القاهرة ـ «القدس العربي» كان الموضوع الرئيس في الصحف الصادرة أمس الخميس 12 يونيو/حزيران عن الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي ومعه وزير الدفاع الفريق أول صبحي صدقي للسيدة التي تعرضت هي وابنتها للتحرش في ميدان التحرير، يوم أداء السيسي القسم أمام المحكمة الدستورية العليا، وأثناء الحفل المسائي في قصر القبة وقدم لها الرئيس الاعتذار أكثر من مرة قائلا لها: «حقك علينا أحنا غلطانين». وقالت له، ان الذين أحاطوا بها واعتدوا عليها كانوا يتصرفون وفق خطة، فقال لها احنا عارفين وقال الرئيس أنه لن يطالب وزير الداخلية والعدل باتخاذ الإجراءات، وإنما يطالب ضباط وجنود الشرطة والجيش في كل مكان والشعب كذلك، بالتصدي لهذه الظاهرة وتعهد للنساء وفتيات مصر بالقضاء على هذه الظاهرة.
ومما ذكرته الصحف اصدار محكمة جنايات القاهرة حكما غيابيا بالسجن على علاء عبد الفتاح وأربعة وعشرين آخرين متهمين في قضية التظاهر أمام مجلس الشورى، والاعتداء على الشرطة بالسجن خمس عشرة سنة علي كل منهم، وغرامة قدرها مئة ألف جنيه، وكان علاء وعدد آخر من المتهمين قد وصلوا إلى المحكمة متأخرين بعد صدور الحكم فتم القبض عليهم ثم أخلي سبيلهم لإعادة المحاكمة. كما قام وفد من المجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة صديقنا ناصر أمين بزيارة سجن طره لمقابلة عبد الله الشامي مراسل قناة الجزيرة، وأعلن تأكده من حسن معاملته وصحته، كما قام بزيارة محمد صلاح سلطان في مستشفى المنيل الجامعي الذي يعالج فيه وتأكد أيضا من حسن معاملته.
ومن الاخبار التي اوردتها الصحف، اعلان الجيش مقتل خمسة تكفيريين في شمال سيناء وحرق عشرات العشش والدراجات البخارية، ومقتل جندي. وواصلت الشرطة حملاتها في عدد من المحافظات لإزالة التعديات على أملاك الدولة والشوارع، واستمرار امتحانات الثانوية العامة وترقب الغالبية لمتابعة مباريات كأس العالم في كرة القدم بالبرازيل. واستمرار الاحتجاجات بين ممثلي الأحزاب والقوى السياسية لإيجاد تكتلات تخوض بها انتخابات مجلس النواب القادمة وسرعة الانتهاء من المسلسلات التي سيتم عرضها في رمضان. والى بعض مما عندنا…
التحرش ضد المجتمع
وليس ضد السلطة
ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على حادثة التحرش في ميدان التحرير يوم الأحد الماضي، أثناء الاحتفال بفوز السيسي بالرئاسة، وحلفه اليمين الدستورية أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا، حيث وجدها زميلنا في «التحرير» اليومية وائل عبد الفتاح فرصة لمهاجمة السيسي، رغم وجود تشابه في اسميهما، بقوله عنه يوم الثلاثاء في عموده اليومي ـ مفترق طرق:»شاهدنا استعراضا مزدوجا في ليلة تنصيب السيسي، الدولة استعرضت هيبتها في قصر القبة وخيبتها في ميدان التحرير، والمسافة بينهما الهيبة والخيبة هي أحد الأعمدة المؤسسة لفشل الدولة، هو ما رأينا بشاعته في أول أيام حكم السيسي. استطاع الأمن حماية استعراض الهيبة بينما في التحرير تجلت خيبة الأمن في الاهتمام بالشكل، بوابات الكترونية ودبابات جيش وقوات حماية.
كان العار الكبير الذي سجلت فيه الكاميرات اغتصابا جماعيا من مجموعات الجوع الجنسي، وهي مجموعات من إنتاج عصر الانحطاط وتربية الدولة القمعية، ثورات قطيع الجوع الجنسي أو العشوائيين ليست ضد السلطة ولكنها ضد المجتمع».
