الرباط وبان كي مون: درس مغربي للعرب؟

حجم الخط
61

أصدر مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضية، قرارا بالاجماع يطالب بتسوية نزاع الصحراء الغربية بحيث يمكن لبعثة الأمم المتحدة هناك «استئناف عملها بشكل كامل»، في إشارة إلى أعضاء تلك البعثة الذين طردهم المغرب رداً على تصريح للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يصف علاقة المغرب بالصحراء الغربية بـ»الاحتلال».
يعتبر قرار الأمم المتحدة الدبلوماسيّ محاولة لإغلاق الباب الذي فتحه أمينها العام بان كي مون بعد زيارته لمخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف (الجزائر) والتي قام خلالها بوصف المغرب بـ«المحتلّ» للصحراء الغربية، وهو أحد أكثر المواقف السياسية حدّة (وغرابة) من شخص في مقام بان كي مون اشتهر، مع أسلافه من أمناء عامّين، باعتباره آلة أوتوماتيكية تكتفي بإبداء القلق على أي حدث يجري في العالم أيّا كان خطره على البشرية.
ما الذي دفع بان كي مون للخروج من حالة «القلق» الأبديّ في موضوع المغرب بالذات وهو الذي جال أنحاء العالم وشاهد أشكالاً هائلة من الكوارث والابادات، واذا اكتفينا بقارة آسيا التي جاء لتمثيلها، لبدأنا من بلاده نفسها (كوريا الجنوبية) المهددة بحرب نووية مع شقيقتها الجائعة (كوريا الشمالية)، وبورما التي تشهد تهجيرا يقرب للإبادة الممنهجة لسكانها من الروهينجا، وصولاً إلى العراق وسوريا الموصولين بنهرين وحربين طاحنتين هجّرتا شعبيهما وطحنتا بشرهما ومدنهما، وليس انتهاء بفلسطين المعلقة على صليب الاحتلال الاستيطاني الحقيقي الذي يسرق الأرض ويستقوي على سكانها ويعتبر كل مقاومة له إرهابا .
استقواء بان كي مون الغرائبي على المغرب انتهى، بقرار بارد لا يناصره ولا يغيّر شيئاً من المعادلة على الأرض، وهو ما دفعه، عبر الناطق باسمه ستيفان دوجاريك للأسف «لسوء الفهم والنتائج التي أوصل إليها هذا التعبير الشخصي عن القلق» (الذي أبداه رئيسه)، معتبراً أن استخدامه «لتلك الكلمة» (أي الاحتلال) «لم يكن مخططا له، كما لم يكن متعمدا، بل كان عفويا، ورد فعل شخصياً».
وهو تبرير شديد السخف، فالأمين العام للأمم المتحدة لا يملك ترف وصف وضعية معقدة كحالة المغرب في الصحراء بشكل عفوي وبدون تخطيط أو تعمد، كما أن منصبه ووضعه العالميّ لا يسمح له بردود الفعل الشخصية لأن هذه الردود، شخصية كانت أم غير شخصية، تترتب عليها مصائر وقد تفضي إلى استعصاءات سياسية خطيرة بينما المفترض أن يقوم الأمين العام بحلّ الأزمات لا بخلقها.
ويبدو أن صفعة مجلس الأمن لكي مون لم تدفعه لـ«القلق» كفاية كي يراجع أقواله بنفسه فدفع الناطق باسمه إلى ذلك التصريح الركيك، وركبته العزة بالإثم فرفض أن يعتذر بنفسه معتبرا أن «كل كلمة سأقولها الآن سيتم تحليلها بشكل لا يفيد»، وهو ما دفع وزارة خارجية المغرب للقول إن التصريحات و«الأفعال التي لا يمكن قبولها» للأمين العام للأمم المتحدة «تشكل خطرا غير مسبوق» و«غير مبرر ولا يمكن محوه».
غير أن ما يمكن استخلاصه من كل الحادثة المؤسفة التي نتوقع أن تعطي بان كي مون مؤونة كافية من «القلق» تدوم إلى فترة طويلة بعد انتهاء خدمته كأمين عام للأمم المتحدة، هي أن وقوف المغرب، ضدّ تصريحه الفجّ “بمقاييس تاريخية”، يمكن أن يعتبر درساً مهمّاً للعرب، الذين يتعرّضون لمظلومية غير مسبوقة، تريد اغفال مسؤولية القوى الكبرى، وتمثيلها النظري، الأمم المتحدة ومجلس الأمن، عن النكبات الكبرى التي نعيشها حاليا

