لندن ـ «القدس العربي»: تعاني الشركات الأوروبية من حالة قلق بشأن تكنولوجيا «الذكاء الصناعي» التي يمكن أن تستفيد منها في أعمالها ويمكن أن تنتشر في المستقبل، أما سبب القلق فهو سوق الوظائف الذي قد يتأثر بهذه التكنولوجيا، وربما صعوبة الحصول على كوادر بشرية قادرة على التعامل مع «الذكاء الصناعي».
وأظهرت دراسة استقصائية حديثة أن 55 في المئة من الشركات في أوروبا تعتبر أن التحدي الأكبر يتمثل في النطاق المتغير لفرص العمل البشرية في حال انتشار تكنولوجيا الذكاء الصناعي، ويشمل هذا التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على الوظائف فقدان العمل وتطوير فرص عمل جديدة تتطلب مهارات جديدة تتعلق بالذكاء بهذه التقنيات الجديدة.
وأشارت معظم الشركات المشاركة في الدراسة التي أجرتها مؤسسة «ساس» المتخصصة في التحليلات إلى أن اعتماد الذكاء الاصطناعي ما يزال في مراحله المبكرة ويمكن القول إنه ما زال في مرحلة التخطيط.
لكن الجانب الإيجابي هو أن الغالبية العظمى من المؤسسات بدأت الحديث عن الذكاء الاصطناعي، حتى إن بعضها بدأ تنفيذ المشاريع المناسبة، وهناك قدر كبير من التفاؤل بشأن إمكانات الذكاء الاصطناعي، على الرغم من ضعف ثقة البعض في استعداد مؤسساتهم للاستفادة من تلك الإمكانات.
ولا يعد نقص التقنية المتاحة العامل الوحيد في إبطاء وتيرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، إذ أشارت معظم الشركات المشاركة في الدراسة إلى توفر العديد من خيارات التقنية. وفي أغلب الأحيان، تتمثل التحديات في نقص مهارات علوم البيانات لتحقيق أقصى قيمة ممكنة من تقنية الذكاء الاصطناعي الناشئة، والعقبات المؤسسية والمجتمعية الأعمق لاعتماد الذكاء الاصطناعي.
واعتبرت الشركات الأوروبية أن «أخلاقيات العمل» هي ثاني أكبر التحديات، حيث أثار 41 في المئة من المشاركين في الدراسة تساؤلات بخصوص ما إذا كان ينبغي على الروبوتات ونظم الذكاء الاصطناعي العمل لـ»خير البشرية» بدلاً من العمل لصالح شركة مفردة، والسبل الكفيلة برعاية أولئك الذين خسروا وظائفهم بعد طرح نظم الذكاء الاصطناعي.
ورداً على سؤال (هل استعد علماء البيانات في المؤسسات لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي الناشئة؟) اعتبر 20 في المئة فقط أن فرقهم المتخصصة في علوم البيانات كانت مستعدة فيما لم يملك 19 في المئة من المشاركين أي فرق لعلوم البيانات على الإطلاق.
وبرزت الثقة باعتبارها التحدي الأساسي للعديد من المؤسسات، حيث أشار نصف المشاركين في الدراسة (49 في المئة) إلى مسألة التحديات الثقافية الناجمة عن انعدام الثقة في إنتاج الذكاء الاصطناعي وعلى نطاق أوسع عدم الثقة في نتائج ما يسمى بحلول «الصندوق الأسود».
وسعت الدراسة لتقييم مدى استعداد الذكاء الاصطناعي من حيث البنية التحتية المطلوبة، حيث لاحظت تباينا واضحا بين المشاركين ممن شعروا أنهم يمتلكون البنية التحتية المناسبة فيما يخص الذكاء الاصطناعي (24 في المئة) وأولئك الذين شعروا أنهم بحاجة لتحديث وتكييف منصتهم الحالية ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي (24 في المئة) أو لم يكن لديهم منصة محددة ذات صلة بالذكاء الاصطناعي (29 في المئة).
وقال أوليفر شابينبرغر، نائب الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي للتقنية لدى «ساس» التي أجرت الدراسة: «شهدنا مسيرة تقدم متميزة لدفع الخوارزميات نحو إنجاز مهمات يمكن للإنسان القيام بها، وبدقة رائعة. ومن المدهش أن نشهد تفوق الخوارزمية على أفضل لاعبي «الغو» في العالم. وكنا نعتقد أن لعبة «الغو» عصية على الحوسبة البشرية؛ ولكن الآلة نجحت في ذلك بالنيابة عنا. وبمجرد أن أدرك النظام القواعد، تعلم طريقة اللعب، ولعب أفضل من أفضل اللاعبين البشر. وفي إمكاننا استخدام هذه المعرفة في بناء النظم التي تحل مشاكل الشركات، أو التي تتفوق على النظم الثابتة المستخدمة اليوم. كما نستطيع بناء النظم التي تتعلم قوانين الشركات، ومن ثم تتعلم اللعب حسب القوانين، ويتم تصميمها لإجراء عمليات تحسينات لاحقة. وهذا ما تعمل عليه «ساس» في الوقت الراهن.