القاهرة ـ «القدس العربي» : لحد لا يتخيله عقل تهرول السلطة، التي وعدت شعبها بالأمن والرخاء، لتحاكي النظام القائم في كوريا الشمالية، وإن كان الأخير يوفر نظاماً طبياً وغذائياً يحظى بالقبول الدولي، فيما يصارع ملايين المصريين بحثاً عن حبة دواء وكيس تمر قبل أن يهل شهر الصوم..
وفيما الانتخابات الرئاسية تقترب، يجد النظام نفسه يلجأ لخيار التصعيد مع قوى المعارضة على كافة أشكالها، ويشوه كل اسم ترشحه الأخبار للمنافسة على المقعد الرئاسي، ما يؤكد الرهانات التي تفرض نفسها، ويزعم أصحابها أن السلطة الراهنة لا تريد حتى ولو «محللا» ينافس في المعركة المحتملة.
المؤشرات التي تفرضها القرارات التي صدرت قبل يومين، ومن بينها إغلاق 21 موقعاً إخبارياً، تدل على رغبة النظام في محاكاة النموذج الحاكم في الأنظمة الاستبدادية، حيث الرئيس هو الحاكم وهو الشعب. وفيما تزداد وتيرة الأزمة الاقتصادية، حيث تقترب أسعار اللحوم لحد 160 جنيهاً للكيلوغرام الواحد، وتختفي أي بدائل للبروتين، كما أن أطعمة الفقراء أصابها جنون الأسعار، ما أسفر عن اتساع حدة الغضب الشعبي، لأن من وعدهم بجني الثمار، قبل عامين، ها هو يجدد من الجماهير طلبه، كلما ظهر أمام الفضائيات أن يمهلوه مزيداً من الوقت، بينما البيوت خاوية والقلوب خائفة والسجون ملأى بالبشر.
بالأمس لم تجد الأغلبية أمامها من مصادر تعثر من خلالها على الأخبار ووجهات النظر المستقلة والمعارضة، إثر تقلص منابر الإعلام المستقلة، فلم يكن أمامها سوى أن تولي وجهها نحو إعلام احترف الدجل إلا قليلا وإلى التفاصيل:
لا تكمموا الأفواه
«بمجرد اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية مع حلول العام الأخير في الولاية الرئاسية الحالية، وبدء النقاش والجدل حول فكرة تقديم مرشح جديد لخوض الانتخابات، بدأت حملة إعلامية مكثفة تستهدف وفق رؤية مصطفى النجار في «الشروق» كل مرشح محتمل للرئاسة، رغم أنه لا يوجد شخص واحد قد أعلن حتى الآن عن نيته للترشح؛ فهذا يتم اتهامه بالخلل والمرض النفسي، وهذا يتم اتهامه بالعمالة للإخوان، وهذا يتم اتهامه بأنه مرشح الفوضى وعميل الغرب. فاصل من العبث رافقته حملة اعتقالات طالت عددا غير قليل من الشباب في عدة محافظات مصرية، بتهم التحريض والتعبير عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ليشكل ذلك في مجموعه مؤشرا سلبيا مبكرا حول المناخ الذي قد يصاحب هذه الانتخابات. يتخيل المرء المشهد الانتخابي دون مرشحين منافسين؛ حيث ربما يتحول إلى استفتاء حينها وليس انتخابات تنافسية بين عدة مرشحين، لذلك من صالح السلطة أن يظهر عدد من المرشحين، حتى يكتمل المشهد الانتخابي، لكن يبدو أن السلطة لا تروق لها أصلا هذه الفكرة، التي قد تكلفها فتح المجال العام المغلق تماما، حيث ستضطر لفتحه ــ ولو بحدود ــ لبعض الوقت ــ حتى يتشكل مشهد صراع وتنافس انتخابي أمام الداخل والخارج. كلفة فتح المجال العام قد تكون كبيرة وباهظة الثمن، في ظل التردي الاقتصادي والانكماش والغلاء المتصاعد، فالغاضبون قد لا يكون غضبهم لأسباب سياسية، بقدر ما يكون الغضب ناتجا عن إحباط وفقر وعوز وقلة حيلة، وهذا ما تدركه السلطة التي تخشى من تراكم الغضب ليتحول المشهد الانتخابي إلى مشهد احتجاجي ضخم لا تريد السلطة حدوثه بأي ثمن، لذلك يبدو من المضحك الحديث عن استغلال الانتخابات الرئاسية لبناء تنظيمات سياسية وحركات شعبية تعيد التوازن للمشهد السياسي المختل الذي تحتل فيه السلطة الشاشة بمفردها».
«إنت مين؟»
«مؤخرا انفعل الرئيس، عندما طالب أحد الحضور بتأجيل زيادة أسعار الوقود والكهرباء حتى رفع الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف جنيه، وقال الرجل إن المواطن البسيط هو من يدفع تلك الزيادة؛ لأن أصحاب المصانع سيضيفون تلك الزيادة على الكهرباء والوقود إلى سعر المنتج النهائي السيسي قاطع الرجل قائلا: «إنت مين؟!».. فرد عليه: «أنا أبو المعاطي مصطفى عضو مجلس النواب»، فقال له الرئيس: «نواب إيه؟! إنت دارس الموضوع اللي بتتكلم فيه؟ إنت عايز دولة تقوم، ولا تفضل ميتة؟ لو سمحت إدرسوا المواضيع كويس، وبعدين اتكلموا». نائب دمياط استخدم صلاحياته في التعبير عن أوجاع الناس، ونقل مطالبهم إلى رأس السلطة التنفيذية الذي وعد مرارا بتخفيف الأعباء عن الشعب، إلا أن الأخير، كما يشير محمد سعد عبد الحفيظ في «البديل» لم يقبل من ممثل الشعب تجرؤه وتدخله في ما لا يعنيه، فالرجل يعرف كيف وصل هذا النائب وزملاؤه إلى برلمان علي عبد العال، فخاطبه بكلمات مفادها «أنت صدقت نفسك؟». ويؤكد الكاتب على أنه على مدار ثلاث سنوات لم يتجرأ أحد على مراجعة السيسي، أو مطالبته علنا بدراسة المشروعات التي ورط فيها الاقتصاد المصري، بدءا من «تفريعة» قناة السويس، التي أثبتت الأرقام عدم جدواها، وصولا إلى العاصمة الإدارية ومشروع المليون ونصف المليون فدان، الذي يتوقع البعض أن يتحول إلى «تفريعة» جديدة، ورغم ذلك طلب الرئيس من النائب أبو المعاطي دراسة الموضوع الذي طرحه قبل التصدي له، لكن الفرق أن السيسي وجد من يصفق له، ويهتف باسمه، عندما عرض تلك المشروعات على الرأي العام، وحتى عندما ثبت فشل بعضها. أما عضو البرلمان فوقف كالتلميذ الخايب، أمام مدرسه، فصفق الحضور على تعنيفه وإحراجه و»تجريسه» على الهواء؛ ليرضوا سيدهم».
هل يعتذر؟
على الرئيس أن يعتذر لمجلس النواب هذا ما يصر عليه محمد محفوظ في «البداية»: «لا يعطي الدستور سلطة للرئيس على مجلس النواب، فالدستور ينص على الفصل بين السلطات والتوازن بينها، واذا كان الدستور يقرر بأن رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، فإن هذا يعني أنه يمثل الدولة أمام العالم، ولكن لا يعني بأي حال أنه يترأس السلطة التشريعية أو السلطة القضائية، المقولة اللزجة التي يكررها عدد من مدعي الثقافة بأن الرئيس هو «الحكم بين السلطات»، هي مقولة سقطت بسقوط دستور 1971 ولم يعد لها وجود في دستور 2014. مجلس الوزراء ومجلس النواب بموجب أحكام دستور 2014 سلطاتهما أكبر من سلطات الرئيس. فسلطة الرئيس مقيدة في كثير من الأمور بموافقتهما أو موافقة أحدهما. وما نشهده من بروز وظهور وتفرد للرئيس، لم ينتج إلا لعدم اجتراء مجلس الوزراء أو مجلس النواب على تفعيل سلطاتهما الدستورية ، نتيجة موروثات ديكتاتورية متمكنة، لذلك عندما تتم دعوة أي نائب في البرلمان لفاعلية أو اجتماع أو مؤتمر أو محفل حكومي، فإنه ينبغي أن تتم معاملته بالاحترام اللائق، مثلما تنبغي معاملة الوزراء داخل مجلس النواب بالاحترام اللائق. لا يجرؤ أي مسؤول حكومي في أي دولة ديمقراطية على توبيخ أو تعنيف أعضاء السلطة التشريعية، أو عدم توقير أي ملاحظة أو طلب أو تعقيب يطرحونه باسم الشعب، لا باسم مصالحهم الشخصية، ولهذا فإن المشهد الذي انفعل فيه الرئيس على عضو مجلس النواب، أثناء فاعليات افتتاح عدد من المشروعات في محافظة دمياط ، يؤكد مقوله «شبه الدولة» ومقولة «الطابونة».