مذيعة تعلق بشكل
وقح على واقعة التحرش
أما زميلنا في «اليوم السابع» محمد الدسوقي رشدي فإن اهتمامه في يوم الثلاثاء نفسه بما حدث، اتجه إلى مقدمة البرامج في قناة التحرير مها بهنسي وقال عنها وعن القناة وعن رجال مصر هي أمي:»تعلن قناة التحرير عن استعدادها لاستقبال المجموعات الشبابية الراغبة في إقامة حفلات التحرش والاغتصاب، وذلك وفقا لشعار انبساط المتحرش حق علينا، وقد رفعت مذيعة القناة مها بهنسي هذا الشعار على الهواء مباشرة، بعد أن ردت على المراسلة التي تخبرها بوجود حالات تحرش في ميدان التحرير قائلة مبسوطين بقى يتبسطوا، ضحكة رقيعة. بهنسي التي تنتمي إلى فصيلة أنثى العكس، وتقتات على توجيه الشتائم للثورة المصرية والتمجيد في زمن فساد مبارك، حاولت أن تستدرك فعلتها الوقحة في التعليق على كارثة التحرش في ميدان التحرير ليلة تنصيب السيسي رئيسا، وقالت انها لم تكن تعرف أنها على الهواء مباشرة. وتبرير بهنسي مثير للشفقة ويكشف لك عن أي مستنقع يتعايش بداخلها كائنات البهنسية التي ترى أن ارتكاب الذنوب في الخفاء أمر مختلف عن ارتكابها على الهواء مباشرة، ولا تدرك حتى هذه اللحظة أن الكارثة في تعليقها الفج والوقح على واقعة التحرش ليس في إعلانها على الهواء مباشرة ولكن في وجود عقول تؤمن بمثل هذه الترهات والقاذورات الفكرية.
أصابنا جميعا القرف من قيء بهنسي ثم انتظرنا أن يخرج عماد جاد المدير المسؤول عن المحطة ببيان اعتذار أو عقاب، ولكن أحدا لم يفعل. تعلمنا قديما في المدارس منذ كنا صغارا أن الصمت علامة الرضا، هذا عن الكائنات البهنسية. أما في ما يخص الرجولة المصرية هؤلاء الذين تقول بطاقاتهم الشخصية أنهم يحملون صفة الذكورة ووقفوا آلافا يشاهدون سيدة تتم تعريتها واغتصابها في قلب ميدان عام حان الآن الموعد الرسمي لإخبارهم بالحقيقة القائلة بأن فكرة الجدعنة في شوارع مصر أصبحت أسطورة نادرة مثلها مثل الغول والعنقاء والخل الوفي. لقد تعبنا من الأساطير ومن الصور الحلوة التي ترسمونها لأنفسكم كشعب عظيم وطيب، كل حوادث التحرش الجماعي التي تعاني منها مصر على مدار السنوات الطويلة تؤكد أننا لا شعب طيب ولا شعب جدع ولا شعب متدين بطبعه، كما حفظوك في المدارس وفي الفضائيات المتاجرة بالوطنية. الرجال المصريون كانوا بالآلاف في الميدان ولم يتدخل أحدهم لحماية المرأة من التعرية، بل تطوع أحدهم بتصويرها فيديو هكذا لم تتحرك شجاعتهم أو شهامتهم لإنقاذ أنثى من الاغتصاب. نحتاج إلى تحرير مفهوم الرجولة وإعادة صياغته من جديد وعدم قصره على كل من يمتلك عضوا ذكريا منحته له الطبيعة وفقا للظروف التشريحية».
التحرش لا يعتبر
ظاهرة في المجتمع المصري
لا.. لا.. هذا ظلم شديد لنا نحن رجال مصر الأشاوس، حيث دافعت عنا في اليوم التالي الأربعاء زميلتنا الجميلة في «الجمهورية» جمالات يونس بقولها: «كل الملابسات تشير إلى أنها فعل منكر وجريمة مدبرة، سرعة انتشار الفيديو على شبكات التواصل الاجتماعي وشماتة وكلاء الخارج وأصحاب الأجندات، وقبلها تقرير الوفد الأوروبي المراقب للانتخابات المزيف عن التحرش وكل الجرائم المماثلة، التي تحدث دائما في ميدان التحرير بالذات، رغم أن التحرش لا يعتبر ظاهرة في المجتمع المصري، فالرجل المصري ما زال بألف خير شهامة ونخوة ودفاعا عن العرض، هذا المعنى أكده الشارع المصري الذي لم ينطل عليه ما حدث».
