الشاهد الملك «ضد نتنياهو»

آري هارو… من منّا سمع بهذا الاسم من قبل، أو أعاره اهتماما خاصا، أو ظل عالقا بذهنه لسبب أو لآخر؟!!
لا أحد على الأرجح، لكن من الآن فصاعدا، سجـّـلوه عندكم، سيتردد إسمه في الأخبار كثيرا. هذا الرجل هو من وقـّـع الجمعة الماضية على اتفاق مع النيابة العامة الإسرائيلية ليكون «شاهد ملك» ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. والـــ«شاهد ملك» هو من يعرف على أنه الشخص الذى يـُـعفى من جريمة اشترك فيها بالعلم أو بالفعل مقابل تقديم شهادته والاعتراف بكامل تفاصيلها والإبلاغ عن باقى الجناة المتورطين معه. وعادة ما يعرف اسم هذا الشاهد بعد أن يتم التوصل معه إلى صيغة تضمن له عقوبة مخففة مقارنة بما كان سيصيبه لو واصل التستر أو ضبط في النهاية مع باقي المتهمين.
آري هارو هو الرئيس السابق لطاقم موظفي ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية وكان لعدة سنوات مساعدا مقربا من نتنياهو حيث شغل مناصب مهمة في ديوان رئاسة الحكومة على فترتين، الأولى سنة 2009 حين عين مديراً عاماً للديوان وقدم استقالته بعد عام لينتقل إلى عالم الأعمال، والثانية سنة 2014 حين تولى رئاسة طاقم الديوان. وتعتقد الشرطة الإسرائيلية أن هارو يملك معلومات قيمة وأدلة دامغة ضد نتنياهو. وكانت الشرطة أعلنت يوم الخميس الفائت أن نتنياهو مُشتبه به في تلقي رشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
وللقضايا المتعلقة بنتنياهو أرقام مميزة كالتهم المنسوبة إليه: الأولى هي «القضية 1000» والمتعلقة بالحصول على هدايا ثمينة من رجال أعمال بخلاف القانون، والثانية معروفة بـ»القضية 2000» وهي عن اتصالات له مشبوهة مع ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت» سجـّـل هارو جزءا منها بهاتفه الذكي، أما الثالثة فهي «القضية 3000» و تتصل بصفقة غواصات. و تشير التقارير الواردة في الصحافة الإسرائيلية إلى أنه في مقابل هذه المعلومات ستقدم بحق هارو لائحة اتهام مخففة في قضية فساد أخرى تبين أنه ضالع فيها، كما ستُفرض عليه عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة لمدة ستة أشهر ودفع غرامة مالية ليست ثقيلة جدا.
وفي تجاهل لهذا التطور المخيف في قضايا الفساد المتعددة التي تحيط به، سعى نتنياهو إلى أن يبدو متماسكا و هو يحاول جاهدا إخفاء فزعه فقد قال في شريط فيديو نشره على صفحته الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه «لا يعير اهتماماً لأصوات الضجيج في الخلفية» وإنه «سيواصل عمله في خدمة الجمهور». الأولى من الصعب أن يناقشه فيها أحد، أما الثانية فليست أكيدة، فوفق ما كتبته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الناطقة بالإنكليزية أول أمس فإن أمام نتنياهو ثلاثة سيناريوهات مختلفة، بعد أن وقع مدير مكتبه السابق وأمين سره، آري هارو، ذلك الاتفاق مع النيابة الذي يزيد من احتمال إدانته. السيناريو الأول أن نتنياهو يملك خيار عدم الاستقالة حاليًا، وهو ما يفضله وما سيفعله، أما السيناريو الثاني فهو تنحيته من قبل الوزراء والذهاب لانتخابات مبكرة، أما الثالث فهو انتظار قرار النائب العام، الذي من الممكن أن يمتد حتى عام 2018.
السيناريو الأول هو المفضل لدى نتنياهو، حسب الصحيفة، لأنه لن يكون بإمكان الشرطة الإسرائيلية التوصية بتقديم لائحة اتهام ضده قبل نهاية هذا العام، وعندها فقط سيخضع نتنياهو لجلسات استماع تستغرق وقتا طويلا بحيث قد لا يوجه المستشار القضائي للحكومة الاتهام رسميا له إلا في نهاية سبتمبر/ أيلول من ذلك العام، وهنا سيصبح نتنياهو بعد هذا التاريخ صاحب أطول فترة حكم في تاريخ إسرائيل، متفوقا على ديفيد بن غوريون، المؤسس وأول رئيس وزراء بعد قيام دولة إسرائيل والذي ظل في منصبه من نوفمبر/ تشرين الثاني 1955 إلى يونيو حزيران 1963.
قيمة ما سيدلي به «الشاهد الملك» ستحدد إلى حد كبير مسار قضايا الفساد التي تلتف كالحبل حول عنق نتياهو، هو وزوجته في قضايا فساد منفصلة ضدها هي الأخرى، فرغم أن أنصار رئيس الحكومة الإسرائيلية يروجون من الآن أن ليس بحوزة آري هارو وثائق و مستندات قوية يمكن أن تدين صاحبهم إلا أن لا شيء معروفا من خفايا القضية يمكن الجزم به من الآن.
«الشاهد الملك» هو الذي يعلق عليه خصوم نتنياهو في المعارضة كل آمالهم في النهاية لأنه سيكشف كل مستوره، إذ ليس أسوأ من أن ينقلب عليك أقرب المقربين ممن ظننتهم مستودع أسرارك، كما أن الفلسطينيين الذين لا يراهنون عادة على أي تغيير في القيادة الإسرائيلية قد يتنفسون برحيله الصعداء، و كذلك الكثير من القادة الأوروبيين الذين سئموا من تطرفه و مراوغاته التي عرقلت أية إمكانية لتحقيق أي تقدم في مسار التسوية. شخص واحد فقط قد يأسى لرحيله هو دونالد ترامب… و لكن من يدري فقد يرحلان معا في نفس الفترة؟

٭ كاتب وإعلامي تونسي

الشاهد الملك «ضد نتنياهو»

محمد كريشان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د٠راشد المانيا:

    عتقد ﺃخي محمد ﺃن ترامب نتنياهو سيرحلان معا ويحسب لهما سلب مليارات الدولارات من السعودية و٤٥٠ مليون دولار من اﻹمارات ثمن إغلاق مكاتب الجزيرة في فلسطين من قبل الاحتلال هذا اﻹغلاق الذي يعد وسام شرف على صدر الجزيرة والعاملين الشرفاء فيها وكذلك وسام عز على جبين قطر.

  2. يقول S.S.Abdullah:

    الغواصات للكيان الصهيوني هي من ألمانيا، ومصر عبدالفتاح السيسي أيضا حصلت على غواصة ألمانية في الأيام الماضية، فهل هناك علاقة بينهما؟ وهل قضية رشاوي صفقات السلاح مع ألمانيا، ستكشف عالم كيف تتم هذه الصفقات؟ خصوصا لو علمنا أن هذه الغواصات سيدفع ثمنها دافع الضرائب في ألمانيا؟ فلماذا الرشاوي لنتنياهو إذن، وكيف حصل ذلك، أن تحصل على أحدث التقنيات في مجال السلاح مجانا، وفوق ذلك تستلم رشاوي؟
    ولماذا هناك اختلاف في صفقات الأسلحة بين دولنا وألمانيا بالذات مثلا؟ لماذا رغم الرشاوي، لا يصح لنا أن نستلم أحدث التقنيات مقارنة بدولة الكيان الصهيوني؟
    لماذا الواسطة والمحسوبية والرشوة بكل أنواعها بداية من لغة الجسد بسبب الاختلاط بين الرجل والمرأة في أجواء العمل هي الأساس في التعامل في دولة الحداثة لثقافة الـ أنا أولا ومن بعدي الطوفان التي وصلت حتى أمريكا بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كما أعلن ذلك في خطاب تنصيبه في بداية 2017، في ضرب لأساس مفهوم العولمة.
    ولذلك أهم سؤال هنا، من يظن الآلة (الروبوت) أذكى من الإنسان في أداء الوظيفة في البر أو الجو أو البحر، جاهل كائنا من يكون، ودليلي على ذلك ترجمة غوغل للغة الإنسان، لماذا؟ رؤية المملكة 2030 يجب أن تكون لخدمة الإنسان، وإيجاد وظيفة له تكفي لإعالة أسرة بكرامة، وليس لإيجاد وظيفة للآلة (الروبوت) في الحكومة الإليكترونية، كما حصل بتعيين أول رجل أمن وطبيب (روبوت) في دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2017 فما بالك ببقية وظائف الحكومة الإليكترونية؟! فديفيد كاميرون لكي يفوز في انتخابات بريطانيا عام 2013 ضحك على دول الاتحاد الأوربي، واستغل الديمقراطية وحرية الرأي برفع شعار على الاستفتاء للانسحاب من الاتحاد الأوربي، بحجة أن مواطن دول الاتحاد ينافس مواطن بريطانيا ، ولذلك لا توجد وظائف له في بريطانيا؟! فهل وضع دول مجلس التعاون مختلف؟ فهل العربي يحتل مكان الخليجي في الوظيفة؟ أو الأوربي يحتل مكان البريطاني في الوظيفة؟ يا أهل الحل والعقد، كفى استغباء، العولمة واقتصادها الإليكتروني في حاجة إلى عملة إليكترونية، ومناهج تعليم وتأهيل تعترف بالآلة ولغتها تدخل من ضمن (اللغة والترجمة والوقت) كمعايير للمنافسة والفوز بعقد تنفيذ أي وظيفة، في سوق حر بعيدا عن الديمقراطية والعلمانية والرشوة بأي نوع بداية من لغة الجسد بين الرجل والمرأة، الناتجة من الاختلاط في الوظيفة.

  3. يقول سامح //الأردن:

    *جبت الفائدة أخ كريشان في آخر المقال..
    *إن شاءالله يرحلان معا المهرجان
    (النتن ياهو وترامب).
    سلام

  4. يقول تونسي ابن الثورة:

    هذا سرّ من أسرار انتصار إسرائيل على الحكّام العرب الفسدة الذين يضعون انفسهم فوق القانون وفوق المحاسبة فالعدل أساس العمران والنّصر والتّمكين . وهل سيحاسب السّيسي ويتابع قضائيّا لو ثبت تورّطه في صفقة الغوّاصات مع ألمانيا كما يحدث مع نتنياهو؟ السّيسي فوق المحاسبة لأنّه الحاكم بأمره.

إشترك في قائمتنا البريدية