الذي يفترض أن يشغل الحكومة هو: هل هذه التعديلات إذا تمت ستساهم في تحقيق الاستقرار. أم بث المزيد من التوتر والانقسام في المجتمع الذي نملك منه للأسف الكثير؟».
التعديل بأثر رجعي
6 أشهر على موعد فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية 2018، ولم يعلن أحد نيته الترشح أمام الرئيس، هذا ما يراه أحمد عبد ربه البرعي في «البديل»، يتحدث البعض عن نية خالد علي المرشح السابق لانتخابات الرئاسة 2012 للترشح مرة أخرى أمام السيسي، ويتحدث آخرون عن نية أحمد شفيق وصيف انتخابات 2012 العودة إلى مصر، وإعلان ترشحه من القاهرة، وهناك شائعات عن نية الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش الأسبق للترشح للرئاسة وغيرهم، لكن الحقيقة أنه لم يعلن أي منهم الترشح، ولا توجد تحركات لهم على الأرض، وجميعهم لا يملك أو يعبر عن تنظيم سياسي جماهيري يتحرك لطرق الأبواب في المحافظات وجذب التأييد في معركة انتخابية ستكون شرسة بطبيعة الحال، خاصة في مواجهة آلة إعلامية ضخمة بات يمتلكها الرئيس الحالي في مواجهة منافسيه بجانب سيطرته على مؤسسات الدولة. كان من المفترض أن يعمل المرشحون المحتملون للرئاسة في 2018 على حشد الجماهير وكسب تأييدهم خلال 4 سنوات من حسم السيسي للانتخابات في 2014 وحتى 2018، خاصة أن بناء تنظيم سياسي وحملة انتخابية يحتاج إلى سنوات طويلة مع ظروف غلق المجال العام في مصر بعد وصول السيسي لسدة الحكم. من يستطيع بدء حملة انتخابية بدون تنظيم سياسي ضخم منتشر فى كل المحافظات والتقدم للترشح في فبراير/شباط المقبل وكسب ثقة الجماهير في خلال 60 يوما فقط، خاصة في دولة كبيرة عدد سكانها اقترب من المئة مليون؟ ومع هذا كله وعدم إعلان أسماء مرشحين جادين لانتخابات الرئاسة، الا أن السلطة بدأت في الترويج لتعديل مواد الدستورالخاصة بمدة ولاية الرئيس، ووصل الاستخفاف بالدستور إلى حد الحديث عن إجراء التعديل بأثر رجعي ليشمل مدة ولاية الرئيس الحالية، مدها سنتين متحججين بتكلفة الانتخابات الباهظة، وأن الرئيس يحتاج لمزيد من الوقت، ليصبح التعديل تفصيلا لصالح شخص وليس للدولة.هذه الرؤية تفرز مناخا سياسيا سيئا تنعدم فيه التنافسية وتغيب عن أي آلية حقيقية لتداول سلمي ديمقراطي للسلطة، ما ينبئ بمسار وحيد يتمثل في الانفجار المجتمعي بوجه السلطة التي تحتكر كل شيء. رسالة الى السيد الرئيس: ضرورة فتح المجال العام والعودة الى ممارسة حياة سياسية ديمقراطية دون شرط أو قيد، وتمكين المجتمع من ممارسة حقه السياسي والعمل على تمكينه اقتصاديا حتى يستطيع الاستمرار والحفاظ على تماسكه وعدم الانجرار إلى سيناريوهات غامضة تؤدي إلى الفوضى.
ورسالة أخرى للسادة المرشحين المحتملين: لم يعد هناك وقت للتفكير، مصر كبيرة «أوي» وتحتاج إلى مجهود كبير، سواء في تحضير وصياغة البرامج الانتخابية أو في تدشين حملة انتخابية تسمح لكم بمنافسة حقيقة. حافظوا على مصر بالحرية و الديمقراطية وبالتنافس من أجل البناء والتعمير وإقامة دولة العدل».