على خطا يانغ
أدان خالد داود، رئيس حزب الدستور، قرار حجب موقع «مدى مصر» و20 موقعا صحافيا عربيا ومصريا، منذ ليلة الأربعاء، وقال داود، في تدوينة على حسابه بفي «فيسبوك»، عصر يوم الخميس: «موقع مدى مصر من أكثر المواقع حرفية ومهنية على الإطلاق. وأضاف: إغلاقه مع مواقع أخرى عديدة يعني أننا نعيش في عصر الزعيم السيسي يونغ أون، وعاصمتنا الآن هي القاهرة يانغ. ويعلن موقع «البداية» رفضه للقرار الخاص بحجب 21 موقعا إخباريا. وندد مئات الكتاب والناشطين والعديد من المواقع الإخبارية بقرر منع المواقع. وأكدت صحيفة «البداية» على أن الحجب هو استمرار لسياسات المنع والمصادرة، واعتداء سافر على حرية الصحافة لابد من مواجهته والتصدي له بكل الطرق القانونية الممكنة، وعبر وسائل التضامن من أجل صحافة حرة للجميع تحمي الحقوق وتدافع عن الحريات».
الرئيس.. أنا هنا
«نحن الآن أمام دولة كانت غائبة وقانون كان يطبق على البسطاء والغلابة فقط، كما يؤكد حجاج الحسيني في «الأهرام» وأمام عصابات وأصحاب نفوذ وفضائيات وصحف ورجال أعمال، يحاولون عرقلة جهود استعادة أراضي الدولة، باختصار شديد الرئيس أعلن تحدي لصوص الأراضي. وكما وصف الرئيس هذه المواجهة بـ«الحرب»، وصف كل من حصل على أراضي الدولة وصفا دقيقا ومناسبا، فهم لصوص ومغتصبون. التصريحات الأخيرة للرئيس جاءت في الوقت الذي كان يهمس فيه البعض بأن الدولة لا تقدر على مواجهة وتحدي «الكبار» وأن حملات المحافظات والشرطة والجيش وكل أجهزة الدولة، مجرد «هوجة» وتنتهي وتعود «ريما» لعادتها القديمة، ولكن ما يحدث على أرض الواقع، يؤكد أننا نشهد مرحلة جديدة وجريئة من الدولة والرئيس في تحدي كبار اللصوص، وسوف تكشف الأيام المقبلة أسماء لصوص أراض لم يتوقعهم أحد، وحجم الأراضي «المنهوبة» في بر المحروسة، ولكن الأسئلة المطروحة، كيف تحافظ الدولة على أرضها بعد استردادها؟ وكيف تتصرف محافظات مصر بهذه الأراضي؟ نحن أمام عدة حقائق.. أراضب مصر ملك الأجيال القادمة، ومسؤولية الرئيس أمام الله والوطن والمصريين والتاريخ، وعلينا استغلال ثروة مصر من أراضيها أحسن استغلال، وهناك عشرات الآلاف من المواطنين، يطلبون تقنين وضع اليد على الأراضي التي تم استصلاحها وزراعتها، ولكن يجب عدم مكافأة هذا الوضع بالبيع، وأن يكون التقنين بالإيجار لمدة تتراوح بين 20 و 50 سنة، مقابل تحصيل رسوم تتزايد بنسبة التضخم سنويا، وأن يتم بيع الأراضي غير الواقعة في «وضع اليد» من خلال مزاد علني، وتشكيل جهاز شرطة لحماية الأراضي».
الحيتان يهربون
حملة استرداد أراضي الدولة المنهوبة، هي البداية الحقيقية للقضاء على الفساد الذي استشرى في البلاد بشكل مخيف، وفق ما يحذر منه وجدي زين الدين رئيس التحرير التنفيذي لـ«الوفد»: لا يخفى على أحد أن هناك مافيا أو حيتانا أيا كانت التسمية، استولت على أملاك الدولة، بالاشتراك مع مسؤولين كبار، سهلوا لهم عمليات الاستيلاء، وكان النظام قبل ثورتي 25 يناير/كانون الثاني و30 يونيو/حزيران، يشارك في هذه الجريمة البشعة النكراء. عندما انتفض الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام ظاهرة الاستيلاء على أراضي الدولة، قلنا أيضا إن هذه هي الحرب الحقيقية على الفساد، وعندما حدد الرئيس مدة أسبوعين لاسترداد أراضي الدولة المنهوبة تنتهي آخر مايو/أيار الحالي تصورنا أن هذه الحملة ستقوم بشكل واضح بالتنفيذ على الحيتان الكبار، لكن يبدو أن القائمين على التنفيذ فهموا تصريحات الرئيس بشكل مغاير تماما، فقد اهتموا بأمور أخرى، وعلى سبيل المثال لا الحصر، راحوا يهدمون البروازات والمباني المخالفة للتراخيص، رغم صدور قرارات وتراخيص لها، قد يكون هؤلاء المسؤولون قد انتهزوا القرار الرئاسي في توسيع الدائرة، وقد يكونون قد فهموا خطأ، وهذا هو الأغلب الأعم، وإلا ما راحوا ينفذون على البسطاء الذين يمتلكون الأكشاك والعشش، وتركوا المساحات الشاسعة من الأراضي المستولى عليها، ولم نسمع من خلال المتابعة المستمرة لحملات الإزالة والاسترداد، أن قامت اللجان المكلفة باسترداد الأراضي التي استولى عليها حيتان كبار».
ربنا على المفتري
«بما إننا داخلون على شهر فضيل، وبما إن الحكومة نازلة تقشيط فينا أولا بأول، والتجار نازلين كشط.. وبما إنهم أخذوا الحديدة واللظى، إذن فالدعاء واجب على كل من قشطك وكشطك ولا صلاش على النبي.. النصيحة تقدمها غادة شريف في «المصري اليوم»، أنت تعلم أن الصدقة تدفع الدعاء وترفع البلاء المقبل من هذا وهؤلاء.. والجميل فيك أنك دائما تحرص على التبرعات حفاظا على عادتك في الصدقات، لذلك أود أن أحدثك الآن عن المعهد القومي للأورام.. هذا المعهد الذي ساهم في إنشاء كل المراكز المختلفة للأورام في جميع المناطق، لكنهم للأسف أصبحوا يسحبون اهتمام الناس عنه، رغم أنه هو أكثرهم احتياجا لتلك التبرعات، نظرا لأنه الأكثر استقبالا للمرضى دون شروط، حيث يستقبل 1000 مريض يوميا.. وبسبب أهمية مكانة المعهد، لذلك فعميد المعهد الدكتور محمد لطيِف، اختير عضوا في العديد من اللجان التي تحدد السياسة العلاجية لمرضى الأورام في مصر والشرق الأوسط.. ولأن الشاطرة تغزل برجل كرسي، نظرا لتصدير الحمير، فالدكتور لطيف رغم أنه تسلم المعهد مديونا دينا بـ62 مليون جنيه لشركات الأدوية، لكنه تمكن بدون أي سحر أو شعوذة من سداد المديونية كاملة على مدى عام ونصف العام.. ولأنه حاصل على دبلوم إدارة المستشفيات من الجامعة الأمريكية، فقد استطاع في فترة وجيزة تطوير منظومة الإدارة، لرفع الكفاءة، بالإضافة لتجديد العيادات الخارجية لتصبح أرقى عيادات في الشرق الأوسط.. ولأن المعهد هو صرح علاجي وبحثي، فقد اهتم الدكتور لطيف أيضا بالتحفيز على البحث العلمي، ما نتج عنه زيادة النشر الدولي، وما يتبعه من تقدم مكانة المعهد عالميا، بالإضافة لنجاحه في الحصول على شهادة الجودة، وهو ما فشلت فيه مستشفيات أخرى عريقة.. لكن لأن المؤمن منصاب فقد واجه المعهد مشكلة رهيبة مع شركات الأدوية، عقب القرار المشؤوم بتعويم الجنيه».
ضربة معلم
من بين من أثنوا على السيسي عماد حسين في «الأخبار»: «يوما بعد يوم يثبت الرئيس السيسي أنه الحارس الأمين علي مصر وشعبها.. منذ شهور اختار الرئيس السيسي الطريق الصعب، بعد أن اقتحم ملف الإصلاح الاقتصادي، الذي فر منه جميع رؤساء الجمهورية السابقين، خشية أن تتأثر شعبيتهم، لكن الرئيس السيسي كان صريحا مع الشعب، واتخذ تلك الخطوة الجريئة التي أكدت كل الدوائر الاقتصادية أنها ستعود بالنفع علي الشعب المصري، ليخرج الاقتصاد المصري من غرفة الإنعاش، ويعبر عنق الزجاجة إلي مستقبل أفضل. وكسب الرئيس السيسي الرهان وسانده الشعب، رغم المحاولات المستميتة لجماعة الإخوان لاستغلال تلك القرارات لتأليب الرأي العام ضد الرئيس لإسقاط الدولة المصرية. وبالأمس القريب اتخذ الرئيس السيسي قرارا جريئا لاسترداد أراضي الدولة المنهوبة، التي استولت عليها مافيا الأراضي على مدار عقود طويلة، ليدخلوا نادي المليارديرات، ويتركوا غالبية الشعب في حالة فقر مدقع. أعتقد أن قرار استرداد أراضي الدولة تأخر أكثر من ثلاثين عاما، وقد أذهلت الأرقام الشعب المصري، حيث أكد الرئيس أن حجم الأراضي المنهوبة تقدر قيمتها بنحو 750 مليار جنيه، وأن مافيا الأراضي استولت علي أكثر من 175 ألف فدان، وأن التعدي علي أراضي الدولة بدأ عقب حرب 67 بظهور ثقافة وضع اليد».
خراب مستعجل
«جاء اقتراح الدكتور علي مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، بتحويل هيئة السلع التموينية من اقتصادية إلى خدمية؛ نتيجة تراكم الديون عليها، ليعيد إلى الأذهان كما تشير «البديل» لاستراتيجية الدكتورعاطف عبيد، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، الهادفة للربح بدلا من تقديم الخدمات للمواطنين. وجاء مقترح وزير التموين، ردا على مطلب النائب مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب، بضرورة البحث عن حلول لمواجهة ديون الهيئة، بعد تخصيص مبلغ 924 مليونا و550 ألف جنيه للهيئة في موازنة العام المالي الجديد. ويرى مصيلحي أن استمرار “السلع التموينية” كهيئة اقتصادية لا يمكن أن يستمر، قائلا «يجب أن يتغير تصنيفها لهيئة خدمية؛ لأنها توفر السلع المدعمة للمواطنين»، مستهدفا مواجهة الفوائد التي اعتبرها الخطر الأكبر، نتيجة فتح وزارة المالية حسابا في البنك الأهلي لصالح الهيئة تسحب منه على المكشوف، ما أدى إلى تفاقم الفوائد عليها. وقال الدكتور نادر نور الدين، مستشار وزير التموين الأسبق: «نعيش عهد حكومة عاطف عبيد نفسها؛ عندما قرر تحويل المجمعات التعاونية إلى شركات قابضة هادفة للربح، وسحبها من وزارة التموين وإسنادها إلى الاستثمار، وقتها قرر الدكتور أحمد جويلي، ترك وزارة التموين، قائلا: لن أكون وزيرا للأفران فقط، مضيفا: بعد سنوات، طلب محمد أبو شادي، عودة الهيئة للتموين، ليستطيع السيطرة على الأسعار المنفلتة، وعدم ترك الأسواق للتجار، مؤكدا على أن مقترح علي مصيلحي يستفز المواطنين، وسيجلب الخراب المستعجل، حسب تعبيره».
