السيسي و«25 يناير»: أساطير الأولين

حجم الخط
18

 

اللواء مدحت المنشاوي، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي في مصر، وقبل ساعات قليلة من حلول الذكرى الخامسة لـ»25 يناير»، استبق الحدث بهذا التصريح الناري: «اللي هيحاول يتعدى على ممتلكات الدولة أو أقسام ومراكز الشرطة والسجون هنواجهه بالقانون. والقانون هنا بيسمح للقوات بمواجهة مثل تلك الأعمال بإطلاق الرصاص عليه، لأننا مش هنسمح أبداً إن اللي حصل قبل كده يحصل تاني».
شباب مصر، ممّن اعتصموا في ميدان التحرير قبل خمس سنوات، ترجموا التصريح جيداً، ودون صعوبة تُذكر؛ وكذلك فعلت وسائل إعلام، ومواقع عديدة على الإنترنت: لن نسمح بثورة ثانية! وبالفعل، تمّ تطويق الميدان، وأغلقت معظم المنافذ إليه، ومحطة المترو، وانتشر رجال اللواء المنشاوي كما يليق بتهديداته تماماً. وهذه كانت علائم افتضاح أولى أساطير انقلاب عبد الفتاح السيسي على «25 يناير»، أي تلك التي تقول إنه جاء لإنقاذ الثورة من الإخوان المسلمين، ولكنه لم يفعل طيلة عهده سوى ردّ المجتمع المصري إلى تنويعات مختلفة من عهود حكم العسكر.
وفي سياق زمني متصل بالذكرى ذاتها، يقرأ المرء الخبر التالي: تمّ توقيف المواطن المصري الدكتور عاطف بطرس، أثناء عودته إلى مصر، واحتُجز طيلة سبع ساعات في مطار القاهرة، قبل أن يُرحّل إلى ألمانيا، بعد إبلاغه بأنه ممنوع من دخول مصر… إلى الأبد! وبطرس أستاذ في قسم دراسات الشرق الأوسط، جامعة ماربورغ الألمانية، وعضو مؤسس في «ميادين التحرير للتنمية المستدامة»، ذات التوجه الاقتصادي والتنموي العلماني. كما أنه مسيحيّ بالولادة، ويصعب أن يكون إخوانياً بالطبع؛ ولا ذنب له سوى أنه يعارض سياسات السيسي، وبالتالي يفضح الأسطورة الثانية التي اقترنت بالانقلاب: أنّ خصومه هم من الإخوان المسلمين، حصرياً. وللبرهنة، أكثر فأكثر، على طبيعة الإجراءات القمعية التي يطيب لرجال السيسي اتخاذها، لم يُمنع بطرس من دخول بلده هذه المرّة فقط، أو طيلة عشر سنوات مثلاً، بل ببساطة: مدى الحياة!
خبر ثالث يقع عليه المرء، في إطار ذكرى «25 يناير» يقول: المستشار مرتضى منصور، عضو مجلس نواب الانقلاب، شنّ هجوماً مقذعاً على المذيع يوسف الحسيني، عبر قناة «صدى البلد» الفضائية. وقال منصور: «أنا عايز أضربك بالجزمة، وأديك 50 قلم على قفاك، وأروح لأمك الحاجة تحية أقولها سامحيني أنا ضربت يوسف على قفاه». ما هو أطرف من الردح هذا، أنّ منصور كان قد عدّل القسم الدستوري لأنه «مش معترف بـ25 يناير»، وهو لا يكفّ عن التهديد باستخدام «الجزمة» ضدّ خصومه؛ الأمر الذي لم يمنع انتخابه رئيساً، في البرلمان، للجنة… حقوق الإنسان! أمّا الحسيني فهو ليس من إمعات النظام الإعلامي لانقلاب السيسي، فحسب؛ بل هو أيضاً صاحب الشتائم الأقذع، والاتهامات الكاذبة الأقبح، حول بغاء النساء السوريات خلال اعتصام رابعة. وليس الخصام بين منصور والحسيني سوى مظهر السطح، لما يجري في الأعماق من تفكيك للأسطورة التي قالت إن نيران انقلاب السيسي لن تأكل بعضها في أيّ يوم قريب.
وهكذا فإنّ سلسلة الوقائع، التي تفضح منظومة الأساطير، أكثر من أن تُحصى في مقام كهذا: بعضها طريف طبي (مثل عقار الكفتة الشهير، لعلاج الإيدز)، وبعضها طريف اقتصادي (أكذوبة قناة السويس الثانية)، وثالثها طريف إعلامي (التهديد بـ»ما يصحش كده»، على لسان السيسي نفسه)… المحزن في الأمر أنها أساطير تذكّر بالأوّلين أيضاً، خاصة نظام حسني مبارك وأواخر أيام أنور السادات؛ وبالتالي فإنّ تلويح اللواء المنشاوي يمكن قراءته هكذا: لن نسمح إلا بإعادة إنتاج تلك الأساطير، ولكن على نحو أشدّ استبداداً وانحطاطاً وابتذالاً!

صبحي حديدي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    حين تتراكم القمامة بالبلد فإن الرائحة تزكم الأنوف
    سيأتي يوم بإذن الله تكنس فيه هذه القمامة وتطهر البلد
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول محمد قطيفان / شرق المتوسط:

    نظام السيسي يعيش في الحلقة قبل الأخيرة ، وألف تحية للرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي فك الله أسره وجميع المعتقلين .

  3. يقول عبد الوهاب إبراهيم Canada:

    أستاذ صبحى مايحدث على الساحه المصريه منذ أكثر من ستين عاما هو أساطير الأولين وهذا شئ طبيعى جدا لبلد قد يصل تعداده مايقارب المائة مليون وتتحكم فيه وتسير أموره فى كل مجالات الحياة مجموعة من الضباط لاهم لهم إلا تربية الدواجن وتجارة الأراضى والكافتريات والشقق المفروشه، ومشاهدة أفلام عادل إمام ولعب الطاوله وتدخين الشيشه، ومن المؤكد أن من يعيشون فى مصر لا يدركون أن مايجرى من حولهم هو أساطير الأولين، حيث لم يتغير شئ، منذ القائد الملهم صاحب القاهر والظافر، والذى حطم ١٠٩طائره حربيه إسرائيليه فى يوم بليت فيه مصر بابشع هزيمه فى التاريخ، وخرجت الملايين لتمنعه من التننحى ، وكان إعلامه أكثر تضليلا وسفاهه،، ثم تلاه عسكرى أخر صانع كامب ديفيد وأطلق على نفسه الرئيس المؤمن وكان له الفضل فى إرثاء دعائم وأركان الفساد،،وقبض الحكم منه العسكرى صاحب الضربه الجويه والذى ولدت مصر بولادته وجنى وزبانيته ثمرات الفساد الذى أسسه سلفه المؤمن ،،، ثم قبض الحكم عسكرى أخر ظهرمن لاشئ عبر إنقلاب دموى ومجازروسجون وتشريد وتعذيب لم تشهدها مصر أبدا ،،،، اليس كل هذا أساطير الأولين،، مصر لم تخرج قط من تحت قبضة العسكر ومن أساطير الأولين ، وإذا كان لديك أدنى شك فى ذلك فشد الرحال إلى أرض الكنانه للإقامه الدائمه وليست لزيارة الأهرامات، ووادى الملوك وأبو سمبل وشرم الشيخ،،،وسترى دولة أساطير الأولين ،،،،،سلم قلمك أستاذ صبحى .

  4. يقول اسمهان باريس:

    صدقت أخي الكروي.العصابة وقعت ببعضها البعض و انفضح أمرها. اللهم إضرب الفاسدين بالفاسدين و فك اسر أسود الأمة.

  5. يقول شفاء النعيمي - كندا:

    من كان يظن أن الحق لن ينتصر على الباطل فقد أساء الظن بالله سبحانه وتعالى. حقاً ما يجري اليوم في مصر السيسي ظلم كبير….فصبر جميل !
    وحسبنا الله ونعم الوكيل !

  6. يقول احمد سامي مناصرة:

    مبارك لم يكن دموياً بالمعنى السوري للكلمة. ولكن اي ثورة قادمة في مصر ستكون دموية فعلاً وإن تمنّع بعض العسكر عن إطلاق الرصاص فسيكون هناك كوماندوز اسرائيلين و ربما مارينز امريكان جاهزين لفعل الاسوء، بالنسبة لإسرائيل، عند مصر ليست مزحة لايوجد مزاح، لن يسمح لها بأن تنهض…

  7. يقول عبدالله ناصر:

    الخوف اﻻن ان تقوم ثورة ﻻتبقي وﻻ تذر ﻻن العسكر لن يسلموا السلطة حتى لو ارادوا فلن تسمح لهم اسرائيل ومن ورائهم الغرب داعمي اﻻنقلاب وبالتالي يتكرر المشهد السوري

  8. يقول فادي / لبنان:

    ٢٥ يناير فرصة تاريخية ضاعت
    ٢٥ يناير نهضة مصرية تلاشت
    ٢٥ يناير شباب مصر خافت
    ابوك يا الخوف!

  9. يقول نبيل العربي:

    أقول لشباب الثورة أين أنتم الان ولماذا فشلت ثورة 25 يناير كلنا يعلم انه لولا خروج الاخوان المسلمين باعتبارهم حركة منظمة ومتأصلة في المجتمع المصري لما نجحت الثورة في اسقاط نظام حسني مبارك في وقتها تخيل معي شباب حركة 6 ابريل أنكم لوخرجتم لوحدكم هل تسطيع ثورتكم النجاح وهل سيخرج الشعب المصري في 25 أو 28 يناير طبعا لا فالقوة الجماهرية لحركة الاخوان المسلمين هي التي أعطت لثورة 25 يناير القوة الدافعة والزخم الجماهيري ياشباب 6 أبريل هل كنتم تتوقعون ان عمرو موسى وحمدين صباحي والبدوي والفنانين والراقصات واعلامي القنوات الخاصة سيخرجون لنصرتكم لولم لا يخرج شباب ونساء الاخوان لنصرتكم وحتى لو فعلوا ماهي شعبيتهم ومن سيلبي النداء ما أود قوله أن النظام العسكري في مصرأدرك أن قوة الثورة مستمدة من الاخوان المسلمين لهذا حاول فصل شباب بعض قوى الثورة عن الاخوان المسلمين حتى تفتقر الى قوتها الدافعة وللاسف وقع الكثير من المغفلين والسدج والبلهاء واصحاب المطامع الدنيوية والسلطوية وبعض الانتهازيين ذلك فضاعت الثورة واستولى العسكر على مصر أرضا وشعبا بعد زج أحرارو شرفاء الشعب المصري في السجون وقتلهم والانتقام منهم
    أما عن السيسي وجماعته فهم عصابة استولت على مصر في غفلة من الشعب المصري بعد استدراجهم الى فخ 30 يونيو والمصيبة أن البعض لايريد ان يعترف بذلك متوهما نفسه أنه قام بثورة بحماية الجيش والشرطة ووزير الدفاع !!!!!

  10. يقول د. راشد - المانيا:

    الملك فاروق رفض طلبا أمريكا بإرسال كتائب مصرية للقتال في شبه الجزيرة الكورية وهذا موقف وطني وحقيقة تاريخية وبالتالي ونكاية بالملك فاروق عمل الأمريكان على تشجيع بعض عسكر الجيش على الإنقلاب على الملك فاروق بما سمي حينها ثورة الضباط الأحرار
    ومن هنا نستنتج أن هؤلاء العسكر ماهم إلا عسكر يخدمون الأجندة والمخططات الأمريكية ولا يخدمون مصر وشعب مصر
    واليوم في جريدة القدس العربي مقال لصحيفة معاريف أن السيسي كنز استراتيجي لإسرائيل وهذه حقيقة عسكر مصر من الناصرية إلى السيسية كنز لدول أخرى

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية