مدريد-«القدس العربي»: يحاول الفنان السوري غني ميرزو التقريب بين الثقافات والشعوب، بالبحث الموسيقي عن أوجه التشابه بينها. فيعمل على مزج الـ»فلامينغو» والجاز والموسيقى الشرقية مع بعضها بعضاً، وعلى الرغم من هجرته منذ 23 عاماً، واستقراره في مدينة برشلونة، الا ان الموسيقى الشرقية لم تفارقه يوماً، وبقيت شاغله الشاغل، بعد دراسته العليا في مجال الموسيقى في معهدها الوطني.
وتأثر غني بالبيئة السورية البدوية، هو الذي ولد في مدينة القامشلي في العام 1968، ولا زال يعلن موقفه الصريح مما يجري في سوريا، التي زادت وجع غربته، ويحاول عبر موسيقاه أن يعبر عن مأساة شعبه الذي هجر في البحر والبر.
وهنا نص اللقاء مع «القدس العربي»:
■ ما هو إطار الجولة التي تقومون بها في شمال اسبانيا وهدفها؟
□ الجولة التي بدأناها منذ أشهر عدّة، هدفها التعريف بمأساة شعبنا السوري بكل أطيافه ومحاولة مساعدة اللاجئين في المخيمات.
■ كيف أتتك فكرة تأسيس فرقة موسيقية بجنسيات مختلفة؟
□ الفرقه تأسست في العام 1995 وأحيت مئات الحفلات في اسبانيا والعديد من الدول الأوروبية، والفكرة تعتمد على الموسيقيين الماهرين بعيداً عن جنسياتهم.
■ لماذا عمدتم إلى الاشتغال ودمج الموسيقى العربية بموسيقى الفلامنغو؟
□ الموسيقى الشرقية والفلامنغو لهما أوجه تشابه كثيرة وعملية التعبير الموسيقي والأداء متقاربة جداً، وبما أنني درست موسيقى الفلامنغو فهذا دفعني إلى الاقتراب منه ومن الجاز.
■ هل تتذكر سوريا عندما تحاول استدعاء شعراء الأندلس؟
□ طبعا أتذكر سوريا وأتذكر كيف أن الأمويين أتوا بحضارة كاملة إلى بلاد الأندلس وكيف شاعت وتمددت هذه الحضارة في أرجاء أوروبا.
■ هل يمكن للفن أن يقوم بدور طلائعي في مصلحة الشعوب؟
□ الفن هو حالة تغير دائم ورفض لما هو موجود. ثورة لا بد أن تكون في خدمة حرية الإنسان وتحسين واقعه، والفنان السوري إذا لم يقم بواجبه ولم يقدم موقفاً مع شعبه ومأساته فالحاضر لن يرحمه ولا المستقبل، لكن للأسف منابر التعبير للفنان السوري قليلة جدا، خاصة الإعلامية.
■ ألا ترى أنك تحمل عبئاً ثقيلاً، في محاولتك الموسيقية لتقريب الشرق من الغرب؟
□ بصراحة هذا السؤال موجه لي بشكل دائم، ولكن ما أعمله بشكل أو بآخر هو محاولة فنية موسيقية للتقارب والتفاهم بين الشعوب، ولذلك ترى في مجموعتي الفنية موسيقيين من الهند واسبانيا والجزائر وكوبا وكردستان وسوريا ودول عدة.
■ ماذا تمثله لك سوريا حاليا على المستوى الفني؟
□ سوريا، بالنسبة لي، كطوفان نوح عمّ المنطقة. وهي الوجع الذي أحمله معي لحظة خروجي منذ أكثر من 23 سنة، وهذا الوجع يزداد مساحة في جسدي، وآمل أن أستطيع التعبير فنياً عن مأساة هذا الشعب اليتيم.
■ كيف هو حال الموسيقى الشرقية اليوم؟
□ الموسيقى الشرقية مازالت على الإيقاع السماعي الثقيل (أقصد من ناحيه تطورها). الديكتاتوريات في بلداننا ليس من مصلحتها أن يتطور الفن والموسيقى والإعلام أيضا، فما زالت موسيقانا تعيش في القرون الوسطى أو أبعد، وأيضا آلاتنا الموسيقيه لم تتطور، وصرنا شعوباً نستهلك ونستورد كل شيء جاهز، حتى الآلات الموسيقية أيضا. فالتطور في آلاتنا من مئات السنين لم نتقدم الا قليلاً جداً، بالنسبة للموسيقى في اسبانيا، التي وصل إليها العود وآلات أخرى، عملوا على تطوير العود ومنه أنتجوا آلات عدة وطوروا طريقة عزف هذه الآلات مثل العود الاسباني والماندولا وبيويلا والغيتارة، وفي فتره قصيرة الغيتارة الاسبانية.
وتطور الفلامنغو تطور بشكل هائل جدا وكانت ثورة وقفزة تاريخية من الناحية الفنية والموسيقية. وبالمقابل ماذا حصل عندنا، لا شيء أبدا، فالمؤسسات والمراكز الثقافية لم تقم بواجبها لكي تواكب العصر والحضارة، لقد صرفوا المليارات في شراء فرق كرة القدم في أوروبا، ولكن فنيا وثقافيا مازالو يفكرون في المعلقات.
■ كيف يمكن تطوير الموسيقى الشرقية والآلات الموسيقية الوترية؟
□ الموسيقى الشرقية تتطور متى تطورالإنسان الشرقي من ناحية دراسة الموسيقى وعملية البحث الفني، وهنا لب المشكلة، لأنه لا توجد أبحاث ولا مراكز للأبحاث والتخصص كما هو حال الغرب، وطبعا هناك جهود فنية وفردية قام بها فنانون وموسيقيون مثل، تجربة الفنان السوري نوري إسكندر وعملية البحث عن قوالب آلية للموسيقى الشرقية، وأنا منذ أكثر من سنة أقوم بدراسة عملية للبحث عن تكنيك جديد للآلات الوترية مثل العود والبزق والطنبور، وطبعا نحاول أن نبحث عن إمكانيات هذه الآلات من دون تغييرات كبيرة في شكل الآلة، فقط في عملية الأداء الموسيقي.
خالد الكطابي