رام الله- «القدس العربي»: ما أن أعلن عن فوز المرشح دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الجديدة، حتى ذهبت إسرائيل إلى أبعد حد لها في التطرف تجاه الفلسطينيين سواء على المستوى الديني أو في ما يتعلق بنهج الاحتلال وتحديداً الاستيطان، ما سبب إفشال المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية الأخيرة التي كانت برعاية أمريكية تحت إشراف وزير الخارجية الحالي جون كيري.
وصوت برلمان دولة الاحتلال «الكنيست» بالقراءة الأولى على مشروع قانون لمنع رفع الأذان في المساجد الفلسطينية وتحديداً في القدس المحتلة وكذلك بتشريع البؤر الاستيطانية غير الشرعية حسب القانون الدولي والمقامة على أراضٍ فلسطينية خاصة.
وبالنسبة للقيادة الفلسطينية حسب ما قال تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في حديث لـ «القدس العربي» فإن حل الدولتين انتهى عملياً على الأرض، خاصة إذا واصلت دولة الاحتلال مساعيها بتبييض البؤر الاستيطانية غير الشرعية.
وكشف خالد أن الحديث يدور عن مئة وخمسين بؤرة استيطانية إذا تم تشريعها بالفعل فإن ذلك يعني: أولاً أن بعض البؤر الاستيطانية ستنضم كأحياء جديدة لبعض المستوطنات القائمة حالياً، وثانياً أن بعض هذه البؤر ستصبح مستوطنات جديدة. وبالتالي لا يوجد ما نتحدث عنه مع الجانب الإسرائيلي في ما يتعلق بحل الدولتين، خاصة وأن منطقة «ج» حسب تصنيف اتفاق أوسلو، وهي المساحة الحقيقية المتبقية كعمق استراتيجي للدولة الفلسطينية، ستصبح منطقة حيوية للمستوطنات اليهودية القائمة والجديدة.
وأكد المسؤول الفلسطيني أنه في كل الحالات لا يوجد حالياً أي أفق لمسيرة تسوية سياسية على الأرض مع الجانب الإسرائيلي لأن إجراءات سلطات الاحتلال متسارعة ومتلاحقة في ما يتعلق بالاستيطان وعمليات التهويد الجارية على الأرض على مختلف الأصعدة.
وحول رؤيته لفترة ما بعد تولي دونالد ترامب سدة الحكم في الولايات المتحدة. قال أنه لا يدري إن كان ترامب سيقدم لدولة الاحتلال أكثر من الإدارات الأمريكية السابقة، معتبراً أن إدارة أوباما لم تكن نزيهة في التعامل مع القضية الفلسطينية بل كان انحيازها فاضحا لإسرائيل. كما أنه في عهدها تم توقيع أضخم اتفاق بين أمريكا وإسرائيل للمساعدات العسكرية وصل إلى 38 مليار دولار للسنوات العشر المقبلة.
ربما يراهن بعض الأوساط في إسرائيل على أن إدارة ترامب ستكون أوضح في قضية الاستيطان ولن تمارس الضغط على دولة الاحتلال كما يرى خالد. فإسرائيل تجد في أمريكا السند الحقيقي للاستيطان. فكل الأفعال على الأرض من طرف إسرائيل تقضي على حل الدولتين وكل قضايا الوضع الدائم.
وعلى الصعيد الداخلي الفلسطيني يعتقد خالد أن الرهان على التدخل الخارجي فقط لصالح فلسطين لن يردع إسرائيل عن تدمير كل شيء، بل يمكن أن يشجعها على ارتكاب المزيد ضد الشعب الفلسطيني وأرضه. فإسرائيل لا تقيم وزناً للعالم على الإطلاق وكان ذلك واضحاً في العديد من المرات. ورأى خالد أن إسرائيل ستقيم وزناً للخارج إذا شعرت أن هناك حالة مواجهة في الداخل الفلسطيني وهذا ما يجب أن يكون. فالشلل الحاصل والذي أصاب مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وكذلك السلطة الفلسطينية يجب أن ينتهي. ويجب أن نعود لاحترام ما اتخذ من قرارات وعلى رأسها قرارات المجلس المركزي الفلسطيني قبل قرابة العامين بل والبدء بتنفيذها.
وقال المسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية أن البداية يجب أن تكون في وقف التنسيق الأمني بشكل فوري، ثم فك الارتباط في العلاقات الاقتصادية مع دولة الاحتلال والإعلان عن إلغاء العمل وفق بروتوكول باريس الاقتصادي الذي وقع بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعيد اتفاق أوسلو.
كما يجب فك الارتباط في سجل السكان. فلا يعقل أن يبقى الفلسطيني مربوطا مع الكمبيوتر الإسرائيلي في أي معاملة يريد إنجازها. وكذلك فك الارتباط في سجل الأراضي مع الاحتلال. فقط هكذا يمكن أن تشعر إسرائيل بالضغط مع عودة فكرة المواجهة وبالتالي تقيم وزناً للضغط الدولي إن وجد.
من جهتها رأت الخارجية الفلسطينية كموقف لسان حال السلطة الفلسطينية أن حكومة بنيامين نتنياهو تصعد من حربها الشاملة على الوجود الفلسطيني الوطني والإنساني وتمضي في تعميق الوجود الاستيطاني التهويدي على الأرض الفلسطينية المحتلة عامة وفي القدس بشكل خاص. فمن جهة تواصل سلطات الاحتلال التنكيل بالفلسطينيين ومحاصرتهم والتضييق عليهم وسرقة أرضهم ومن جهة أخرى يواصل اليمين الحاكم تشريع المزيد من القوانين العنصرية التي تخدم الاستيطان والايديولوجية الظلامية في إسرائيل. وأكدت الخارجية أن إسرائيل تواصل يومياً عمليات هدم منازل الفلسطينيين ومنشآتهم بهدف تهجيرهم من أراضيهم لصالح الاستيطان.
وأكدت أن اليمين الحاكم في إسرائيل يسابق الزمن في تطبيق نظام تمييز عنصري بغيض في الأرض الفلسطينية المحتلة وتعزيز حكم اليمين المتطرف في إسرائيل وتكريس دولة المستوطنين وحكمهم في الأرض الفلسطينية المحتلة وحشر الفلسطينيين في جزر معزولة بعضها عن بعض في محيط من المستوطنات بما يؤدي إلى تدمير حل الدولتين واسقاط أي فرصة للحلول السياسية التفاوضية عبر خلق وقائع جديدة على الأرض، تغلق الباب نهائيا أمام أي فرصة لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة.
واعتبرت الخارجية الفلسطينية إن سياسة الهدم بالجملة لمنازل الفلسطينيين ومنشآتهم ومقومات وجودهم الاقتصادية والإنسانية باتت تتعاظم في ظل غياب ردود فعل دولية جدية واكتفاء المجتمع الدولي ببيانات الإدانة الخجولة إن وجدت.
وطرحت تساؤلاً وجهته للمجتمع الدولي معتبرة أن هذا السؤال يفرض نفسه وهو: متى سيرفع المجتمع الدولي صوته عالياً في وجه التدمير الإسرائيلي الممنهج واليومي لما تبقى من حل الدولتين؟ وهو التساؤل الذي أجاب عنه القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد عندما قال أن هذا المجتمع سيضغط عندما يتخذ الفلسطينيون سياسة المواجهة وبالتالي سيتغير رد الفعل الإسرائيلي تجاه ما يجري على الأرض خاصة في القدس وفي ما يتعلق بقضية الاستيطان وتشريع البؤر غير الشرعية.
ورأى محللون أن الفترة المقبلة قد تكون عصيبة وستتجه نحو مزيد من التطرف ضد الفلسطينيين بشراً وأرضاً مع الاستقواء بدونالد ترامب كي يتم فرض حقائق على الأرض تنهي حلم الدولة الفلسطينية إلى الأبد.
فادي أبو سعدى