حكومات رد الفعل
البعض يصفون حالنا قائلين: «إحنا راجعين للوراء» غير أن ماهر حسن يتمنى في «المصري اليوم»: «يا ريت.. ده إحنا لو رجعنا للوراء لصرنا أفضل حالا من الآن، ولرأينا ذوقا أرفع، وفنا أرقى، وشارعا أكثر أمنا ونظافة وانضباطا، ولوجدنا الضمائر بخير، إلا في ما ندر، ولرأينا رجلا اسمه المحتسب من أيام الفاطميين «وانت جاي»، وهذا المحتسب هو مفتش التموين الآن، الله يرحمه، الذى نبحث عنه في سلقط وملقط ولا نجده، وكان قديما يضبط الأسواق ويكشف المستغلين، الذين يتم عقابهم بقسوة. وإذا ما رجعناش للوراء قوى وتوقفنا مثلا منذ الملكية مرورا بالستينيات، سنجد ونقرأ في الصحف عن مداهمات مفتشى التموين. أما الآن فالدنيا سايبة والانحراف شطارة والبائع يبيع بالسعر الذي يحلو له، ولا أحد يراجعه أو يعاقبه، ويرى التاجر المستغل في ذلك بطولة وشطارة، فالرقيب غائب لحين إشعار آخر. ومما يزيد الطين بلة أن منطق ومنهج حكوماتنا المتعاقبة المعمول به هو منطق ومنهج حكومات الكوارث، التي لا تتحرك إلا بعد وقوع الكوارث، وليست حكومات مستقبلية تضع خططا مستقبلية، وعلينا أن نحصى عدد حوادث غرق المراكب، أو حوادث المزلقانات والقطارات والأغذية المسممة ولحوم الحمير، والتفجيرات الإرهابية المتكررة، ليتأكد لنا هذا سنعرف أن حكوماتنا هى حكومات رد الفعل، لا حكومات المتابعة والرقابة المستمرة، التي تتعلم من الكارثة وتتفادى تكرارها، كلما رأيت أن المستغلين ومافيا السيطرة على الأسواق هم أصحاب الكلمة العليا، وكلما وجدت أن الدولة غائبة أتذكر الشدة المستنصرية، التي تجعلنى أقر بأن مصر على مدى تاريخها على موعد مع السبع السنوات العجاف منذ سيدنا يوسف، مرورا بالمستنصر فالإخشيد ثم الفاطميين الذين وضعوا حدا لانفلات الأسواق».
المشكلة صنعها الآخر
الحرب على الإرهاب تغوي الكثير من الكتاب منهم عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم»: «ما جرى في إنكلترا أخيرا، وقبلها في فرنسا وألمانيا، وقبل هذه وتلك في الولايات المتحدة، يؤكد أن سياسة الدول الكبرى في تصدير المشكلات للآخرين لم تعد مجدية، بل عادت وبالا عليهم، الإرهاب لا وطن له ولا دين، كما هم الإرهابيون تماما، كل الكُرة الأرضية أصبحت في مرمى نيران الإرهاب، وهو ما كان يؤكد عليه الرئيس مبارك دائما وأبدا، ذلك أنه كان يناشد العالم منذ تسعينيات القرن الماضي التعاون في المواجهة، وليس العكس، ثبت قطعا أن كل التنظيمات المسلحة الكبرى كان منبعها الدول الكبرى، تم إنتاجها هناك حيث الحضَّانات المتقدمة والمتطورة، قبل أن يتم إرسالها إلى دول العالم الثالث لتنمو وتترعرع. الغريب في الأمر أن ذلك لم يعد سرا، الولايات المتحدة لا تخفي أنها هي التي أنشأت ودعمت وسلحت تنظيم «القاعدة» في أفغانستان، بزعم مناهضة الاحتلال السوفييتي، بدعم عدد كبير من الدول العربية، الولايات المتحدة لا تخفي أنها هي التي أنشأت ودربت وسلحت تنظيم «داعش» بمساعدة ودعم بعض دول الخليج العربية، في الحالتين كانت الشراكة الغربية موجودة على الأرض، قبل أن ينقلب السحر على الساحر فيعلن تنظيم «القاعدة» مسؤوليته عن تفجير برجي مركز التجارة في نيويورك عام 2001، ثم إعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته عن العمليات الإرهابية في كل من ألمانيا وفرنسا وإنكلترا».
عماد جاد: حضور السيسي القمة كان مهما
انتقد الكثير من السياسيين حضور السيسي قمة الرياض، لكن عماد جاد في «الوطن» عكس هذا التيار: «كانت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة الرياض ضرورية، وفي الوقت نفسه كان التحدي الجوهري هو عدم تورط مصر في أي التزامات تعاقدية تتورط بموجبها القوات المصرية في عمليات عسكرية خارج الحدود، كما كان التحدي أيضا كيف تنجو مصر من تبلور نمط من التفكير يبحث عن تشكيل حلف عسكري سني، يكون موجها ضد إيران وغيرها من المراكز الشيعية في المنطقة، مثل العراق وسوريا الأسد، لاسيما أنه لا توجد مصالح مصرية مباشرة في هذه القضية، إضافة إلى إدراكنا التام أن واشنطن تنفخ في الخطر الإيراني، حتى تهرول إليها دول الخليج، وتدفع ما سماه ترامب ثمن الحماية. نجح ترامب في جني الثمار التي أرادها من رحلته إلى المنطقة، بدءا بالرياض، فقد بلغت حصيلة العقود التي أبرمها خلال الزيارة 460 مليار دولار، ومن ثم حقق ما سبق ووعد به ناخبيه بأنه سوف يحصل على الأموال من دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وأن هذه الأموال سوف تساعد في حل مشاكل الاقتصاد الأمريكي، كانت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي موفقة للغاية، وألقى كلمة قوية اتسمت بالصراحة الشديدة، وكشف الحقائق أمام الجميع، فقد طرح رؤية شاملة لمفهوم الإرهاب، تضع الذي يقوم بالتمويل وتجنيد المقاتلين والتسويق لهم إعلاميا في خانة الإرهابي، فالإرهابي ليس هو من يحمل السلاح فقط، أتصور أن تغييرات جوهرية مقبلة في المملكة العربية السعودية بعد أن كسرت زيارة ترامب وزوجته وابنته الكثير من «المحرمات» التي عاشت عليها المملكة طويلا».
ترامب عاد بالغنائم
«مؤتمر الرياض حدث مهم بل هو «تاريخي» وفقا لمحمود مراد في «الأهرام» كما ستثبته السنوات والأحداث في ما بعد، وأتوقع أن يكون لنتائج القمم الثلاث: بين السعودية والولايات المتحدة ـ ومجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة ـ وأخيرا القمة الموسعة، المشار إليها ـ أقول: أتوقع أن تكون لهذه النتائج آثار كبرى أتمنى أن تكون إيجابية لمصلحة العرب والمسلمين. وأرجو أن أكون مخطئا عند التعبير عن عدم ارتياحي لها.. وأكثر من هذا التخوف منها، وعلى سبيل المثال، فإن قضية فلسطين لم تذكر إلا في خطابي الملك عبد الله، والرئيس السيسي الذي جعل ـ ومعه حق ـ من استمرار الاحتلال والقهر مبررا لأعمال الإرهاب. ومثلا: إذا كان قد تقرر تأسيس مركز «اعتدال» لدراسة وبحث التطرف المؤدي للإرهاب، وتصحيح المفاهيم. فكيف يكون هذا مع وجود «الأزهر» أعلى مرجعية إسلامية في العالم الاسلامي والمعروف تاريخيا بوسطيته واعتداله والدعوة للإسلام الصحيح؟ وكيف يكون هذا مع وجود ومهام مجلس حكماء المسلمين، الذي يضم علماء ومفكرين من دول إسلامية؟ وألا يؤدي هذا إلى تضارب وازدواجية؟ وأساسا ما هو الهدف؟ أم.. أنه سيكون لواشنطن دور في هذا؟ ومثلا: لقد تقرر تأسيس مركز عالمي لمكافحة، الإرهاب، مع تشكيل قوات مسلحة قوامها أربعة وثلاثين ألف فرد… للعمل ضمن العراق وسوريا، وهذا أمر غريب، فأولا أن فكرة تأسيس مركز دولي لرصد وتحليل وبيان أسباب الإرهاب، فكرة قديمة وقد ظهرت لأول مرة ضمن ندوة دولية عقدتها الأهرام عامى 1994، 1996 بمشاركة وفود من سبع وثلاثين دولة، وحضور ممثل للأمين العام للأمم المتحدة، وتشكل المركز بالفعل من شخصيات بارزة متخصصة في عدة دول لكنه تجمد لأسباب مادية».
لا نتآمر على أحد
العلاقات بين مصر والسودان أكبر من أي مناورات صغيرة، هذا ما يؤمن به جلال عارف في «الأخبار»: «لم تكتف مصر بالبيان الرسمي الذي صدر تعليقا على التصريحات الأخيرة للرئيس السوداني عمر حسن البشير، التي اتهم فيها مصر بالتدخل في الشؤون الداخلية للسودان الشقيق، وإنما حرص الرئيس السيسي على أن ينتهز فرصة المؤتمر الصحافي الذي عقد في ختام مباحثاته مع الرئيس النمساوي لكي يقول، ما نريد جميعا للأشقاء في السودان أن يسمعوه، وأن يدركوه جيدا، تصميم مصر على أن تبقى العلاقات بين شعبي الوادي فوق أي مناورات سياسية، أو أهداف خبيثة نعرف جميعا من يقف وراءها. بوضوح وحسم قال الرئيس السيسي إن مصر دولة تحترم التزاماتها، وليس لها وجه آخر، وأنها لن تكون ذيلا لأحد، وأن سياسة مصر ثابتة لا تتغير مهما كانت التحديات، وأنها تلتزم سياسة شريفة في زمن عز فيه الشرف. وأنها لا يمكن أن تتآمر على أحد خاصة أهالينا وأشقاءنا في السودان. كلام يعرفه جيدا كل أشقائنا في السودان العزيز علينا جميعا. وليته لا يغيب عن بعض المسؤولين هناك، وهم يحاولون عبثا إثارة الفتنة بين الشعبين الشقيقين. ولسنا بحاجة لاستعادة ما يؤكد ذلك في التاريخ القديم أو الحديث، لكننا – بالقطع- في حاجة لتذكير من يراهنون علي إثارة المشاكل في طريق العلاقات بين الشعبين والدولتين الشقيقتين أنهم يحرثون في البحر، وأنهم يراهنون على المستحيل».
لا عزاء للصحافيين
الصحافة في محنة مع السلطة، لكن سارة علام في «اليوم السابع» ترى أن هناك أزمة أشد ينبغي الاهتمام بها: «زميلى الصحافي.. هل ترى هذا الوحش الهائل الذي يواجه مهنتنا ويأكل من أقواتنا، وربما يقضى علينا للأبد؟ أم أن انشغالنا بمعارك الصحافة والسلطة قد يعمينا عما هو أهم؟ منذ ظهور الإنترنت في مصر وانتشاره بهذا الشكل حتى صارت القاهرة السادسة على العالم في الزمن الذي يقضيه المستخدم على الشبكة العنكبوتية، ونحن نتساءل عن مستقبل الصحافة الورقية، وهل ستنتهى ونكتفى بالمواقع؟ في رأيي، فإن تلك الأسئلة التي تنبهت لها دراسات الصحافة الاستشرافية منذ سنوات ليست وحدها معضلة الواقع، الذي يقول بوضوح إن مهنة الصحافة نفسها مهددة بفضل مواقع التواصل الاجتماعي، التي صارت منصات للأخبار وحلت محلها في أحيان كثيرة. كمحررة لشؤون الكنيسة، توقفت الكاتدرائية عن مخاطبتنا عبر الإيميل، بل أسس متحدثها الرسمي صفحة له على الفيسبوك، ينشر خلالها البيانات الرسمية فتصل للقارئ في زمن وصولها إليّ، فلماذا أنقلها له مع لوغو صحيفتي إذن؟ الإجابة لأننا مضطرون لذلك ولأنها وظيفتنا. هل تقتصر وظيفتنا على نقل الخبر من على الفيسبوك إلى المواقع التي نعمل فيها؟، إذا كانت تلك وظيفتنا الحديثة فهي مهنة مهينة تنال من قدرة الصحافي وذكائه، وذلك العقد الاجتماعي بينه وبين القراء، نحن مكلفون بنقل الخبر من مصادره، وإلى قرائنا منذ أن ظهر الفن الصحافي، ولكن الحداثة نالت من وجاهة الخبر كسلعة لا يمكن الحصول عليها، وصار الانفراد الصحافي عاديا وليس مغريا كما كان من قبل».
حسام عبد البصير
اندفعت الدول العربية وراء الدول الغربية وسارغت الى الجامعة العربية في نيويورك لتحث الأمم المتحدة عىل اتخاذ اجراء ضد القذافى رحمه الله دون ان تدرى لمصلحة من ومن يحل محله وما هو البديل،وما هي دوافع ساركوزي وراء التخلص من القذافى تماما كما فعلت حين أيدت الإطاحة بنظام صدام حسين رحمه الله حتى مصر لم تقدر حجم تأثر ما يحدث في ليبيا على أمن مصر نفسها ودور مصر فيما يحث حولها وها نحن نجنى النتائج