مفيش استبداد إحنا في زمن الثورة
هذا وقد أراد يوم الأربعاء نفسه زميلنا الرسام الكبير في التحرير عمرو الصاوي التأكيد على ما قالته جمالات عن الرجل المصري، فقال انه ذهب لزيارة صديق متزوج فوجده يقول بتحدي عن زوجته من النهاردة مفيش ظلم ولا قمع مفيش استبداد احنا في زمن الثورة، ثم سمع صوت زوجته تسأله
– خلصت غسيل الأطباق ولا لسه يا راجــل فقال لها حالا يا حبيبتي.
الورق الأخضر مسكر
يذهب العقول ويدحر الرشد
وإلى المعارك والردود التي يدور معظمها الآن حول الرئيس من معه ومن ضده، ومحاولات هذا الفريق تصويره كأنه معهم، وذلك الفريق يدعي أنه يمثلهم، وفي الخلفية يظهر شبح خالد الذكر بوضوح، أو كما قالت زميلتنا الجميلة بمجلة «آخر ساعة» سلمى قاسم جودة وهي تنتفض غضبا:»هؤلاء المتنطعون المتلطعون المنبطحون المتلونون، من يسعون وراء البدلة السينية، والساعة الثمينة وبوليميا العقارات، ويدعون أنهم ناصريون لزوم الوجاهة، فالوطن يتلاشى، المهم الشنطة وما أدراك ما الشنطة، فالورق الأخضر مسكر يذهب العقول ويدحر الرشد، وهم يتقنون الاستعلاء على قيمة الوطن وعظمة الجيش المصري ووطنيته وانحيازه لشعبه.
لقد سئمنا تلك الوجوه الكالحة المتغضنة المدمنة على تزييف التاريخ. والحقيقة هنا في مصر الجميلة كانت الأقلام النفيسة تخلد ثورة 19 أول ثورة شعبية فكانت «عودة الروح» لتوفيق الحكيم و»الثلاثية» لنجيب محفوظ، ثم كان النقد اللاذع والناحر لانقلاب 52 الذي تحول إلى ثورة في «ميرامار»و «ثرثرة فوق النيل» و»الكرنك»، ثم تبزغ الرواية الفذة «شيء من الخوف» لثروت أباظة المحملة بأشهر عبارة وأشهر صرخة في الأدب العربي «جواز عتريس من فؤادة باطل»، فؤادة التي تحولت في كل ميادين مصر إلى أيقونة لثورة 25 يناير/كانون الثاني ثم 30 يونيو/يناير.
الدهشانة الواقعة في براثن عتريس وعصابته صارت تكمل عشاءها خوفا، صارت تتلحف به القهر حول أرضها إلى حقول متغضنة من العطش مقفرة مكفهرة تئن تتيبس تتشقق والخوف ينمو ويتعملق يلجم الألسنة يحني القامات يدهش الحق. وفؤادة لا تخشى إلا الحق والعدل، فهي لا تعرف الخوف. الدهشانة حكاية الظلم والطغيان في كل مكان وزمان وستظل صرخة الأحرار والثوار والأبطال. «شيء من الخوف» صدرت في زمن وصم بالخوف، زمن جمال عبد الناصر ولكن ثروت أباظة لم يخف».
الكثير من أدباء مصر لمعوا في زمن عبد الناصر
ومشكلة سلمى الحقيقية في رقتها ومثاليتها الزائدة طبعا، بالإضافة إلى جمالها وميلها الأدبي الذي يجعلها لا ترى الحقائق والتناقضات في كلامها، ذلك إن كل الأدباء الذين ذكرتهم لم تلمع نجومهم أكثر وأكثر إلا بعد ثورة يوليو وعهد خالد الذكر، وكانوا من المقربين والمكرمين، ورواية «عودة الروح» تأثر بها عبد الناصر ومعظم روائع نجيب محفوظ صدرت في كتب وتحولت إلى أفلام سينمائية في عهده. وقس على ذلك قصص يوسف إدريس ومسرحيات نعمات جمعة وعبد الرحمن الشرقاوي ورشاد رشدي، وكلها كانت تهاجم النظام وكذلك رواية «شيء من الخوف» فقد صدرت وتحولت إلى فيلم على نفقة الدولة في عهده أيضا، بل كانت قصته «ابن عمار» ضمن المنهج الدراسي في المرحلة الإعدادية. ومع ذلك لم يكن لأي منهم أي موقف مدافع عن الديمقراطية في عهد السادات، وهو يعصف بها ويعلق الصحف ويقبض على المعارضين، والمقالات المنشورة لهم في الصحف موجودة، انه الخوف من شبح خالد الذكر الذي يسيطر على الجميلة سلمى وتخشى أن يكون السيسي مثله، لذلك تجتهد في الاستعانة بشخصيات من الروايات لتشبيه السيسي بها حتى لا ترى صورة عبد الناصر فيه.
تحالف موسى ـ موافي الظهير السياسي للسيسي!
كذلك انقلبت عليه بعد أن كانت مؤيدة جميلة أخرى وناصرية، أستاذة الطب بجامعة القاهرة الدكتورة غادة شريف، بقولها يوم الثلاثاء في «المصري اليوم» وهي تهاجم زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى رئيس تحرير جريدة «التحرير» لدفاعه عن السيسي بقولها:»سمعت يا أستاذ إبراهيم بالتحالف الحزبي العملاق موسى ـ موافي؟ لقد أعلنوا أنهم الظهير السياسي للرئيس السيسي، رغم تأكيده في حواراته التلفزيونية بأنه لم يكون له ظهير سياسي. حتى الآن لم ينف السيسي تصريحهما فإلى متى الإفراط في الصمت.
الأنكى أن هذا الحزب عبأ جميع أعضاء الحزب الوطني، والمشير يقولك أنه لا يحمل فواتير لأحد، فماذا يعني إذن تشكيل الحزب الوطني لظهيره السياسي؟ أليس هذا تسديدا للفواتير؟ ده حتى مافيش على النوتة، فإذا كان السيسي وافق على هذا العك باستشارة حاشيته الحالية، وهو لم يكن قد أقسم اليمين بعد، فماذا سيفعلون بالبلد بعدئذ. هذا رجل لم يحسن اختيار دائرته اللصيقة في الفترة الماضية، فزينوا له كل تلك الأخطاء المستمرة… طبعا مفهوم أنك تحب السيسي ولهذا تهشتكة هكذا، لكني أعتقد أنك تحب مصر أكثر وبالتالي فهي الأولى بالهشتكة .
دور النظام الجديد تجديد
النخبة واكتشاف الخبرات المجهولة
لكن غادة وهي طبيبة لم توضح كيف نهشتك أمنا مصر؟ هل نقول لها نامي يا نونو نامي وأدبحلك جوزين حمام. لكن يبدو أن موضوع اختيار السيسي لمعاونيه أثارت اهتمام زميلنا وصديقنا خفيف الظل ورئيس التحرير التنفيذي لـ»اليوم السابع» أكرم القصاص ـ ناصري – فقال يوم الثلاثاء أيضا:»يكون دور أي نظام جديد هو تجديد النخبة من خلال اكتشاف الخبرات المجهولة ودفعها إلى الصفوف الأولى، وهناك في مصر تجربة مهمة في تقديم شباب أو كفاءات غير معروفة، هي تجربة التنمية مع عبد الناصر عندما قدم أسماء لشباب تصدروا العمل التنفيذي وأثبتوا كفاءة، ومنهم عزيز صدقي أو الوزراء والمهندسون والأطباء الذين صنعوا شكل الدولة والتنمية، على الرغم من أنهم كانوا شبابا وتمت تقويتهم من خلال بعثات ومنحهم ثقة ومساندة من القيادة، ومنها أنتجوا تجارب مهمة في الصناعة والسد العالي والمستشفيات والمدارس، مع العلم ان الظروف الآن تختلف عن السابق، ولا يمكن نسخ التجربة أو تكراراها، وربما يكون الأهم ان الدولة كانت تعرف ما تريد وتختار من يمكنهم تحقيق هذه الأهداف».
السيسي ليس مدينا لأحد إلا للمصريين
وتواصلت المعارك وتشعبت وازدادت حدة وعنفا، ففي مجلة «المصور» دخل زميلنا أحمد النجمي ـ ناصري ـ إلى حلبة المعارك ضد أنصار مبارك بقوله:»خلت الساحة الرائعة لقصر القبة من الفلول، الذين كان الإخوان الإرهابيون يزعمون أنهم يدعمون الرئيس السيسي خلال حملته الانتخابية، وخلت من أذناب الإرهاب بالطبع، هذه أول مرة يستلم فيها رئيس منتخب السلطة والشعب يلتف حوله. الكتلة الحقيقية كانت حوله، التف الشعب هكذا حول الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات، لكنه جاء بالشرعية الثورية. أما الرئيس السيسي فجاء بالشرعية الديمقراطية. السيسي ليس مدينا لأحد إلا للمصريين هؤلاء الذين يتبرؤون من الفلول ويلعنون الإخوان على السواء. تكلم عن القضية الفلسطينية بالروح ذاتها قائلا، ان مصر لن تقبل إلا بدولة فلسطين مستقلة كاملة السيادة على أراضي ما قبل يونيو/حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وهو الخط القومي الراسخ الذي صار أغلب الزعماء العرب يبتعدون عن ذكر ألفاظه ومحدداته».
لا عقوبة على أحد بدون حكم قضائي
اييه.. اييه.. وهكذا تعود رياح القومية العربية لتهب من جديد على المنطقة من بلادنا قلب العروبة وقلعتها، كما كانت قبل عبد الناصر وفي عهده، حاملة هذه المرة الديمقراطية معها رافضة اقتراح صاحبنا السياسي محمد أبو حامد الذي قدمه يوم الأربعاء ذاته ضمن مقال له في «الوطن» قائلا:
«وضع أعضاء الجماعة الذين لم يرتكبوا جرائم، تحت الملاحظة لمدة لا تقل عن عشر سنوات، قبل أن يسمح لهم بمزاولة العمل العام، وذلك للتأكد من تخليهم عن المعتقدات والأفكار التكفيرية والمناهضة للدولة، وهذه الفترة تبررها تجربة السنوات السابقة مع من ادعوا كذبا أنهم قاموا بمراجعات فكرية أمثال عاصم عبد الماجد وطارق الزمر ثم وجدناهم يرجعون إلى ما كانوا عليه من أفكار ومعتقدات متطرفة، بمجرد أن استشعروا بأن هناك مجالا لذلك».
وهذا كلام مرفوض وتستحيل حتى مناقشته لأنه ضد الدستور والقانون والتوجه العام، لأنه لا عقوبة على أحد بدون حكم قضائي، وهو نفسه انتقل من الإخوان إلى حزب المصريين الأحرار ثم خرج منه واتجه إلى الجبهة الوطنية برئاسة أحمد شفيق، ثم خرج منها فمن يحاسبه على ذلك؟ لا أحد لأنه لم يرتكب ما يخالف القانون وهناك كثير جدا من الإخوان وأعضاء الجماعة الإسلامية لم يخالفوا القانون أو يمارسوا أعمالا إرهابية فبأي حق يطالب بذلك؟
البعض لا يجيدون سوى مهنة
واحدة وهي التطبيل للرئيس
ثم نتوجه إلى «أهرام» اليوم نفسه لنكون مع زميلنا أشرف مفيد ومعركته التي قال فيها: «مناخ السلطة والقوة والجاه الذي يحيط دائما بالرئيس أي رئيس يفرز دائما وبشكل تلقائي نوعية من البشر يكون من بينهم إعلاميون وصحافيون ومثقفون وقادة رأي وأطباء ومهندسون. والغالبية العظمى منهم لا يجيدون سوى مهنة واحدة وهي، التطبيل للرئيس، وعلى الرغم من تأكيد الرئيس السيسي أنه لن يسمح لشلة أو جماعة مصالح بأن تلتف من حوله أو تفرض نفسها عليه، فان تلك الشلل بدأت تظهر مجددا في حياتنا وبشكل مستفز، عبر شاشات الفضائيات التي تحول عدد غير قليل منها في الآونة الأخيرة إلى ما يشبه الوكر سيئ السمعة الذي يتخذه المشبوهون وأصحاب السوابق لممارسة أنشطتهم غير المشروعة. فقد صدعتنا تلك الفضائيات بكلام معاد ومكرر من بعض من يطلقون على أنفسهم لقب خبراء، وللأسف الشديد فإن الغالبية العظمى منهم لا يعرفون الفرق بين الألف من كوز الذرة في تلك التخصصات، وللأسف الشديد فقد كان من بين هؤلاء المطبلاتية أشخاص حشروا أنفسهم داخل الحملة الرسمية للمشير، ما سهل لبعضهم مهمة القيام بعملية غسيل سمعة لأنفسهم ولتاريخهم الذي تفوح منه رائحة فساد الحزب الوطني المنحل».
