بيروت ـ «القدس العربي» : مرة جديدة، تثير زيارة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى دمشق اهتمام الكثيرين في لبنان، حيث توجه الأحد إلى العاصمة السورية في زيارة هي الثانية منذ 9 شباط/فبراير 2013 عندما اجتاز الحدود اللبنانية السورية للمشاركة في تنصيب بطريرك الروم الاورثوذكس يوحنا العاشر اليازجي، في زيارة هي الأولى لبطريرك ماروني منذ زيارة البطريرك الراحل أنطون بطرس عريضة خلال فترة الانتداب الفرنسي على لبنان وسوريا.
ومرة جديدة يعود منتقدو الزيارة إلى التذكير برفض البطريرك الماروني السابق مار نصرالله بطرس صفير على الدوام زيارة دمشق، حتى خلال زيارة البابا يوحنا بولس الثاني مبررا الأمر بالتدخل السوري في الشؤون اللبنانية، وقائلا «لن أذهب إلى دمشق إلا وطائفتي معي».
وقد كتب ناشطون على «الفيسبوك» تعليقات حول زيارة البطريرك الراعي إلى سوريا بعد امتناع البطريرك صفير عن الذهاب وسألوا «هل تغيرت الطائفة؟»، وأجابوا «لا… فقط تغير البطريرك!».
أما سبب زيارة البطريرك الراعي الثانية إلى دمشق في خلال سنتين فهو مشاركته اليوم في قمة مسيحية تعقَد في البطريركية المريمية في دمشق بدعوة من بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس يوحنا العاشر للبحث في اوضاع المسيحيين في الشرق، وهذه القمة هي الأولى من نوعها حيث أن الدعوة وجهت إلى جميع البطاركة من كل الطوائف.
ولفتت صحيفة «تشرين» السورية إلى «ان البطريرك الراعي يصل إلى دمشق في زيارة هي الثانية له إلى سوريا بعد تسلمه السدة البطريركية، وهي زيارة رعوية لشد أزر المسيحيين في محنتهم وتثبيتهم في أرضهم ووطنهم والصلاة على نية السلام في سوريا. وأوضحت أنه سيجرى استقبال رسمي وشعبي للبطريرك الراعي في ساحة باب توما بدمشق، وصولا إلى كاتدرائية القديس أنطونيوس المارونية، والذي سيقام فيها قداس احتفالي في السادسة مساء الأحد تتخلله كلمة ترحيبية يلقيها رئيس أساقفة دمشق المارونية المطران سمير نصار، وعظة يلقيها البطريرك الراعي وكلمة شكر يلقيها الأب مارون توما. وبعد القداس سيتم تدشين مركز المطران ريمون عيد الاجتماعي في المطرانية وهو مبنى مؤلف من ثلاث طبقات فيه قاعدة كبيرة للمناسبات وغرف ومكاتب للمطرانية، بعدها يلتقي غبطته الناس في صالون المطرانية للاستماع إلى همومهم ومشكلاتهم وطلباتهم وآرائهم».
وأضافت الصحيفة «كما تتضمن زيارة البطريرك الراعي إلى سوريا والتي تستمر يومين المشاركة وحضور تدشين المقر البطريركي في بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس في دمشق، وحضور افتتاح سينودس السريان الأرثوذكس في معرة صيدنايا في ريف دمشق. ويجتمع البطاركة الأنطاكيون في لقاء روحي ببطريركية الروم الأرثوذكس – الكاتدرائية المريمية في دمشق الاثنين بدعوة من البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وبمشاركة البطريرك الراعي».
وبدت حملة «قوى 14 آذار» هذه المرة أخف منها بكثير في المرة السابقة وغابت الانتقادات عن وسائل الإعلام، وخصوصا بعد توضيح مسؤول الإعلام في الصرح البطريركي وليد غياض «أن الزيارة راعوية ولن يتخللها أي لقاءات مع مسؤولين سياسيين».
لكن المخاوف تبقى قائمة من محاولات النظام السوري استغلال مثل هذه الزيارة ومثل هذه القمة المسيحية سياسيا للقول إن البطاركة يدعمون فريقا في سوريا وليس آخر، ولاسيما أن وضع الرئيس بشار الاسد حاليا بات مختلفا عن وضعه قبل سنتين إذ تراجع نفوذه في مقابل تقدم قوى المعارضة السورية.
وكانت أوساط الكنيسة المارونية أكدت في اتصال مع «القدس العربي» على أن طابع الزيارة راعوي ويندرج في إطار التأكيد على وحدة الكنائس الشرقية الشقيقة ورسالتها السامية في هذا الشرق دفاعا عن الوجود المسيحي واستمراره في ظل العواصف العاتية».
ولفتت الأوساط إلى «أن الراعي هو بطريرك انطاكية وسائر المشرق، ولذلك من واجباته زيارة كل الموارنة أينما كانوا وليس فقط في لبنان».
وتوقف زوار بكركي عند ما سموه «الحملة القديمة الجديدة ضد البطريرك الراعي على خلفية زيارته إلى دمشق للمشاركة في اجتماع مجلس بطاركة الشرق»، وأفادوا «ان البطريرك سيتبع الخطوات نفسها التي اعتمدها خلال توجهه إلى العاصمة السورية في 9 شباط/فبراير 2013 «، واستهجنوا « كيف أنه في كل مرة يخطو البطريرك خطوة تقوم القيامة».
وقالوا «الكل يعلم معاناة المسيحيين في سوريا وعذاباتهم، فهل هو كثير على رؤساء الكنيسة ان يعقدوا اجتماعهم إلى جانب هؤلاء لاشعارهم بأنهم إلى جانبهم بالفعل؟.
من جهته، أعلن النائب نعمة الله أبي نصر تأييده لزيارة الراعي إلى دمشق بقوله «فالراعي يتفقد رعيته أينما تكون وفي كل حين، وبغَض النظر عن أي اعتبار سياسي آخر. أما أن تُفسر الزيارة سياسيا فهذا شأنهم، ولكن سيكون لها ثقل معنوي وسياسي، حتى لو لم يجتمع مع أي مسؤول سوري».
سعد الياس