بالون اختبار
أما آخر مساهم في هذه المعركة فسيكون الدكتور عمرو هاشم ربيع في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وقوله في مقال له بعنوان «تعديل الدستور والعودة لما قبل يناير2011» في «المصري اليوم» : «ما زالت مسألة تعديل الدستور تعج بالحديث، لكنه على ما يبدو حديث بدأ ينغص مضاجع الداعين له، ومَن هم خلفهم. حديث التعديل في الوقت الحالي ما برح أن يكون بالون اختبار، يبدو أنه مع مرور الوقت على وشك الانفجار في وجه من يروجون له. لا يمكن أن يكون كل ما سبق من حديث تشخيصا للأمور، رغم أن النواب مقدمي اقتراح التعديل، عيونهم على تشخيصها لا محالة. منطق الرئيس السيسى يبدو أنه قد اتضح بشكل غير مباشر عندما أقسم بالله في مؤتمر شباب الإسماعيلية في 25 أبريل/نيسان الماضى أنه سيحترم الدستور، ولن يبقى في مقعد الرئاسة ثانية واحدة. الممالئون والمروجون ومالكو ومستئجرو الطبول والدفوف، الذين ما فتئوا يحملون المباخر والمشاعل دعماً للتعديل وإمعاناً في بقائهم هم سياسيا قبل بقاء الرئيس، ما وجدوا ثقبا إلا وتسللوا ونفذوا منه لتبرير مطلبهم، أحدهم يقول إن الفقرة الأخيرة من المادة 226 الداعية لعدم المساس بنص مدة الرئاسة، تتحدث عن عدم المساس بإعادة الانتخاب، وليس المدد الزمنية. مماحكات يصطنعها هؤلاء ورغبة في قراءة معتورة للنصوص بالاعتماد على من يسمونهم أساتذة قانون وهم في الواقع «ترزية قوانين» الرغبة في عودة الأمور لما قبل 25 يناير/كانون الثاني2011 والوصول للمناخ الشائه الذي أفرغته أحداث يناير هي للأسف الغاية التي لا يدرون أنها الملجأ والمآل لصنيعتهم المرتقبة مآل لقفز الإرهابيين إلى حكم مصر».
شباب يناير ويونيو
وإلى المعارك السياسية حيث تعرض بعض الشباب الذين قاموا بثورة يناير/كانون الثاني والثلاثين من يونيو/حزيران إلى هجومين بسبب المطالبات بأن يتولوا المناصب القيادية. المقال الأول للسيد نعيم في «الجمهورية» في بابه «تيارات مبعثرة» قال فيه وهو غاضب مما يقرأه ويراه: «رغم أن القوات المسلحة هي صاحبة الفضل في نجاح مظاهرات 25 يناير 2011 فقد اعتبرت مجموعة من الشباب نفسها هي صاحبة الثورة، وأنهم هم من قاموا بالثورة ونجحوا في إسقاط نظام مبارك، وسعوا للحصول على المكاسب والامتيازات لهم ولاقاربهم وأصدقائهم. ولعلنا نذكر تجربة هشام قنديل رئيس الحكومة في عصر الإخوان عندما استعان بمجموعة من هؤلاء الشباب وخصص لهم غرفة إلى جانب مكتبه في مقر مجلس الوزراء، وسرعان ما دب الخلاف وظهرت الأطماع بين هؤلاء الشباب، وسعوا للحصول على الامتيازات ونسوا تماماً مشاكل المواطنين ومطالب الجماهير، فما كان من رئيس الحكومة في ذلك الوقت إلا إغلاق المكاتب المخصصة لهم وطردهم من مقر مجلس الوزراء. ومرة ثانية يتكرر المشهد في مصر فيعتبر مجموعة من الشباب أنهم من قاموا بثورة 30 يونيو من خلال حركة تمرد، وهو أمر ليس حقيقياً أيضاً ومهما جمعت حركة تمرد من استمارات فلم تكن قادرة على حشد نحو 30 مليون مواطن مصري خرجوا في هبة رجل واحد للقضاء على حكم الإخوان، وإسقاط نظام، وساندهم في ذلك الجيش ليحول الأمر لصالح المواطنين ويسقط الإخوان بالفعل. وظهر الوجه القبيح أيضاً لبعض مجموعات من حركة تمرد ورموز تلك الحركة عندما انقلب بعضهم على بعض، وظهرت الأطماع والسعي لحصد ثمار الثورة والامتيازات والمكاسب اللازمة لهم ولأقاربهم كالعادة، ولم يفكروا في مصلحة الوطن والمواطنين. ومع كل هذه المشاهد التي لا توحي بأي ثقة لتلك المجموعات من الشباب، الذين كانوا في الواجهة وتصدروا المشهد ورأينا منهم العجب على شاشات الفضائيات من تطاول ومنظرة وتجاوز على الكبار، فاق كل الحدود وجعلنا نندم عندما تركنا الحبل على الغارب لتلك النماذج القبيحة، ورددوا عبارة جديدة على مسامعنا هي «تمكـــين الشباب» وهي عبارة مبهمة غامضة غير صحيحة، شكلاً وموضوعاً فليس كل الشباب صالحاً لتولي مقاليد الأمور أو المناصب، والبعض منهم فقط والمتميز منهم فقط والكفء منهم فقط، هو من يصلح لمهام كبيرة لخدمة الوطن والمواطنين، ولهذا فإن الصحيح تماماً هو تمكين الكفاءات وليس تمكين الشباب وتمكين الكفاءات من الشباب لا يعني إقصاء الكبار، فالكبار هم أصحاب الخبرة والعلم والكفاءة وهم من شيدوا تلك الصروح العملاقة في جميع مجالات العمل والحياة في مصر، التي يعمل فيها الشباب الآن، ويريد بعض هؤلاء الشباب توجيه مقدرات صروح العمل والإنتاج على هواهم، وقيادتها إلى المجهول، لأنهم ليسوا على المستوى المطلوب أو الكفاءة اللازمة لتولي مناصب تتطلب قدرات خاصة على الإدارة والإنتاج وتنظيم العمل وتحقيق الأرباح والمكاسب».
معادلة جديدة للتعامل مع الشباب
ونبقى مع الشباب ورأي عماد جاد في «الوطن»: «تعد مؤتمرات الشباب التي يحضرها رئيس الجمهورية خطوةً مهمةً من قِبل الدولة في التعامل مع الشباب، فهي من ناحية تكسر الحاجز الذي كان مقاماً طوال الوقت بين الحاكم والمحكوم، ومن ناحية ثانية تتيح الفرصة للشباب المصري للتعبير عن رضاه وتطلعاته، ومن ناحية ثالثة أوجدت آلية منتظمة للتعامل مع الشباب، ومن ناحية رابعة تتعامل مع فئة الشباب بالفعل بعد أن كانت هذه الفئة مغيبةً تماماً. ملاحظتي الرئيسية هنا هي أن الجيل المصري الجديد أفضل حالاً من سابقه، الجيل الذي وُلد في أوائل التسعينيات وما بعدها أفضل كثيراً من مواليد السبعينيات والثمانينيات، ولكنه ليس أفضل حالاً من الأجيال التي سبقته. الملاحظ أن الأجيال الأحدث من المصريين لديها قدرة على التعافي من فيروس الطائفية والتعصب والانغلاق لأسباب عديدة، منها تقدم المجتمع المصري خطوات في التصدى لمكونات التعصب والتطرف، ومنها تنوّع مناهج التعليم الذي يتلقاه قطاع من المصريين، ممثلاً في التعليم الدولي واللغات، الخاص والتجريبي. ما نود التأكيد عليه هنا هو أن الأجيال الجديدة في مصر تحمل سمات إيجابية عديدة، وتبشر بالخير، وهي أجيال منفتحة على العالم، وكثير منها حقق إنجازات غير مسبوقة على الصعيد العالمي، ليس فقط في مجال الرياضة، وتحديداً الألعاب الفردية، بل أيضاً في المجالات العلمية والبحثية، فلدينا شباب عبقري مخترع لو توافرت له الإمكانيات والرعاية المطلوبة لحقق نقلة نوعية لمصر. في تقديري أننا في حاجة لصياغة مقاربات جديدة للتعامل مع الأجيال الجديدة في مصر، في حاجة لتغيير النظرة الأبوية التقليدية التي تتعامل مع الشباب على أنه محدود الفهم وغير قادر على الإلمام بمختلف التطورات، في حاجة للتعامل معه بقدر أكبر من التفهم والتقدير والاحترام، في حاجة للاستماع إليه بجد بعيداً عن الأساليب التقليدية في إقامة المؤتمرات والمهرجانات. شباب مصر في حاجة إلى صياغة معادلة جديدة في التعامل معه، تبدأ بمنحه فرصاً حقيقية كاملة للتعبير عن نفسه، وإتاحة الفرصة له لممارسة العمل العام بدون قيود وبدون محسوبية، وفي تقديري أيضاً أن قطاعاً من الشباب المصري في حاجة إلى منحه فرصة ثانية من قِبل الدولة المصرية. نعم هناك قطاع من الشباب أخطأ في حق نفسه وبلده عندما لجأ إلى توجيه الاتهامات للقيادة بالتفريط في الأرض، وتظاهر احتجاجاً على ما اعتبره تنازلاً عن جزء من أرض الوطن، ولكن تلك هي سمات سن الشباب وما تشهده من اندفاع وعفوية وحماس وربما تهور، لذلك نتمنى أن تشمل مؤتمرات الشباب أيضاً أصحاب الرؤى المختلفة، ومن لديهم مواقف نقدية، نتمنى أن تشارك جميع الفئات من شباب مصر الذي يؤمن بالدولة المصرية دولة مدنية حديثة، تنهض على المواطنة والمساواة وحكم القانون، حتى يتم دمج الشباب المصري في العملية التنموية الجارية في بلادنا اليوم».
المساواة
وعن المعركة الدائرة اليوم حول مساواة المرأة بالرجل في قضية الميراث وزواج المسلمة من غير المسلم التي طالب بها الرئيس التونسي الباجي السبسي كتب في «الوفد» علاء عريبي ليقول لنا نحن المسلمين في عموده «رؤى»: «الذي يجب أن يعرفه كل مسلم في العالم أن المرأة لا ترث في اليهودية ولا المسيحية، والانتقادات التي يوجهها بعض المسيحيين واليهود إلى الشريعة الإسلامية بخصوص المواريث والمساواة بين المرأة والرجل الغرض منها زرع الفتنة وتشويه الديانة الإسلامية. في اليهودية التركة تقسم بين الذكور فقط والابن البكر يرث سهمين:»ليعطيه نصيب اثنين سفر التثنية 21 : 17». وبالنسبة للمرأة فهى لا ترث وكانت ترث بشكل استثنائي مثلما فعل أيوب مع بناته: «ولم توجد نساء جميلات كبنات أيوب في كل الأرض وأعطاهن أبوهن ميراثا بين إخوتهن» (أيوب 42: 15). ولكن عندما مات والد بنت صلفحاد بن حافر من سبط منسي بن يوسف تقدموا إلى موسى النبي وطالبوا بنصيب من تركة والدهم فتقدم موسى بطلبهن إلى الرب، ووافق الرب على توريثهن وأرسى الرب عدة قواعد في المواريث الأولى: توريث البنت في حالة عدم وجود إخوة ذكور. الثانية: نقل التركة لإخوة المتوفى غير المنجب. الثالثة: نقل تركته لأعمامه إذا كان وحيدا. الرابعة: تنقل لأقرب نسيب في السبط إذا كان بدون إخوة أو أعمام «عدد111: 27» أما الأرملة فهي لا ترث، بل تورث حيث يتزوجها شقيق زوجها وينجب منها أولادا باسم شقيقه المتوفى، وإذا رفض تضربه بنعله ويسمى بيته، بيت مخلوع النعل «تثنية 25: 5 10» وبالنسبة للديانة المسيحية فلم تتضمن أي تشريعات خاصة بالمواريث والحالة الوحيدة التي ذكرت في إنجيل لوقا، وقد رفض المسيح فيها التدخل في مشاكل المواريث: «وقال له واحد من الجمع: يا معلم قل لأخي أن يقاسمني الميراث فقال له: يا إنسان من أقامني عليكما قاضيا أو مقسما «لوقا 12 : 13ـــ 14» السؤال: لماذا يتهمون المسلمين دائما بالتخلف والذكورية وظلم المرأة ويطالبونهم بالمساواة بين المرأة والرجل؟ لماذا لم يطالبوا برفع الظلم عن المرأة في اليهودية والمسيحية؟ لماذا لم يطالبوا بمساواة المرأة بالرجل في المواريث في المسيحية واليهودية؟».
حسنين كروم