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الاردن:

    * اما شكل ونوع ( الاتحاد ) يتفق عليه الخبراء
    والرؤوس الكبيرة ..؟؟؟
    سلام

  2. يقول سامح // الاردن:

    * اما سياسة ( داحس والغبراء ) لن يستفيد منها احد
    وسوف يبقى ( التوتر ) والقلق واغلاق الحدود .. سيد الموقف.
    سلام

  3. يقول كاظم غيضه الجزائر:

    هذا الكلام صحيح لو طالب المغرب بانهاء التواجد الاسباني بمدينتي سبتة ومليلية اما غيرهذا الطرح فلا درس ولا هم يحزنون.
    اما كلام بعض الاخوة المغاربة عن طموح جزائري بمنفذ على الاطلسي فهذا كلام غير صحيح ومحض افتراء.لان اغلب حقول الغاز والنفط تقع في الجنوب الشرقي ومد خطوط انابيب الى الموانيء في الشمال اسهل واقل تكلفة من اي حل اخر.
    الجزائر ترى ان هناك شعب صحراوي مظلوم ووفق مبدء مساندة حركات التحرر في العالم فهي مطالبة اكثر من غيرها بنصرة هذا الشعب.
    والقضية الان في اروقة الامم المتحدة فلا داعي لزج اسم الجزائر في كل مشكلة تقع للمغرب.

    1. يقول محمد المسناوي:

      التناقض هو قولك أن الجزائر ليست طرفا في القضية .
      و دليلي بسيط ففي اجتماع جمع الوزير الأول سلال و وزير الخارجية رمطان لعمارة و قائد الجيش قايد صلاح ووزير الشؤون الإفريقية مسهال بمسؤولي البوليزاريو و أركان ميلشياته المسلحة في تاريخ 27 مارس 2016 بالجزائر العاصمة.
      حيث صرح المسؤولون الجزائريون بالدعم لا مشروط لاستقلال البوليزاريو عن المغرب.
      قمة تدخل دولة في شؤون دولة أخرى

  4. يقول طاهر العربي:

    سامح الله الجميع، و خصوصا اخواننا العرب.
    العرب فالحون في بعضهم البعض، و تسيرهم الاحقاد و الضغائن، لهذا لن تقوم لهم قائمة، ويتديلون ترتيب الامم.
    الجزائر لاهم لها سوى الوقوف عثرة و شوكة في تنمية المغرب. عِوَض ان تساند شقيقتنا الشرقية المغرب في استرداد جزره المسلوبة من اسبانيا، كانت اول من وقف مع المستعمر الإسباني و طلعت ببيان غريب ان المغرب دولة استعمارية عليها الانسحاب من جزيرة ليلى المغربية تاريخيا.
    عرف الغرب ان الأهم هو تفتيث العرب الى دويلات يسهل القضاء عليها في اي وقت.
    ماذا استفاد الشعب الجزائري الشقيق من ثرواته البترولية و الغازية؟؟؟؟؟؟؟
    و سيظل المغرب في صحرائه……

  5. يقول طاهر العربي:

    اتحدى بون كي مون ان ينطق بكلمة احتلال امام الصهيونية اسرائيل!!!
    القاتل عربي و المقتول عربي و المستفيد غربي.

  6. يقول أبو أشرف- ماليزيا:

    الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه إلى يوم القيامة.
    وما عدا ذلك (مينورسو- بان كي مون- بوليساريو- عسكر الجزائر- أوهام دويلة كرتونية تابعة لعسكر الجزائر …) كل ذلك حكي فاضي وطق حنك.
    يا داود كروي ويا عبد الوهاب الجزائر: ألم تشاهدوا مظاهرات في وهران الجزائرية حيث الجزائريون الكادحون يرفعوان شعارات:
    الشعب جوعتوه والبوليساريو سلحتوه .. توحشنا البطاطا !!!
    شكرا للتحليل الرصين والموضوعي للقدس العربي، وقد صدق العرب عندما قالوا:
    عدو عاقل خير من صديق جاهل !
    وعاش المغرب قويا موحدا من طنجة إلى الكويرة

  7. يقول جوجو:

    بان كي مون لم يقل إلا الحقيقة التي يعلمها القاصي والداني خاصة وأن دولاً كثيرة في العالم تعترف بالصحراء الغربية وتقيم علاقات دبلوماسية مع ممثلي حكومتها من أعضاء البليساريو كما أن الإتحاد الأفريقي الذي يضم حوالي 54 دولة أفريقية من بينها المغرب ذاته يعترف بها. ولكن لم يتم الإعتراف بها بعد من قبل الأمم المتحدة وتعليق بان كي مون صحيح تماماً لأن أسبانيا هي التي كانت تحتل الصراء (الساقية الحمراء ووادي الذهب) وعند خروجها إندفع المغرب لملء الفراغ بسبب قربها منه إلا أنه تعبير غير دبلوماسي لأن هناك دولاً عديدة منها أعضاء مجلس الأمن لم تعترف بالصحراء الغربية بعد وإعتذاره كان رضوخاً لمجلس الأمن وليس للمغرب حيث أنه لم يقدم هذا الإعتذار شخصياً ولكنه ضروري أمام مجلس الأمن لأنه لم يكن بمستوى وقوة بطرس بطرس غالي الأمين العام الأسبق للأمم المتحد في مناكفته للولايات المتحدة والدول العظمى الأخرى في مجلس الأمن الشيء الذي منعه من الحصول على دورة أخرى في منصبة بسبب فيتو الولايات المتحدة ومعارضة عدد من الدول الأعضاء بمجلس الأمن.

  8. يقول تاوناتي:

    لماذا لايكون الموقف المغربي درسا للعرب،كما موقف كيمون أيضا درسا للعرب.رد المغرب يجب أن يكون قاعدة يبنى عليها للتعامل مع كل من يلبس ثوب الإنسانية فقط عندما يكون الهذف خلق الفوضى وتقسيم بلد عربي.
    أما موقف كيمون فلن أضيف شيأ على ماجاء في مقال رأي القدس.
    فيما يخص ترديد الإحصاء والإستفتاء.الأمم المتحدة لم تستطع إحصاء سكان مخيمات تندوف ،فكيف ستحصي الصحراويين الذين إنصهروا في المجتمع المغربي منذ قرون.وكمغاربة نرفض أن نحصى على أساس عرقي أو إثني.تاريخنا يمنعنا،و ديننا الإسلامي يمنعنا.
    هناك من سيقول الحسن الثاني قبل بالإستفتاء؛الحسن الثاني سجن زعماء المعارضة لأنهم رفضوا الإستفتاء ,والحسن الثاني أخطأ في موضوع الصحراء أكثر مما أصاب.

  9. يقول احمد سالم ـ الصحراء الغربية:

    تحية إحترام وتقدير للقدس العربي وللقدس الشريف المحتل من قبل اليهود. كاتب الخبر تنقصه المصداقية وذلك يظهر جليآ في العاطفة الميالة للطرح المغربي… لماذا يعتذر بان كي مون؟؟ ولمن أصلآ؟ الإعتذار الحقيقي يجب أن يكون يصب في مصلحة المظلوم (الشعب الصحراوي) لقصر زيارته ،الذي يملك الحجج القانونية الدامغة. والقرار الصادرمن مجلس الأمن تنقصه إلزامية المينوسو بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ….

  10. يقول زعيط:

    إلى أبو أشرف
    أنا من ساكنة وهران ولم أشهد في حياتي اننا خرجنا نصرخ توحشنا الباطاطا ، ومعروفة مدينة وهران هادئة على طول ، واهلها بعيدين كل البعد عن السياسة ، وبالنسبة للقائلين جزائر العسكر أظن أنه بعد عهد بوتفليقة أصبح العديد من الجنرالات في السجن ، ورغم ذلك مازالت دار لقمان على حالها . فحسب رأيي الإستفتاء هو الحل ،

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية