القاهرة ـ «القدس العربي»: اهتمت الصحف الصادرة أمس الخميس 28 مايو/أيار بآثار موجة الحر التي وصلت إلى ذروتها يوم الأربعاء، إذ بلغت درجات الحرارة أربعة وأربعين درجة مئوية، مضافا إليها عاصفة ترابية، وكيف واجه المصريون هذه الموجة.
وقد أخبرنا زميلنا الرسام مخلوف أمس في «المصري اليوم» بأنه ذهب لمحل يبيع الجيلاتي لشراء ما يبرد حرارة جسمه ففوجئ بمشهد عجيب وهو مواطن فقير مرقع الثياب قبل أن يأكل الجيلاتي الذي اشتراه فوجئ برجل أعمال يقف أمامه ويخرج من فمه لسانا طويلا جدا وأخذ يلحس الجيلاتي.
أما الأهم من لسان رجل الأعمال فكان نجاح وزارة الكهرباء في مواجهة الأزمة بشكل عام، وهو ما يعطي مصداقية لتعهدات الحكومة بأن الصيف هذا العام وشهر رمضان سيمران على خير. وواصلت الأغلبية تركيز اهتماماتها على الامتحانات والأسعار في شهر رمضان، وأخبار المسلسلات والبرامج ومباريات كرة القدم، ولم تعد تولي أي اهتمام بغيرها، على عكس اهتمامات السياسيين والصحافيين والإعلاميين، رغم توسع الصحف في نشر نبأ لقاء الرئيس مع قادة الأحزاب السياسية، وتأكيده لهم على أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع، وعرض عليهم الموقف الحالي في البلاد واستمع إلى المشروع الذي تقدم به ثمانية وثلاثون حزبا بشأن تعديل قوانين الانتخابات، وأمر بإحالتها إلى مجلس الوزراء لدراستها. كما استقبل السيسي شيخ الأزهر واستمع إلى شرح منه عن جهود الأزهر في تطوير الخطاب الديني وتعديل المناهج في جامعة ومعاهد الأزهر. كما استمرت الاستعدادات لزيارة الرئيس لألمانيا في الثالث من الشهر المقبل. وبدء الحكومة من الشهر المقبل صرف الإعانات لثلاثة وخمسين ألف أسرة، في «برنامج تكافل وكرامة»، الذي تشرف عليه وزارة التضامن الاجتماعي ويقوم على صرف إعانات شهرية للأسر المعدمة، واستمرار الاستعدادات لافتتاح قناة السويس الجديدة في السادس من شهر أغسطس/آب المقبل، والقبض على خلايا جديدة للإخوان المسلمين، وانفجار لغم في مدرعة للشرطة في شمال سيناء أدى إلى مصرع وكيل المباحث في مديرية الأمن.
وإلى بعض مما عندنا…
ناشطون تحولوا إلى إعلاميين
ونبدأ بالمعارك التي لا تهدأ حول الإعلام بكل أصنافه من صحف ورقية قومية وخاصة وإلكترونية ومحطات فضائية خاصة، وما ينشر فيها ويذاع وأصبح مثارا لعدم الرضا بشكل عام، وأصبحت الاتهامات تتطاير علنا، إما بممارستها التخريب والتمويل من دول أجنبية وعربية، أو من رجال أعمال لهم مصالحهم الخاصة، وكذلك تعرض الإعلام لأزمات مالية عنيفة. وفي مجلة «روز اليوسف» الحكومية التي تصدر كل يوم سبت قالت زميلتنا الجميلة تحية عبد الوهاب «ناصرية» وهي والدة زميلنا وابننا وصديقنا مقدم البرامج في قناة «أون. تي. في» يوسف الحسيني وهو ناصري ميال للماركسية، وهو ابن زميلنا الكاتب الماركسي الراحل مصطفى الحسيني تحية قالت:
«بين أونة وأخرى تطل علينا نماذج غريبة تتصف بقدرة هائلة على صنع الضجيج والمزايدة على نفسها وتميزها وصناعتها لنفسها كبطل، وما هي إلا بطل من ورق. أمثال هؤلاء يظهرون كل فترة متصدرين عالم المزايدة ووجدوا من يصفق لهم عند أي كلام يطرحونه، أو أي رأي يقولونه لهم، وتحولوا من ناشطين إلى إعلاميين يهاجمون ويتهمون غيرهم عن جهل بكل نقيصة، ويشيعون عن أنفسهم أنهم مقهورون مطاردون من جهات سيادية وأجهزة غامضة متربصة بهم. هؤلاء من يشيعون عن أنفسهم أنهم منعوا من العمل بوقف برامجهم أو كتاباتهم بأوامر تلك الجهات الغامضة، مستغلين صفحات التواصل الاجتماعي والكاميرات المتربصة لنشر شائعاتهم عن أنفسهم، ليتبارى المتشدقون بالحرية المحتكرون للوطنية في التصفيق لهم، ويرتفع صوتهم من مريديهم وأصدقائهم ليصدروا الأمر على أنه اضطهاد لكل رأي، وهو قول يراد به باطل وما يرجون له من شائعات ما هو إلا تضليل للناس وأن هؤلاء الكاذبين ما هم إلا مزايدون فشلة يشرعون بقيمتهم عندما ينشرون أكاذيبهم حول أنفسهم معلقين هذا الفشل على شماعة اضطهاد الجهات السيادية لهم لأنهم الأحرار والأبطال وفي ما عداهم خونة وأتباع».
احتكار الكلمة والميكرفون
أما زميلها في مجلة «روز اليوسف» سمير راضي فقال والشرر يتطاير من عينيه نحوها: «سقط إعلام مبارك والسادات وعبد الناصر بعد أكثر من ستين عاما، فلم نجد إعلاما أو صحافة تعبر عن المجتمع، أو مرآة لهذا الوطن، بشفافية وموضوعية من تأميم للصحافة إلى حناجر وأقلام تضع نصب أعينها الكرسي، دون مصلحة المواطن أو البلد، بدعوى الحفاظ على الاستقرار والأمان الوهمي، فضلا عن الاختيارات العبثية لأشخاص رفضها الكثير من الأجهزة الرقابية، ومع ذلك تولوا المنصب واحتكروا الكلمة والميكرفون، بل وصل الحال بأن أجلسوا كثيرا من الشرفاء وأصحاب المبادئ في بيوتهم، بل مارسوا ضغوطا على إصدارات خاصة وقومية لمنع هؤلاء من الكتابة تماما، بدعوى أنهم مغضوب عليهم، إصدارات تطبع ولا تبيع وبدلات ومكافآت بالآلاف شهريا تعيينات صحافيين من دون معيار وتفتقد إلى أدنى مراحل الكفاءة وتتراكم الديون على هذه المؤسسات القومية ويتم إهدار المال العام بالمليارات ولم يسأل أحد من الأشاوس من يتحمل هذا الخطأ الجسيم».
الإعلام ليس بوقا للسلطة
ومن مجلة «روز اليوسف» إلى «أخبار اليوم» (الحكومية) ورئيس تحريرها زميلنا السيد النجار وقوله في يوم السبت نفسه نافيا كلام راضي: «لم يطلب أحد من الإعلام أن يكون بوقا لسلطة أو ملحمة نفاق أو ستارا على أي أخطاء وتجاوزات، هذا ما يروجه البعض الغاضبون على الوطن. لا يمكن أن يطلب أحد أن تغفل عين الإعلام عن النقد والتقييم وكشف كل الحقائق للمواطن، ولكن يجب ألا يتغافل الإعلام عن النهضة التي بدأت في كل مكان بالبلد، ابتداء من سيارات توزيع السلع وحتى المشروعات القومية العملاقة، كل هذا في ظل موارد مالية شحيحة، لقد بدأنا الطريق هذا في العمل والعطاء والوطنية الحقيقية، فأين كل هذا من مساحات الصحف وبرامج التوك شو الفضائية؟».
برامج فضائية توجه
رسائل إعلامية مملوءة بالسموم
ونظل داخل مؤسسة «أخبار اليوم» انتظارا لصدور عدد الأحد من «الأخبار» لنقرأ لزميلنا وأحد مديري تحريرها وليد عبد العزيز قوله: «لم أتوقع ردود الأفعال وحجم المكالمات التي تلقيتها من المسؤولين والأصدقاء عن مقالة إعلام البامية والتحايل باسم الإمارات، اكتشفت أن ما كتبته حول ما يقدمه الإعلام المصري في هذه الأيام متوافق تماما مع رأي الأغلبية الساخطة على حال البرامج الساقطة، التي أصبحت تحتل شاشات الفضائيات، واكتشفت أيضا أن ظهور بعض الدخلاء من المستثمرين الأجانب في مجال الإعلام المصري لا يلقى قبولا، نظرا لأن نوعية الرسالة الموجهة للمواطن المصري ممتلئة بالسموم، ولكن أكثر ما أسعدني كانت مكالمة من مسؤول من جهة أمنية ليس لمنصبه، ولكن لأن المسؤول طمأنني بأن كل ما كتبت عنه مرصود من قبل الأجهزة الأمنية، وأن من يدعون أنهم يعملون بحرية لقربهم من النظام واهمون وكاذبون، وأيضا تلقيت مكالمة من مسؤول في إحدى الدول الخليجية الشقيقة ليتعرف مني عن بعض الحقائق بخصوص قناة تبث من مصر باستثمارات خليجية».
التتار اجتاحوا الإعلام المصري
وفي عدد «الأخبار» نفسه صرخ زميلنا علاء عبد الوهاب طالبا النجدة للتصدي للغزاة الذين رآهم: «وكأن التتار قد اجتاحوا الإعلام المصري «إعلامي» كاتب كبير «مفكر بارز» «خبير إعلامي».. و.. و… ومن بين معظم من يسبق أو يلحق أسماءهم أحد هذه الألقاب أو على غرارها، يندر أن تجد من درس الإعلام أو يحمل منه أي درجة علمية، لكنها العلاقات والنجومية في مجالات أخرى إلا الإعلام. لم يعودوا بالعشرات وإنما بالمئات بل بالآلاف، موجات وراء موجات تجتاح الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني وحتى المكتوب، كل من هب ودب يزاحم بالأكتاف والأقدام والألسن الحداد وقواميس لا علاقة لها بالمهنية أو بالأخلاق ولا رابط ولا ضابط للأداء، ولا حساب ولا رقيب وقنوات تحول الراقصة إلى مذيعة ومحطات «أف أم» تقدم الغث في معظم ما تذيع، وصحف تتبنى أجندات ولا يستحي معظم القائمين على إعلام آخر الزمان من المباهاة بالخروج على الأصول والمعايير المهنية والقيم الأخلاقية!.. من يتصدي لأحفاد التتار؟».
فضائيات قامت لتحقيق
أهداف سياسية لدول محددة
وفي «الأخبار» أيضا ولكن يوم الاثنين قال زميلنا الإخواني خفيف الظل ورئيس تحرير «أخبار اليوم» الأسبق سليمان قناوي: «الأزمة التي تأخذ بخناق الفضائيات والصحف الخاصة الآن، كانت أمرا متوقعا فمعظمها لم يقم على أساس اقتصادي، خاصة بالنسبة للفضائيات التي ظهرت بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني، بل قامت لتحقيق أهداف سياسية لدول محددة أو أشخاص معينين، فلما تحققت هذه الأهداف رفع الممولون أيديهم عن ضخ المال في شرايين هذه الوسائل فأصابتها السكتة المالية، أبلغ دليل على ذلك أن المرتبات المليونية التي يتقاضاها مذيعو هذه الفضائيات ورؤساء تحرير بعض الصحف الخاصة، لا يمكن أن تكون نتاج «بيزنس» إعلامي طبيعي، كنا نتعجب في المؤسسات الصحافية القومية حين نسمع أن مرتب الإعلامي فلان ثمانية ملايين جنيه سنويا، وأن دخل رئيس تحرير الصحيفة الخاصة الفلاني مليون ونصف المليون جنيه سنويا، وهي أرقام لم يحصل على عشرها أي رئيس تحرير صحيفة قومية تولى في فترة ما بعد ثورة يناير، رغم أن كثيرا من هؤلاء قضوا ما يقرب من أربعين عاما من أعمارهم جورنالجية».
يتحدثون عن السلبيات
ويتركون الإنجازات
وإلى المعارك والردود التي ستبدأها في تقرير اليوم الجميلة في مجلة «روز اليوسف» زميلتنا سوسن الجيار وقولها عن مهاجمي الحكومة: «يتحدثون كثيرا ودائما عن فشل الحكومة وعن انتشار القمامة وعن سعر البامية، الذي وصل إلى عشرين جنيها، ولا يتحدثون عن فرح المواطن بصناعة مدرعة جديدة بكل منتجاتها بأياد مصرية، لم يتحدثوا عن تطوير مرفق السكة الحديد، أو حتى عن تطوير ميدان رمسيس بعد مواجهة أخطر ظاهرة في القرن الحديث ظهرت بعد الثورة، وهي ظاهرة الباعة الجائلين. لم يتحدثوا عن تطوير منظومة السلع التموينية المدعمة، وعلى رأسها رغيف الخبز الذي يصرف على بطاقة التموين العائلية ومدى جودته، وكيف يتم ذلك بأسلوب حضاري فيه احترام لآدمية الإنسان إلى حد كبير. لم يتحدثوا عن الإسعاف الطائر الذي بدأ تشغيله بالمجان لخدمة طوارئ حوادث الطرق. لم يتحدثوا عن مساحة الحرية في طرح القضايا حتى لو كانت تلك القضايا حقيقية أم لا؟».
«هم الفقراء مالهمش نفس»
أما زميلنا طارق عبد الحميد في «الأسبوع» فإنه لفت أنظارنا يوم الاثنين إلى عمليات التطوير التي تتم في مركز شباب الجزيرة، وجعلنا نتذكر ما كان يا ما كان في عهد خالد الذكر وسالف العصر والأوان بقوله: «في كل بقعة أرض بامتداد الوطن يظهر طيفه ينادي البسطاء «أحبكم بقدر عشقي لتراب هذه الأرض»، ولذلك بقي جمال عبد الناصر خالدا في قلوب «ملح الأرض». وكلما زادت سنوات غيابه ازدادت مساحات الحنين إليه والارتباط به عنوانا لـ»العدالة الاجتماعية» و»الاستقلال الوطني». في 1956 أصدر ناصر قرارا جمهوريا بتخصيص واستقطاع مساحة سبعة وتسعين فدانا من «نادي الجزيرة» ليتم عليها إنشاء مركز شباب الجزيرة، متنفسا لآلاف من الشباب المصري، الذين كان محظورا عليهم دخول الأندية الكبرى التي لم يكن يجرؤ على دخولها إلا «الذوات»، قبل ثورة يوليو/تموز 1952، ومن ساعتها تحول هذا المركز إلى رمز للثورة وتأكيد لمقولة ناصر الشهيرة «هم الفقراء مالهمش نفس». تحمل هذه البقعة من الأرض «جزيرة الزمالك»، قيمة وطنية استثنائية ترتبط في الأذهان بـ«الثورة وناصر» وما تحمله من قيمة ومعنى، حين كتب الخال عبد الرحمن الأبنودي قصيدته الشهيرة «مواويل وتناتيش للذكرى» عن ناصر، سئل لماذا تتوسط صورة الزعيم ساعة الحائط ببيته؟ فأجاب، «لأن عبد الناصر علامة على الزمن».
مبارك اغتال
أحلام الفقراء
إييه.. إييه.. أيام بارك الله في ابننا طارق، خاصة أن اسمه على اسم ابني، أما زميلنا محمد عبد الحافظ «ناصري» رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الحكومية فقد أشار يوم الثلاثاء إلى حديث والكاتب اللبناني جهاد الخازن مع صحيفة مصرية وقال عنه، إنه أهم كاتب عربي، وعبر عن تقديره له، لكنه اعترض على عبارته «أن مبارك لم يكن مغامرا مثل عبد الناصر والسادات» وقال عبد الحافظ محتجا عليه: «من حقه أن يحب مبارك كما يشاء، ولكن ليس من حقه أن يقول عن الزعيم عبد الناصر والشهيد أنور السادات مغامرين». وأخذ يعدد إنجازات خالد الذكر والسادات ثم قال عن جهاد: وظني أن التوفيق لم يخن كاتبنا الكبير فقط في ما ذكرت، ولكنه خانه أيضا في الإجابات على أسئلة أخرى، وكلها كانت تصب في خانة حب مبارك، فليس مقبولا أن نقول إن مبارك تعرض للظلم، وأنك تتمنى أن نتركه ليعود لمنزله. من ظلم من؟ الشعب الذي شاخ شبابه قبل الأوان بسبب البطالة وشح العيش وندرة المسكن وسوء الصحة وفساد التعليم، ثلاثون عاما اغتال فيها مبارك أحلام الفقراء، وباع مصر لرجال الأعمال وأصدقاء ولده جمال، الذي تصفه بالاقتصادي البارع، فقد باع حتى الأرض لرجال الأعمال «بملاليم»، وهذه ليست مبالغة فهذا السعر الذي باع به الأرض ووصل سعر متر المسكن فيها الآن إلى ستة آلاف جنيه وطظ في الغلابة والشباب، ولم تتم محاكمته على تزوير إرادة الشعب، التي اعترفت أنت بها عندما قلت في حوارك أنك أبلغته أن انتخابات 2010 كانت مزورة، وكان رد مبارك عليك: إسأل من أحصوا الأصوات ووزارة الداخلية وكأنه بريء من هذا التزوير ولم يستفد منه.
واسمح لي يا أستاذنا الكبير أن أقول لك إنه ليس من حقك أن تعلق على أحكام القضاء المصري، لا أنت ولا غيرك، ولا يصح لكاتب كبير مثلك أن تقول إن هذا حكم منطقي وهذا حكم غير منطقي، كما وصفت الأحكام الصادرة ضد الإخوان، فالقضاء في مصرنا مستقل، ولا يجوز لأحد أن يعلق على حكم قضائي حتى لو بالإشارة. واسمح لي أيضا أن أختلف معك في ما تنصح به الرئيس السيسي، عندما تقول إن الرئيس السيسي تنقصه «الشراسة»، ولابد أن يظهر قدرته على الأذى، فالرئيس السيسي أحبه الناس فانتخبوه، والشراسة يجب أن لا تكون من صفات الحاكم فصفة الحاكم يجب أن تكون العدل وليست الشراسة. لا تحرض رئيسنا على أن يكون شرسا فهو لم ولن يكون حتى لو كان ذلك مكتوبا في كتاب «الأمير» لمكيافيللي كما استشهدت بجملته: «من الأفضل أن يكون مرهوبا ومحبوبا وعن الاختيار فالأفضل أن تكون مرهوبا».
ما لغز منع أحمد شفيق
من العودة لبلده؟
وآخر المعارك ستكون لزميلنا وصديقنا كرم جبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة «روز اليوسف» الأسبق في عهد مبارك وقوله يوم الأربعاء في عموده اليومي في «اليوم السابع» (معنى الكلام): «السفينة ليس لها إلا ربان واحد وعجلة الوطن لا ينفع لها إلا قائد واحد ومصر لها رئيس شرعي هو عبد الفتاح السيسي وصل للحكم بإجماع شعبي حقيقي وأوراق اعتماده هي إنقاذ مصر من الضياع واستردادها من التفريط والتقسيم والخيانة، اللغط الدائر بشأن الفريق شفيق وحملة «أنت رئيسي»، ورأيي أن الفريق شفيق ابن المؤسسة العسكرية، وهو أول من يحترم الشرعية ويعضد سلطة الرئيس ويقف في ظهره، بكل قوة وعزيمة وإخلاص، ويقدس هيبة الدولة ويرفع قامتها وهامتها. ومضى الوقت الذي يمكن أن يسعى فيه إلى سلطة أو منصب أو جاه أو نفوذ. ومن الضروري أن يعلن الفريق رفضه لذلك صراحة، لأنه رجل دولة من الطراز الأول. اللغز أن يظل الفريق شفيق ممنوعا من العودة لمصر، من دون أسباب مفهومة ومدرجا في قوائم ترقب الوصول إلى ما لا نهاية، طالما ليس في ذمته قضايا أو أحكام قضائية، فمن حقه أن يعود ويمارس حياته ولا يؤخذ ببلاغات كيدية».
رجل أعمال مغترب:
شفيق هو الأقدر على رئاسة البرلمان
لكن في يوم الأربعاء نفسه، نشرت «الشروق» تحقيقا لزميلتنا الجميلة دينا عزت عن تحركات لصالح أحمد شفيق يقودها رجل أعمال مصري مقيم في أمريكا ومما قالته:
«قالت مصادر حزبية وأخرى مستقلة إن عددا من رجال الأعمال أحدهم مصري مقيم في أمريكا وآخرين من دول خليجية، لعبت دورا بارزا في دعم ثلاثين يونيو/حزيران ولهم شراكات حالية مع نظراء مصريين ممن يحسبون على ما يوصف دوما برجال أعمال مبارك، وصلوا القاهرة في وقت سابق من الأسبوع الماضي، لإجراء اتصالات مع شخصيات سياسية لبحث إمكانية تشكيل تحالف انتخابي قوي، يضم عددا من الأحزاب المرتبطة بشخصيات من نظام مبارك، وعلى رأسها حزب الحركة الوطنية وحزب المؤتمر وشخصيات سياسية يجمعها مع هذا القطاع الرافض لثورة 25 يناير/كانون الثاني عداؤها المستحكم مع الإسلام السياسي بكل أطيافه، وبحسب أحد هذه المصـــــادر فإن العنـــوان الأساسي للتحرك هو رجل الأعمال المصري المقيم في الولايات المتحدة، الذي ينزل ضيفا مؤمنا تأمينا شديدا في أحد فنادق القاهرة الفارهة في محيط ميدان التحرير، حيث التقي بشخصيات سياســــية وحزبية بالغة التباين شملت قيادة عمالية بارزة ووزيرا سابقا ترأس أحد الأحزاب التي تأسست في أعقاب ثورة 30 يونيو.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشروق» فإن رجل الأعـــمال القادم من المهجـــر الأمريكي على تواصل دائم مع المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيــــق المقيم في الإمارات منذ خسارته الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس السابق محمد مرسي، ويتفق الرجلان على ضرورة تشكيل قوة سياسية برلمانية تستطيع ملء حالة الفراغ السياسي الحالية في ظل عدم وجود ظهير سياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي. وقالت دينا أيضا: «شفيق بحسب تقييم رجل الأعمال المصري وشركائه ومعاونيه القادمين معه للقاهرة، هو الأقدر على رئاسة البرلمان، لأنه بحسب ما نقل عنه ما زالت له أرضية وعنده كتلة رافضة للعبث باستقرار البلد ويمكن الاستعانة به رئيسا للوزراء».
«الشروق» تدخل المعركة ضد شفيق
وكانت «الشروق» قد بدأت تسريب أخبار ضد الفريق شفيق، وقالت إن السلطات المصرية أبلغته بأنه لا عودة له لمصر الآن ولا ممارسة سياسية له. وقال رئيس تحريرها التنفيذي زميلنا وصديقنا عماد الدين حسين يوم الأربعاء في عموده اليومي «علامة تعجب» إن ما تنشره الجريد دقيق ومن مصادر موثوق منها.
وهكذا تكون الشروق قد دخلت المعركة ضد شفيق وحزب الحركة الوطنية، ردا على هجمات جريدة «البوابة» ضدها وضد المساهم الأكبر فيها رجل الأعمال إبراهيم المعلم.
