القاهرة – «القدس العربي»: أصدرت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، وهي منظمة حقوقية مصرية غير حكومية، تقريرا يتضمن قراءة في مواد قوانين الصحافة الثلاثة التي وافق عليها البرلمان المصري بشكل مبدئي، أمس الأحد.
واعتبر التقرير أن «البرلمان كتب أمس آخر مراحل السيطرة على الإعلام ومصادرة الكلام بإصدار حزمة قوانين لتنظيم الصحافة والإعلام وهيئاتهما، ترسخ لسيطرة السلطة التنفيذية خاصة رئيس الجمهورية على الصحافة والإعلام».
وتابع: «بينما تمر ذكرى (يوم الصحافي) 10 يونيو / حزيران الذي انتفض فيه الصحافيون ضد القانون 93 لسنة 95، المعروف بقانون اغتيال حرية الصحافة وحماية الفساد، في ظل صمت تام، إلا من إفطار يقيمه عدد من الصحافيين، داخل نقابتهم، يكتب البرلمان اليوم آخر مراحل السيطرة على الإعلام. هكذا تحول اليوم الذي كان علامة على مقاومة الصحافيين للقوانين الجائرة إلى يوم لإقرار حزمة من القوانين التي ترسخ وضع الهيمنة والسيطرة على الإعلام».
وأضاف: «بعد عام من إصدار قانون التنظيم المؤسسي للإعلام الذي أنشئت بمقتضاه الهيئات الحاكمة للإعلام، وافق البرلمان على قانون جديد يلغي القانون السابق ويعيد تشكيل المجلس والهيئات ويقلص أعضاءها، ليصبح في مصر 3 قوانين سيتم بموجبها إعادة تشكيل المشهد الإعلامي وهي (قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى للإعلام وقانونا الهيئتين الوطنية للصحافة والإعلام والمنوط بهما الإشراف وإدارة الإعلام المملوك للدولة).
وحسب تقرير الشبكة، فإن «نصوص التشكيل في القوانين الثلاثة بصيغتها الجديدة ترسخ لهيمنة السلطة التنفيذية وتحديدا رئيس الجمهورية على الإعلام بشكل قانوني وكامل، بخلاف ما سيتبع الإصدار من إعادة النظر في القيادات الصحافية والإعلامية».
وبين أن «مواد قانون تنظيم الصحافة خاصة المادتين 5 و19، فتحت الباب لتقنين الحجب والمصادرة بنصوص غريبة، أو عبر التوسع في استخدام العبارات المطاطة لمعاقبة الصحافيين، والسيطرة على مهنة الكتابة، وصولا لمطاردة الكلام حتى على موقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك»، وإن نصوص القوانين خاصة المتعلقة بالهيئات القومية تفتح الباب للتخلص من بعضها عبر إلغاء مؤسسات أو دمج إصدارات». كما يعطي القانون الجديد، طبقاً للتقرير «المجلس الأعلى للإعلام، سلطات واسعة لعقاب كل من يكتب وفرض عقوبات حتى على المواطنين غير الخاضعين للقانون بصيغته، الذين يكتبون على صفحاتهم الشخصية على الفيسبوك وفرض عقوبات مالية على الصحافيين بخلاف العقوبات الأخرى بدون العودة للنقابة». وأوضح أن «في الوقت الذي يجعل القانون إصدار الصحف بالإخطار ويمنع مصادرتها أو فرض الرقابة عليها استجابة لنصوص الدستور، فإن المادة 5 جاءت لتخطف باليمين ما أقرته المادة 3 باليسار، وتحول الإخطار لترخيص وتفتح بابا خلفيا للمصادرة بل وتجعلها إلزامية في حالات بعينها، وتفتح الباب لتعبيرات مطاطة للمصادرة أو منع الترخيص مثل ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية أو تعصب جهوي أو تفرقة بسبب الجنس وهو شرط ينطبق على كل المؤسسات بخلاف التحريض على الإباحية بدون تحديد مفهوم واضح للإباحية وهل نشر لوحات فنية يدخل في هذا المجال؟» .
ووفق التقرير «جاء نص المادة الخامسة (لا يجوز بأي حال من الأحوال الترخيص أو التصريح بإنشاء أي وسيلة صحافية أو إعلامية أو موقع إلكتروني أو السماح له بالاستمرار في ممارسة نشاطه، متى كان يقوم على أساس تمييز ديني أو مذهبي أو التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي أو عرقي أو تعصب جهوي أو إلى ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية، أو على نشاط ذي طابع سري أو تحريض على الإباحية ، أو على الكراهية أوالعنف، أو تدعو إلى أي من ذلك أو تسمح به)». وأشار إلى «وجود تناقض وتضارب في صياغة المادة السادسة من القانون، فبينما تنص على أن الحصول على ترخيص للموقع أو مكاتب المواقع، فإنها تضع عقوبة إلغاء الترخيص لمن لم يحصل على الترخيص أصلا مع إضافة سلسلة أخرى من العقوبات كوقف النشاط والحجب، ما يثير التساؤلات كيف سيتم الغاء ترخيص لم يصدر أم أن فلسفة المصادرة طغت فلم يلتفت القائمون على المشروع للعوار الموجود في الصياغة».
وذكر، بنص المادة السادسة من القانون التي تمنع «تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع الكترونية تعمل من خارج الجمهورية إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن».
عبارات مطاطة
القانون، طبقاً للتقرير لـ«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان»، «توسع في استخدام العبارات المطاطة، كمقتضيات الأمن القومي والدفاع عن البلاد ومعاداة مبادئ الديمقراطية والتعصب الجهوي أو التحريض على مخالفة القانون ووضعها كشروط لاستمرار العمل الصحافي ما ظهر في العديد من المواد منها المادة 5 و10 والمادة 1». وتناول التقرير، المادة 19 التي جاء نصها:»يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية أوالموقع الإلكتروني، نشر أو بث أخبار كاذبة أو ما يدعو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوي على تمييز بين المواطنين، أو يدعو للعنصرية، أو التعصب أو يتضمن طعنا في أعراض الأفراد أو سبا أو قذفا لهم أو امتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية». واعتبر أن «صياغة هذه المادة، تعد نموذجا لفرض قانون الصمت على الجميع».
وأشار إلى أن «المادة 19 قننت الحجب وفتحت أبوابه على اتساعها ولو بدعوى نشر أخبار كاذبة، فضلا عن أنها فرضت سطوة المجلس الأعلى للإعلام على كل ما ينشر على الإنترنت».
الحبس الاحتياطي
وأوضح أن «المادة 29 من القانون أعادت الحبس الاحتياطي في قضايا النشر من باب خلفي، حيث نصت:»لا يجوز الحبس الاحتياطي في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن في أعراض الأفراد». وبين أن المادة 100 من القانون منحت رئيس المجلس الأعلى للإعلام حق تغريم رئيس التحرير بغرامة من 50 ألف إلى 100 ألف جنيه في حالة كسر حظر النشر أو عدم نشر التصحيح».
وتناول نصوص التشكيل في القوانين الثلاثة الخاصة بالمجلس الأعلى للاعلام والهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام. وأشار إلى تراجع تمثيل نقابة الصحافيين في التعديل الأخير إلى عضو واحد في المجلس الأعلى وعضوين في الهيئة الوطنية للصحافة مقابل طغيان نسبة السلطة التنفيذية، حيث جرى تقليص عدد أعضائها إلى 9 حيث يختار الرئيس 3 أعضاء بينهم الرئيس ويختار وزير المالية عضوا فيما يتم تعيين أمين عام من خارج أعضاء المجلس لتسيير الأوضاع، وتكرر الوضع مع المجلس الأعلى للإعلام حيث يختار الرئيس عضوين من 9 أعضاء بخلاف ممثلين للقومي للاتصالات ورئيس جهاز حماية المنافسة فيما تراجع تمثيل الصحافيين والإعلاميين لعضو تختاره كل نقابة.