السجن 18شهرا لـ25 متابعا وبين شهرين وستة أشهر على سبعة من معتقلي حراك الريف المغربي

حجم الخط
0

الرباط ـ «القدس العربي»: أججت أحكام بسجن الدفعة الأولى من معتقلي حراك الريف/ شمال المغرب، الاحتجاجات التي تعيشها المنطقة منذ اكثر من 7 شهور، وتخشى الأوساط الحقوقية من ان تكون احكام الاربعاء مقدمة لاحكام أقصى ضد بقية الناشطين تصدر قريباً، والتي ستكون مؤشراً الى ان أزمة الريف المغربي لا زالت لم توضع على طاولة الحل، لانها تعبر عن تمسك الحراك بمطالبه الاجتماعية والتنموية وأضيف لها اطلاق سراح المعتقلين وتمسك السلطات بالمقاربة الأمنية رفض الحوار مع قادة الحراك واقتصاره مع الهيئات المنتخبة التي لا يثق فيها سكان المنطقة.
وأصدرت المحكمة الابتدائية في مدينة الحسيمة، يوم الأربعاء، احكاماً بالسجن 37 عاماً موزعة على النشطاء الـ25 المتابعين في حالة اعتقال في احد سجون المدينة، ب18 شهراً بحق كل معتقل فيما تم الحكم على 7 أشخاص متابعين في حالة سراح بالسجن غير النافذ، تراوحت أحكامهم، بين شهرين و6 أشهر.
وقال عبد الصادق البوشتاوي، عضو هيئة دفاع معتقلي حراك الريف، إن «الأحكام «القاسية» التي صدرت في حق معتقلي الحراك الشعبي في الحسيمة تذكرنا بمحاكمات وأحكام سنوات الجمر والرصاص وتورط القضاء فيها من خلال الأحكام القاسية كما أكد ذلك التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة أن «المعتقلين أكدوا خلال جلسة المحاكمة أنهم تعرضوا للتعذيب وسجل لهم ذلك في محاضر الجلسة بأنهم تعرضوا للتعنيف الجسدي والنفسي والمعنوي أثناء إيقافهم وفي مخفر الشرطة بالحسيمة، والكثير منهم أكدو بأنهم لم يطلعوا على التصريحات المضمنة في محضر الضابطة القضائية وأرغموا على التوقيع تحت الإكراه الجسدي والمعنوي».
ووصف المحامي رشيد بلعلي منسق هيئة دفاع معتقلي حراك الريف، الحكم في حق 32 من معتقلي حراك الريف، بالجائر وان هيئة الدفاع مستعدة لمتابعة ملف الخبرة الطبية والتعذيب الذي تعرض له المعتقلون. وخلف الحكم صدمة كبيرة في صفوف عائلات المعتقلين الذين تظاهروا أمام مقر المحكمة الابتدائية في الحسيمة، تنديداً بالحكم القاسي.

الأحكام ستصعد الاحتجاجات

واعتبر الحكم بمثابة وقود سيزيد من غضب الساكنة، مؤكداً أن هيئة الدفاع ستستأنف الحكم الابتدائي حيث ان الساكن كانت تنتظر أحكاماً مخففة لذلك كان هناك صراخ واحتجاجات داخل الجلسة وخارج المحكمة.
ونقل المحامي سعيد التحمانتي، من هيئة تطوان، شهادة فظيعة ومؤثرة، لأحد معتقلي الحراك، يحكي فيها التعذيب النفسي الذي تعرض له والذي أدى إلى إيذائه جسدياً، بعدما أغمي عليه لمرات بفعل تهديده باغتصابه بإجلاسه على القرعة (القنينة).
وقال ان جل المعتقلين الذين عرضوا على المحكمة الابتدائية بالحسيمة على خلفية الحراك الاجتماعي الاحتجاجي، والذين أصدرت ضدهم المحكمة أحكاما تنبئ بالعودة إلى ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تعرضوا للتعذيب الجسدي، فمنهم من لا يزال يحمل جروحًا وكدمات وكسرا على مستوى يده…، غير أن الافظع من ذلك هو ان كل المعتقلين تعرضوا للترهيب والتعذيب النفسي، وتوجيه كلمات بذيئة وعنصرية لهم، تنم عن حقد دفين وعقلية انتقامية، واستحضار الماضي الأليم، ماضي 58/59، الموشوم في الذاكرة الجمعية. إضافة الى التهديد بالاغتصاب، واغتصاب أمهاتهم وأخواتهم، والتهديد بالإجلاس على القارورات، أو نقلهم إلى الدار البيضاء في حالة عدم التوقيع على المحاضر، وهو محضر واحد تم استنساخه لفائدة كل المعتقلين مع تبديل هوياتهم لا غير».
وفي سجن عكاشة في الدار البيضاء يقبع قادة الحراك، وعلى رأسهم زعيم الحراك ناصر الزفزافي ومعهم الفنانة الشابة سليمة الزياني (سيليا)، ينتظرون بدء محاكمتهم ومواجهة الاتهامات التي وجهتها لهم من النيابة العامة تصل عقوباتها الى المؤبد او السجن.
واذا كانت هيئة الدفاع عن المعتقلين تؤكد على معنويات قادة الحراك العالية وثقتهم بنفسهم وايمانهم بمطالبهم، فإنها تحدثت عن دخولهم في إضراب عن الطعام لمدة 72 ساعة بداية من الساعة الثانية عشرة من ليلة الثلاثاء صبيحة الأربعاء احتجاجاً على «الظروف القاسية وسوء الاستقبال» بالإضافة إلى حصارهم وقطع التواصل بينهم».
وقالت عائلات المعتقلين إن هيئة الدفاع عن المعتقلين، من خلال عملية التخابر مع معتقلي الحراك، منذ اللقاء الأول، كشفوا فيه عن تعرضهم لسوء المعاملة، ودخل بعضهم في إضراب عن الطعام، وأن الدفاع تدخل من أجل ثنيهم عن الاستمرار، إلا أن المحامين الذين زاروا المعتقلين اليوم تفاجأوا بالخطوة التي اتخذها المعتقلون بخوضهم إضراباً عن الطعام بشكل جماعي.
وافادت المصادر بأن الإضراب عن الطعام جاء نتيجة «الضغط الممارس عليهم بشكل رهيب بإلاضافة إلى وجود أربع حالات حبس انفرادي والبقية منعوا من التواصل فيما بينهم»، و»قطع أي محاولة للتواصل بينهم بالرغم من أنهم لديهم علاقات صداقة تجمعهم وذكريات تؤنسهم إلا أن ذلك لم يمنع إدارة السجن من منع التواصل بينهم».

عزل الزفزافي

وقال إن وضعية ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، غير عادية، وإنه بالرغم من «الحصار المزدوج المفروض عليه سواء من حيث عزله في سجن انفرادي وفي جناح لا سجناء فيه، أو من خلال منعه من التواصل مع أفراد أسرته وباقي المعتقلين» إلا أن نفسيته جيدة وأنه يقوم بشعائره الدينية بشكل عادي، وأن الحصار لم يأخذ منه شيئاً.
وتجددت الاحتجاجات الليلية في مدينة الحسيمة وبقية مدن الشمال المغربي، في ليلة «غير عادية» بعدما صدور الأحكام «القاسية» في حق الدفعة الاولى من «معتقلي الحراك» وقامت السلطات بفض المسيرة الاحتجاجية بحي «باريو حدو»، بالهراوات والعصي.
ونقل موقع لكم عن ساكن المنطقة، أن حالة احتقان غير مسبوقة تشهدها شوارع الحسيمة، بعد صدور أحكام تلقها الساكن وعائلات المعتقلين بغضب كبير، وهو ما قد يزيد الوضع توتراً، خصوصاً أن منطقة إمزورن، المدينة التي تعرف غلياناً غير مسبوق تعرف صدامات بين الأمن والمحتجين، كما وقعت ليلة اليوم (اول أمس الاربعاء) صدامات بين الأمن والمتظاهرين بمدينة الحسيمة اسفرت عن إصابات في الجانبين، وتم نقل بعض الجرحى باتجاه المستشفى الإقليمي بالحسيمة لتلقي العلاجات الضرورية.
ورفع المحتجون شعارات من قبيل «الموت ولا المذلة»، كما نددوا بالأحكام القاسية التي طالت معتقلي الحراك الشعبي بإقليم الحسيمة، وشعار «أولاد الشعب يناضلون والعياشة يتكلمون»، و«هي كلمة واحدة هذه الدولة فاسدة». وجدد المحتجون رفع الشعار الذي أصبح يتداول بشكل كبير على مستوى الفيسبوك، وهو شعار «بيك يا وليدي» وهي عبارة ساخرة أطلقها احد المعتقلين امام النيابة العامة.
وخرج عشرات المواطنين في مدينة الناظور، في وقفة حاشدة، تنديدًا بالأحكام القضائية الصادرة في حق معتقلي الحراك الشعبي بالريف، واصفين إياها بـ«المفبركة» ورفع المحتجون شعارات تطالب بإطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي في الريف كافة، وإسقاط كل التهم الموجهة إليهم، من قبيل «الشعب يريد إطلاق سراح المعتقل»..»هي كلمة واحدة.. هذه الدولة فاسدة».. «وعلاش جينا واحتجينا..الحرية لي بغينا» «المعتقل ارتاح ارتاح .. سنواصل الكفاح»، و«المعتقل خلا وصية .. لا تنازل على القضية»، و«سلمية سلمية .. لا حجرة لا جنوية»، و«المخزن حذار .. كلنا الزفزافي» متوعدين بتصعيد أشكالهم الاحتجاجية اللاحقة، في حال لم تتم الاستجابة لمطلب فـك سراح المعتقلين من نشطاء الحراك.

المحاكمات لن توقف الحراك

وقال فتح الله أرسلان، الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، ذات المرجعية الاسلامية شبه المحظورة، أن المحاكمات والمداهمات لن تنفع في توقيف الحراك «هذا زمن آخر، أصبح فيه المواطن مجرداً من أي شيء يمكن أن يخاف عليه ويخشى ضياعه، ها هم الشباب يحرقون أنفسهم ويرمون بأنفسهم في البحر طلبا للعدالة والكرامة، فماذا سيخسر الشباب المحتجون؟».
واكد أن حراك الريف «لن يتوقف طالما لم تتحقق أية استجابة للمطالب المطروحة والمشروعة. وبعد مسيرة الأحد (جرت في الرباط بمشاركة عشرات الالوف)، فالكرة تبقى في يد المسؤولين في أجهزة الدولة في ما سيختارونه، هل تتم الاستجابة لمطالب المحتجين أم صم الآذان ومحاولة الالتفاف على كل هذه المطالب وكأن شيئاً لم يقع وانتهت المسيرة؟».
وقال في حوار متلفز مع موقع هسبرس إن الرهان على عامل الزمان لم يكن صحيحاً، والدليل، في نظره، هو أن «الحراك لا يزال مستمراً منذ ما يزيد عن 8 أشهر، بل الذي حدث هو أن بقعة الزيت بدأت تمتد، والسبب أن هذه المطالب التي يرفعها المحتجون ليست كمالية، بل حيوية، تتعلق بآدمية المحتجين وإنسانيتهم من تشغيل وتعليم وصحة». وطالب «العقلاء» في الدولة بأن «يتخذوا خطوات جريئة للقطع مع الفساد والريع والعقلية المخزنية القديمة التي تأبى الهزيمة والتراجع».
وطالب حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة ليبرالية مثير للجدل) من خلال اللجنة الحقوقية للحزب «بإعادة النظر في الأحكام الصادرة ابتدائياً في حق المعتقلين، وذلك بإطلاق سراحهم» و»الاستجابة الفورية للمطالب الحقوقية العادلة والمشروعة للساكنة»، مستنكراً «أسلوب اللامبالاة من طرف الأغلبية الحكومية التي أبانت عن عجزها وفشلها في تدبير الملف الحقوقي للساكنة».
وأوضح بلاغ للحزب المتهم بتحمل مسؤولية ما يجري من خلال ما يتهم به من فساد ووجه الناشطون المحتجون انتقادات قاسية للحزب وقادته، انه «على إثر الأوضاع التي يعيش عليها إقليم الحسيمة ومنطقة الريف على خلفية الاحتجاجات المستمرة لما يزيد عن سبعة أشهر منذ فاجعة استشهاد شهيد لقمة العيش محسن فكري، وقد تمخض عن ذلك خروج الساكنة للتعبير عن مطالبها العادلة والمشروعة الحق في التنمية، الحق في الشغل، الحق في الصحة والحق في التعليم».
وشجب الحزب اعتماد المقاربة الأمنية في مواجهة احتجاجات الساكنة، بدل نهج أسلوب الحوار وعبر عن «اندهاشه للأحكام القاسية الصادرة عن المحكمة الابتدائية بالحسيمة في حق المعتقلين في جلسة 14/06/2017، زكذلك دعوة «الجميع للمساهمة في توفير جو الثقة المتبادلة من أجل التفكير بهدوء في إيجاد صيغ توافقية معقولة بغية تجاوز حالة الاحتقان التي تعرفها المنطقة».
وطالبت حركة التوحيد والإصلاح الذارع الدعوي لحزب العدالة والتنمية (الحزب الرئيسي في الحكومة) بالإفراج عن المعتقلين السياسيين» استلهاماً للمنهجية والمقاربة التي أرستها تجربة الإنصاف والمصالحة وتخفيفاً لحالة الاحتقان والتوتر وتوفيراً لأجواء الثقة التي تعتبر أساساً لأي مبادرة لحل ناجع ودائم». وناشدت الحركة قادة وفعاليات الحراك السلمي والقوى المتضامنة معه إلى إعلان مبادرة للتهدئة في الريف خاصة بمناسبة العشر الأواخر من رمضان وعيد الفطر، من أجل توفير فرصة مناسبة لبلورة الحلول الناجعة وتهييء مناخ الاستجابة الفعلية للمطالب الاقتصادية والاجتماعية المشروعة.
ودعت الحركة في بلاغ لها امس الخميس السلطات المعنية إلى اعتماد معالجة شاملة تنحاز إلى «قيم الحوار والتفاهم والتشارك وتغلب المنطق التنموي على المنطق الأمني وتنتصر للبعد الحقوقي والسياسي على البعد الجنائي والزجري في نطاق الاختيار الديمقراطي الذي لا رجعة عنه».

المحافظة على سلمية الحراك

وطالبت مختلف الفعاليات التي تقود الاحتجاجات السلمية أو تدعمها بالحسيمة وفي غيرها إلى اليقظة الدائمة ورفض الانجرار وراء أي مساع لتحريف حراكهم عن مساره السلمي وانزياحه عن نبل مقاصده وعدالة مطالبه، و«قطع الطريق أمام كل من يريد استغلال مطالب المواطنين المشروعة لتحقيق أغراض غير بريئة وخدمة اجندات خاصة تديم التوتر وتسهم في مزيد من تأزيم الأوضاع في المنطقة» مؤكدة على ملحاحية الاستجابة للمطالب الاقتصادية والاجتماعية ضمن مشروع أشمل لإطلاق جيل جديد من الإ صلاحات النوعية التي من شأنها، حسب الحركة «أن تعزز استقرار الوطن وتضمن كرامة وحرية المواطن وتكرس الحق في العدالة الاجتماعية والمجالية والمساواة في الولوج الى المرافق والخدمات العمومية، وتعمل على الرفع من مؤشرات الحكامة والجودة ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة».

السجن 18شهرا لـ25 متابعا وبين شهرين وستة أشهر على سبعة من معتقلي حراك الريف المغربي

محمود معروف

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية