السيسي يخاطب الإثيوبيين بعبارات ناعمة وطرية ووتيرة المعارضة للرئيس تزداد بين أبرز مناصريه

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: كل الأنباء السيئة تهطل على سماء العرب فجأه في مواسم الأعياد، وربما يسجل التاريخ أن عيد الفطر الذي استقبلته العواصم العربية قبل يومين حمل معه انباءً سيئة، فالأزمة الخليجية تزداد وتيرتها حدة، منذرة بحرب تعيد رسم ملامح الخريطة العربية بسبب الحصار المفروض على قطر، والذي صاحبته إملاءات تصل لحد التهديد بالغزو المسلح للدوحة من قبل شركاء الدين واللغة والجنس.
أما الغزاويون فاستقبلوا ثاني أيام عيدهم على وقع التفجيرات الإسرائيلية وسط حالة من الصمت المخزي لمعظم العواصم العربية، وأما القاهرة فالوضع لم يكن أحسن حالاً، فالأزمات الاقتصادية تزداد حدتها لتعصف بالغالبية من السكان، حيث أقدمت الحكومة على سلسلة إجراءات لرفع أسعار عدد من السلع بعد ساعات من إعلان الرئيس السيسي عدة قرارات، بهدف دعم الفقراء، وبين صرخات الغالبية العظمى من محدودي الدخل بسبب انهيار أوضاعهم نتيجة لجنون الأسعار، واهتمام النخبة بحالة الانسداد السياسي التي تعيشها البلاد، بدت قضية تيران وصنافير اللتين باتتا سعوديتين إثر توقيع الرئيس على اتفاقية ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية، قبل ساعات من أول أيام عيد الفطر – بمثابة بوتقة تنصهر في داخل أتونها الخلافات بين فرقاء الثورة، حيث كشفت الأيام الماضية عن تجمع معظم القوى تحت مظلة واحدة، بهدف المطالبة بعدم خروج الاتفاقية للنور، وهو الأمر الذي يثير مخاوف السلطة، التي ظلت على مدار السنوات الماضية تراهن على تنافر النخبة وعدم انضوائها تحت لواء واحد، ما يعزز عودة الحراك الشعبي للميادين والشوارع مجدداً. واهتمت الصحف المصرية الحكومية الصادرة أمس الثلاثاء 27 يونيو/حزيران، على نحو خاص بإبراز قرار الرئيس بدعم محدودي الدخل، فيما صعد المعارضون للنظام من هجومهم عليه وإلى التفاصيل:

«الأرض» ممنوع بسبب ساذج جداً

«لن يسمح بعد الآن، وفق ما تعتقد داليا سعودي في «الشروق» في أي احتفال مصري رسمي، بعرضَ فيلم «الأرض»، كما حدث قبل أقل من عامين في أمسية الرياض. فقد بلغ حد انزعاج الحكومة المصرية مؤخرا من هذا العمل الفني، ومن أيقونة العم «أبو سويلم» ما جعلها تحجب الصحف التي صدَّرت بصورته صفحاتها الأولى، مناديةً بحق الشعب في معرفة تفاصيل ما جرى في جلسات البرلمان، وما تم قبلها، بشأن مصير جزيرتي تيران وصنافير، بل إن من عبّروا من أبناءِ الشعب عن تمسكهم بمصرية الأرض تعرضوا للهجوم والاعتقال. وكأن المفترض ألا يكون ثمة جدلية تتواتر فيها كلمات «الأرض» أو «مصرية» أو يعود فيها وجه شيخ ملحمة الأرض إلى الظهور، صار وجه عم محمد أبوسويلم مخيفا للبعض، محرِّضا على التمرد، مستوجبا الحَجب والمصادرة، فيما ازداد تعلّقُ البعض الآخر بصورته حتى صار أيقونة المرحلة، وبطلها الغائب، رُغمَ مآله التراجيدي، مسحولا من قدميه، راويا زهرات القطن الأبيض في أرضه حتى آخر قطرة من دمه. وبين البعض والبعض الآخر تتسع الهوة، إذ أن قرار مجلس النواب الذي تعززه النوايا المطلة من قرار المحكمة الدستورية العليا، إنما يزيد الاستقطابات ويعمق الضغائن بين «فصائل» الشعب المصري، بل هو يصنع أحقادا جديدة وينكأ جراحا ستظل تلاحقنا لأننا لم نسعَ أبدا إلى مداواتها بأمانة، لكن الأسوأ هو أن القرار ينخر في عظام الشخصية الوطنية المصرية، ويعبث بصفاتها النفسية الوراثية، ويهدد بتشويه عقيدتها الأخلاقية الراسخة. ففي أعماق تلك الشخصية المصرية الممتدة منذ آلاف السنين، ثمة فلاحٌ عنيد غيور يغار على الأرض غيرته على العرض».

هل باع الأرض؟

«خلال الأيام القليلة الماضية، حاول «أرزقية 25 يناير/كانون الثاني» كما يصفهم دندراوي الهواري في «اليوم السابع» العودة من جديد لتوظيف موافقة مجلس النواب على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، لإثارة البلبلة، ونشر الشائعات، لإعادة سيناريو 25 يناير، فوجدنا حمدين صباحي يهبط بأدائه السياسي إلى القاع، ليضيف رصيدا كبيرا وضخما من الفشل السياسي لأرصدته السابقة، خاصة أنه استعان بالقيادي الإخواني الشهير عبدالمنعم أبوالفتوح، وهشام جنينة الباحث عن المجد المفقود، ومعصوم مرزوق، التائه بين دروب الثورة وكاريزما الدبلوماسي العتيد، لتنفيذ السيناريو. وركب الموجة خلف هؤلاء، ناشطو تويتر من الأسماء البراقة في التلون والانتهازية والاشتياق للسلطة والمال، وأعلنوا عن ندمهم الشديد للجماعة الإرهابية، فقدموا الاعتذارات المذلة والمخزية، والكاشفة أمام المصريين، أن هؤلاء لا يعنيهم وطنا، ولكن مبتغاهم الحصول على مغانم السلطة والمال والشهرة، حتى لو على أطلال الوطن، وبعد فشل دعواتهم للخروج في ثورة الأرض، ولم يستجب مصري واحد لدعوات النزول في الشوارع احتجاجا واعتراضا على الاتفاقية، أصابهم السعار والجنون، فألقوا بكل نفايتهم العفنة من شتائم وسفالة وانحطاط وقلة أدب واتهام بالخيانة العظمى، والسرقة، ضد النظام، وشخصيات رسمية وعامة، يعاقب عليها القانون ووجدنا كما خليل، البالغ من العمر أرذله، يتهم الرئيس اتهامات خطيرة من عينة الخائن الذي باع الأرض وقبض الثمن وهرّب المليارات للخارج، وهي اتهامات خطيرة تخضع صاحبها للمساءلة القانونية وتقديمه للمحاكمة وعقوبتها السجن المشدد. كمال خليل وأقرانه وأدعياء الثورية، تناسوا أنهم وجهوا الاتهامات نفسها في الماضي ضد مبارك، بأنه خائن وسرق موارد البلد وهرب 70 مليار دولار للخارج، وتبين كذبها الفاضح والوقح، ومع ذلك أعادوا الاتهامات نفسها، بطريقة أكثر كذبا وفجاجة، ودون أن يسألوا أنفسهم وهم يوجهون مثل هذه الاتهامات، ما هي الدول التي يروق لها السيسي فتخفي أسرار تهريبه المليارات؟».

الحرب العالمية تدق الأبواب

ومن تداعيات الأزمة الخليجية ما كتبه سعيد اللاوندي في «الوطن»: «للإنصاف يجب أن نذكر أن قطر متهمة بتمويل الإرهاب، والحرب العالمية الثالثة ترى أن محورها سيكون محاربة الإرهاب العالمي.. ثم أن قطر ليست وحدها، وإنما معها إيران (المغضوب عليها دولياً) وتركيا (عضو حلف الناتو) التي انتهزت الفرصة، وأرسلت عسكريين أتراكاً إلى قطر، وتعتزم حالياً إنشاء قاعدة تركية هناك، ثم أن سلطنة عمان ليست بعيدة عن شرارة الحرب، والكويت رغم انشغالها بالوساطة بين دول الخليج وقطر، إلا أنها أكثر ميلاً لقطر، ما يؤجج الصراع بين الجانبين، ولن ننسى أن إسرائيل ليست بريئة، وإن بدت أنها على الحياد.. فهي على علاقة بقطر وبعض دول الخليج العربي، وعاد حلم الشرق الأوسط الجديد يدغدغ مشاعرها المال الخليجي والعقل الإسرائيلي والأيدي العاملة العربية الرخيصة. ووراء كل هذه الدول.. روسيا بالنظر إلى علاقتها الطيبة بإيران وتركيا، وهذا معناه أن تجمع هذه الدول في مواجهة باقى دول الخليج ومصر والصومال وبعض الدول الإسلامية الأخرى، مثل المالديف ووراء كل هذه الدول توجد الولايات المتحدة الأمريكية التي استحوذت على أموال الخليج، ولم يعد سوى آبار البترول الذي يرى ولي العهد الجديد أن اعتماد السعودية عليه يجب أن ينتهى في السنوات القليلة المقبلة، كمصدر وحيد للدخل، ومعلوم أن الدول الأربع، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، كانت قد تقدمت بثلاثة عشر بنداً تطالب فيها قطر بالكف عن تمويل الإرهاب وإغلاق قناتها «الجزيرة» وتسليم رموز الإرهاب على أراضيها.. والمتوقع ألا تستجيب قطر لهذه المطالب، التي ترى أنها مطالب غير معقولة، وأنها تمثل تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، أما عدم إنشاء قاعدة عسكرية تركية في أراضيها، فيجب أن يأتي في إطار ترحيل باقي القواعد الأجنبية في المنطقة العربية، معنى ذلك أن قطر ستتجه نحو التصعيد وسترفض رسمياً هذه المطالب، لأنها – كما ذكرنا- ليست وحدها في هذا الصراع، وإذا كان ضرورياً أن نقف على موقف الولايات المتحدة.. فلا شك أنها تريد أن تسكب الزيت على النار وأن تذكي لهيب الحرب بالوكالة».

أم الدنيا تضيق بأهلها

«ما جرى في واقعة المطعم المصري الشهير في القاهرة كان وفق تشبيه حسام عقل في «المصريون» صاعقا بدرجة مذهلة، صادما بما يتجاوز الحدود المعقولة، كاشفا لنوع (البشر) الذين صاغتهم المرحلة إعلاما وتوجها، حين وقعت مشادة ضخمة عقب الإفطار في المطعم، جرى على إثرها الاعتداء على عدد من الفتيات المنتقبات لما يزيد على أربعين دقيقة، بعد حبسهن في الطابقين الثاني والثالث، وتطوع (نشامى) المرحلة وذكورها (الأقوياء) الموجودون في المطعم، الذكور (الوهميون) الذين صنعهم الإعلام الشعبوي/ التحريضي المجرم على عينه، وغذاهم بكل الأفكار العنصرية/ المتطرفة حول شخصية ( المتدين ) أو (المتدينة) في المطلق دون أي تمحيص، أو تمييز بين (غلاة) و(معتدلين) فأهاج فيهم كل الغرائز العدوانية الغبية، واستثار روح النازي الكامن فيهم تحت الجلد، حتى حولهم إلى ماكينات اعتداء قذرة صماء عارية عن أي حس أخلاقي أو إنساني، ومضى المسوخ المنتسبون زورا إلى عالم الرجولة، فجذبوا أحزمتهم من البنطال ليعزفوا على ظهور الفتيات المنتقبات، النشيد المارشالي النازي الجديد للاستباحة والإجرام والاستقالة من الضمير الأخلاقي، في (مصر الجديدة) التي أخبرونا بأنها ستكون (قد الدنيا)، فأصبحت بتراكم الممارسات السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، عبر ثلاث سنوات من «التحريض الممنهج» في غيبة السياسة والرؤية والخلق، وفي غيبة أي شيء مجرد مكان ضحل مقهور، كالح الوجه».

هل قال للإثيوبيين أنتم نور عنينا؟

كلمة الرئيس في قمة حوض النيل مؤخراً أثارت دهشة الكثيرين من بينهم محمد مصطفى موسى في «مصر العربية»: «الواقع أن المشير المدني المنتخب، خرج في خطبته من المقام، ولم يحسن المقال، ذلك أن عباراته الرخوة المتهافتة، لم توجه الرسالة المناسبة لإثيوبيا، التي أصبحت لا تعير مصر اهتمامًا، ولا تقيم لها وزنًا، وتمضي قدمًا في بناء سد نهضتها، حتى تكون «قد الدنيا»، في الزمن الذي تقهقرت فيه مصر، كما لم تتقهقر من ذي قبل. إن مقتضيات المقال، تؤكد أن محنة استثنائية لم تعرف مصر قد صارت مهددة بالبوار والظمأ، ما يعني على بلاطة أن البلد إزاء «أزمة وجود»، وهي أزمة عبرت عنها صحافة العدو الصهيوني، حيث حذرت من موجة جفاف تدفع ملايين المصريين إلى اجتياز الحدود مع غزة، فيتدفقون شلال لاجئين إلى الكيان الذي لا يخشى شيئًا بقدر أزمته الديموغرافية. إن ذاك من نكد الدنيا حقًا، فما يحيق بالكنانة من مخاطر، جراء حكمة طبيب الفلاسفة، الذي وقع اتفاقية المبادئ مجانًا، وأقر فيها بحق إثيوبيا في بناء السد، من دون إشارة ولو بكلمة أو حتى حرف إلى الحقوق المصرية في حصتها المائية، قد أفضى بنا إلى مواجهة سيناريو «العطش المحتمل»، بعد أربع سنين عجاف من مواجهة الإرهاب الذي كان محتملًا. في كلمة فخامة جنابه، لم نسمع «شخطًا ونطرًا»، ولم نلمس شيئًا من الخشونة التي يخاطب بها المصريين، فلم يقل مثلا: «الموضوع ده انتهى، ولا اسمعوني أنا بس، ولا أنت دارس الكلام ده كويس» وإنما اكتفى بعبارات «ناعمة وطرية»، حتى بدا كأنه بصدد «تسبيل عينيه» و»ترخيم صوته» مخاطبًا الإثيوبيين: انتوا نور عنينا خطبة بلا طعم ولا لون ولا رائحة، وتلك من صفات الماء الذي قد يشح».

الحرب مع شعبك ليست خدعة

الحرب على تسليم الجزيرتين مستعرة، وها هو هاني بشر يهاجم بضراوة عبر «مصر العربية»: «حينما أرادت مصر أن تباغت إسرائيل في حرب 1973 اختارت عيد الغفران عند اليهود، وعندما أرادت الحكومة العراقية المدعومة أمريكيا في ذلك الحين، إعدام صدام حسين اختارت يوم عيد الأضحى. الحرب دائما خدعة وطريقة استغلال أعياد الخصم للهجوم عليه لضمان محدودية رد فعله معروفة وقديمة. فأصحاب الأعياد دائما مشغولون بأعيادهم، خاصة في يومها الأول، لكن الغريب أنها كانت طريقة تستخدم دائما بين الأعداء قبل أن تفعلها الرئاسة، مع من يفترض أنهم أصدقاء وشعب، حين تم التصديق على اتفاقية تعيين الحدود البحرية سيئة الذكر بين مصر والسعودية ليلة عيد الفطر، وهو ما يعني تنازلا عن قطعة مهمة من أرض الوطن هما تيران وصنافير. لو افترضنا جدلا أن الجزر من حق السعودية وأنه لم يصدر قرار يؤكد مصريتها من أعلى محكمة مصرية وهي المحكمة الإدارية العليا. حينها ليس من اللائق لرئيس جمهورية أن يتخذ قرارا مصيريا مثل هذا في ليلة العيد، وهو يعلم أن أغلب المصريين يعارضون هذا التنازل المشين. يحدو الأمل كثيرون حتى آخر لحظة أن لا يتم هذا الأمر من الناحية العملية، قبل انتقال السيادة فعليا للمملكة العربية السعودية على الجزر. لكن يبدو أن السيف قد سبق العذل. والمهم الآن هو التفكير في الخطوة المقبلة ما بعد تسليم الجزيرتين. وللأسف فإن حجية الأحكام المصرية بحق الجزيرتين محصورة داخل النطاق القانوني الداخلي المصري وليست حجة دولية يجبر السعودية على إعادة ما تسلمته بغير حق. ليس لديّ شك في أن الرأي العام السعودي يعلم أنه لو كان لبلاده حق في الجزر لدافعت الحكومة السعودية بكل صراحة عن ملكيتها».

أيدناه حتى شربنا من البحر

تزداد وتيرة المعارضة للرئيس بشكل لافت، حتى بين أبرز مناصريه، نور الهدى زكي نموذجاً في «البديل»: «لم يخطر ببال القوى السياسية التي التفت حول الرئيس عندما كان مشيرا وليس رئيسا، أنها ستشرب من البحر، وأنها إذا لم ترد أن تشرب من البحر المتوسط فسوف تشرب من البحر الأحمر، لأن الرئيس يمنحنا حرية الاختيار. الرئيس استخدم كل المفاتيح والإمكانيات لديه بصبر ودهاء.. جلسنا على مائدته المستطيلة.. استمع جيدا وقرأ في أكف الجميع ولم يقل شيئا.. كان يكفيه بضع كلمات عاطفية لا تنم عن رؤية ولا خطة ولا برنامج، توالت الهزائم، هزائم السياسة وهزائم الاقتصاد. في هزيمة السياسة سُجن شباب وصحافيون وأطفال.. كسرت أنوف وقطعت ألسنة، وأصبحت الحياة سجنا كبيرا. وفي هزيمة الاقتصاد ولقمة العيش كان الانحياز ضد الفقراء، وكان أداء الرئيس الانتقالي والمنتخب ضد الفقراء، وكانت مظاهر الرداءة وغياب الكفاءة جلية، وربما تحت ضغط العوز قدمت بعض الإجراءات الحمائية التي تأخذ باليسار أكثر مما تمنح باليمين، ولا تنم أبدا عن اهتمام بتنمية الثروة البشرية، أو عن خطط للدولة تتجه للإنتاج والتشغيل في الصناعة والزراعة والخدمات.. وبما أن الهزيمة ازدوجت في السياسة والاقتصاد والحرية والعيش، فلا عدالة اجتماعية ولا كرامة ولا ثلاثية شعارات ثورة قامت في يناير/كانون الثاني، بل على العكس أصبح الخلاص من اسمها وسيرتها وشخوصها ورائحتها فرض عين. رغم كل هذا ظننت أنه بإمكاننا أن نعارض وننتقد ونختلف ونرفض ونعتقد أننا جزء من المعادلة التي تستدعي بناء بلد برؤى متباينة، ووصلنا إلى نقطة الفراق والخلاف على الأرض التي ليس من المنطقي ولا العادل ولا الوطني أن نختلف عليها. سوف نقف هذه المرة ونختار وطننا وانحيازاتنا وحبنا وكراهيتنا ودماءنا وجلودنا ورفات شهداء ذهبوا وشهداء ينتظرون».

في انتظار الحل

تسارعت الأحداث فيما يتعلق بمصير حزب البناء والتنمية، وهو الحزب المنبثق عن الجماعة الإسلامية، بعد قرار لجنة شؤون الأحزاب بإحالة أوراق الحزب إلى النائب العام للتحقيق في مخالفته لبعض شروط التأسيس، ومن ثم إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا للنظر في قرار حله، وقد تسارعت الأمور بعد الانتخابات الداخلية الأخيرة للحزب، التي تمخضت، كما أشار جمال سلطان رئيس تحرير «|المصريون» عن اختيار الدكتور طارق الزمر رئيسا للحزب، والشيخ محمد شوقي الإسلامبولي، شقيق خالد الإسلامبولي قاتل السادات، عضوا في الهيئة العليا للحزب.
بدون شك، فقد أخطأ الحزب في الانتخابات الأخيرة، فلم يكن اختيارا موفقا أن يتم انتخاب الدكتور طارق الزمر. صحيح أنه لم تصدر حتى هذه اللحظة أي أحكام قضائية نهائية تدين الزمر بشيء، خاصة اتهامه بالإرهاب، ولكن الواقع يقول بأن الزمر يمثل حالة استفزاز للنظام السياسي الحالي، سواء في مشاركاته خارجيا بنقد النظام، أو من خلال مشاركته في منصة رابعة الشهيرة، وخطبه النارية التي أعطت انطباعات سلبية، على الرغم من أن الزمر معروف عنه هدوؤه وحكمته في الخلاف السياسي وأدبه الشديد الذي عرفه كل من حاوره على الفضائيات أو خارجها، خلال سنوات الثورة قبل سفره إلى خارج البلاد بعد أحداث يوليو/تموز 2013، ومن ثم كان انتخابه رسالة استفزاز للنظام، لم تكن الحكمة السياسية تستدعيها، خاصة في أجواء محتقنة في الأساس، ومناخ مؤهل للاصطياد.غير أن الأسوأ من كل ذلك أن يفكر أحد في مصر أن يقرر حل الحزب وحظر نشاطه، رغم أن الحزب صحح خطأه واستقال الزمر والإسلامبولي، فالتفكير في حل الحزب منحى خطير».

من يتذكر الخضيري؟

«لقد أصبحت فرحتنا المنتظرة بأحد الأعياد، قومية كانت أو دينية، مهددة بمن يفسدها علينا. ربما كما يرى سليمان الحكيم في «المصري اليوم» لأنه يستكثرها أو لأنه يستقل بمشاعرنا أو لا يكترث بها. فلقد اعتدنا كلما اقترب منا عيد من الأعياد أن نضع أيدينا على قلوبنا توقعاً فيه لأمر جلل، يحدثه لنا أحد أولياء أمورنا، مستغلا انشغالنا بترتيبات لازمة اعتدناها لاستقبال فرحنا به. وللأسف فإن توقعاتنا كثيراً ما كانت تصدق، فيأتينا الفرح ناقصاً. وكأننا لا نستحق الفرحة كاملة أو بهجة تفرج بعض كربنا. فمنذ سنوات جاءنا خبر إعدام صدام حسين ليفسد علينا الفرح بعيد الأضحى. وبعدها أصبحنا نستقبل الأخبار المفعمة بالغم والكرب في كل عيد تقترب ساعاته منا.. معظم الأخبار التي حملت لنا مثل تلك القوانين والإجراءات المخيبة للآمال جاءت خلال إحدى الإجازات المصاحبة لعيد من الأعياد. كل قرارات الغلاء الفاحش في أسعار السلع، أو تعويم الجنيه، أو رفع سعر الدولار أو ارتفاع أسعار الأدوية. كلها جاءت متوافقة مع أحد الأعياد. وقبل أن يأتينا هذا العيد استبشرنا خيراً بزيادة المعاشات والمرتبات ودعم بعض السلع التي قررها الرئيس السيسي. حتى جاء قرار الحكومة بزيادة أسعار الكثير من السلع لتلتهم الزيادة التي قررها السيسي، والتي أزاحت شيئاً من الشعور بالهم لدى المواطنين. ثم ختمت بالتوقيع الرئاسي على تسليم جزيرتي تيران وصنافير. حتى القرارات التي صدرت بالإفراج عن بعض المحبوسين قد جاءت خلواً من أسماء تستحق أكثر من غيرها ممن شملهم قرار الإفراج. فقد كان القاضى الجليل محمود الخضيري، صاحب الثمانين عاماً، أحق بالإفراج الصحي من هشام طلعت».

.. وأنتم بخير

بتهنئة بالعيد يقدمها عدلي الخطيب عبر صفحات «البديل» مفعمة بالأسى والتحدي:
«نرددها رغم مشاعر الحزن العميق التي تطغى على غيرها من المشاعر، إلا أنها مشاعر تتفجر غضباً على كل من اقترف الجريمة بحق الأمة كلها، وأمعن فيها قتلاً وتدميراً، تتفجر سخطاً على كل من تواطأ مع الأعداء ليسهل عليهم ارتكاب الجريمة.
تتفجر غضباً على كل من أساء للإسلام وشوه قيمه الناصعة وروحه الخلاقة، وكل ما حمله للبشرية من معاني الخير والأمن والسلام، لكل الأخوة والرفاق والأصدقاء، كل عام وأنتم بخير لكل الأهل، للإخوة الأخوات والأقرباء وأبناء العائلة، كل عام وأنتم بخير كل عام وشعبنا الفلسطيني بخير، كل عام وأهالي الشهداء بخير، أكثر صبراً وأشد إيماناً كل عام والجرحى والمعوقون بخير أكثر أملاً بمواصلة رسالتهم بالحياة، كل عام والأسرى والمعتقلون في سجون العدو الصهيوني بخير، أشد قوة على مواجهة الجلاد من خلف القضبان، كل عام وحجارة وسكاكين شباب وشابات فلسطين، أكثر مضاءً، وأشد وقعاً على الغزاة الصهاينة، كل عام وسوريا بخير أكثر صلابة ومنعة، منتصرة في حربها العادلة التي تقودها ضد قوى الشر والطغيان والتكفير والإرهاب الأسود، كل عام ومعسكر الصمود والمقاومة في الأمة بخير أكثر عطاءً على طريق المجد والعزة والانتصار، كل عام ونضالنا الوطني ومقاومة شعبنا بخير، أكثر عطاءً، وأكثر تجذراً، تحقق الإنجازات الوطنية المتراكمة، لتعود فلسطين حرة عربية».

حجازي في خدمة النظام

ومن معارك الأمس ضد أعوان السلطة وأبرزهم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي على وجه التحديد، تلك التي شنها حلمي قاعود في «الشعب»: «كان النيل من أشرف القادة مثل صلاح الدين وعقبة بن نافع وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص، ثم مهاجمة الأزهر والمناهج التعليمية التي فيها أثر للإسلام بذريعة تجديد الخطاب الديني؛ عملا خيانيا وحشيا بامتياز، ورأى القائمون على الحملة بأعينهم رد الفعل الشعبي الرافض والمستنكر، من خلال الفضاء الإلكتروني وبعض الوسائل المتاحة ما لم يتوقعوه، حيث انحاز الناس بفطرتهم إلى دينهم وقادتهم التاريخيين، ورفضهم وإدانتهم للحملة وقادتها.. خذ مثلا ما يكتبه السيد أحمد عبد المعطي حجازي في مقالات أسبوعية وما ينشره من تصريحات، ويستبسل في مهمته ليعوّض أشياء يفتقدها بالمقارنة مع أشباهه ونظرائه من أفراد الحظيرة الثقافية، في مقدمتها الموهبة والثقافة والتحصيل العلمي، فقد كان يتمنى أن يكون زعيما من زعماء الشعر الجديد، ولكنه انطفأ لضحالة موهبته، وكان يتمني أن يصبح زعيما فكريا، ولكنه وقف في طابور البحث عن رضا السلطة التي تطعمه وتسقيه وتشفيه من أوجاع الفراغ العلمي والأدبي، وكان يتمنى أن يصبح زعيما للمثقفين العضويين، ولكنه ارتد إلى مثقف سلطة بائس يشي بخصومه لمن بيدهم القيد والسوط. كتب عن تجديد الخطاب الديني وهو لا يصلي، بل إنه اعترف بأنه لم يصل منذ خمسين عاما، حيث كانت آخر صلاة له في مسجد قرطبة، وهو لا يستريح للأذان لأنه يزعجه ويقلقه، مع أن الأذان واجب في الأمصار لإبلاغ الناس بموعد الصلاة، وإيقاظ النائمين لأداء صلاة الفجر، وهو لا يستريح لتحية الإسلام «السلام عليكم» ولا يعرف عنه اهتمام بأمور الدين أو تشريعاته، كما هاجم الشيخ الغزالي بضراوة ودون مسوغات مقنعة».

ليس بالكوكايين وحده تحيا أصالة

ومن الحرب على عبد المعطي حجازي للهجوم على المطربة أصالة على يد محمد أمين في «المصري اليوم»: «فجأة أصبحت أصالة نجمة شباك، رغم أنها لم تقدم أغنية ولا فيلماً في العيد.. كانت حديث المدينة تتهافت وسائل الإعلام على أخبارها.. ماذا جرى؟ هل تخرج؟ وهل تدخل؟ وهل ترجع؟ أسئلة كثيرة بلا إجابات.. كانت الجريمة حيازة كوكايين للاستخدام الشخصي، ورغم أنها أنكرت طبعاً، أثبتت الفحوصات أنها تتعاطى الكوكايين، ورغم هذا عادت أصالة للقاهرة صاغ سليم، وبالتأكيد كانت صدمتنا أكبر من صدمة أصالة، هي حصّلت الكوكايين، أي قيم يقدمها النجوم للجمهور؟ لماذا يضرب الفنانون بالقانون عرض الحائط؟ متى يقدمون النموذج والقدوة؟ منذ يومين كتبت مقالاً في «الوفد» بعنوان «حشيش العيد» اندهشت من كثرة ضبطيات الحشيش والبانجو، استغربت أن يستعدوا للعيد بالحشيش؟ وفوجئت أنها وصلت للكوكايين أيضاً. طبعاً لا أعرف الملابسات حتى لا أظلم أصالة، لكن قوة الضبط قالت أن البودرة مخدر كوكايين، وأثبتت التحاليل أنه كوكايين، وأثبتت التحاليل أيضاً أن أصالة في جسمها كوكايين. قالت أصالة إنها لا تعرف علبة الكوكايين، وقالت إنها مدسوسة عليها، وأنها مكيدة. جمهورها قال إنها مستهدفة لأسباب سياسية، كانت النتيجة إطلاق سراحها بعد ساعتين بلا شىء، ولا توجد قضية ولكن دعوني أعترف بأنها أول مرة أعرف فعل «تكوكن» سمعته من الفنانة نضال الأحمدية، قالت لو كنت أعرف أن أصالة «تكوكن» ما رديت عليها أبداً، وقالت إن الشعب السوري غاضب منها.. ربما تكون هناك ريحة شغل سياسي في القضية. أشم رائحة مكيدة.. بلاش أشم دي.. ربنا يكفينا الشر.. لكني أظن أنها خرجت كالشعرة من العجين لأنها فنانة، وتحمل الباسبور المقدس».

البحث عن سيارة

حلم تصنيع سيارة مصرية يراود الملايين منذ عقود، وهو الأمر الذي دفع عباس الطرابيلي ليسأل في «الوفد»: «هل ناقش الدكتور أشرف الشرقاوي وزير قطاع الأعمال نفسه، قبل أن يعلن أن مصر ستبدأ آخر العام الحالي ترتيبات إنتاج سيارة مصرية؟ وهل استشار كبار طاقم المستشارين الذين يحيطون بكل مسؤول في مصر.. وهل أقنعوه بأنه قادر على تحدي مافيا جماعات تجميع السيارات الأجنبية خارج مصر، حتى من دول لم تكن يوماً من منتجى السيارات. الوزير، الذي جاء ليصفي ما بقي من أصول مصر المالية، قال إن هناك مفاوضات لدخول شريك لإنتاج سيارة مصرية. وأضاف أنها لا بد أن تكون سيارة مناسبة للسوق، وجاذبة للجمهور، وقادرة على المنافسة بحيث لا ننتج سيارة لا يركبها أحد! ترى أي سيارة نحلم بها نحن الشعب، قبل أن يحلم الوزير نفسه، وهو حلم «بشرونا» به من أوائل الستينيات، من أيام الدكتور عزيز صدقي واسألوا الدكتور عادل جزارين أشهر من تولى هذه المسؤولية، وكان طرفاً في كل المحاولات والمفاوضات لتحقيق هذا الحلم.. وبدأنا ذلك قبل أن تبدأ الهند مشروعها المماثل. والآن نحن مازلنا نبحث ونتفاوض، بينما الهند نجحت، بل وتصدر لنا هذا التوك توك اللعين، ويدوبك نقوم بتجميع بعضه في مصر. هنا نسأل: هل ينجح الوزير.. وفي مصر 80 «مافيا» تقوم بتجميع كل أنواع السيارات من الشرق والغرب. فهل يصمد الوزير أمام هذه المافيا وينجح في توفير سيارة تلبي الذوق المصري، كما أعلن الوزير؟».

محنة ثقافية

أثار تردي مستوى الاعمال الدرامية خلال رمضان غضب الكثير من الكتاب من بينهم أسامة الغزالي حرب في «الأهرام»: «أريد لفت الانتباه إلى ثلاث نقاط، أولها الإشادة بأداء وتألق كثير من الممثلين الموهوبين الذين برزوا من خلال تلك المسلسلات والذين يمثلون بالفعل عنصرا ثقيلا في ثروة مصر الثقافية، التي هي في الحقيقة عنصر تميزها وتفوقها الأساسي، وعماد دورها الإقليمي والدولي. غير أن هذا التميز في التمثيل، وأيضا في الإخراج والإنتاج وغيرها من عناصر صناعة الدراما.. .يقابله في ما يبدو ضعف أو إفلاس في النصوص والكتابات، وذلك أمر يثير بالقطع كثيرا من القلق، في بلد أنجب مئات المبدعين والكتاب. ثانيا، الإشارة إلى طوفان الإعلانات التي اعتقد أنها تستحق اهتماما ودراسة لمضمونها و تأثيراتها الثقافية والاجتماعية إلخ. في مواجهة تلك المسلسلات والإعلانات أطرح هنا أكثر من تساؤل،.. مثلا: إذا لم يكن شهر رمضان هو المناسبة الأكثر ملاءمة لطرح نقاش واسع حول الدعوة التي أطلقها الرئيس السيسي مبكرا، وكان لها صداها الدولي الكبير، لتجديد الخطاب الديني…. فمتى يكون ذلك؟ أم أن ضوضاء المسلسلات وبرامج المقالب غطت على هذه القضية؟ وأيضا تساؤل آخر: لماذا لم نجد برامج ذات مضمون ثقافي، أو تنويري تلفت النظر؟ هل هناك نوع من الاتفاق أو التوافق الضمني على أن يمتنع في إعلام شهر رمضان أي شيء غير التمثيليات والتسالي؟ ولماذا؟ وأخيرا لا أستطيع أن أمنع نفسي مرة أخرى عن لوم الفنانين والشخصيات العامة التي قبلت أن تظهر في برنامج المقالب إياه، مقابل حفنة من الدولارات، الذي استحوذ بالطبع على نسبة عالية للمشاهدة لأسباب مفهومة تماما. نعم، هي محنة ثقافية تستدعي وقفة جادة وشجاعة، في مواجهة مراكز قوى متشعبة ومؤثرة».

السيسي يخاطب الإثيوبيين بعبارات ناعمة وطرية ووتيرة المعارضة للرئيس تزداد بين أبرز مناصريه

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول RAFEEK KAMEL:

    للاسف كل هذه الاخبار الوارده من المحبوبة مصر تعكنن النفس والبدن….لاشئ يسر لا الشعب المصرى ولا الامة العربية….اذا دعونا نقول ان مشرقنا العربى يخوض مرحلة تغير كلى…هذا المشرق لن يكون كما عهدناه ..سنقول العوض على الله بالوحدة العربية..ولتبحث كل دولة بمفردها عن اصدقاء جدد..ولننسى منظومة الجامعة العربية التى شتت العرب اكثر مما جمعتهم

إشترك في قائمتنا البريدية