إنهاء سيطرة رأس المال على الحكم
وبحديث أشرف عن الفضائيات أفسح الطريق أمام زميلنا وصديقنا في «المصري اليوم» محمد أمين ليواصل اتهاماته لرجال الأعمال بمحاربة السيسي وأنه متنبه لهم تماما إذ قال عنهم يوم الثلاثاء في عموده اليومي المتميز ـ على فين:»الحرب التي كنت أعنيها هي إنهاء سيطرة رأس المال على الحكم، الآن ثبت أنه تجهز للحرب وقال إنه لا يقبل بدولة موازية. أعتقد أن التحذير الرئاسي وقع في النفوس وقع الصاعقة، فالدولة الموازية قد تكون دولة مبارك، وقد تكون دولة الإخوان، قد تكون دولة رجال الأعمال، قد تكون دولة الفضائيات والإعلام، كل هؤلاء أرادوا أن يوهموا السيسي بأنهم أتوا به إلى سدة الحكم. صراحة جامد يا سيسي أول صاروخ أرض جو لمركز القوى، أول واحد وعشرين طلقة مدفعية على رأس الحيتان والديناصورات، كرجل مخابرات على فكرة السيسي رجل مخابرات. ثانيا ان المافيا تحاول احتواء مؤسسة الرئاسة، وكان لابد أن يحذرها من أول يوم. هناك وجوه لابد أن تختفي سواء من الإعلاميين أو من رجال الأعمال مفهوم طبعا اختفاء وجوه إعلامية ليه؟ يبقى أن نشرح أهمية اختفاء رجال الأعمال من السياسة، لا أتحدث عن حرب على الاستثمار، أعني خلط المال بالسياسة وخلط الإعلام بالسياسة.
توقعت حدوث تصفية بين فريقين بعيدا عن السيسي، التصفية الأولى بين الإعلاميين أنفسهم من ينفرد بالرئيس؟ التصفية الثانية بين رجال الأعمال أيضا، وهؤلاء لا يستخدمون الفضائيات المملوكة لهم في هذه الحرب، أعتقد أن أجهزة المعلومات رصدت مكالمة غاضبة من رجل أعمال تقيل أوي على فضائية منافسة يوم الانتخابات سببها مبادرة اجازة عمال المصانع.
التحدي الأكبر أمام السيسي ليس في إدارة الدولة ولا توفير الخدمات العامة فلا توجد مشكلة في اختيار نواب الرئيس ولا اختيار الوزراء، ولا توجد مشكلة مع الإرهاب ولا الإخوان. المشكلة الكبرى مع مراكز القوى عاوز تشتغل بيزنس أهلا وسهلا عاوز تشتغل سياسة فكر ألف مرة.. أجمد يا سيسي».
دولة الإعلام نفسها هي دولة رجال الأعمال
وواصل في اليوم التالي الأربعاء حملته قائلا: «يستطيع الرئيس من دون أن يخوض حربا على الإعلام الخاص أن يعمل على تقوية إعلام الدولة يستطيع ببساطة أن يعطيه حوارات الرئاسة حصريا يستطيع أن يعيد الناس إلى شاشة تلفزيون الدولة، ينبغي أن يعمل رجال الأعمال في البيزنس فقط، أما أن يعملوا في الإعلام وفي الفضائيات وفي إنشاء الأحزاب، فهذه كارثة. دولة الإعلام نفسها هي دولة رجال الأعمال، هم من يمتلكون الفضائيات ويصدرون المبادرات، هؤلاء يحركون حروبا ضد رئيس الوزراء إذا كان على غير هواهم. رأينا كيف اتصل إعلامي كبير برئيس الوزراء ليحرضه على وزيرة الإعلام؟ رأينا كيف يطلب منه في التو واللحظة قرارا بفض التحالف بين التلفزيون وأم بي سي؟ يحمون استثماراتهم ولو أفسدوا الوطن. الإعلام أفسد الحكومات سابقا ضلل الشعب قبل الثورة، من جديد كيف يرى السيسي مصر؟ هل يعرفها على حقيقتها؟ هل يعرف لماذا سقط مبارك؟ أظن أنه يعرف ذلك وأظن أن لديه خبرة كافية.. راجع رسائله العشرين مليون ستعرف من أجل هذا لم يفاجئني حين كلف محلب بتشكيل الحكومة، لم يفاجئني حين دعا مرفوضين لحفل التنصيب لم ترهم بعدها أبدا».
حسن راتب: الإعلام الآن في معظمه إعلام أحمق جاهل
وفي اليوم التالي الخميس نشرت «اللواء الإسلامي» الأسبوعية الدينية التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم الحكومية، حديثا على كل الصفحة الثالثة مع رجل الأعمال ومالك قنوات النهار وعضو المجلس الأعلى لأمانة سياسات جمال مبارك حسن راتب، أجراه معه زميلنا عبد المعطي عمران، تكون من خمسة عشر سؤالا منها أربعة عن الإعلام قال فيها:»خذها على لساني الإعلام آفة هذه الأمة في هذه المرحلة، سوف تسألني ولماذا تفتح قناة المحور حتى الآن؟ أقول لك أقسم بالله العظيم أنا عايز أقفلها بكرة هي لا تعبر عن أولياتي وأوليات الوطن كما أحبه، وليس لي ولاية ولا قدرة على المتابعة رغم الجهد الذي أحاول قدر المستطاع.
الإعلام الآن في معظمه إعلام أحمق جاهل يبحث عن الذاتية والمجد الشخصي لكل واحد واقف أمام الميكرفون من دون أن يراعي حاجات الناس في أحلامهم ولقمة عيشهم وكرامتهم، المشكلة الذي يقف أمام الشاشة يهدم في الأمة وسوف يوديها في داهية، أصحاب رأس المال بعضهم أغبية لا يعرف أنه يساعد في إفساد الوطن وهدمه ولهذا أنا أدعو في سجودي دعوة المضطر يارب خلصني من هذا الإعلام، وخلصني من قناة المحور مضطر لأنها خطوة بدأت منذ سنوات وعندما تريد أن تخرج لابد أن يكون خروجا آمنا كما يقولون في السياسة فيه توقيتات صعبة ولابد أن تخرج بأقل الخسائر .
أنا خسران السنة الماضية فقط مئتي مليون جنيه، تصور الإعلاميون سعداء بالمصايب علشان يشتهروا وبعض رجال الأعمال لهم أجندات سياسية أنا ماعنديش أجندة سياسية الباقي عنده أجندة، واحد تمويله من الخارج واحد يمول س من الناس لكن إلى متى وأين مصالح الوطن؟ وبالمناسبة أنا أتمنى أن نلغي تملك الفرد للإعلام وتتحول الملكية للمؤسسات. يمكن تكون المصائب أخف، الكلمة أمانة وهي ليست أمانة على عالم الإسلام مثلا فقط بل أمانة على الإنسان العادي والموظف والإعلامي والقاضي وكل إنسان جواه ضمير» .
طبعا لا يمكن من خلال تسلسل الأيام القول بأن كلام راتب نتيجة لما كتبه محمد أمين، لأن «اللواء الإسلامي» رغم أنها تصدر كل خميس كما هو معلن في الترويسة إلا أنها تكون في الأسواق من يوم الأربعاء أي تمت طباعتها يوم الثلاثاء، وبالتالي الحديث كان معدا قبلها بيومين أو ثلاثة على الأقل لكن هناك مناخا ما .
هذا ومن المعروف أن له استثمارات ضخمة في سيناء، وهو مهتم بها من سنين طويلة في عهد مبارك وأنشأ مصنعا للأسمنت وجامعة سيناء ويعتمد في تشغيل المصنع على أبناء شمال سيناء أساسا ويتبرع بالكثير، ولكن لوحظ أيام حكم الإخوان عندما قال صديقنا ورئيس حزب الوسط المهندس أبو العلا ماضي أن رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي قال له ان جهاز المخابرات العامة له جيش من البلطجية عددهم ثلاثمئة ألف منهم في القاهرة وحدها ثمانون ألفا وانقلبت الدنيا.
وقدمت الإعلامية الجميلة بقناة المحور ريهام السهلي حلقة عن هذه القضية وقرأت تقريرا على الهواء ثم فوجـــئت على الهواء مباشرة باتصال من مستمع يتهمها بعدم الحياد والمهنية، لأنها لم تــــذكر أن نص المخابرات وقالت ان النص كان موجودا واتصلت بالإعداد وقالت على الهواء أيضا ان حسن راتب هو الذي أمر بحذف نص المخابرات، وكانت شديدة الغضب. أما الأمر المعروف فهو أنه لا يمكن إقامة أي مشروع في مال سيناء بالذات من دون موافقة المخابرات أو مشاركتها في بعضها.
حسنين كروم