التلمساني حاول فتح قناة
اتصال بين الجماعة ورئيس الدولة
ويقودنا ذلك إلى اشتعال معركة التسريبات الهاتفية التي يقدمها زميلنا وصديقنا رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «البوابة» وموقعها الإلكتروني عبد الرحيم علي وشملت ضمن من شملت، ما سُرب عن اتصالات بين الدكتور مصطفى الفقي وصديقنا عضو مكتب الإرشاد المسجون حاليا وعليه حكم إعدام أيضا عصام العريان، ما دفع الدكتور مصطفى إلى أن يكتب مقالا يوم الخميس قبل الماضي في «المصري اليوم»، أكد فيه صحة ما قاله عبد الرحيم، لكنه دافع عن موقفه وعلاقاته مع الإخوان وضدهم أيضا. قال عبارة في غاية الغرابة والأهمية وهي بالنص: «بمناسبة إذاعة «تسريب لمكالمة هاتفية بيني وبين عصام العريان القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» وذلك للتهنئة بقيام حزب «الحرية والعدالة» عام 2011. ربطتني العريان علاقة طويلة منذ ثمانينيات القرن الماضي، حين كان يأتي إلى مكتبي في مؤسسة الرئاسة ويفتح حوارا معي حول دور الجماعة، وما يمكن أن نسعى إليه من أجل وفاق سياسي على أرض وطنية مصرية، وقد ذكرني المحامي الكبير مختار نوح وهو قطب إخواني سابق، بأن المرشد العام الراحل عمر التلمساني، قد أوفده في السنوات الأولى لحكم الرئيس الأسبق مبارك في محاولة جادة لفتح قناة اتصال بين الجماعة ورئيس الدولة، وفي هذا السياق التقيت أيضا بالأستاذ أحمد سيف الإسلام البنا المحامي، وابن المرشد العام الأول وليت «الإخوان» قبلوا في ذلك الوقت شروط النظام القائم للإنضواء تحت مظلته».
التسريبات إساءة لسمعة مصر وصورتها
ويوم الاثنين خصص زميلنا وصديقنا في «الأهرام» الدكتور أسامة الغزالي حرب عموده اليومي «كلمات حرة» لتوجيه التحية للمحامي خالد أبو بكر على نشره مقالا على موقع «اليوم السابع» الإلكتروني، وهو الموقع الأكثر انتشارا، هاجم فيه التسريبات التي يقوم بها زميلنا وصديقنا عبد الرحيم علي فقال: «حكاية التسريبات والتسجيلات التي استباح بعض «الإعلاميين» المعروفة انتماءاتهم وأصولهم إذاعتها لشخصيات عامة، خاصة تلك التي أسهمت في قيام ثورتي مصر المجيدتين في 25 يناير/كانون الثاني و30 يونيو/حزيران، أصبحت سخيفة، وينبغي التصدي الجاد لها، وفقا للقانون واحترام مبادئ الدستور. أقول هذا بمناسبة الموقف المبدئي الشجاع الذي اتخذه المحامي والإعلامي خالد ابو بكر في برنامج «القاهرة اليوم»، الذي أذيع على فضائية «اليوم» مساء الخميس الماضي (21/5) قال خالد- وأنا هنا أعيد بعض ما قاله بالنص «من يذيع المكالمات ويتجسس على المصريين؟ ويرضي مين أن تذاع الأحاديث الخاصة؟ ليس من الدين ولا الأخلاق ولا القانون أن نسمع هذا الكلام، لو الدولة لديها حقائق فمكانها النيابة العامة، وهل الأمور أصبحت عادية لهذه الدرجة؟… من الذي يسجل للمصريين؟.. وهل نعطي له أموالا وسلطة ليسجل علينا؟ عيب..هل هي دي مصر الجديدة؟ …«أنت مجرم ولابد أن تعاقب بالقانون» …و« أقول للبيه، مصر الجديدة أنت مش فيها، لم نسلمها لمن يتجسس على التليفون» إنني أحيى خالد أبو بكر على هذا الموقف الشجاع بعد أن طفح الكيل وأخذ عملاء الثورة المضادة ينشطون بفجور وحماقة مدهشة. هل قرأتم بماذا رد أحد هؤلاء، الذين فقدوا صوابهم على أبو بكر؟ قال سيادته- لا فض فوه- كما هو منشور على موقعه الإلكتروني «أحذية من سجلوا مكالمات الخيانة أشرف كثيرا من أمثالك»، لقد أسقطت واقعة تنصت واحدة رئيس الجمهورية الأمريكي ريتشارد نيكسون في فضيحة «ووتر جيت» الشهيرة فتعرض للمحاكمة قبل أن يجبر على الاستقالة عام 1974، أما نحن فإن التسجيلات تذاع على الهواء ولا أحد يسأل أو يعلق، ألا ندرك مدى خطورة ما يحدثه ذلك من تلطيخ وإساءة لصورة مصر دولة ونظاما؟ إنني أقول لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء ولوزير الداخلية ليست تلك حرية إعلامية، بل هي اعتداء شائن على الدستور والقانون، فضلا عن عدم أخلاقيتها وإساءتها لسمعة مصر وصورتها، وقد بدأنا بالفعل نعاني من ذلك!».
الإنتقاء في بناء المواقف مع أو ضده!
لكن أسامة تلقي بعد ثانية واحدة أي يوم الاثنين نفسه ردا قاسيا في «اليوم السابع» من زميلنا دندراوي الهواري، الذي نظر لقضية التسريبات من زاوية أخرى قال: «بالأدلة والبراهين أول من دشن لهذا الفقه هم ثوار وناشطو يناير/كانون الثاني والحركات والائتلافات التي ولدت من رحم الثورة، ضد إعلاميين ونجوم سياسة وفن ورياضة، والصقوا الاتهامات والأباطيل بهم، وبارك كل المحيطين والمتعاطفين مع اتحاد ثورة يناير هذه التسريبات، وأقاموا لها الحفلات والأفراح والليالي الملاح، واعتبروها كنزا كبيرا لتعرية أعدائهم. إذن الثوار والناشطون أول من دشنوا فقه التسريبات التي وصلت لذروتها عند اقتحام مقرات أمن الدولة، وأخرجوا الوثائق والمستندات وأغرقوا بها الفيسبوك وتويتر. وفي سيناريو انقلاب السحر على الساحر ظهرت تسريبات لناشطين وثوار وشخصيات عامة داعمة لثوار يناير، تكشف تورطهم في العديد من الأحداث التي شهدتها مصر. وهنا «هاجت الدنيا وماجت الأرض تعاطفا مع غضب الناشطين»، وخرجت سهام الاتهامات لتوجيهها ضد مؤسسات الدولة الأمنية ولاتهماها بأنها وراء التسريبات وتجنيد عدد من الإعلاميين لتشويه صورة شباب الثورة واتهامهم بالخيانة والتآمر ومطالبة كل من نشر وأذاع هذه التسجيلات بتقديمهم لمحاكمة عاجلة وإعدامهم في ميادين الثورة، ليكونوا عبرة وعظة في المستقبل لكل من يقترب من شباب الثورة التقي والطاهر. هنا تظهر سياسة الكيل بمكيالين والانتقاء في بناء المواقف والقيم العليا لا تعرف إلا مكيالا واحدا، إما الرفض الكلي، وإما القبول الكلي. ولكن أن تقبل التسريبات عندما تخص الخصوم وترفضها عندما تخص فصيلك أو أصدقاءك فهو أمر مشين، ونأتي إلى العامل الجوهري هو، ماذا نفعل أمام كنز معلوماتي يتضمن تسجيلات لشخصيات عامة وناشطين سياسيين ونجوم مجتمع، هل تقف أمام شغف الانفراد وتذيعها، أم تغلب القيم الأخلاقية بعدم الخوض في حياة الناس الخصوصية والجميع مدان وليس عبد الرحيم علي فقط».
حسنين كروم