غزة ـ مدريد «القدس العربي» من حسين مجدوبي وأشرف الهور: صادق البرلمان الإسباني على توصية تطالب حكومة مدريد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على غرار دول أخرى مثل السويد. وتعهدت الحكومة بدراسة القرار، فيما رحبت منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بالقرار الذي قوبل بغضب إسرائيلي شديد عبرت عنه وزارة الخارجية في تل أبيب.
وصادق البرلمان الاسباني بالإجماع مساء الثلاثاء على التوصية التي تقدم بها الحزب الاشتراكي المعارض، وتولت وزيرة الخارجية السابقة ترينيداد خمينيث (نائبة عن الحزب الاشتراكي) الدفاع عنه أمام باقي الفرق البرلمانية والحكومة، بينما حضر دبلوماسيو عدد من الدول العربية النقاش وكان من ضمن الحاضرين السفير الفلسطيني في مدريد.
وحصلت المذكرة التي جرى التصويت عليها على 319 صوتا وصوت ضده نائبان وامتنع نائب واحد عن التصويت، وذلك من أصل 322 نائبا حضروا الجلسة العامة، ويبلغ عدد أعضاء البرلمان 350 عضوا.
وتنص المذكرة التي قدمتها المعارضة الاشتراكية وخضعت لمفاوضات بين مختلف الأحزاب، على أن الاعتراف «يجب أن يكون نتيجة مفاوضات بين الأطراف»، ودعت حكومة إسبانيا إلى القيام بعمل التنسيق مع الاتحاد الأوروبي.
ورغم تأييد الحزب الشعبي المحافظ والحاكم للتوصية البرلمانية، إلا أنه رفض خلال المفاوضات تحديد تاريخ للاعتراف ووضع بعض الشروط، بينما كانت الأحزاب اليسارية تريد تحديد تاريخ للأعتراف في أقرب وقت.
ويقول النص: «هذا الاعتراف يجب أن يكون نتاج التفاوض بين الأطراف المعنية ويضمن السلام والأمن للطرفين واحترام حقوق الإنسان والاستقرار الإقليمي».
وقالت مصادر دبلوماسية لـ»القدس العربي» إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هي مسألة وقت فقط في أفق تحقيق الإجماع الأوروبي بين مختلف الحكومات حول هذا الملف الشائك تاريخياً.
وباستثناء السويد التي بادرت إلى الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية، فالدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي ترغب في تنسيق الخطوات، والبداية مع البرلمانات التي ترفع توصيات للحكومات تحث على الاعتراف.
ودعت جريدة «الباييس» الاسبانية في افتتاحيتها إلى اعتبار الاعتراف بالدولة الفلسطينية عملا ضروريا وغير موجه ضد أي طرف بل لدعم السلام.
وكان وزير الخارجية الإسباني ميغيل آنخيل موراتينوس قد دعا في مقال له أول أمس الثلاثاء في جريدة «الباييس» لضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية لأن هذه الخطوة قادرة على تحريك حالة الجمود الحالية التي وصفها بالخطيرة في القضية الفلسطينية. وعمل موراتينوس في الماضي مبعوثا للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط، ويعتبر من أبرز الأصوات الأوروبية التي تدافع عن القضية الفلسطينية.
ورحبت منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بقرار البرلمان الاسباني، حيث قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي «باسم الشعب الفلسطيني وقيادته، أود أن أعرب عن شكرنا وتقديرنا البالغ لجميع من عمل على تحقيق هذا التصويت».
وأكدت أن الاعتراف بفلسطين وشعبها هو «استثمار هام يصب في مصلحة السلام، ويشكل خطوة مبدئية نحو السلام والعدالة».
وأشادت بالشعب الإسباني، ودعت الحكومة الإسبانية ودول أوروبا الأخرى إلى الاعتراف بدولة فلسطين. وأضافت: «نجدد دعوتنا لحكومة إسبانيا لاتخاذ الخطوة المنطقية والقرار الشجاع والمبدئي للاعتراف بدولة فلسطين ونحث الدول الأخرى وخاصة في أوروبا لحذو حذوها».
كذلك رحب وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي بقرار البرلمان الاسباني، وعبر عن شكر وتقدير القيادة الفلسطينية لمملكة اسبانيا وأحزابها السياسية، خاصة التي عملت على إقرار هذه المذكرة التي وصفها بـ»الهامة والتاريخية».
واعتبر المالكي أن هذا الاعتراف يشكل «موقفا تاريخياً متقدماً تسجله المملكة الإسبانية الصديقة في مسيرة علاقات الصداقة الثنائية مع الشعب الفلسطيني، وانسجاماً مع مبادئها وقيمها وأخلاقها السامية الملتزمة بالقانون الدولي والإنساني وقرارات الشرعية الدولية».
وطالب المالكي الحكومة الاسبانية بالاعتراف بدولة فلسطين، كذلك طالب للبرلمانات في الدول الأوروبية الأخرى بأن تحذو حذو البرلمان الإسباني ومجلس العموم البريطاني ومجلس الشيوخ الايرلندي، من أجل «إنجاح العملية السلمية والتفاوضية الجادة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أساس مبدأ حل الدولتين، وإحلال الأمن و السلام الشامل والدائم للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي».
أما في تل أبيب فقد أعربت وزارة الخارجية الإسرائيلية عن أسفها لقرار البرلمان الإسباني، ورأت أن القرار «يضع عقبة جديدة على طريق التوصل إلى تسوية للنزاع الفلسطيني – الإسرائيلي».
وزعمت أيضا أن القرار هذا «يشجع الجانب الفلسطيني على اتخاذ مواقف أكثر تطرفا». وسبق وأن وافق المشرعون البريطانيون على الاعتراف بفلسطين كدولة، الشهر الماضي، في إجراء لن يغير موقف الحكومة من الموضوع، لكنه وقتها حمل قيمة رمزية للفلسطينيين في مسعاهم لنـيل وضع الدولة الكامل في الأمم المتحدة.
وتأتي هذه العملية في خضم المعركة السياسية التي يخوضها الفلسطينيون، للحصول على موافقة تسعة أعضاء من مجلس الأمن الدولي البالغ عدد أعضائه 15، للتصويت على طلب الاعتراف بدولة فلســطينية على حدود العام 1967، خاصة في ظل المعارضة الأمريكية الكبيرة لذلك.
حسين مجدوبي وأشرف الهور